دراسات إسلامية
بقلم: الأستاذ رشيد فاتح القاسمي(*)
أ- في صفات الله
إن ذات الله وصفاته لهما أهمية أساسية في المعتقدات الدينية، ولا بد لمن يؤمن بالله أن يعتقده واحدًا، صمدًا، قادرًا، رازقًا، مستغاثًا وغيره من الصفات السامية. ينبئ ذكر هذه الأفكار العقائدية عن قرب الشاعر بالله سبحانه وتعالى وكيفية إيمانه بالله المجتمع لصفات الكمال.
إن الشيخ نور الدين ولي (1377–1438م) أشهر داعية كشميري وإمام الشعر الكشميري الزهدي وأبا العتاهية (747–826م) شاعر عربي فذ ورائد الشعر العربي الزهدي يذكران الله وصفاته في شعرهما ذكرا يدل على علمهما الكامل واطلاعهما الواسع على المعتقد الديني هذا، لم يالوا فيه فكرًا ولم يزلقا فيه ذكرًا، وسلكا فيه مسلكا أرشد إليه الكتاب والآيات وهدى إليه علماء علم الإلهيات.
إن في شعرهما حول الإيمان بالله وصفاته مغناطيسية تجذب العقول فتزيدها إيمانًا وتخلب الأذهان فتترك عليها آثارًا. يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«آمنت بالله إيمانا فجعلتني وحيا ثم جعلت نصب عيني الواجب الوجود تاركا الوجود بأشكاله كلها»(1).
الذين هم على بصر باللغات يعرفون أن الترجمة لا تعبر عما يريد النص كاملًا. الشعر الذي قد ذكرته آنفا على مستوى رفيع من الإيجاز، ولا يتضح معانيه بالترجمة الحرفية فحسب. يقول شيخ العالم، الشيخ نور الدين ولي: آمنت بالله حق إيمانه فصيّرتُني وحيًا أي جعلت أعمالي موافقة لما يهدي إليه الدين، ما أشغلني الكون وموجوداته بعد أن شاهدتها؛ بل اعتبرتها دالة على الواجب الوجود سبحانه وتعالى، وصرفت عنايتي عنها وجعلت الله ومرضاته مركزًا لعنايتي وأعمالي كلها، وما زلت حذرا مما لا يليق بشأنه عز اسمه معبودًا ومسجودًا.
نجد الشيخ نور الدين ولي متصفًا ببلاغة الكلام عامة ونجد هذا الشعر أبلغ معنى وأفصح لفظًا لما فيه من حمل المصدر على ضمير المتكلم في «وحى کورم پَنُن پان» صيّرت نفسي وحيًا، ولأنه عبر عن ترك الوجود الحادث بأنواعه واعتناق دين الله الواجب في تعبير بليغ حيث جعل الكون مع أشكاله المجهولة العدد غير موجودة بالنسبة إلى وجود الله الواجب القديم في «وجود تراوتھ موجود سرم». عنيت بالموجود تاركا الوجود. استخدم الموجود بإزاء الوجود المشتق منه ولا يخفى لطفه على من له إلمام بأنواع بلاغة الكلام. وبما أن ثلث الشعر مشتمل على ألفاظ أصلها عربي زاده تعمقا روحيًّا. ويقول أبو العتاهية:
تعالى الواحد الصمد الجليل
وحاشى أن يكون له عديل
هو الملك العزيز وكل شيء
سواه فهو منتقص ذليل
وما من مذهب إلا إليه
وإن سبيله لهو السبيل(2)
الصمد من لا يطرأ عليه العدم أي الذات الواجب. «وما من مذهب إلا إليه» أي يدل الكون بألوانه المختلفة على ذات الله ووجوده. «كل شيء سواه فهو منتقص ذليل «أي بالنسبة إليه سبحانه وتعالى كل شيء ناقص وعاجز. وإن سبيله لهو السبيل» أي وإن دين الله هو الطريق الحق وطريق النجاة، أحق بأن يتبع، وأجدر بأن يسلك. وهذه هي المعاني أتت بها قريحة الشيخ نور الدين ولي فيما سبق.
يقول الشيخ نور الدين ولي في استحالة معرفة كنه الله سبحانه ما معناه:
«إن ترد أن تفهم ذات الله الواحد (وصفاته السامية) بعقلك المحدود فهمه فلن تبقى موجودًا، أي تفقد تعقلك في أعماق بحره، ويودّي هذا التهاب شعورك، وأين العقل من ذلك، وما استطاع أحد أن يشرب ذلك من البحر، (أراد كنه الذات وغموض الصفات لله سبحانه وتعالى)» (3).
إن كنه الله وماهيته أمر ما استطاع إنسان أن يبلغ معرفتَه وإن صرف موهبته العقلية كلها. إن الجهابذة من علماء علم الإلهيات وأهل الكلام وصلوا بهذا الشان إلى أنه سبحانه وتعالى الواحد، القديم، القادر، الحي، العليم، البصير، الشائي، المريد، ليس بعرض، ولا جسم، ولا جوهر، ولا مصوّر، ولا محدود، ولا معدود، ولا متبعض، ولا متجزّ، ولا متركب، ولا متناهٍ، ولا يوصف ماهية كيفيته ولا يتمكن في مكان، ولا يجري عليه زمان، ولا يشبهه شيء، ولا يخرج عن علمه وقدرته شيء، له صفات أزلية لا هو ولا غيره، العلم والحياة والقوة والسمع والبصر والإرادة والمشيئة والفعل والتخليق والرزق والكلام(4). هذا وما يقرب منه من التعابير عكس ما بلغ إليه رجال العقل والدين. ومنهم من منع الخوض في مثل هذه الأمور لتعذر بلوغ أفهام معظم الناس وعامتهم إلى معرفة الذات الواجب بالعقل الخائض. ويقول أبو العتاهية في نفس الموضوع:
الحمد لله الذي لم يزل
لا تستقل بعلمـه أفهام
سبحانه، ملك، تعالى جده
ولوجهه الإجلال والإكرام(5)
ويقول هذا بتعبير آخر:
لك الحمد يا ذا العرش، يا خير معبود
ويا خير مسؤول، ويا خير محمود
شهدنا لك، اللهم، أن لست محدثًا
ولكنك المولى ولست بمجحود
وأنّك معروف، ولست بموصوف
وأنّك موجود، ولست بمحدود
وأنّك ربّ لا تــــزال، ولم تـزل
قريبًا بعيدًا غائبًا، غير مفقود(6)
وفي الشعرين الآتيين ذكر الله متصفًا بإعطاء الرزق مع صمديته وعدم احتياجه إلى أحد من خلقه المرزوق.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«الله صمد، لا يحتاج إلى أحد، يرزق عامة الناس، يراعينا فهو موجود»(7).
ويقول أبو العتاهية:
الحمد لله الواحد الصمد
فهو الذي به رجائي وسندي
عليـــه أرزاقنا فليس
مع الله بنا حاجة إلى أحد(8)
الله حافظ وموثوق به في الحوادث والأخطار.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«إلهي! أنا واثق بك هنا في الدنيا وهناك في دارالآخرة، فاجعلني سالمًا، وأتكل عليك تاركًا ما سواك. أرني شانك يا ربّ(9).
ويقول أبو العتاهية:
الله في كل حادثـة ثقتي
والله عزّي والله مفتخري
لست مع الله خائفًا أحدًا
حسبي به عاصمًا من البشر(10)
هو الضامن لمن أحاطت به الأخطار.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«هو الذي لم يزل ولا يزال فأذكره نفسي على كل أحيانك، هو الذي يصرف عنك الأفكار الهائلة قليلًا ما تتفكر!»(11).
ويقول أبو العتاهية:
إلى الله فيما نالنا، نرفع الشكوى
ففي يده، كشف المضرة والبلوى(12)
والله هو المستغاث في كل حال. يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«الذي سوى سبع سماوات ومن الأرض مثلهن، إياه أسأل وهو يعطيني، وإياه أسأل مهما يغضب عليَّ وإلا فمن ذا الذي أستغيثه فيغيثني وأسأله فيعطيني»(13).
يقول أبو العتاهية:
من لعبـد أزلــه مولاه
ما له شافع إليـــه سواه
ويشتكي ما به إليه ويخشا
ـه ويرجو مثل ما يخشاه(14)
على الله رزق كل دابـــــــــة في الأرض؛ حيث قال عزّ وجلّ: ﴿وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود:6] عــبر عن هــذا المعنى الشيخ نور الدين ولي بأنه ليس هناك في الكون مخلوق حتى البعوضة بغير رزق يعطيه الله إياها، ويقول أبو العتاهيــــــــــة: على الله ضمان رزق العالمين أي كل نوع من المخلوقات. يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«الله واحد، له عدد كبير من الأسماء، يذكره كل ذرة من الكون، اعتبر عمرك نفَسا واحدًا، وليس هناك بعوضة بدون رزق»(15).
يقول أبو العتاهية:
سبحان من هو لا يزال ورزقه
للعالمين بــه، عليــــه ضمان
سبحان من في ذكره طرق الرضى
منـه، وفيـــه الروح والريحان(16)
يقول كل منهما: إن الله وحيد وليس غيره شريكًا في ربوبيته، على العبد أن يرضى به ربا ويرضى بقضائه كيفما كان. ويشترك شعرهما في أن الإنسان دخل الدنيا وحيدًا وسيتركها وحيدًا، مارافقه أحد وقت ولادته ولا يرافقه أحد عند موته، فعليه ألّا ينساه سبحانه وتعالى الذي هو رفيق دائم له حيًا وميتًا.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«أتينا وحدانًا وسنذهب وحدانًا ويناسب الوحيد أن يكون في قلبه هو الله الواحد وإلا فالعدم أفضل للإنسان»(17).
ويقول أبو العتاهية:
سقطت إلى الدنيا وحيدا مجردًا
وتمضي عن الدنيا، وأنت وحيد
وأرشد رأي المرء أن يمحض التقى
وإنّ امرأ محض التقى لسعيد
هو الله ربيّ، والقضاءُ قضاؤه
وربيّ على ما كان منه حميد(18)
(ب) القضا والقدر
القضاء والقدر معتقد هام من المعتقدات الإسلامية وأساس فكري لدى المسلمين. إن لب القدر أنه تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمه سبحانه وتعالى بأنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وكتابته سبحانه لذلك، ومشيئته له، ثمّ وقوع هذه الأشياء على مقتضى إرادته ومشيئته وخلقه لها سبحانه وتعالى. فتترتب هذه الأمور على هذا الترتيب: علم أزلي، ثمّ كتابة لهذا الأمر، ثمّ مشيئة إلهية لا بد أن تنفذ، ثمّ وقوع المقدور. فكل ما يقع في هذا الكون فهو مخلوق لله كما قال سبحانه وتعالى: ﴿اَللّٰهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (الرعد:16)
ومن محتويات القضاء التي تصدر بها قرائح الشاعرين موافقة الموت، والموت على أجله وحصول الرزق على مقداره المعين واتصاف المرء بالفقر والثراء والبؤس والسعادة، والرضا بالقضاء الذي هو سلوكه الإيجابي بقضائه.
يقول الشاعران: لا يمكن منع ما قضى الله للعبد وما قدر له من العمر والرزق وإن استنفد قوته وبذل ما في وسعه لمنعه من نفسه. يقول الشيخ نور الدين هذا بتعبير وأبو العتاهية بتعبير آخر حسب تعبير لغتيهما البليغة.
يقول الشيخ نور الدين ولي: لا يمكن ازدياد قضائك ولا انتقاصه وإن فركت جبينك برأس الحجر المحدد رغم استنفاد قوتك ضده. ويقول أبوالعتاهية: إن الجهد في الدنيا والمنافسة فيها لا يجلب غير ما قضى للإنسان، وإن القدر لا يجري في الكون إلّا بمقداره كما لا يحتلب الضرع إلّا بقدر حليبه.
يعبر الشيخ عن هذا بما فيه من تركيز قوي على المعنى وهو أسلوب الاستفهام الإنكاري كما يجعل أبو العتاهية شعره بليغًا باستخدام بدهية من الحقائق البدهية وهو عدم احتلاب الضروع إلّا بمقدار الحليب، واستزادة الحليب من الضروع على مقدارها بعيد عن الإنسان العاقل.
الشيخ نور الدين ولي يقول ما معناه:
«ما كتبه الله لك وقت تقديره قضائك، هل يزيدك شيء منه أم ينقص منه شيء؟ لن يزيد ولن ينقص من قضائك شيء وإن فركت جبينك على رأس الحجر المحدد»(19).
ويقول أبو العتاهية:
هي الآجال والأقدار تجري
بقدر الدّر تحتلب الضـروع(20)
فيجهد الناس في الدنيا منافسة
وليس للناس شيء غير ما رزقوا(21)
عند ما نمعن النظر في شعرهما الإسلامي نجد في بعض الأشعار الموافقة الكاملة في المعنى وفي التعبير عن المعنى رغم كونهما من لغتين مختلفتين.
يمكن أن يكون أحدهما قد أخذ من الآخر فكرته في المعنى، والحق أنه ليس هناك أية شهادة تنبئ تلقي الشيخ شعر أبي العتاهية ولا يبرّر الأمر التاريخ إلا أنه من البدهيات أن الآداب واللغات تؤثر وتتأثر.
إن ملخص الشعرين الآتيين أن صرف المرء القضاء المكتوب عنه مستحيل كاستحالة جريان السفينة على الأرض اليابسة بينما الإيقان به مسلك ناجح. ويركز أبو العتاهية هنا على الموت ويعم ألفاظ الشيخ نواحيه.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«إن الحبل لا يفتل من الرمل والسفينة لا تجري على اليبس وما قدر الله لامرئ لا يمكن أحدًا أن يصرفه عنه(22).
ويقول أبو العتاهية:
لا تأمن الموت في طرف، ولا نفس
وإن تمنعت بالحجاب والحرس
ترجو النجاة، ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس(23)
ويقولان حول الحصول على الرزق والحرمان منه: إنه يبتني على مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن لم يعطه المرء يبعد عنه فراسخ وأميالًا ويخسر مساعيه.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«إن لم يعطك الله يبعد منك الرزق على آلاف من الفراسخ، وإن لم يمنحك ينتقص قوتك»(24).
توقّ ما تأتيــــه وما تــــذر
جميع ما أنت فيـــــه معتـذر
ما أبعد الشيء منك ما لم يُسا
عدك عليه القضاءُ والقدر(25)
يقولان: إن قضاء الرزق عجيب، لا يتلقاه المرء بحسب علمه ولبه وجهده؛ ولكنه أمر باهر. يحصل للإنسان منه كمية كتبها الله سبحانه له، ومن الناس من يجده من حيث لا يحتسب؛ ومنهم من يبذل قصارى جهده لا بتغائه ويحصل على كمية قليلة منه. يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«ومن الناس من هو مستأهل ويبذل قصارى جهده لابتغاء الرزق، ومنهم من يجد الرزق جالسًا في سكناه من حيث لا يحتسب»(26).
ويقول أبو العتاهية:
كل امرء ولـه رزق سيبلغه
والله يرزق لا كيس، ولا حمق(27)
يا رُبّ رزق قد أتى من سبب
وسلَّم العبـد إليــه الطلب
ورب من قد جاءه رزقــه
من حيث لا يرجو ولا يحتسب(28)
يقول الشيخ في نفس المعني ما معناه:
«كيف تسلك صراطًا غير قويم وتترك الصراط المستقيم وتكسر دلو ماء الحياة، ما قدّر الله لك يأتيك أينما كنت»(29).
ويقول أبو العتاهية:
متى ما يرد ذو العرش أمرًا بعبده
يصبــــه، وما للعبــد ما يتخـير
وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه
وينجو بإذن الله، من حيث يحذر(30)
على المؤمن أن يرضى بقضائه، لا يتفكر فيه؛ بل يكون مستعدًا للقاء كل ما يلقاه.
يقول الشيخ نورالدين ولي ما معناه:
«ليس منة الله على أن جعلني إنسانًا فحسب؛ بل أمطر عليّ شآبيب رحمته من كل جانب، رضيت بما قدّر لي من المحيا والممات، هو إلهي وأنا عبده!»(31).
ويقول أبو العتاهية:
أقول ويقضي الله ما هو قاضٍ
وإنّي بتقديــــر الإلـــٰــه لراضٍ
أرى الخلق يمضي واحدًا بعد واحد
فيا ليتني أدري متى أنا ماضٍ(32)
القضاء يحيط بالمرء آناء الليل وآناء النهار، لا يطرف طرفة إلا تبعًا لقضائه. وليس للإنسان قدرة الفراغ من قضائه طرفة عين من حياته ويقول الشيخ ما معناه:
«فرّ من الحية شبرًا، فرّ من الأسد فرسخًا، فرّ من الدائن عامًا، ولا تفر من القدر طرفة عين»(33).
ويقول أبو العتاهية:
لعمر أبي! لو أنّني أتفكـــر
رضيت بما يقضى علي، ويُقدر
توكل على الرحمان في كل حاجة
أردت، فإن الله يقضي، ويَقدر
متى ما يرد ذو العرش أمرًا بعبده
يصبــه، وما للعبـــد ما يتخير
وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه
وينجو بإذن الله، من حيث يحذر(34)
ويقول أيضًا:
واعلم بأنك لست تطرف طرفة
إلا تفاوت منك ما لا يرتجع(35)
وأعربا عن حرمان العالم النحرير من سعة الرزق ونعم عيش الأحمق ورغده بأسلوب سهل على الألسن وعميق في معانيه.
يقول الشيخ نور الدين ما معناه:
«إلهي! وكم من سبيل جعلتنا نسلكه لكي نصل إلى كنهك، غير أنه ليس من الناس من يدرك أسرار ماهيتك، يُتَوَّجُ الفقير الصالح ويعمى الملك الطاغي في الآخرة. إن العالم النحرير سائل بائس هنا والغبي ثري قائد، وله كثير من النعم بينما الحكيم يتطلع إليه وينتظر عطاياه»(36).
ويقول أبو العتاهية:
كل رزق أرجوه من مخلوق
يعتريه ضرب من التعويق
وأنا قائل، وأستغفرُ الـ
ـلّه، مقال المجاز لا التحقيق
لست أرضى بما أتاني إلهي
فلرزقي موكول بالمخلوق(37)
الموت حق يدرك الإنسان على كل حال، وهو مختفٍ من أعين الناس مادّة شبكته الضئيلة في الجوانب كلها من الكون.
يقول الشيخ نور الدين ولي ما معناه:
«سل الجوانب الأربعة أحوالها فتجيب بأن خداع الموت اختفى من أعين الناس غير أن البعض زاره وسيراه البعض الآخرون»(38).
ويقول أبو العتاهية:
أومَّل أن أخلـد، والمنايا
يثبن عليّ من كل النواحي
وما أدري إذا أمسيت حيًا
لعلّي لا أعيش إلى الصباح(39)
* * *
المصادر والمراجع:
(1) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 83، ناشر: لائف فانديشن، جرار شريف، اقبال بستى روضه بل
(2) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 291، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت 2004م.
(3) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 74
(4) سعد الدين التفتازاني، شرح العقائد النسفية، ص: 409، البشرى ببلشرز،كراتشي باكستان 2009م.
(5) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 112
(6) كليات شيخ العالم، أسد الله آفاقي، ص: 87
(7) نفس المصدر
(8) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 121
(9) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 86
(10) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 146
(11) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 86
(12) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 36
(13) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 76
(14) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 86
(15) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 86
(16) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 372
(17) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 87
(18) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 128
(19) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 99،
(20) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 227،
(21) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 251
(22) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 99
(23) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 200
(24) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 100
(25) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 146
(26) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 102
(27) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 252
(28) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 45
(29) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 102
(30) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 154
(31) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 99
(32) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 208
(33) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 99
(34) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 154
(35) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 229
(36) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 100
(37) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 255
(38) أسد الله آفاقي، كليات شيخ العالم، ص: 103
(39) مجيد طراد، قدم له وشرحه: ديوان أبي العتاهية، ص: 108
* * *
(*) باحث (دكتوراه) مركز دراسات شيخ العالم
جامعة كشمير،حضرت بل سرينغر كشمير
موبائل: 9622524965
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رمضان – شوال 1439 هـ = مايو – يوليو 2018م ، العـدد : 9-10 ، السنة : 42