الأدب الإسلامي
بقلم :الأديب معالي الشيخ الدكتور عبد العزيز عبد الله الخويطر / الرياض
وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي
وليس هناك بلد في الوجود كل أهله سيئون، أو كلهم صافو الأخلاق، محمودوالصفات، ففي كل بلد طيب وخبيث، أو وسط بين هذا وذاك، يعود الأمر في تقرير الخُلق إلى التربية، وإلى انتشار العلم وضيائه، وإلى المهن التي يمتهنها الناس، تؤثر على حياتهم في بعض جوانبها.
ومصر بلد واسع، تعاقبت عليه حضارات عريقة، تركت آثارها؛ فتفاعلت هذه الآثار في بوتقة المجتمع، فجعلت لأهلها شخصية متميزة، جعلتها أمة لا يُسْتَهَانُ بها، فيها مظاهر المجتمع المتكامل، فلا يتوقع المنصف أن يأخذ حادثة عابرة فيعممها، فإذا فعل ناقضته حقائق أخرى تعدل الكفة، وفي مصر أقوال تأتي في كبة مغايرة لكفة الذم التي بدا فيها القول السابق، وهذا أحد النصوص التي تمدح مصر، جاء به صاحب كتاب ;معجم البلدان:، في حديثه عن مصر؛ وقد جمع فيما كتبه عن مصر ما قيل من مدح وذم، وهو دليل على أن أي بلد فيها ما يسخط بعض الناس، وفيها ما يرضيهم، فالساخط يذم، والراضي يمدح، والمدح والذم تختلف درجتهما ارتفاعًا وانخفاضًا حسب ميزان الرضى والسخط:
قال “عبد الرحمن بن زيد بن أسلم” في قوله تعالى:
﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾(1). يعني مصر، وإن مصر خزائن الأرضين كلها.. ألا ترى إلى قول يوسف – عليه السلام – لملك مصر:
﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾(2).
ولم يذكر – عز وجل – في كتابه مدينة بعينها بمدح غير مكة ومصر؛ فإنه قال: ﴿أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ﴾(3). وهذا تعظيم ومدح .
وقال: ﴿اَهْبِطُوْا مِصْرًا﴾(4).
وإذا كان الذم والمدح يأتيان بسبب التجربة الفاشلة، أو التجربة الناجحة، فقد ترسم الصورة المشوهة لسبب آخر، وقد ورد نص قد يستشف منه أن حاكم مصر كان يريد أن يبعد عنها من يزاحمه، أو من في قربه تنغيص له، فيقول عن مصر، لمن لم يرها، ما ينفر من المجيء إليها، حتى تتم له المتعة، أو لأن القادم قد يسبب له من المتاعب ما هو في غنى عنه، وحاكم مصر الذي ورد عنه النص الآتي، من خيرة الناس، ولعله كان ينفر الناس من مصر؛ لأنه يرى من مصلحة مصر أن لا يأتوا إليها، لحكمة يراها لعلها حماية مصر من الإقلاق، وهذا في زمن كانت الفتن سريعة الظهور، خاصة في البلدان الكبيرة البعيدة عن مقر الخليفة. والنص كالآتي:
;روى “أبو ميل” أن “عبد الله بن عمر الأشعري” قدم من دمشق إلى مصر، وبها “عبدالرحمن بن عمرو بن العاص” قال:
ما أقدمك إلى بلدنا؟
قال: أنت أقدمتني، كنت حدثتنا أن مصر أسرع الأرض خرابًا، ثم أراك قد اتخذت فيها الرباع، واطمأننت.
فقال: إن مصر قد وقع خرابها، دخلها بختنصر، فلم يدع فيها حائطاً قائمًا، فهذا هو الخراب الذي كان يتوقع لها. وهي اليوم أطيب الأرضين ترابًا، وأبعدها خرابًا، لن تزال فيها بركة مادام في الأرض إنسان:(5).
و”عبد الرحمن بن عمرو”، في سعيه لإبعاد بعض الناس عن مصر، وإجفالهم منها، حتى بتوقع الخراب، الذي سرعان ما علل قوله فيه، عندما اكتشف أنه مخالف للواقع، انتهج سياسة الذي خرق السفينة، حتى لا يأخذها الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبًا، كما ورد في القرآن الكريم: (الكهف:79)، وضحى بسمعة مصر، مقابل حمايتها، وإبعاد من قد لا يفيد مجيؤه إليها.
وفي نص آخر تمتدح مصر، وتشرك البصرة معها في المدح، والنص هو:
قالوا: مُثِّلَتِ الأرض على صورة طائر، فالبصرة ومصر الجناحان، فإذا خربتا خربت الدنيا(6).
والحقيقة أن النص جزء من نص أكمل، يبين نظرة أريد بها أن تكون عادلة إلا لمن يظن أن إياسًا يحابي البصرة، والنص الكامل هكذا:
;أخبر “حماد بن سلمة”، عن إياس بن معاوية، قال: مُثِّلت الدنيا على طائر، فمصر والبصرة الجناحان والجزيرة الجؤجؤ، والشام الرأس، واليمن الذنب:(7).
والقاضي إياس ربما قصد بما قال الصورة المحسوسة التي نشرت في ذهنه صورة الطائر، فأن يكون الشام الرأس فليس تكريمًا، وأن يكون اليمن الذيل فليس تحقيرًا؛ لأن نظرة إياس إلى الشام داكنة، وإن لم يقل ذلك صراحة، وقال بطريقته الذكية، ومُحادِثُهُ في مثل هذه المواقف، يحتاج إلى وقت حتى يعرف مرامي قول إياس، والنص الذي نشير إليه هو:
;أخذ “الحكم بن أيوب الثقفي”، عامل الحجاج، إياس بن معاوية فشتمه، وقال:
أنت خارجي منافق، ائتني بمن يكفل بك.
قال: ما أجد أعرف بي منك.
قال: وما علمي بك، وأنا شامي وأنت عراقي؟
قال إياس: ففيم هذا الثناء منذ اليوم.
فضحك، وخلى سبيله:(8).
ونختم الحديث عن مصر والبصرة بالقول الآتي، وفيه ما فيه من مدح مصر، في جانب مهم مما ينفع الناس:
;قال “أبو حازم القاضي”: قال “أبوالحسن أحمد بن المدبر”: لو عمرت مصر كلها لوفت بالدنيا:(9).
ولعل بين الموصل والأهواز بعض الجفوة، مما أوجب أن يقول أحد أهل الموصل قولاً فيه لَمْزٌ لأهل الأهواز؛ فإن لم يكن من أهلها فهو من المحبين لأهلها، وهذا هو النص الذي يحمل في ثناياه الدليل على ما قلناه:
;من أقام بالموصل حولاً وجد في قوته فضلاً، ومن أقام في الأهواز حولاً، وهو ذو فراسة، وجد فيها نقصانًا:(10).
ليتنا عرفنا القائل، وسألناه عن مبلغ علمه عن السبب الذي يؤثر هذا التأثير في هذه المدينة، وذاك السبب الذي يؤثر في الأخرى! هل هي الأرض وترابها؟ أو المجتمع وأهله؟ لقد قال القائل قوله، وتَرَكَنا في حيرة!
أما مدفع أهل الأهواز فكان جاهزًا للرد، ولكنه لا يرمي بشرر كالقصر، وإنما يرمي قنابل ملأى بالسمن والعسل، ترمي إلى الخلف، لا إلى الأمام، لتقع في أحضان الأهوازيين مدحًا، وتعداد فضائل، وينسب القول الآتي عن هذا إلى أبي هريرة – رضي الله عنه – والله أعلم إن كان قاله، أو أن قائلاً ناب عنه في قوله دون أن يُنيبه:
قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ;طوبى لمن بات ليلة في خوارزم، وطوبى لمن وقع عليه غبار خوارزم، وطوبى لمن صلى ركعتين في خوارزم:(11).
أما طوبى، وهو واد في الجنة، لمن بات ليلة في خوارزم فقد نبا هنا السهم، وأخطأ الرمية، وقصر عن الهدف، فإن كان الهواء عليلاً، فله طوبى الدنيا وهي من الطيب والصحة، وكذلك نصيب من وقع عليه غبار خوارزم. أما طوبى الجنة لمن صلى ركعتين في أي مكان فهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء، ولكن المحير هل الركعتان في خوارزم أفضل منهما في الحرمين؛ لأن طوبى جزاء عظيم، وثواب جسيم ضاف!.
ولعل هذه المغالاة جاءت لتمحو ما قد كان الأعداء ألفوه عن خوارزم، ونشروه بين الناس، مما احتاج إلى قول قوي، يبدد نوره ظلماء التقول، ويقضي على حلكة الإفتراء.
وعندما يبدي “قتيبة بن مسلم” سخطه على خرازم، فإن هذا لا يعد منا معرفة المبرر لسخطه، وهو قائد جيش، وأمير مقاطعة، وقد لا يحمد بلدًا، لما كبدته من خسائر، وما قابلته به من مضايقات، وقتيبة عندما قال ما قال عن خوارزم، مما هو ليس في صالحها، قاله مُحدَّدًا، ونستطيع أن نستشف من الذم الأسباب التي تكمن وراءه، والعلة التي حركته، والهم الذي ركبه عندما طلب منه الحجاج العودة إلى خوارزم، والنص كما يلي:
;كتب الحجاج إلى “قتيبة” بالعود إلى خوارزم، فقال: إنها شديدة الكلب، قليلة السلب:(12).
لابد أن قتيبة كان في بلد أكثر أمانًا من خوارزم، وهذا المكان أعطى جنده راحة، منطلقهم فيه إلى عدوهم خير من منطلقهم من خوارزم، وراحتهم فيه أكمل من راحتهم فيها. ويستشف من قوله عن الكَلَب أن هواءها لم يناسبه وجنده، أو أن مياهها لم تقبلها أنفسهم، فكلمة الكَلَب أقرب أن تكون خاصة بالصحة، وتعرضها للتدهور، ثم إن غنائمها قليلة، لا تتكافأ مع الجهاد والجهد، وهو ما يبذله الجند عندما يكونون فيها. وقد تكون المحاصيل التي منها قُوْتُهم ومؤونتهم شحيحة، لا ترقى إلى طموح قتيبة، مقارنة بغيرها، مما يفضله للسكنى والإقامة.
والأمراء والقواد لهم نظرة مبررة تجاه الأقاليم والمدن، ;ولا يمدح السوقَ إلا من يربح فيها: كما يقول المثل. والإقليم إذا لم يكن يستجيب لطلبات القائد والأمير الطموحة، استوجب الأمر أن ينفر منه؛ لأن هذا لا يساعد المسؤول على أداء الواجب على الوجه الأكمل، وبالمستوى الذي يريده، وهذا مسؤول آخر يصارح الحجاج بذم كرمان، ومن قوله يستشف السبب، وتحدس العلة، والنص كما يلي:
;قال الحجاج للغضبان القبعثري:
كيف تركت أرض كرمان؟
قال: ماؤها وشل، وسهلها جبل، ولصها بطل، وثمرها دقل؛ إن كثر الجيش بها جاعوا، وإن قلوا ضاعوا:(13).
لقد أحسن الغضبان وصف بلد احتوت على جميع ما يعتبره قائد الجيش، وحامي الجهة، عيبًا مقلقًا. فالماء القليل همٌّ يضغط بكلكله على صدر القائد، والماء دفق الحياة. والأرض الوعرة معيقة للحركة، وتحول دن المناورة، ودون تحرك الجيش حسب ما يعرف، وفي هَدْي ما تعود عليه في جزيرة العرب، فانفساح سهولها، وانبساط أرضها، والجبال أرض مثالية للعصاة، مقلقي السلطة الشرعية؛ والقضاء عليهم، ومطاردتهم يأخذان جهدًا لا يتماشى مع النتائج التي تأتي منهما، وبهذا يصبح اللص، المتسقط الغفلات بطلاً؛ لأنه يعمل عمله، ويلجأ إلى الجبل، ثم يعيد الكرة عندما يجد الفرصة، فتكرار إجرامه، وإخفاق السلطة في القبض عليه، تجعله في أعين الناس بطلاً، وتنسج حوله الخرافات، مما يرهب الناس، ويقلق السلطة. وعند التفكير في الغذاء والمؤونة، فإن ما تطرحه أشجارها من ثمر هو من أردأ الثمار، وأدناها نوعًا. فإن كثر الجيش ليكون كفيئًا ليتغلب على صعوبة الطبيعة لم يجدوا ما يكفي لقُوتِهم، أو بطفئ عطشهم، وفي هذا إضعاف للولاء، وتوانٍ في صدق الجهد، وإن روعي النقص في هذا فقلل عدد الجيش؛ فإنهم يصبحون قلة بين كثرة السكان، ولا يكون لهم القدرة على تغطية مواقع الواجب، فيختل الأداء، وتقل الهيبة، ويجرؤ أضعف الناس على عمل ما لا يقدر عليه إلا أقواهم في الحالات الطبيعية.
لقد أحسن ;الغضبان: ذم المكان، ولعله كان غضبانًا بحق، وله من اسمه فيما قال نصيب، وقد لا يكون بعض ما قاله مغضبًا للكرمانيين، بل لعلهم إن كانوا ناقصي الولاء، يفرحون ببعض ما قيل، أو به كله.
وقد وصف “الحجاج أصفهان” لعامله عليها، وقد يكون هذا ترغيبًا له فيها، أو أنها قيلت من أصفهاني على لسان “الحجاج” حتى تروج، وتنتشر بين الناس:
;قال “الحجاج” لعامله على أصبهان:
قد وليتك بلدة حجرها الكحل، وذبانها النحل، وحشيشها الزعفران:(14).
وذم الأعداء لمدينة ما قد لا يستغرب، أما أن يذم ابن المدينة أهلها؛ فهذا يوجب الالتفات، ويجلب النظر، ويقتضي التفكير والتدبر، وتلمس الأسباب والعلل لذلك؛ لأنه خلاف المعتاد، وخارج عن المألوف، مما يوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها، وهنا نص من هذا النوع، وهو بهذه الصفة عجيب، وهو كالآتي:
;قال يزيد بن هارون:
لا ينبل أحد من أهل واسط بواسط؛ لأنهم حماد.
وقيل: ولا أنت يا أبا خالد؟
فقال: ما عرفت حتى خرجت من واسط:(15).
قد يكون صادقًا، وقوله ينطبق على أناس بعينهم، مع أنه ليس من المستحيل أن تنتشر إحدى الرذائل في بعض البلدان كالبخل أو الحسد أو الخشونة، أو الجفوة، أو عدم حب الاجتماع، لأسباب اقتضتها البيئة، وانعكست آثارها على أهلها، أو لتربية شاعت بينهم، ومثلما تكون الرذائل تكون الفضائل، مثل: الكرم والنخوة والنجدة، ورقة المعاملة، وحب التجمع، وما إلى ذلك.
وقد يكون “يزيد بن هارون” قال ذلك ليحث قومه أن يحاذروا الحسد، إن كان قد لاحظ أن بعضهم يميل إليه، فكثيرًا ما تأتي التهمة سابقة للذنب، لتكون تحذيرًا منه، وإظهارًا لبشاعته وقبحه.
وما قد يكون قريبًا من التعليل أن هذا القول جاء من شخص حانق على واسط، ووصمهم بما وصمهم به، وجعل هذا على لسان “يزيد”، ابنهم وابن بلدتهم، حتى يكون القبول له أقرب، والانخداع به أسهل. ولا ندري ما رأي الحجاج في ثلب مدينته واسط!
ويأتي قول عام على لسان بدوي، يقرر حقيقة صادقة، ورأيًا صوابًا، ولكنه يحمل ضمنًا ذمًّا لبلاده، مما يوحي أن القول قد يكون مركبًا، وأنه أتي به لبريق الجمل، وسداد القول فيما قيل:
;قال “أبو العتاهية” لبدوي:
هل لك في أرض الريف والخصب، أرض العراق؟
فقال: لولا أن الله أرضى بعض العباد بشر البلاد، لما وسع خير البلاد جميع العباد:(16).
إن في هذا مدح جزل لأرض العراق، وهو مدح صادق، ولا مراء فيه، وأبو العتاهية جدير أن يقوله.
ويأتي أديب وصل إلى فكرة تجمعت له مع الزمن، فوضعها في قول ظن أنه يعبر تعبيرًا صادقًا عما يراه، فقسم المدح والذم كما يحلو له على البلدان، وكشف عن تحيزه فيما قاله، والقول يأتي في النص هكذا:
;اجتمع السرو، والنوك (الحمق)، والخصب، والوباء، والمال، والسلطان، والصحة، والفاقة، في البادية، فقالوا:
إن البادية لا تسعنا.
فقالوا: نتفرق في الآفاق.
فقال السرو: أنا منطلق إلى اليمن، فقال النوك: أنا معك.
وقال الخصب: أنا إلى الشام، فقال الوباء: أنا معك.
وقال المال: أنا إلى العراق، فقال السلطان: أنا معك.
وقالت الفاقة: مالي حراك، فقالت الصحة: أنا معك.
فبقيت الفاقة والصحة بالبادية:(17).
الغريب في الأمر أن هذه الأمور كانت كلها في البادية، ثم أن البادية على سعتها ضاقت بهم، مما أوجب أن يبحثوا عما هو أوسع منها، ويبدو أن الذي وضع هذا النص، وبناه هذا البناء عراقي، فالعراق هو الذي حاز الحسنيين المال والسلطان.
ونختم القول بهذا الحديث الذي يحتاج إلى أن يتأكد من صحته؛ لأن ما جاء فيه من نبوءة قد تكون انصبت على مدح مرو، وما لم يتأكد من سنده وقوته، فيبقى الأمر معلقًا. والحديث هو كالآتي:
;قال النبي صلى الله عليه وسلم لبريدة:
يا بريدة، إنه سيبعث بعدي بعوث، فإذا بُعِثتَ فكن في بعث أهل المشرق، ثم في بعث خراسان، ثم في بعض أرض يقال لها: مرو، فإذا أتيتها فانزل مدينتها؛ فإنه بناها ذو القرنين، وصلَّى فيها. غزيرة أنهارها، تجري بالبركة، في كل نقب منها ملك شاهر سيفه، يدفع عنها السوء إلى يوم القيامة. فقدمها بريدة، فمات بها:(18).
من الصعب الجزم بصحة هذا الحديث، وذلك يعود إلى أن مكة – شرفها الله – لم يقل عنها وعن حمايتها ما قيل في مرو، والكعبة من بناء إبراهيم – عليه السلام – وبناها بوحي من الله وإرشاد، وهي بواد مبارك. ثم إن مرو لم يتبين أنها محمية لكثرة ما مرَّ بها من جيوش آذتها، وأحد هذه الجيوش جيش التتار، والدول المتعاقبة المتطاحنة. والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، ولا يقول إلا الحق، وجهاد المسلمين، وفتوحاتهم ذهبت شرقًا وغربًا وشمالاً، ولا يتوقع أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً يخص جهةً دون جهة، وإلا لترك الناس كل اتجاه ليس في اتجاه خراسان، ومرو، ثم إنه – صلوات الله وسلامه عليه – كان يشير عادةً إلى المشرق بفارس دون تفصيل وإلى قوى الشمال بالروم.
هذه لمحة سريعة عن المدن وتنافسها، وما يقوم بينها من صراع على ألسنة سكانها وأهلها، ولم نأت إلا بالقليل من الأقوال، والقليل من المدن؛ ولكن هذه النماذج رسمت صورًا أوليةً لما أردنا أن نعرضه.
* * *
الهوامش:
سورة المؤمنون، الآية: 50.
سورة يوسف، الآية: 55.
سورة الزخرف، الآية: 51.
سورة البقرة، الآية: 61، معجم البلدان: 5/137.
معجم البلدان: 5/137.
معجم البلدان: 5/137.
الإشراف: 201.
ربيع الأبرار: 1/699.
معجم البلدان: 5/138.
ربيع الأبرار: 1/213.
ربيع الأبرار: 1/349.
ربيع الأبرار: 1/329.
ربيع الأبرار: 1/323.
ربيع الأبرار: 1/321.
تاريخ بغداد: 14/345.
ربيع الأبرار: 1/309.
ربيع الأبرار: 1/207.
عيون الأخبار: 1/314.
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، شعبان 1431 هـ = يوليو – أغسطس 2010م ، العدد : 8 ، السنة : 34