دراسات إسلامية
بقلم: الأستاذ آصف إقبال القاسمي الجهان آبادي (*)
تمتاز الهند عن البلاد الأعجمية والدول غير العربية بأعمال بارزة وجهود جبارة قام بها العلماء والباحثون الهنود في شتى مجالات عربية لإثراء اللغة العربية وآدابها في شبه القارة الهندية منذ فجر التاريخ، فإنهم أدوا – ولا يزالون يؤدون – دورًا قياديًا لتعزيز العلاقات التجارية والتفاعلات الثقافية بأعمالهم القيمة في مجال التصنيف والتأليف والترجمة من وإلى العربية، كما لعبت المدارس الإسلامية والمعاهد العلمية والمؤسسات والأكاديميات الأدبية دورًا أساسيًا في إنعاش هذه العلاقات، وفي مقدمتها الجامعة الإسلامية دارالعلوم بديوبند، التي لها فضل كبير في نشر الدعوة والثفاقة الإسلامية، كما يتجلى دورها البارز في ترويج اللغة العربية وآدابها في الهند وخارجها، فقد أقبل علماؤها على خدمة لغة الضاد من خلال حركة التأليف والتدوين والتعريب والترجمة منذ بداية تأسيسها، بابتكارات لغوية وإنتاجات علمية وإنجازات بحثية، كما يعتني عديد من المؤسسات الأدبية والأكاديميات التأليفية التابعة لدارالعلوم بديوبند بخدمات تاريخية لنشر هذه اللغة الكريمة، وعلى رأسها «أكاديمية شيخ الهند» التي تتولى مسؤولية علمية وأدبية للنشر وللحفاظ على الكتب والرسائل والمخطوطات العلمية ذات الأهمية البالغة لمشايخها من خلال التأليف والتدوين والترجمة من وإلى اللغة العربية، فتعتني هذه الأكاديمية عناية تامة منذ أول يومها بطبع وإصدار مؤلّفات المشايخ القيّمة المترجمة إلى اللغة العربية خاصة بأسلوب يتهيأ للعرب والعارفين بالعربية به الإطلاعُ على الخدمات الأدبية الجليلة والإنتاجات العلمية التي قام بها علماء ديوبند في مختلف المجالات العلمية، فقد قامت هذه الأكاديمية حتى اليوم بطبع بضعة خمسين مؤَلفًا علميًا وأدبيًا من خلال التأليف والترجمة في عمره يقل عن أربعين عامًا.
ما هي الترجمة:
الترجمة Translation هي نقل الكلام من لغة إلى أخرى، وجاء في المنجد: ترجم الكلام، أي: فسّره بلسان أخر، ومعنى التفسير يتناول التفهم والأخذ بالكلام المترجم عنه بشكل ناجح، وإلا تكون الترجمة ألغازًا يَحار فيها قارئها ويرتبك مغزاها(1).
وتعتمد الترجمة على نقل الكلمات والمعاني معًا من لغة إلى أخرى بشكل لايفوت فيه المعنى المطلوب، ولذا تعدّ الترجمة من الفنون الصعبة التي تحتاج إلى دراية شاملة وحس مرهف في المترجم، بحيث لايسير المترجم طليقا في اختيار معانيه وألفاظه وتراكيبه أثناء عمل ترجمته، بل يكون أسيرًا لمعاني غيره ومضطرًا إلى إيرادها كما هي، فيُستدعى من المترجم أن يكون ملمًا بالخلْفية الفكرية والثقافية والعلمية للموضوع المطروح للترجمة(2). فمن الصعب أن يقوم الحاسب الآلي بترجمة النص ترجمة صحيحة بدون المخ الإنساني رغم ظهور بعض برامج وتقنية الترجمة الحديثة، فنظرًا إلى أهمية هذا الفن ودقته، يتقيد المترجم الأمين بتوافر عدة شروط في نفسه، وهي البراعةُ في كلتا اللغتين، والأمانةُ في الترجمة، والقدرةُ على إبراز الحقيقة وفحوى الكلام في العبارة المنقولة إليها وما إلى ذلك من الشروط.
أهمية الترجمة وحاجتها في العصر الحديث:
لعبت الترجمة دورًا بالغ الأهمية في نقل المعارف والحضارات بين الشعوب والأمم، وإن الترجمة هي الأداة التي تُمكنُنّا من مواكبة الحرَكة الفكرية والثقافية في العالم، ولها فضل كبير في التقريب بين المجتمعات المختلفة والوحدات العديدة، ومن الحق أن يُقال: «لولا الترجمة لضاعت حكمة اليونان»(3). وخير ما يدل على أهمية الترجمة أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حثّ أصحابه على تعلّم اللغات الأجنبية مثل الفارسية والعِبرِيّة، حيث كُلّف زيد بن ثابت كاتبُ الوحي أن يتعلم لغة اليهود(4). ولا يخفي على ملم بقواعد اللغات أن الترجمة كما هي أداة لنقل العلوم والثفافات بين الأمم، كذلك هي وسيلة ناجحة لإثراء اللغة وتطويرها من خلال المعاني الجديدة والمصطلاحات الحديثة، واللغة التي لاتستطيع أن تواكب متطلبات الزمان ومقتضيات المكان، لا بد لها من أن تموت وتتلاشى.
دارالعلوم ديوبند ومساهمتها في تطوير اللغة العربية بالتراجم:
تتميز جامعة دارالعلوم، ديوبند بدورها الريادي في نشر الدين والدعوة والإبقاء على الهوية الإسلامية في شبه القارة الهندية، ولها مكانة مرموقة في كافة مجالات اللغة العربية والعلوم الإسلامية والحركات الدينية خدمةً واعتناءً، فقد ركزت دارالعلوم اهتمامها البالغ على تطوير اللغة العربية وإنمائها في إطار لا تتسرب إليه ركاكةُ الأسلوب وغرابةُ الألفاظ وتوحشُ المعاني، وتتجلى هذه السمات الأدبية والميزات اللغوية من خلال أعمالها وإنجازات علمائها في جميع مجالات اللغة العربية من النثر والشعر والتصنيف والتدوين والتراجم ووضع المعاجم وما إلى ذلك من الأنواع العربية الفنية الأخرى(5)، ولا يمكن حصرها ولا عدها في هذا المختصر.
ومثلما تعتني هذه الجامعة بسائر الفنون العربية، كانت الترجمة من العربية إلى اللغات الهندية وبالعكس تحظي بعناياتها الخاصة منذ بداية العهد على أيدي البارعين في اللغة العربية، فقد ترجموا كثيرًا من الكتب والرسائل القيمة عبر التاريخ، ولكن العقود الأخيرة للجامعة شهدت تدفقًا كبيرًا في هذا المجال، وازداد إقبال متخرجيها على ترجمة كتب مشايخهم ونقل تراثهم العلمي والعربي إلى اللغات الأجنبية عامةً والعربية خاصةً، فأسهموا بقسط كبير في إثراء الأدب العربي بالمعاني الجديدة والمصطلحات العلمية عن طريق تراجمهم(6).
أكاديمية شيخ الهند، تأسيسها وأغراضها:
تعكف جامعة دارالعلوم ديوبند منذ تأسيسها على نشاطات متشعبة ترمي إلى إثراء اللغة العربية بالتدريس والتصنيف والتأليف والترجمة، وتتجلى تفاعلاتها العلمية وإسهاماتها الأدبية ونشاطاتها العربية في مئات الآلاف من الكتب العربية القيمة النافعة للأجيال الحاضرة والآتية. فقد أَلَّفَ علماءُ ديوبند في شتّى الموضوعات الإسلاميّة الأساسيّة وغير الأساسيّة، وفي موضوعات الدفاع عن الدين، من الكتب ما كَوَّن مكتبةً غنيّةً ثريّة باللغة العربيّة والأرديّة والفارسيّة والهندية وغيرها من اللغات، بحيث تحتضن في طياتها من العلوم والبحوث والمعارف المهمة ما لا يضارعه الغير، ولو تمّ نقلها إلى اللغات الحيّة العالميّة لدُهِشَ العالم كلُّه من علمهم الغزير، وفكرهم الثاقب، وذكائهم العجيب(7). فقد عبّر غير واحد من العلماء والمثقّفين العرب الذين زاروا هذه الجامعة وعثروا على خِزانتها العلمية ومآثرها الأدبية عن اقتراحاتهم بأنه لا بُد أن يٌترجم هذا التراث العلمي إلى اللغات العالمية الحية عامة واللغة العربية خاصةً، حتى يتسع نطاق المستفيدين إلى العالم أجمع، وعلى رأسهم الداعية الكبير والعالم الشهير الشيخ عبد الفتاح بن محمد أبو غدة الحلبي (1336- 1417هـ)، زار الشيخ الجامعة سنة 1382هـ، وأشار على القائمين على الجامعة بترجمة المصنفات والأعمال الدينية والأدبية لمشايخها إلى العربية إشارةً بالغة التأكيد، وصف بأن مصنفات علماء هذه الجامعة العريقة وفيوضاتهم العلمية وخدماتهم الأدبية من أهم ما شهدت المكتبات الإسلامية في جميع أرجاء العالم، يفوح منها أريج العلم والمعرفة وتنبعث منها روح التفاني والإخلاص، فلوكانت مصنفات هولاء العلماء المحققين تُرجمت من الأردية إلى العربية، لكانت هي أكثر نفعًا وأوسع تأثيرًا على العالم العربي، وإلا فأعتقد هذا كالحرمان العلمي لعلماء غير هنود، فأكرر طلبي وأملي لأبناء الجامعة أن يقوموا بترجمة هذه المصنفات إلى اللغة العربية كذلك ويتحملوا هذه المسؤلية الكبيرة(8). وكانت الجامعة تحس بهذه الضرورة الدينية أشد الأحساس، فيقول فضيلة الشيخ مرغوب الرحمن رئيس الجامعة الأسبق: «وقد ظل ذلك- نقل التراث العلمي لمشايخ الجامعة إلى اللغة العربية وغيرها من اللغات الحية- حُلمًا لذيذًا يُراود قلوبنا نحن القائمين على هذه الجامعة، وذلك شعورًا منا بأن إنتاجاتهم تحمِل من العلوم والحكم المعانيَ اللطيفة التي قد لا تحملها مؤلفاتُ بعض العلماء الكبار من معاصريهم ومَن سبقهم، وعلمًا منا بإن الإخوة العرب في حاجة إلى أن يعرِفوا أعمالًا مشكورة غير مطروقة في خدمة الدين والدعوة والثقافة الإسلامية العربية»(9). فأنشأت الجامعةُ درالعلوم ديوبند أكاديميةً علمية بحثيةً تأليفيةً تستقل نشاطاتها العلميـة وحركاتها الأدبية، تلبيةً لهذه الحاجة الدينية وتكملةً لهذه الضرورة العلمية الأدبية سنة 1403هـ/1982م، وسميت باسم «أكاديمية شيخ الهند» وتمّ بناؤها على أهداف وأغراض كما يليه(10):
* الحفاظ على تراث علماء دارالعلوم ديوبند العلمي والأدبي.
* صياغة أفكار علماء ديوبند بصيغة حديثة ونشرها في قالب يتقارب للنَشءِ الجديد.
* نقل التراث العلمي لمشايخها إلى اللغات العالمية الحيّة واللغة العربية بالأخص.
* إطلاع العرب والعارفين بالعربية على الخدمات العربية والإنجازات البارزة والإنتاجات العلمية القيمة التي قام بها علماء ديوبند بلغتهم وبأسلوبهم المتداول.
* نشر الكتب والمقالات المتعلقة بالموضوعات الإسلامية والأدبية المختلفة بعد المراجعة.
* تدريب الطلبة والدارسين على البحث والتحقيق وإعدادهم لمواكبة التيار السائد في مجالات العلم والأدب(11).
ويقول فضيلة الشيخ مرغوب الرحمن – رحمه الله – رئيس الجامعة الأسبق، وهو يشرح هدف تأسيس الأكاديمية: «وقد كان الغرض أساسا من المجمع العلمي الذي أسّسته الجامعة منذ سنوات طويلة باسم ﴿أكاديمية شيخ الهند﴾ تحقيق وطبع وتوزيع مؤلفات أبنائها الكبار، بلغتها التي وُضعتْ فيها، ثم نقلها إلى غيرها من اللغات الحية من العربية والإنجليزية والهندوسية، كما كان الغرض إعداد كتب وكتيبات ورسائل ومطويات بأسلوب عصري، وخطاب حديث، وطراز جديد للتعريف بالإسلام ونشر دعوته في العالم»(12).
دور الأكاديمية في إثراء اللغة العربية بالتراجم:
قد قامت أكاديمية شيخ الهند تمشيًا مع أهداف تأسيسها وتلبيةً لهذه الحاجة الدينية، بترجمة عشرات كتب دينية علمية أدبية إلى اللغة العربية ترجمةً تتسم لغتها وأسلوبها بالحسن والجودة والسلاسة والثقة، وقد قام وظل يقوم كبار الأساتذة والمترجمين البارعين ببذل قصارى جهودهم لإنجاز هذه الوظيفة المهمة. يقول فضيلة الشيخ مرغوب الرحمن: «فإن أكاديمية شيخ الهند بالجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند مازالت ولاتزال تنشر-بحمد الله ومنّه- مؤلفات مشايخ الجامعة باللغتين-الأردية والعربية- وقد بلغت منشوراتها نحو 42كتابًا حتى الآن»(13).
فأذكر هنا عددًا من الكتب ذات الأهمية البالغة التي تمت تراجمها إلى اللغـة العربية حتى الآن، وصدرت مطبوعةً بعناية هذه الأكاديمية، وهي كما يلى:
1. «علماء ديوبند اتجاههم الديني ومزاجهم المذهبي» للعالم الكبير المعروف بحكيم الإسلام الشيخ المقري محمد طيب، والتعريب: للكاتب الإسلامي المعروف فضيلة الشيخ نور عالم خليل الأميني، رئيس التحرير لمجلة الداعي العربية، وأستاذ الأدب العربي بالجامعة.
2. «الإسلام والعقلانية» للداعية الكبير المعروف بحكيم الأمة الشيخ أشرف على التهانوي، التعريب: الباحث الإسلامي والأديب البارع نور عالم خليل الأميني.
3. «لآلي منثورة» للشيخ أشرف علي التهانوي، وعربّه الأديب والمترجم القدير نور عالم خليل الأميني.
4. «بحوث في الدعوة والفكر الإسلامي» للعالم الكبير المعروف بشيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وعربّه الأديب نور عالم خليل الأميني تعريبا يُعجب القُرّاء والمتذوقين بالعربية.
5. «الحالة التعليمية فيما قبل عهد الاستعمار الإنجليزي وفيما بعده في الهند» لشيخ الإسلام حسين أحمد المدني، وقام بتعريبه سماحة الأديب نور عالم خليل الأميني.
6. «الصحابة ماذا ينبغي أن نعتقد عنهم» للشيخ حسين أحمد المدني، وعربّه الأديب والمؤلف الفاضل محمد ساجد القاسمي، أستاذ الأدب العربي بالجامعة.
7. «محاورات في الدين» للعلامة المحقق الكبير المعروف بـ«حُجة الإسلام» ومؤسس جامعة ديوبند الشيخ محمد قاسم النانوتوي، وعربّه الأديب محمد ساجد القاسمي.
8. «ردود على الاعتراضات الموجهة إلى الإسلام» لصاحبه الشيخ محمد قاسم النانوتوي، وعربّه الأديب محمد ساجد القاسمي.
9. «حجة الإسلام» لمحمد قاسم النانوتوي، تعريب الأستاذ محمد ساجد القاسمي.
10. «العقل والنقل» للفاضل الشهير والمتضلع من بيان أسرار الشريعة الشيخ العلامة شبير أحمد العثماني، وقد عربّه الأديب الفاضل عبد الرشيد البستوي، أستاذ الجامعة سابقًا.
11. «الفتنة الدجالية» للباحث الإسلامي والعالم الكبير الشيخ السيد مناظر أحسن الكيلاني، وقد عربّه الأديب والفاضل النبيل محمد عارف جميل القاسمي الأعظمي، أستاذ قسم اللغة العربية بالجامعة.
12. «الإمام قاسم النانوتوي كما رأيته» للعالم التقي الشيخ يعقوب النانوتوي، أول رئيس الشؤون التعليمية للجامعة، وعربّه محمد عارف جميل القاسمي الأعظمي.
ميزات هذه التراجم الأدبية:
وأما الموضوعات التي يعالج كل من هذه الكتب لهـؤلاء العلمـاء والباحثين المرموقين، فترجع إلى مختلف المجالات الدينية والعلمية والاجتماعية وغيرها من الموضوعات ذات الأهمية البالغة التي تليق بأن تُنقل إلى لغات عديدة حية وينشر ما فيها من العلم والخِبرة والفلسفة الإسلامية وما إلى ذلك بين المجتمعات المتشعبة على كرة الأرض. وأما بيان نهج الترجمة وأصولها التي تتبناها الأكاديمية أثناء عمل الترجمة تحت إشراف وعناية المترجمين البارزين أنها تمارس تسهيل المواد العلمية والعبارات الدقيقة للكتب المترجمة وتحاول تقريبها إلى مستوى فهم القراء المعاصرين بلغة سلسة وبأسلوب ساذج بدون حذف وإضافة وترميم، وهذا لأن أكثر الكتب لمشايخها تكون مشتملة على الاصطلاحات الدقيقة والمباحث العلمية الصعبة، والإيجاز المرهق بحيث تكون إساغتها صعبةً على عامة الناس والمثقفين الثقافة العصرية. يقول المؤلف الفاضل محمد ساجد القاسمي أستاذ الأدب بالجامعة وواحد من المكثرين من الترجمة مبينًا لنهج التراجم التي مارسها خلال ترجمة عدة كتب للإمام النانوتوي: «وقد اتبعت أدب الترجمة العلمية الأمينة الدقيقة في هذين الكتابين-كغيرهما من الكتب للإمام (قاسم النانوتوي)، محاولًا أن لايتغير مراد المؤلف؛ فهي أقرب إلى الترجمة الحرفية منها إلى الترجمة الحرة»(14).
ولا أقصد استعراض كل من هذه الكتب المترجمة في هذا المقال، فإن لذلك مقالا آخر يستوعب اتجاهات الترجمة وأساليب التعريب من كثب، ولكن حيمنا أمعن النظر في هذه التراجم، تتجلى ميزات هذه التراجم وخصائصها من إجادة اللغة العربية وفصاحة أسلوبها ومتانة تراكيبها وتأدية المعنى المقصود للمؤلف وغير ذلك، كما تخلو من الغرابة والتوحش والركاكة وتنقيص المعاني وما إلى ذلك من العيوب والنقائص، فهذا النوع من التراجم هي كنز من الكنوز الإسلامية والعلمية والأدبية التي لابد من نشرها وبثها على الصعيد العالمي حين تسود المناقشة العلمية والحوارات الفكرية والتفاعلات الحضارية على الجو العلمي العالمي.
أهم نتائج البحث:
فيتضح من خلال ما ذُكر أن أكاديمية شيخ الهند التابعة لدارالعلوم ديوبند تلعبت دروا بارزا يلفت أنظار المترجمين والباحثين الشبان في مجال الترجمة، فهي تعكف على ترجمة منتخبات من مصنفات مشايخها في صمتٍ ولكن متواصلا بعناية نخبة من الأدباء والأساتذة والمترجمين البارعين، ليعم فوائـد هذا التـراث العلمي ويطلع عليـه العلماء من العرب والغرب، ويعجبني أن ألخص هذه الورقة بقول الكاتب الإسلامي والأديب والمترجم القدير نور عالم خليل الأميني في ترجمة «الإسلام والعقلانية» إلى العربية بيانًا لأهمية هذا الكتاب وضرورة نقله إلى اللغة العربية «ولكون الكتاب يحمل هذه القيمة في إثبات حقية الحقائق الدينية ومصداقية الشرائع الإسلامية، قمنا بنقل الكتاب من الأردية إلى العربية، حتى ينتفع به القراء العرب والعارفون بالعربية وحتى يدوم نفع الكتاب؛ لأن العربية باقية بقاء كتاب الله عزّ وجلّ وبقاء هذا الدين، والأردية وغيرها من اللغات معرضة للفناء كسنة الله في الكون وما فيه من المخلوقات»(15). فأخيرًا أدعو الباحثين والمترجمين إلى أن يقوموا بإنعاش هذا العمل الجليل، والتوسع فيه حتى يعم نفع كتاب مشايخنا التي يحتل كل منها مكانةً ساميةً في المصادر العلمية والمراجع الأدبية.
* * *
الهوامش:
(1) أسس الترجمة للدكتور عزالدين محمد نجيب، ص: 7.
(2) فنون الأدب العالمي للدكتور نبيل راغب، ص:262 .
(3) اللغة العربية في الهند،ط: مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي، ص: 175.
(4) البخاري، ص، 85.
(5) مساهمة دارالعلوم في الأدب العربي، الدكتور زبير أحمد الفاروقي، ص:14.
(6) مساهمة دارالعلوم في الأدب العربي، الدكتور زبير أحمد الفاروقي، ص:14.
(7) موقع الإنترنت لدارالعلوم، من خصائص الجامعة.
(8) تاريخ دارالعلوم،لسيد محبوب رضوي ج، 2، ص: 396.
(9) الإسلام والعقلانية المعرّب، ص: 6.
(10) موقع الإنترنت لدارالعلوم، من باب المكاتب وأقسام الشؤون.
(11) نفس المصدر.
(12) الإسلام والعقلانية، ص: 7.
(13) الفتنة الدجالية، لمناظر أحسن الكيلاني، المعرب، ص: 3.
(14) محاورات في الدين، ص: 11-12.
(15) الإسلام والعقلانية، ص: 19.
* * *
(*) باحث الدكتوراه في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة دلهي، دلهي-110007، رقم الجوال: 9953021782
Email: iqubalasif2010@gmail.com
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العــلوم ديوبند ، المحرم – صفر 1439 هـ = سبتمبر- نوفمبر2017م ، العدد : 1 – 2 ، السنة : 42