إلى رحمة الله
هذه تراجم بعض الأعلام المتوفين الذين كَتَبْتُ عن بعضهم إثر وفاتهم مباشرةً، وتأخرتُ عن الكتابة عن بعضهم شهورًا لأعذار ملحة حالت بيني وبين هذا الواجب ، من مرض اشتدَّ بي أو عوائق اعترضت سبيلي إلى ذلك . جزاهم ربّهم عن كل عمل قاموا به نحو دينهم وأمتهم و وطنهم ، و وفّقنا لكل خير في وقته ، ولا فتننا بعدهم ولا حرمنا أجرهم .
(رئيس التحرير)
في نحو 76 من عمره انتقل الشاعر والداعية الإسلامي الأردني الأستاذ يوسف العظم رحمه الله إلى رحمة الله تعالى يوم الأحد 13/ رجب 1428هـ الموافق 29/ يوليو 2007م بعد ما عاش حياةً حافلة بخدمة الدين والعلم والأدب والشعر؛ فجزاه الله خيرًا عمّا قدّم لأمّته .
كان الأستاذ يوسف العظم شاعرًا ممتلئًا بالحياة والحماس، مدافعًا عن الإسلام بكل ما أوتي من المواهب العلميّة والأدبيّة والشعريّة والتربويّة ، يفشل خطط الأعداء ، ويلهب حماسة الشباب، وينير الطريق للدعاة والعاملين في سبيل خدمة الأمة والدين والدعوة والوطن. وكان وطنيًّا بكل معاني الكلمة أكثر من الوطنيين الأدعياء من العلمانيين والمتنكّرين لدور الدين في الحياة . وقد صدق الأستاذ سالم الفلاحات المراقب العامّ لجماعة الإخوان في الأردنّ ؛ إذ قال: الأردنّ فقد برحيل العظم شخصيّةً وطنيّةً ساهمت خلال العقود في بناء الوطن ، والعمل العامّ في مختلف الحقول التربويّة والسياسيّة والإعلاميّة والأدبية . (رسالة الإخوان، العدد 516، الجمعة 20/ رجب 1428هـ الموافق 3/8/2007م).
كان المرض قد اشتدّ على الفقيد رحمه الله منذ شهور ، ونُقِلَ إلى المستشفى التخصصي بمدينة “عَمَّان” قبل أسبوعين من وفاته ، ثم خرج من المستشفى ، ومنعه الطبيب من الوضوء منذ عدة أعوام قبل وفاته ، ثم عاد وأُذِنَ له بالوضوء يوم وفاته : الأحد 13/ رجب 1428هـ الموافق 29/ يوليو 2007م ؛ فتوضّأ وأحرم للصلاة ، فتوفّاه الله وهو يصلّي .
ولد في مدينة “معان” جنوبيّ الأردن عام 1350هـ/1931م وتلقّى فيها الدراسة حتى الثانويّة التي اجتازها عام 1367هـ/ 1948م ثم سافر إلى بغداد ودرس فيها سنتين في كلية الشريعة ، ثم انتقل إلى القاهرة؛ حيث نال شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة الأزهر عام 1372هـ / 1953م ، وحصل على دبلوم عال في التربية من معهد التربية للمعلمين في جامعة عين شمس عام 1373هـ م1954م. عمل الفقيدُ إلى جانب مهنته في التدريس رئيسًا لتحرير صحيفة “الكفاح الإسلامي” في “عَمَّان” خلال الفترة من 1375هـ/1956م إلى 1378هـ /1958. وانتُخِب عضوًا في مجلس النوّاب الأردني عن محافظة “معان” لثلاث دورات: الأولى عام 1383هـ/1963م والثانية عام 1387هـ/1967م والثالثة عام 1410هـ/ 1989م . وكان مُقَرِّرًا للجان عدة في مجلس النوّاب . ثم عُيِّن وزيرًا للتنمية الاجتماعيّة عام 1411هـ/1990م .
وأسّس الفقيد رحمه الله مع عدد من المربين والمثقفين سلسلة “مدارس الأقصى” بالأردنّ عام 1383هـ/1963م ، التي جاوز عددُها 15 مدرسة في مختلف محافظات المملكة، وعمل مديرًا عامًّا لها.
كما شارك في عشرات المؤتمرات والمواسم الثقافيّة في العالمين العربيّ والإسلاميّ، والمؤتمرات التي ظلّت تقيمها روابط الشباب المسلم في الدول الأجنبيّة . وشارك في عدد من اللقاءات والمؤتمرات المتخصصّة والعامّة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا .
وكتب في مُعْظَم الصحف الأردنيّة : الجزيرة ،والنسر، والأردنّ ، وعمان المساء والصباح ، والأفق الجديد ، والمنار ، والرأي، والدستور ،وصوت الشعب ، والسبيل . إلى جانب ما كتب في الصحف العربية العديدة في داخل الأردن وخارجها.
وفي مجال الإذاعة قدّم للإذاعة الأردنيّة أحاديث صباحيَّة وأسبوعيَّة فكريَّة وأدبيَّة ودينيَّة كثيرة . كما قدّم عددًا من التمثيليَّات ، التي عرضت الجانبَ المشرقَ من حياة المسلمين وتراث الإسلام العظيم . ومن أبرزها: “نور على الصحراء” و “الفاروق عمر” و “صلاح الدين الأيوبي” و”عبد الحميد بن باديس” و”ومضات نور”. وفي التلفزيون قدَّم كثيرًا من الأحاديث والندوات الفكريَّة والتربويَّة واللقاءات الأدبيَّة .
وكان العظم – رحمه الله – واحدًا من الشعراء الأردنيّين الذين أسهموا بالنهوض بالقصيدة من خلال ماقدّمه من أعمال شعريَّة مختلفة تعدَّدَت موضوعاتُها وأشكالُها. وقد كرّس العظم جلّ شعره حول القضية الفلسطينيّة وبـخاصّة القدس. رحمه الله رحمة الدعاة المجاهدين المثابرين في سبيل دينه وإعلاء كلمته . (المصدر المذكور سابقًا)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذو القعدة – ذوالحجة 1429هـ = نوفمبر–ديسمبر 2008م ، العـدد : 11-12 ، السنـة : 32