للدول الخليجية العربية أسوة في المملكة العربية السعودية

كلمــة المحــرر

       لقد طرحت المملكة العربية السعودية أسوةً جديرةً بالاحتذاء حينما قدمت أربعة مليارات دولار كمساعدة لشقيقتها دولة مصر العربية الإسلامية، ولا غرو فلها أياد بيضاء دائمة في الوقوف بجانب الدول العربية والإسلامية لتتخطّى الأزمات، وتتجاوز المراحل الصعبة التي طالما اعترضت وتعترض سبيلَها. وهذه الخطوة التي خطتها المملكة الرشيدة تدعو الدولَ الخليجية الأخرى القادرة التي أكرمها الله بالثراء والرخاء، حتى تتأبى مصر الإسلامية العربية على الإملاءات التي تريد أمريكا والدول الأوربيّة الصادرة اليوم في جميع خطواتها عن الروح الصليبيّة المُمَدَّة بالصهيونية العالمية فرضَها عليها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها التي تمرّ بها فيما بعد الثورة التي تأكّل منها اقتصادها واهتزّت بنيتها السياسيّة وهيكلها الاجتماعيّ الذي نخره الاضطراب الطائفي الذي تثيره من حين لآخر أيد أجنبية لاتود الخير لمصر، وإنما تضمر لها كلّ الشر والويل.

       المساعدة السخية التي قدّمتها المملكة تأتي ضمن الاستراتيجية الإسلاميّة الحكيمة التي ظلّت تنتهجها كركيزة أساسيّة منذ وقت طويل، وقد زادها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رسوخاً واستقرارًا بمواقفه الإيمانيّة، ورؤيته الإسلامية، وسلوكه المبنيّ على الأريحية العربيّة الأصيلة.

       فرضُ الإملاءات على القرار مقابل المساعدات، ظلت تعانيه معظم الدول العربيّة في الماضي، من قبل أمريكا والدول الغربيّة؛ لأنها لم تتكرم ولن تتكرم بها – المساعدات – عليها صادرةً عن عاطفة الاحتساب، وإنما قدمتها لها لتحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية وخدمة المصالح الصهيونية الصليبيّة. ولقد تابع العالم على مدى الثلاثين سنة الماضية كيف قَزَّم النظامُ السابقُ الدورَ المصريّ الكبير في المنطقة العربيّة الواسعة والساحة الإسلامية الأوسع، ورهنه للرغبات والضغوط الأمريكية والمطامع الصهيونية مقابل المساعدات الأمريكية التي راهن عليها تمامًا في حلّ الأزمة الاقتصادية والمشكلات الماليّة.

       إذا تكاتفت الدول الخليجية الثرية مع مصر العربية الإسلاميّة، فإنها ستتجاوز بسرعة وضعَها الاقتصادي الحرج، واستقرارُ مصر هو استقرارٌ للعالم العربي كله، لأنها ظلّت دولة قوية – وستظلّ بإذن الله – برجالها وعقولها وعروبتها وأصالتها، فمصر القوية تمثل قوة ضاربة للعالم العربي، واستغناؤها عن الأجنبيّ الماكر الذي لايريد ولن يريد لها وللعالم العربي الخيرَ، استغناءٌ للعالم العربي عنه. والدول الأوربيّة وأمريكا لاتقدم لها مساعدة إلا لصالح الدولة الصهيونية وصالح أهدافها الكثيرة الاستراتيجية والعسكريّة والثقافيّة ولفرض إملاءاتها على كل قرار.

       ثورة 25/يناير 2011م فجّرت مشكلات كثيرة لدى مصر، لن تتجاوزها إلاّ بتعاون وثيق ومساعدة مادية ومعنوية من قبل شقيقاتها العربية الخليجية التي أفاض الله عليها الخير بمنّه وكرمه وحده. وتَوَجُّهُ مصر البنّاء نحو الانفتاح والتغيير والانسلاخ عن المنهج المتشدد الذي كان ينتهجه النظام السابق، يوجب على الإخوة العرب أن يقفوا بجانبها، حتى لا تشعر بالغربة والانفراد .        [التحرير]

(تحريرًا في الساعة 11من صباح يوم الإثنين : 3/رجب1432هـ = 6/يونيو 2011م)

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، شعبان  1432هـ = يوليو 2011م ، العدد : 8 ، السنة : 35

Related Posts