كلمة العدد
عند ما لَعَنَ الله عَزَّ وجلَّ الشيطانَ للأبد، لمخالفته الأمرَ الإلهي ، واعتراضه وانتقاده له – الأمرِ الإلهيّ – وتخطئته له ، صَارَحَه تعالى أنّه سيُضِلّ عبادَه بكل أسلوب يُتَاحُ له ، ويتوصّل إليه بعقله المُدَمِّر وفكره المعوجّ الزائغ . وفعلاً إنّه يمارس لإغواء الإنسان أساليبَ يحار فيها عقلُه – الإنسان – لأنّ الشيطان بقضاء من الله يبتكر كل لحظة من أساليب الإضلال ما يَدَعُه – الإنسانَ – حيرانَ يتعجّب منه ولا يكاد ينتهي عَجَبُه .
وكذلك أعداءُ الله من الإنسان الذين هم تلاميذ الشيطان الأوفياءُ البارّون ، الذين يتخرَّجون عليه – الشيطان – في الضلال والإضلال ، والفساد والإفساد ، والدمار والتدمير، لايحاربون الإسلام وأهلَه بأسلوب واحد ، وعلى جبهة واحـدة ، وبنوع من الأسلحة واحد ؛ وإنما يحاربونه وإيّاهم بعدد من الأساليب، وعلى جبهات كثيرة ، وبكلّ نوع من الأسلحة يُتَاحُ لهم : تقليديّ وغير تقليديّ، وقديم وحديث . وما داموا تلاميذَ الشياطين ، يَسْتَوْحُونَهم ، ويُنَفِّذُون إملاءاتِهم ، ويعملون بتوصياتهِم ؛ فإنهم يَأْتَسُونَ بأُسْوَتِهم في محاولـةٍ دائمة للقعود للمسلمين بصراط الله المستقيم ، وإتيانهم إيّاهم ، من بين أيديهم ، ومن خلفهم ، وعن أيمانهم ، وعن شمائلهم ، والحيلولة دونهم ودون شكرهم لله على نعمه الكثيرة عليهم ؛ بما فيها نعمةُ الإيمان به تعالى . وقد صَدَقَ تعالى إذ قال: “إِنَّ الشَّيْطـٰـنَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيْنًا” (الإسراء/53).
ومن هنا نرى تلاميذَ الشيطان المحاربين للإسلام يسلكون كلَّ طريق يُؤْذِي المسلمين جسديًّا ونفسيًّا ، ويُدَمِّرهم دينيًّا ودنيويًّا ، ويَضُرُّهم ماديًّا ومعنويًّا ، ويُفسدهم خلقيًّا وعقديًّا، ويستنزفهم فكريًّا وعقليًّا ، و يستنفدهم مُثُلِيًّا وقِيَمِيًّا، ويُفَلِّسهم ثقافيًّا وحضاريًّا، ويُعْدِمُهم تاريخيًّا واجتماعيًّا ، ويُفْقِدُهم كلَّ رصيد من الإنسانية ، ويُحَوِّلُهم مثلَهم – الأعداء – بهائم لا فرقَ بينهم وبينها إلاّ بصورة اللحم والدم .
وهو أسلوب مُطَّرِد من قبل الأعداء في محاربة الحق الأبلج : الإسلام الذي صمد دائمًا في وجه الباطل وأفاعيله وعواصفه التي جعلت كثيرًا من السذج الأغرار يظنون أن نوره، يكاد ينطفئ بهذه الرياح العاتية ؛ ولكنه لم يحدث إلاّ ما شاءه الله من إتمام نوره ، وإعلاء كلمته ، وإظهار دينه، ونصر رُسُله والذين آمنوا . وصدق تعالى : “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِيْنَ” (الروم/47) . ولكن ذلك يحتاج إلى صبر من المؤمنين لايَنْفَدُ .
والطرق التي يجرِّبها الأعداء اليوم ، تتفق وطرقَ الأعداء في الماضي ، وإنما تبدو بعضُ الطرق جديدة علينا من جرّاء تجدد الظروف وتغير الأيام والليالي ومُعْطَيَات العصر؛ فهي جديدة في الإطار، وليست جديدة في الشعار ، جديدة في نمطيّة التنفيذ ، وليست جديدة في المنطلق والمنهج .
فالأعداء – ولاسيّما الغرب الذي هو “أرشد” وأبرّ تلاميذ الشيطان على وجه الأرض اليوم ؛ بل ربّما يبدو كأنّه فاق في الشيطنة أستاذَه و”شيخَه” الشيطان، وربّما يبدو كأن الشيطان يتأسّف على أنّه بقي في مكانه وتلاميذُه الغربُ تَقَدَّمَ أشواطاً بعيدة – اليوم يُجَرِّبون معنا في الأغلب الطرق الآتية :
1- محاولة إيجاد إسلام أمريكي ، فرنسي، بريطاني ، ألماني ، … – وطنيًّا – صهيوني ، صليبي ، وثني ، علماني ، شيوعي ، اشتراكي ، إلحادي ، … – دينيًّا واتجاهيًّا – والدعوة إلى ذلك بقوة وإصرار يدعوان للاستغراب والتعجب. ويُطْلِقون على كل مُتَبَنٍّ له ألقابًا ونعوتًا جميلة : من أنه مسلم معتدل، مسلم طيب ، مسلم متفتح، مسلم متنوّر ، مسلم عصريّ يعرف متطلبات الساعة ، ومقتضيات العصر، وآداب الزمان ، ويَصْلُح أن يتناغم مع كلِّ بيئة ، وينسجم مع كلِّ من المستجدات .
2- محاولة زرع الثقافة الغربية في كل مجتمع – ولاسيّما المجتمع الإسلامي – : من الوقاحة، والإباحية ، والشذوذ الجنسي ، والزواج المثلي ، وإقامة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج الشرعيّ ، والسفور، والفجور، والأغاني الخليعة ، والتصرفات المدغدغة للغرائز الجنسية وإشباعها بكل طريق تقليديّ وحديث ، والحياة المتحررة عن كل قيد ، والخروج على القيم الإنسانية ، والطغيان على المُثُل الآدميّة ، وتبنّي البهيميّة في العادات والميول ، والاختيار والرفض، وهدم التصور الإسلاميّ للأسرة ، والتعامل مع الأبوين والجدين ، والحدتين والعجائز والشيوخ على أساس فكرة الانتفاع من الشي ثم نبذه في القمامة. وما إلى ذلك من مُعْطَيَات الثقافة الغربية ومُكْتَسَبات الحضارة الحديثة .
3- الوقوف بجانب كل مُتَسَمٍّ باسم إسلاميّ، محسوب على الإسلام ، يخرج على مبادئ الإسلام : من الكتّاب والمُؤّلِّفِين ، والقصّاصين والرِّوَائيين ، والمُمَثِّلين والفَنَّانين ، وعامة المتحررين المُتَغَرِّبين .
ولا يتوقّف الغرب لدى الوقوف بجانبه ، بل يتخذ حولَه كل ما يمكن من التأمينات والتحصينات ، ويُعْمِلُ كلَّ وسيلة لزيادته احترامًا وإكرامًا ، ويجعل الحفاظ عليه ، وإيواءه لديه ، ومنح الجنسيّة المدنيّة في بلاده ، ومخالفة ومحاربة كلّ من يتعرّض له بنوع من السوء ؛ بل ومجرّد الانتقاد ، قضيةَ وقاره الوطنيّ واعتباره القوميّ ، وقضية حقوق الإنسان، والحريّة البشريّة ، وما إلى ذلك من العناوين الجذّابة .
وذلك لأن انتقادات هذا الخارج على مبادئ الإسلام ، يُعْجِبُ الغربَ ، ويقضي حاجةً في نفسه ، ويُقِرّ عَيْنَيْه ، ويُثْلِج صدرَه ؛ حيثُ يعتبر انتقاداته طعنًا في الإسلام من قِبَل أحد “أبنائه” الذي يعرف “جميع مساويه” فيدل عليها “على بصيرة وهدى” ويكشف اللثامَ عنها للعالمين ليجتنبوا الوقوعَ في شَرَكِه!!.
4- يُحَبِّذ كلَّ “مسلم” مُتَسَمٍّ بالإسلام “يتحرّر” عن ربقة الإسلام ، ويعلن الخروجَ عليه، ويُشَنِّع على آدابه وحدوده وشرائعه : من الحجاب، والاحتشام ، والامتناع عن الاختلاط الحرام ، والتعليم المختلط ، والاجتماع المختلط بين الجنسين، في السوق والشارع ، والمُنْتَزَه والمكتب، والموقف والمحطة والمطار، والأمكنة العامة الأخرى الكثيرة .
5- ويُقَبِّحُ كلَّ مسلم مُلْتَزِم بالإسلام ، وبشعاراته وشاراته وشرائعة، من الصلاة والصيام، واللحية والزي الذي يتخذه العلماء والصالحون في الأغلب .
6- ويدعو على الأقل إلى تحجيم الحصص الدراسيّة للموادّ الدينية في المعاهد والجامعات الإسلامية في داخل العالمين الإسلاميّ والعربيّ ، ويشجِّع أن يُلْغَىٰ تدريسُ هذه الموادّ كليًّا ؛ إيمانًا منه أنّه يُخَرِّج جيلاً مسلمًا مُتَزَمِّتًا أصوليًّا متشددًا متطرفًا إرهابيًّا ، ناقمًا من جميع الدول والأمم غير الإسلامية ، والثقافات والحضارات غير الإسلامية.
7- وبالتالي فيشجِّع التعليمَ العصريَّ غيرَ الإسلاميّ ، لا رغبةً في النهوض بالمسلمين ماديًّا وعصريًّا ، وعلميًّا وتكنولوجيًّا ؛ وإنما رغبةً في الابتعاد بهم عن مسارهم الدينيّ ، وعن خطّهم الإسلاميّ ، حتى يعودوا جاهلين بأحكام دينهم، فيَسْهُلُ الانحرافُ بهم عن الإسلام ، واصطيادُهم من قِبَل غيره من الديانات الضالّة والدعوات الهدّامة.
8- بينما يفرض الحظرَ على كلّ جمعيّة إسلاميّة خيرية ، حتى في داخل العالمين الإسلامي والعربي ، باتهامه إيّاها بتمويل الإرهاب ؛ لأنّها تُدَعِّم المشاريع الإسلامية . وتدعيمُها لديه – الغرب – تدعيمٌ للإرهاب ، ومادامت إسلاميّة يقوم بإدارتها مسلمون ؛ فهي إرهابية بالفعل أو بالقوة ؛ لأن كلّ عمل عامّ يقوم به المسلمون يستشعر الغربُ المخافةَ من كونه إرهابيًّا أو مُؤَدِّيًا للإرهاب ؛ لأنّه – العمل العام الذي يقوم به المسلمون – في “أيدٍ غير مأمونة” ؛ لأنها هي الأيدي المسلمة !
بينما يفرض الحظرَ على ذلك ، يسمح للجمعيات الخيرية غير الإسلامية . المسيحية واليهودية والعلمانيّة لتعمل في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية في حريّة تامة ؛ حتى تتمكن – وفعلاً تتمكن – من التبشير بالمسيحية والدعوة لليهودية بكل حيلة ممكنة ؛ فكم من جمعيات مسيحية وغير مسيحية تعمل في كل من أفغانستان والعراق . وقد تَوَاتَرَ الأنباءُ الموثقة بتحرّكات الجمعيَّات والمنظمات الصهيونية في العراق بصفة خاصّة ، وعملها على تقتيل العلماء والمهندسين ، والأطباء والفنيين ، وعلماء الدين من السنة ، بغيةَ تفريغ العراق من النخبة المثقفة التي قد تتحرك فيما بعد انسحاب كابوس الاحتلال الأمريكي الصليبي الصهيوني من أجل النهوض به – العراق – نهضة ثقافيّةً شاملةً .
9- يُحَرِّضُ ويقوم بالإساءة الشديدة إلى كل من نبيّ الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، وكتابه وأحكامه وشريعته ، تستّرًا بمبدإ الحريّة : حريّة الرأي والتفكير . وكلما احتجّ المسلمون ضدّ ذلك وَصَفُوه بضيق الأفق والهمجيّة والبداوة وعدم تحمّل الرأي المخالف وعدم التحضّر وما إلى ذلك من نعوت سيئة . ولكي يستاؤوا بصفة أكثر وأشدّ، يعيدون الإساءة والسخريّة ؛ حتى يستنفدوا قواهم الفكرية وكثيرًا من أوقاتهم وأموالهم في أمور جانبية ، ويتشاغلوا بها عن شؤونهم المصيريّة الكثيرة .
10- يدعو إلى تحرير المرأة . وتحريرُها معناه عند الغرب : السفور والاختلاط والتمرّد على الرجال ، وعدم الطاعة للزوج ، ورفض تعدّد الزوجات للزوج ، والدعوة إلى مساواة الزوجة مع الرجل في كل من الإرث والشهادة ؛ بل تفضيلها على الرجال في كثير من المجالات ، ثم اجترارها تدريجيًّا إلى الزنا وممارسة العلاقة الجنسية مع غير زوجها، بحجة الحرية الشخصية المزعومة التي يجب – كما يزعم الغرب – أن تكون مصونة ومكفولة!.
فاذا رفض المجتمعُ الإسلاميُّ ذلك كله منطلقًا من مقتضى دينه ، سارع الغرب إلى وصفه بأنه يظلم المرأة حقَّها ، وأنه يسلبها حريتَها، وأن الحقوق الإنسانية لها غير مكفولة لديه ، وأنها تعاني اللاعدل وهضم الحقوق والحالةَ التي تدعو للرثاء .
وقد تواتراتِ الأبناءُ الموثقة بأنّ العراق – ومن قبل أفغانستان – جعلته أمريكا بتعاون من الدولة الصهيونيّة أرضًا خصبة للزنا والفاحشة وشرب الخمر والمخدرات بأنواعها ، وأرغمت الفتيات العراقيات خصوصًا والسيدات العراقيات عامّة على ممارسة الزنا والفاحشة وامتهانهنّ لذلك لكسب لقمة العيش ؛ لأنّ أمريكا المحتلة للعراق عسكريًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا اليوم قد أفقدتهنّ فرص لقمة العيش الحلال بأساليب كثيرة أعملتها خصِّيصًا لذلك ، لكي تعمّ الفاحشةُ في الذين آمنوا ، ولكي يفسد المجتمع العراقي المسلم الذي كان آمنًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا أيّامَ صدّام حسين على علاّته الكثيرة ؛ لأنّه كان قد طَوَّر العراق ونهض به تعليميًّا واقتصاديًّا ، ولم يتضايق العراقيّون اقتصاديًّا إلاّ بعدما فرضت أمريكا عليه الحصارَ الاقتصاديّ القاتل .
وقد علمت الدينا كلُّها اليومَ أن محاربة أمريكا للعراق بـحجج واهية كثيرة مختلقة إنما كانت لأهداف شاملة من بينها محاربة الثقافة الإسلاميّة العربيّة ، وتحويل العراق فقيرًا معدمًا، باحتلال نفطه والسيطرة عليه، ومحاربة كل شيء فيه يتّصل بالإسلام .
وإنّ ضميرَ العالمين الإسلامي والعربيّ يعي اليومَ كلَّ ما تصنعه أمريكا الصليبية المطعمة بالصهيونيّة مع العراق وأفغانستان وباكستان وجميع الدول الإسلاميّة ، من تدميرها الشامل إلى محاربة الإسلام فيها ثقافةً وحضارة ، وتاريخًا وإرثاً ، وتعليما ودراسة ، وإن هذا الوعيَ الذي لم يمت قط ولن يموت أبدًا كما تظنه أمريكا والصهيونية العالميّة والصليبية الحاقدة .. إنّه سيفعل فعلَه عندما يجد الفرصةَ . وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (آل عمران/140).
11- بـحجج واهية لاتستند إلى أساس يشنّ الغرب – وتقوده أمريكا – هجومًا عسكريًّا على الدول الإسلامية إحدى بعد الأخرى ؛ فلا يكتفي بتقتيل شعوبها المسلمة وإبادتها الجماعيّة، وإنما يزرعها بالويل والدمار ، ويغتصب نساءها، ويعتقل البقية الباقية من شبابها ، فيعذّبه في السجون السرّيّة وغير السريّة تعذيبًا تقشعر لهوله الجلود ، ولم يعرفه الإنسان في رحلته التأريخية الطويلة . والعذابُ يشمل كلاًّ من أساليب العقاب الجسدي والنفسي والعقدي . وما حديث “أبي غريب” و “غوانتانامو” وغيرهما من السجون والمعتقلات ببعيد ، فتعذيباتهما لاتزال حديث المجالس والنوادي . ولايزال المُطْلَقُو السراح من غوانتانامو يروون فظائع لايكاد الإنسان يسمعها حتى يُغْشَى عليه من تصوّر الهول؛ حيث يتناول الجنودُ الأمريكانُ المُوَكَّلُون بتعذيب المسجونين المسلمين المصاحفَ بالتبوّل والتمزيق ، ويشتمون الإسلامَ ، ويسبّون النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعند حلق لحى الشباب المسلم يقولون له : إنّه يلتذّ بحلقها التذاذاً لا يلتذه بأيّ شيء ، ويطلقون إليهم – الشبان المسلمين – بعضَ النساء العاريات المُدْمِنات للفاحشة ، لكي يُحَرِّضْنَهم على ممارسة الفواحش، ويُنْصَبون على رؤوسهم ، وتُضَاء الأنوار الباهرة ليلاً ونهارًا في زنزاناتهم حتى لايناموا ويتأذّوا كثيرًا ، وتُطْلَقُ عليهم الكلاب المروّضة المخيفة ، ويُرْغَمون على ممارسة الشذوذ الجنسيّ فيما بينهم ، كما يُمَارِس الجنودُ الأمريكانُ أنواعًا من الفواحش معهم ، وفي هذه الحالة تُلْتَقَطُ صورٌ لهم، ويَزِفّها الجنودُ الأمريكانُ إلى أصدقائهم في أمريكا لكي يُسَرُّوا “بشجاعتهم” على تعذيب المسلمين “الإرهابيين”!.
12- الكيل بمكيالين : كيل للمسلمين ، وكيل لغير المسلمين ولاسيما المسيحيين والصهاينة، وهذا الكيل المزدوج يتجلّى في كل من المجالات ، ولاسيما فيما يتعلق بإسرائيل والفلسطينيين ؛ فالدولة الصهيونية بآلاتها الحربيّة الجهنمية تبيد الفلسطينيين ؛ ولكنها بريئة ومظلومة وضحيّة في نظر الغرب وأمريكا بالذات . والفلسطينيون المُبَادُون المُعَذَّبون المُشَرَّدون قتلةٌ ظَلَمَةٌ إرهابيون ؛ لأنهم يقذفون إلى إسرائيليين بعضَ الطوب والحجارة اللذين لايملكون سواهما وليس بوسعهم غيرهما !!. والقضيّة الفلسطينيّة لاتزال معقدة لاتعرف حلاًّ بسبب واحد وهو ازدواجيّة المعايير الغربية .
13- صنعت أمريكا قصة تفجيرات 11/ سبتمبر 2001م ، لتستخذمها ذريعةً إلى التسارع إلى تنفيذ المخططات الرهيبة في العالمين العربي والإسلامي ، منطلقة من النظرية التي تؤمن بها وتتبعها . وهي أن الرعب هو خير الفصول لأن يساعد على أن تتّسع مكانةُ الدولة واقتصادُها ومساحةُ نفوذها . وقد تضطر الامبراطورية للكذب المكشوف واختلاق المخاطر والمخاوف على الأمن القومي لتتوسّع . (انظر كتاب فؤاد زكريا “من الثروة إلى القوة” الفصل الأوّل) .
وأكّدت مصادر عليمة عديدة أن التفجيرات كان من ورائها الصهاينة الذين خلّوا المبنى يوم الحادث قبل وقوعه؛ لأنهم كانوا على علم بذلك؛ حيث هم الذين نفّذوه . والدليلُ على ذلك كثير ومتنوع ، وأجلى الدلائل أن الدولة الصهيونية أمرت قواتها بعد ذلك فورًا بالقيام بمجزرة واسعة النطاق ضد الفلسطينيين ، وفي يوم التفجير، وفي الرياض يوم 12 مايو 2003م ، وسارعت في اليوم الثاني بمجزرة ، وعزّزتها في اليوم التالي.
14- وكلُّ شيء يفسد على المسلمين دينَهم، أو ثقافتَهم ، أوحضارتَهم ، أو يشوّه سمعتَهم ، أو يُقَبِّح تاريخَهم ، يسرّ الغربَ وأمريكا . وكلُّ شيء يسرّ المسلمين يؤذيهم ويجعلهم يتقلبون على أحرّ من الجمر. ولكي يفسدوا على المسلمين مقومات دينهم ومقدرات حياتهم يسلكون كلَّ سبيل يرونه ينفعهم. ولا يكتفون بالقول أو بالفعل ، وإنما يجمعون دائمًا بينهما؛ حتى تأتي الضربة قاصمةً وتأتي الرمية مميتةً.
وقد صدق ربّنا تعالى إذ قال في كتابه الخالد:
“وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنْكَ الْيَهُوْدُ ولاَ النَّصَارَىٰ حَتّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ” (البقرة/120) .
وهكذا الباطل دائمًا يظلّ في صراع مع الحق بصور شتى وأساليب كثيرة ، حتى ينتصر الحق انتصارًا نهائيًّا . والمطلوبُ من أتباعه أن لايُعَالَ صبرُهم ، ولايستسلموا وينهزموا؛ فإنّ النصر لقادم صور شتى وأساليب كثيرة اتر الأب. ألا وإن النصر مع الصبر ، فيما يرويه عبدُ الله بن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم .
نور عالم خليل الأميني
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، ربيع الأول 1431 هـ = فبراير – مارس 2010م ، العدد : 3 ، السنة : 34