أنباء الجامعة
كلمة فضيلة الشيخ عامر بهجت حفظه الله
مدرس الفقه بالمسجد النبوي الشريف، ألقاها في جامع رشيد
التابع للجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند
لدى زيارته لها في 2/5/1438هـ الموافق 31/1/2017م
فرغ الشريط: الطالب: محمد أمجد الديوبندي
الطالب: محمدإبراهيم
راجعها و وضع اللمسة الأخيرة عليها
مساعد التحرير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيد ولد آدم سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإني أشهد الله وملائكته وحملة العرش أني أحبكم في الله، وأسأل الله – جل وعلا – أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، قولوا: آمين.
اللهم يا رب العالمين كما جمعتنا في هذا المسجد اجمعنا سرمدية أبدية في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا في جوار المصطفى –صلى الله عليه وسلم-.
أيها الإخوة الكرام: جئت من دارالمصطفى –صلى الله عليه وسلم- إلى هنا يحدو بي الشوق، يحدو بي المحبة في الله – سبحانه وتعالى – جئت ورأيت أقوامًا يعتزون بلا إله إلا الله محمد رسول الله، رأيت أقومًا يتمثلون قول الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حينما قال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العز في غيره أذلنا الله: رأيت ناسًا يعتزون بالإسلام ويرفعون راية الإسلام، شعارُهم لا إله إلا الله، وهتافهم إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْـمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلٰكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (الأنفال:62-٦٣).
الحمد لله على نعمة الأخوة في الدين، وهذا أصل من أصول الإيمان: الحب في الله والبغض في الله، الأخوة تكون لله، هو الذي عقد الأخوة بين المؤمنين، فقال: (إِنَّما المُؤْمِنُوْنَ إِخْوَةً) لا يفرق بينهم جنسية ولا عرق ولا بلد ولا حدود ولا أقطار ولا أمصار ما داموا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهم إخوة في الدين، عقد الأخوة بينهم ربُ العالمين فلا يحلها أحد كائنًا من كان.
ثم إني لما رأيت هذه الجموع المباركة أحببت أن أتحدث إليكم حول علم جليل. أنتم طلاب علم يفخر الإنسان أن يتحدث بين أيديكم، وأسأل الله – عز وجلّ – أن يلهمني الصواب في القول وفيما أتحدث فيه، أتحدث إليكم عن علم جليل عظيم هو من أجلّ العلوم الشرعية بعد تصحيح الاعتقاد والإيمان الصحيح، وكما قال الله وقال رسول الله على مراد الله ومراد رسول الله الذي فهمه صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم -، بعد ذلك يأتي تصحيح الجوارح بالعمل وما هو العلم الذي به تحقق أعمال الجوارح إذا كان علم العربية وعلم النحو هو العلم الذي يعصمك من الخطأ في اللسان.
إن علم الفقه هو العلم الذي يعصمك من الخطأ في التعبد لله الديان – سبحانه وتعالى – علم الفقه من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين فينبغي لطالب العلم؛ لا أقول لطالب العلم وإنما لكل مسلم ومسلمة أن يكون له اهتمام وافر وحظ كبير من علم الفقه حتى تصح عبادتـه ومعاملته وتعامله مع ربه ومع الناس، فاحرصوا على هذا العلم الجليل، هذه المسألة الأولى.
المسألة الثانية التي يحتاج إليها طالب العلم في هذا العلم أعنى علم الفقه هو أن نعرف أن هذا العلم هو علم تطبيقي حياتي وليس علم مجرد نظريات ومعلومات؛ فإنكم تدرسون وتُدرسون أن الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين أليس كذلك؟ إذًا هو علم يتعلق بأفعال الناس في حياتهم فمن المهم لطالب العلم إذا درس الفقه أن يعرف كيف يعيش بالفقه، ما يكون نهاية قصده وأقصى مراده أن يقرأ عبارات المتن ثم يفهم معانيها فإذا ذهب إلى الشارع وإذا ذهب إلى السوق وإذا ذهب إلى الحياة ما استطاع أن ينزل الذي درسه على الذي يعيش.
فلهذا ينبغي لطالب العلم وأيضًا هي رسالة إلى أسلافنا وعلمائنا ومعلمينا ومعلمي الناس الذين يدرسون الفقه أن يحرصوا في أثناء التدريس على هذين الأمرين: الأول، ما ذكرناه أولاً هو التعظيم والحب لهذا الفقه، قبل أن تدرس الفقه املأ قلبك بتعظيمه و بحبه وبالإقدام عليه، الأمر الثاني: للدارس والمدرس أن يجعل هذا الفقه مرتبطًا بالحياة التي يعيشها، في حياته وفي معيشته.
والوصية الثالثة تتعلق بالفقه وبغيره من العلوم هي الوصية بالحفظ، الحفظ من أهم أسس العلم؛ بل هو آيات بيّنات في صدور الذين أوتوا العلم؛ ولهذا قيل: إن العلم هو ما حواه الصدر لا ماحواه القمطر يعني الورق وهو أولى أسس العلم بالاهتمام. وهو أولاها بالاهتمام وهو طريق السلف الأعلام.
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالقعدة 1438 هـ = أغسطس 2017م ، العدد : 11 ، السنة : 41