بقلم: الأستاذ عاذب أشرف الأعظمي(*)
في الأيام الأخيرة، أصدرت أكاديمية شيخ الهند التابعة للجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند كتاب «مسيرة دارالعلوم ديوبند عبر مئة وخمسين عاما» الذي ألّفه الأستاذ الفاضل أديب العربية الكبيرة فضيلة الشيخ محمد ساجد القاسمي أستاذ الفقه والأدب العربي بالجامعة ورئيس تحرير مجلة «النهضة الأدبية» الصادرة عن النادي الأدبي التابع للجامعة، وهو كتاب موسوعي كبير ذو مجلدين يقع في أكثر من ألف صفحة من القطع المتوسط، ويزدان بطباعة فائقة المستوى، وورق أبيض ناصع، وبخط عربي جميل، يعكس الكتاب تعريف دارالعلوم ديوبند أعلامًا وأعمالًا حركية ودعوية وتعليمية وتأليفية وجهادية ومقاومية للأديان والفِرق الضالة.
ونحن في غنى عن القول بأن مؤلف الكتاب هو أحد حملة لواء العروبة في حرم الجامعة والمحتفظين بها تعليمًا وإشاعة، والمحببين لها إلى النشء الجديد، لقد أحب اللغة العربية، فبلغ من الحب والإعجاب والتفاني فيها مبلغه، وفضّل الاشتغال بها على كثير من الشواغل العلمية، فجعلها هدفه الأول والأخير، وقد حرر آلافًا من الصفحات في صورة مبتكرة وأسلوب شيق جميل، وكتاباته تمتاز بالسلاسة وسهولة الأخذ وروعة الترتيب وحسن السبك والانسجام، فاض قلمه بكثير من الكتب والمقالات وترجمة مؤلفات علماء ديوبند إلى اللغة العربية، وعرَّف بالجامعة وأعلامها وعلومهاخير تعريف – علاوة على ما يحظى به من قبول واسع ومكانة كبيرة في تدريس مادة اللغة العربية وتأهيل الطلاب لها، وتدريبهم عليها تحدثًا وكتابة.
لماذا يجب التعريف بالجامعة وتأريخها وعلمائها:
لايخفى على أحد أن أكبر المدارس الإسلامية في الهند التي يعرفها العالَم بدارالعلوم ديوبند، جامعة دينية عالمية أُسِّست على التقوى والإخلاص وصفاء النية على أيدي صفوة من العلماء الربانيين المخلصين لله، الذين كانت شيمتهم العملَ في صمت وسذاجة وعاطفة إيمانية صادقة وبُعدٍ عن رياء وسمعة كاذبة، وتفادٍ عن متاع الدنيا وثرواتها، وذلك بعدما انقرضت الدولة المغولية الإسلامية وأفلت شمسها وعادت لاتتكفل تلك المدارس الإسلامية التي كان عمادها على المساعدات الحكومية. وكان لبُناتها ومشايخها إخلاصٌ قوي الأثر، الأمر الذي حوّل المدرسة الصغيرة المغمورة في سنوات قلائل إلى صرح إسلامي عملاق، وجعلها تقف في مصاف الجامعات العالمية في جهودها المبتكرة وخدماتها الجُلّى، وخرّجت في أيامها التي تمتـــد على قرن ونصف من الزمان، عددًا هائلا من المتخرجين في جميع مجالات الدين، وأعدت آلافا مؤلفة من الرجال ذوي البصيرة النافذة، والقدرات والكفاءات الممتازة، وسارت الجامعة في أهدافها مسير الشمس والقمر، وطبّق صيتها الآفاق، وانبرت علما شامخا بين المدارس الإسلامية، ومنارا يشع هداية وضياءً وتعددت خدماتها وأعمالها التعليمية والتربوية والدعوية والجهادية، وعملت. ولا تزال على خدمة التعليم والتربية الإسلامية، وخدمة علوم الكتاب والسنة، وخدمة الدعوة الإسلامية بكل معاني الجامعية والشمول، ودقة الوعي والشعور.
هذا، وقد نهض متخرجو الجامعة وأبناؤها يحملون مشعل الإسلام، وشرّقوا وغرّبوا، فأنشؤوا على غرار الجامعة جامعات ومدارس صغيرة وكبيرة في شتى البلاد ومختلف الأقطار، فتجد الكثير من المدارس المتواجدة في بنغلاديش، وباكستان، وفي ماليزيا، وإندونيسيا، وحتى في دول الكفر والطاغوت: دول أوروبا وأمريكا، وفي أفريقيا خصيصا؛ كل ذلك نابع من هذه الجامعة الديوبندية، وناطق بجهود علمائها ومشايخها بكل صراحة.
سبب تأليف الكتاب:
فالجامعة دائبة منذ تأسيسها في مسيرتها، فهي اليوم مركز التربية والثقافة الإسلامية الصافية، وينبوع العلوم والفنون، ومدرسة تعليم الكتاب والسنة، ومحطة الفكر الصحيح المتوارث عن السلف الصالح. ولها دور فاعل، وخدمات يمتد أيامها على قرن ونصف؛ بل وأكثر، وقد سبق تأليف بعض الكتب باللغة الأردية على تاريخ الجامعة ونظامها ومنهجها وفكرها وتراجم علمائها، ولكن كلها كانت باللغة الأردية التي لا يستفيد بها من الكتاب إلا من ينتمون إلى دول شبه القارة الهندية: الهند وباكستان وبنغلاديش، ثم هذه الكتب أو الكُتَيِّبات لم تَتوخَّ استيعاب تاريخ الجامعة ولم تتعرض لسرد جهودها وتراجم أعلامها بشكل مسهب وبسيط، ولم تجمع بين جميع شعب ونواحي تاريخ الجامعة؛ فمنها ما تركز على بيان منهج الديوبندية فحسب، ومنها ما اكتفى بذكر منهج تعليمها وتربيتها، ومنها ما قنع بمجرد سرد أعلامها ومشايخها وأبنائها المعروفين، ومنها ما عُني بذكر تاريخها المبكر وخلفيات تأسيسها وأحوال البلاد آنذاك، ومنها ما نظر إلى استقصاء ميزاتها وخصائصها وخصائص أفرادها وعلمائها التي تبزّ بها الجامعة على مثيلاتها؛ فكانت الحاجة ماسة منذ وقت كثير أن يدوَّن تعريف شامل للجامعة باللغة العربية ليكون إرواءً للغليل، وشفاءً للعليل ويفي بحاجة القراء والراغبين في معرفة تاريخ الجامعة بشكل يستوعب تاريخها الطويل، وتطوراتها الحديثة وإنجازاتها عبر هذه المدة الطويلة، ويسلط الضوء كذلك على أهدافها ومنهجها التعليمي وأقسامها وإداراتها، وجهودها المضنية في المجالات بشتى أنواعها وشعبها.
وشعورا بهذه الحاجة، وافق حضرات السادة أعضاء مجلس الشورى بالجامعة على إعداد تعريف شامل للجامعة في اللغات العالمية والمحلية: العربية والإنجليزية والأردية والهندوسية، وقد وُزعت عملية تعريف الجامعة هذا على عدد من الأساتذة وأفراد الجامعة المؤهلين، وقد كان إعداد تعريف الجامعة باللغة العربية من حظ المؤلف الكريم فضيلة الشيخ محمد ساجد حفظه الله – أستاذ الفقه والأدب العربي بالجامعة – فقام بهذا العمل على خير ما يرام، مواصلا ليله بنهاره، مستنفدا لجهده ووقته، طائفًا بين دواليب الكتب وبطون المكتبات، حتى أتت جهوده متمثلة في كتاب موسوعي كبير، موزَّع على ثمانية أبواب:
أما الباب الأول فهو يتركز على تاريخ المدارس الإسلامية في الهند وخلفيات تأسيسها، فقد سرد المؤلف تلك المدارس التي شهدت الهند إنشاءها في عهود الملوك المسلمين الأولين، فقد وُضعت النواة الأولى للمدارس الإسلامية في الهند في عهد الملك قطب الدين أيبك ومحمد بختيار الخلجي ولا زالت اهتمامات الملوك المسلمين وأمرائهم بالعلم والقراءة، إلى العهد الأخير، فأنشؤوا مدارس وكتاتيب صغيرة وكبيرة، وكانت دهلي عاصمةُ الهند كثيرة العناية بإنشاء المدارس وتنظيمها، ثم لما انقطع الدعم الحكومي، وعادت المدارس مشلولة اليدين، وكثرت المخاوف على العلوم الإسلامية، وإيمان المسلمين بدؤوا يُنشؤون المدارس اعتمادا على تبرعات الشعب المسلم وفي غنى عن دعم الحكومات. وكانت الجامعة في طليعة هذه المدارس في الهند.
أما الباب الثاني فقد سرد المؤلف أعمال الجامعة التي عاشتها عبر مئة وخمسين عاما حسب الحدود الزمنية فقد قسم المؤلف عصور الجامعة التي عاشتها بدءا من سنة التأسيس وهو 1283هـ/ 1866م وانتهاء إلى سنة 1442هـ/2022م – على أربعة عصور، وهذا السرد الزمني المحتوي على أربعة العصور يسلط الضوء على أحوال الجامعة في اختصار، نتعرف من خلال ذلك على تاريخ الجامعة وإنجازاتها وأعمالها المهمة في صفحات معدودة.
والباب الثالث يشرح الأقسام التعليمية والشؤون الإدارية والدعوية والثقافية، ويُعَرِّفنا ببسط وتفصيل مناهجَ الجامعة ودستورها ونظامها القوي الذي تسير عليه الجامعة وتتمسك به عبر السنة، ويؤكد أن جميع إدارات الجامعة وأقسامها فاعلة نشيطة تعمل بجدية ومثابرة واستمرار.
والباب الرابع يركز على بيان المنهج التعليمي للجامعة والمدارس الإسلامية الأخرى في الهند، كما يوضح المنهج الدراسي الذي تتبعه الجامعة لتعليم العلوم الشرعية وتربية الطلاب الوافدين إليها تربيةً إسلامية، ويشرح ما تمتاز به الجامعة من الخصائص التعليمية والمناهج المتوافقة مع طبيعة الطلاب ومستواهم.
وأما الباب الخامس فهو يعير اهتمامه لتعريف علماء ديوبند، عقيدة ومنهجا، وسيرة وسلوكا، فقد تحدث المؤلف عن كونهم من أهل السنة والجماعة وتمسكهم الشديد بمسلكهم وسَيرهم على الفكر المتوارث المتصل بالنبي ﷺ وصحابتهم الأخيار، وحرصهم على العمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ وعن إخلاصهم وابتغائهم لوجه الله في كل عمل، واتباع السلاسل الأربعة في السلوك والإحسان عن توازن واعتدال.
وفي الباب السادس تحدث المؤلف الكريم عن جهود الجامعة في نشر الثقافات الإسلامية والدفاع عنها، وفي تعليم العلوم الإسلامية وإنشاء المعاهد التعليمية، وعن أعمالها في كفاح تحرير الهند، وفي مقاومة الأديان والفرق الضالة وفي مجال التزكية والدعوة الإسلامية.
وفي قليل من الأيام انتشرت شهرة دارالعلوم ديوبند على صعيد العالم، وطبّق صيتها الآفاق، وبلغ قدرها ورَفْعُ شأنِها علماءَ العالمين العربي والإسلامي، فكثر شوقهم لزيارة الجامعة، فزاروها وعبروا عن انطباعات مفعمة بالحب والعقيدة والاحترام، وقد سرد المؤلف الكريم تلك الانطباعات القيمة حسب التسلسل الزمني، وعقد الباب السابع لأجل هذا.
ولما كانت الجامعة عُرفت بإخراج العلماء الأكفاء، والأعلام المتمكنين الذين حملوا رسالة الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها، لم يفت المؤلف ذكرُ هؤلاء النابهين، فقد خص الباب الثامن بتراجم كبار الجامعة ومشايخها وأبنائها المعروفين.
وألحق بآخر الكتاب قوائم أسماء مؤسسي الجامعة والمشرفين عليها، ورؤسائها، ومشيخة الحديث لها، وأعضاء هيئة التدريس سابقًا وحاليًّا، وأعضاء هيئة الإفتاء، وأعضاء المجلس الاستشاري كذلك.
ومقدمة ضافية في مطلع الكتاب بيراعة الشيخ المفتي أبو القاسم النعماني رئيس الجامعة، تزيد الكتاب قيمةً وبهاءً، وقد تحدث الرئيس الكريم عن تعريف الكتاب ومحتوياته قائلا: «يسرنا أن نقدم إلى القراء والباحثين هذا الكتاب الذي يعطي صورة واضحة عن نشأة الجامعة وخلفياتها ودستورها وأهدافها وخصائصها ومميزاتها، وأسسها الفكرية والمذهبية ومناهجها التعليمية والتربوية وأقسامها وإداراتها وجهودها وجهادها في المجالات التعليمية والتربوية والثقافية والدعوية بالإضافة إلى تراجم مشايخها وعلمائها وأبنائها النابهين وانطباعات وشهادات من زارها من كبار الشخصيات من شتى بلاد العالم. والكتاب حافل بالمعلومات الموثوقة بمراجعها ومصادرها، عسى أن ينفع الباحثين ويفي بحاجتهم، كما يطلع القراء الناطقين بالضاد على تاريخ هذا المعهد العلمي العريق وتطوره».
على كل، فالكتاب بمحتوياته الضافية القيمة ينبغي أن يُصَنَّفَ ضمن الوثائق التاريخية الحافلة بالمظان والمراجع الموثوق بها، وبالمعلومات الغزيرة الثرة، وبأحوال الجامعة وأحداثها وتطوراتها التعليمية والبنائية الممتدة على أكثر من قرن ونصف؛ فلا عجب أن يكون الكتاب موضع عناية للقراء والباحثين والمتطلعين إلى معرفة تاريخ دارالعلوم ديوبند، ونسأل الله العلي القدير أن ينفع به القراء ويضفي عليه مسحة القبول، آمين.
2 – كتاب Mمسلم الثبوتL دراسة وتحقيق
أبصر النور حاليًّا كتاب «مسلم الثبوت» في أصول الفقه للعلامة محب الله عبد ا لشكور البهاري (المتوفى 1119هـ) بدراسة وتحقيق الشيخ عثمان غني الهوروي أحد أساتذة الجامعة، يقع الكتاب في 433 صفحة، في قطع كبير، نشرته مكتبة الاتحاد بديوبند في حلة قشيبة وغلاف قوي جميل.
و«مسلم الثبوت» في أصول الفقه من المتون التي لاقت رواجا وشيوعا بين أهل العلم وطلبته وتداولته أيدي العلماء، وأقبلوا عليه، وتناولوه بالشرح والتعليق، يُعتبر هذا الكتاب خاتمةَ ما كُتب قديمًا في علم أصول الفقه، ومؤلفه هو الفقيه، الأصوليّ، المنطقيّ، القاضي، محب الله بن عبد الشكور البهاري الهندي (1054- 1119هـ) أحد الأذكياء المشهورين في الآفاق.
وقد رتب المؤلف كتابه على مقدمة وثلاث مقالات وأربعة أصول وخاتمة، أما المقدمة ففي حد أصول الفقه وموضوعه وفائدته، وأما المقالة الأولى ففي المبادئ الكلامية التي تتضمن ثلاثة مباحث: (1) وجوب النظر شرعا، (2) المعرف وما ينقسم إليه التعريف، (3) الدليل وما يتشكل فيه من صور الحجة. وأما المقالة الثانية ففي الأحكام، وفيها أربعة أبواب: الأول في الحاكم، والثاني في الحكم، والثالث في المحكوم فيه، وهو فعل المكلف، والرابع في المحكوم عليه، وهو المكلف نفسه. والمقالة الثالثة في المبادئ اللغوية، وفيها تسعة فصول: الأول في المشتقات وشرائطها، والثاني في المشترك والمجمل، والثالث في الحقيقة والمجاز، والرابع في الترادف والتباين، والخامس في الخاص والعام، والسادس في المطلق والمقيد، والسابع في الأمر، والثامن في النهي، والتاسع في دلالة الألفاظ.
وعلى الكتاب شروح كثيرة: من أشهرها شرح «عبد العلي اللكنوي»(1225هـ) في «فواتح الرحموت»، و«شرح على مسلم الثبوت» للشيخ «نظام الدين محمد السهالوي»، و«فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت» للعلامة «عبد العلي بن نظام الدين السهالوي»، و«نفائس الملكوت» للمولوي «ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي»، و«شرح على مسلم الثبوت» للشيخ «أحمد عبد الحق اللكهنوي»، و«كشف المبهم شرح المسلم» للقاضي «بشير الدين القنوجي»، و«شرح على مسلم الثبوت» للشيخ عبد الحق بن فضل حق الخيرآبادي. وللقاضي «أحمد درويش» شرح «التسهيلات الإلهية في أصول فقه الشافعية والحنفية شرح مسلم الثبوت».
ويزيد الكتاب قيمة وجمالا ذلك التصديرُ الطويل الذيلِ الذي كتبه صاحب الفضيلة العالم الرباني السيد أرشد المدني حفظه الله رئيس هيئة التدريس بالجامعة، وقد كتب فضيلته في مقدمته القيمة عن الأقطاب الأربعة التي يلاحظها الفقيه، وعن شروط الاجتهاد العامة والخاصة بتفصيل وتحقيق مما يجدر بالملاحظة والاعتبار، وقد تحدث كذلك عن تعريف الكتاب بكلماته الضافية:
«إن الواقف على كتاب مسلم الثبوت – للعلامة قاضي القضاة محب الله البهاري – ليشعر بالفرح والإعجاب بما أوتي ذلك الرجل العبقري من فيض العلم وقد جاء كتابه جامعًا لحقائق علمية ومسائل أصولية بحق لا يُنكر، وجهد لايتصور، والأولى والثانية من مقالاته الثلاث تدرسان في جامعتنا العريقة دارالعلوم ديوبند».
وقد أبان فضيلته دوافع تعليق وتحقيق هذا الكتاب بقوله:
«وبسبب اختصار عباراته كان الدارسون يحتاجون إلى تعليق يحل مغلقاته ويشرح مجملاته، فقام الأخ الفاضل عثمان غني الهوروي أحد أساتذة الجامعة وخريجيها بتحقيق نصوص الكتاب ودراسة القدر المقرر في الدرس وشرحه بأسلوب سهل وعبارة واضحة، وقد عرض علي الأخ هذا العمل القيم، فقرأته بإمعان، وطالعته من مواضع شتى، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا، وأحسبه سعيا مشكورا، وجهدا علميًّا يفيد الطلاب والعلماء على السواء، ولأول مرة اهتمّ صاحب الدراسة والتحقيق بتنضيد حروفه بالحاسب الآلي ملوَّنًا وفهرسة آياته القرآنية وتخريج أحاديثه تسهيلا للقراء في البحث عن النصوص التي بها استدل المؤلف».
ومحقق الكتاب وهو الشيخ عثمان غني الهوروي يُعد من العلماء الموهوبين والأساتذة ذوي الكفاءات التدريسية الناجحة، يقوم بعملية التدريس وبالأعمال الموكولة إليه بهمة عالية وجد ومثابرة، وله هواية باللغة العربية وبالتصنيف والتأليف، فصدر من يراعه كتب قيمة أكثرها باللغة العربية، وهو رجل خلوق يزينه التواضع وإنكار الذات، ومن شيمته البساطة والسذاجة. وهذا الكتاب ينم واضحا عن مكانته وهوايته في الفقه وأصوله، وولعه بالدراسة والتحقيق.
وأما عمله في الكتاب دراسة وتحقيقًا فهو كما يلي:
أولاً: مقابلة نصوصه بالنسخِ المطبوعة والمخطوطة وتصحيح أخطائه الإملائية.
ثانيا: تنضيد حروفه بالحاسب الآلي وتقطيع العبارات وترصيع الحروف بالحركات والسكنات والتزام الرموز الإملائية، وصياغة الآيات القرآنية بالرسم العثماني الخلاب المميَّز باللون الأحمر والزهراوين.
ثالثا: التعليق على القدر المقرر في الدرس، وإيضاحه وتيسيره وتصحيح متن بقية الكتاب، وهو أكثر من المقرر في الدرس بأضعاف.
رابعا: التعريف الموجز عن الكتب والشخصيات الواردة أسماؤها أثناء المقرر من الكتاب.
وفي نهاية المطاف تخريج الأحاديث التي جاء بها المؤلف وإعداد الفهارس المتنوعة.
ونظرا لقيمة الكتاب وتعليقه وتحقيقه وشرحه سهلا ميسورا يُرجى أن يكون الكتاب نافعا للأساتذة ودارسي أصول الفقه على حد سواء، وأدعو الله العلي القدير أن يتقبل الكتاب بقبول حسن، وأنبته نباتا حسنا، آمين.
(*) المدرس المساعد بالجامعة.
مجلة الداعي، ذوالحجة 1444هـ = يونيو – يوليو 2023م، العدد: 12، السنة: 47