الأدب الإسلامي
شعر: الشيخ عبد الله بن حمد الشبانة ، المملكة العربية السعودية
إِلَيْكَ رسولَ الله أُهْدِي تَحِيَّتِي
بِصَوتٍ خفيضٍ هادئ النبراتِ
لأبلغ عند الله منزلةَ التقي
وأحْظَى بعفو منه عن هَفَوَاتِي
إِلَيْكَ نبيَّ اللهِ تحنانُ خَافِقٍ
محبٍ مطيعٍ دائمِ العبراتِ
يحبك بعدَ اللهِ حبًا مضَاعِفًا
ويرجو بهذا رفعةَ الدرجاتِ
وُلِدْتَ فكان السعدُ عنوانَ مولد
لأعظمِ مولودٍ وأشرفِ آتِ
تباشرت الأملاكُ واهتزت الربُّىٰ
وجئتَ بكل الخير والبركاتِ
فكنتَ لأهل الأرضِ أجمع رحمة
وكنت لهم فألاً وحبلَ نجاةِ
أتيتَ وفي الدنيا ظلامٌ يلفّها
وفي كلّ نفس بالغُ الحسراتِ
فلا المرءُ منهم عالمٌ ما مصيرُه
ولا هو يدري حكمةً لحياةِ
وما هو إلا الجهل يمضي بأهله
إلى حيثُ تيه اللهوِ والغفلاتِ
ولا حكمَ إلا للقويّ فحيثما
تسير ترى في الأرض حكمُ طغاةِ
وللظلم في كل المواطن صولةٌ
وما شئتَ من جهل ووأدِ بناتِ
وأعظم هذا الظلم ما شاع بينهم
من الشرك في الإعلان والخلواتِ
فكلٌّ له منهم إله يُجلّه
فعبدُ إسافٍ غيرُ عبدِ مناةِ
يخصونها من ، جهلهم بعبادة
من الذبح والتقديس والدعواتِ
وما علموا من فرط جهل بأنها
جمادٌ فما كانت سوى حَصَيَاتِ
أتيتَ فأنقذتَ النفوسَ من الردى
ومن دركاتِ البؤس والهلكاتِ
وعلَّقْتَها بالله من بعد كونها
تعلّق بالأحجار والودعاتِ
وكانوا ظماءً للحقيقة عندما
أتيتَ فَرُدْتَ القومَ نبع فراتِ
صنعتَ من الأشتات أعظم أمةٍ
فكانوا لمجد الدين خيرَ بناةِ
وعلمتهم من بعد جهل فأصبحوا
لغيرهم القواد في الأزماتِ
وربَّيْتَهم بالحق فالتزموا به
وزكَّيتهم بالطهر والصلواتِ
بهم فتح الله البلاد فأسلمت
وضجّ بها التكبير في الفلواتِ
فعزّت بدين الله بعد مذلة
ووحّدها الإسلام بعد شتاتِ
ودانت بدين الله وانتشر الهدى
وعمّ السلامُ الأرضَ في سنواتِ
وأشرق نورُ الوحي في كل بقعة
ليطرد ما قد كان من ظلماتِ
أيا خيرَ خلقِ الله جئتَ معلمًا
وأُرْسِلتَ بالتبشير والرحماتِ
وكنت أبرّ الناس بالناس وانتهت
إليك ذرى الأخلاق مجتمعاتِ
حريص على نفع العباد مُيسِّر
لهم درب خير يانع الثمراتِ
يسوؤك إعراض تُسَرّ إذا اهتدوا
وتفرح إن جاؤوك بالصدقاتِ
تواسي بها منهم فقيرًا وعاجزًا
وتمسح ما قد سال من دمعاتِ
وقد كنتَ رمز العدل مذ قلت فاطم
ستقطع مثل الناس في السرقاتِ
فقد جئتَ بالعدل الإلهي مبدأ
وساويتَ بين الناس في التبعاتِ
تنزّل جبرائيل بالوحي خاشعًا
عليك فضاء الكون بالكلماتِ
وجاء بإكسير الحياة مرتّلاً
تُداوي به الأمراضَ والشبهاتِ
أيا سيدَ الرّسْل الكرام تحيةٌ
من القلب تُهْدَى عند كلّ صلاةِ
ومعذرةً إذ لم نوقّر حقيقة
مقامك. لم ننصرك نصرَ أُباةِ
فقد سخر الأقزامُ منك فلم نثر
ولم ننتفض من أجل وقف بغاةِ
فريقين صار الناس بعض أذلة
وبعضٌ تراهم من قبيل جفاةِ
أيَسْكَرُ عُبّاد الصليب بأحمد
ويهزأ ذو حقد بكل قناةِ
فأين فعال المسلمين ونصرهم
بحق وعزم صادق وثباتِ
لخير نبي بل لأكرم من مَشَىٰ
على الأرض طُرًا في جميع جهاتِ؟
ألا زلزلوا من أجل عرض نبيكم
ديارًا لهم واستَمْطِروا اللعناتِ
عليهم فقد باؤوا بكل قبيحة
وجاؤوا بمكر مسرع الخطواتِ
يريدون للإسلام محّوًا لحقدهم
عليه وتلفيقًا لمفترياتِ
يخدّرنا منهم فئام بقولهم
حوارُ حضاراتٍ ونشرُ لغاتِ
وأيّ حوار والمحاور قد بدت
مخالبُه في قاتل الطعناتِ
لقد كشّروا عن نابِ حقد وإنني
أحدثكم عنهم حديثَ ثقاتِ
عدواتُهم بانت فما ثَمَّ منزع
إلى الصبر فلتمضوا إلى الجبهاتِ
تؤدون حق الله في نصرِ دينِه
وإذلالِ أعداءٍ وقمعِ جُناةِ
تفوزوا بموعود الإله وتُنْصروا
عليهم فنصرُ الله في العَزَماتِ
أَ أَتْبَاعُ خيرِ الخلقِ قوموا بحقّه
عليكم. كفى ما جاء من لطماتِ
أبعدَ رسولِ اللهِ يبقى لنا حِجىً؟
لقد طاش منّا العقلُ بالهجماتِ
أيهنأ عيشٌ لِلَّذِي مُسَّ دينُه
بسخرية الكفار والنكراتِ
فحتّام نَبْقَى لا نُحَرِّك سَاكِنًا؟
وحتّامَ جندُ الله في الثكناتِ؟
ومن لم يذدْ عن عرض أحمد لم يكن
جديرًا بورْد الحوض في العرصاتِ
وإني لأرجو الله غَسلاً لحوبتي
بما قلتُ في طه من المَدحاتِ
فمدحُ رسولِ الله فخرٌ لمادح
وذخر له من أفضل القرباتِ
وليس بمحتاج لمدحي وإنه
لأشرفُ شيء في سجل حياتي
عليه صلاة الله ما ذرَّ شارق
وما فرّج الرحمـٰـن من كرباتِ
وصلى عليه الله ما قام قائم
وسلّم ما حَجُّوا إلى عرفاتِ
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، ربيع الأول 1431 هـ = فبراير – مارس 2010م ، العدد : 3 ، السنة : 34