محليات 

إعـداد :          الأخ م. أ. القاسمي

طالب بقسم الإفتاء بالجامعة

       ترتاح منظمة «آر إيس إيس» المتطرفة لحكومة الاتحاد التقدمي المشترك . والسبب الرئيس وراء ذلك – بالإضافة إلى أسباب أخرى – أنها تتمتع بالمساعدات المالية من قبل وزارةِ الشؤون القبلية التابعة لحكومة الاتحاد منذ ثلاثة أعوام بشكل مستمر، كما أن المنظمات الفرعية لـ«آر إيس إيس» التي تعمل تحت إشرافها تُعتَبر لدى الحكومة منظمات متطوعة غير رسمية ، ويتم صرفُ الصناديق المالية إليها من قبل الحكومة باسم تنمية التعليم والثقافة . وليُعلَم أن هذه المنظمات كانت تتمتع بالصناديق المالية في حكومة «إين دي إي» الهندوسية الماضية أيضًا، وكان يُنْتَظر أن هذه الموارد المالية تُجفَّف في حكومة «يوبي إي» الحالية التي يقودها حزب كونغرس؛ ولكن لم يكن ذلك ؛ بل هذه الحكومة ماضية كالسابق في تقديم المساعدات، ولايُوجد هناك مؤشر يدل أن الحكومة تريد اتخاذ أي خطوة في هذا الشأن ، كما أنه ليس هناك أي اقتراحٍ يُبَلْوِر أن الحكومةَ ستقوم بتقييم عمليات المنظمات وأهدافها .

       هذا ، والوزارةُ المركزية للشؤون القبلية تُسجل أسماء منظمات تتمتع بالصناديق المالية من الوزارة بدون مانع ، ويُذكر أن مثل هــذه المنظمات المسجّلة لدى الوزارة تبلغ عشر منظمات، إلى جانب منظمات أخرى أُسِّست خلال فترة الأعوام الثلاثة الماضية وسُجّلت في القائمة الإقليمية للوزارة، ومثل هذه المنظمات وغيرها هي الأخرى تستفيد من المعونات المالية . نعم قد خفضت الحكومة في صناديق بعض المنظمات كـ«سيوابهاني» بمدينة بهوفال ؛ ولكن ليس هناك اقتراحٌ في شأن تجفيف الموارد كليًا. الأمرُ الذي يَعني بالطبع أنها تظل تبقى وتُصرَف إليها . وبالعكس على ذلك قالت «آر إيس إيس» في تقريرها السنوي أن الحكومة صنّفت منظماتها ضمن مؤسسات تقدِّم لها المساعدات المالية وتوفر لها التسهيلات الأخرى .

       ومن الطريف أن الفئات المساهمة في حكومة الاتحاد – وبالأخص الجناح اليساري – ظلت تتناول الحكومة بالانتقاد في شأن تقديم المساعدات إلى «آر إيس إيس» ، وتطالب الحكومةَ بقطعها على الفور. وقد أصبحت القضية الآن موضوع الانتقاد لدى الشعب ، وما أمكن الاتصال في هذا الشأن بـ«آركينديا» وزير الشؤون القبلية لحد الآن ، حتى يُعلَم ردُ فعله بهذه المناسبة . ومن الواقع أيضًا أن الوزارة المركزية للشؤون القبلية بدأت تحقيق أربعة مشاريع مختلفة تَضُمّ هذه المنظمات أيضًا إلى جانبِ المؤسسات الأخرى هذا. وفي جانب آخر تدعى «آر إيس إيس» أن الوزارة مرتاحة إلى العمليات الحسنة التي تقوم بها هي والمنظمات التابعة لها ! .

*  *  *

زعيمان كبيران يحذّران الحكومة بشأن التحقيق الجاري في قضية الانفجارات المتتالية بـ«مومباي»

       شدّد السيد «بي في سينغ» رئيس الوزراء الأسبق والسيد شعيب إقبال نائب الرئيس الحالي لمجلس النواب بدهلي الاستنكارَ على الانفجارات التي وقعت بمدينة مومباي، وأكّدا على الحكومة أن تبادر في اتخاذ الخطوات العاجلة، ولا تدع الحادث يُستَغل ضد الانسجام الطائفي، وتفوِّت الفرصةَ علىالمشاغبين المتطرفين الذين يحرصون على إثارة العنف والإرهاب. قال رئيس الوزراء الأسبق في قصره الكائن بدهلي وهو يحاور الصحفيين : إن هناك عناصر تُحاول أن تعكِّر جو الأمن وتزرع الخوفَ والتوتّرَ الطائفي في البلاد، وطالب الحكومةَ والإدارةَ أن تنشط كليًا للقضاء على مثل هذه المحاولات في مهدها، كما أكد السيد شعيب إقبال أن أمثال هؤلاء المتطرفين الفاشيين وغيرهم الذين يثيرون العنف والإرهاب لايمثلون أي ديانة؛ فإن جميع ديانات العالم وعلى رأسها الإسلام تستنكر العنف والإرهاب بكل ما تُعطي الكلمة من معان، ولاتُجوِّز الظلم والعدوانَ على الأبرياء في حالٍ ما .

       وإلى جانب ذلك تناول الزعيمان السياسيان العمليات التي تمارسُها بعض العناصر العدائية في شأنِ ترويع الأقليات بمدينة مومباي بالانتقاد اللاذع، وأكّدا أن اتخاذ أي خطوة رادعة ضد المتهمين قبل أن تتوفر الأدلة على تورطهم في الانفجارت ، لاتُجدي في حق الانسجام الطائفي شيئًا ، ويحب على الحكومة أن تنتبه لمثل هذه المؤسسات والعناصر ودعايتها. كما أعربا عن مدى قلقهما إزاء إنشاء السياج الحديدي على ساحة المسجد البابري بهدف توفير التحصينات لهيكل معبد «راما» الذي اُتخِذ على طريق غير مشروع، ودعا الحكومة للنظر في القضية بكل جدية. قال السيد شعيب إقبال: إن الحاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير الأمن المشدّدة لا إلى إنشاء السياج، وإلى جانب ذلك أكدا الاستنكارَ على عدوان إسرائيلي ضد لبنان وفلسطين، ووصفاه بأنه عمل وحشي وبشع.

*  *  *

وفد من أعضاء البرلمان المسلمين يجتمع برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ويتحادث معهما في شأن الوضع المتأزم ضد المسلمين في البلاد

       توجَّه وفدٌ موقَّر لأعضاء البرلمان المسلمين إلى مكتب رئيس الوزراء الهندي مفعماً بعواطف تنبع من عيونهم ، وذلك في 27/ من يوليو 2006م . وإنها لأول فرصة بعد هدم المسجد البابري حضر فيها أعضاءُ البرلمان المسلمون مكتبَ رئيس الوزراء، حاملين همومَ الشعب المسلم الهندي وآلامَها وما يكنه من الغضب والسخط تجاه الحكومة، وإنهم أجروا المحادثةَ مع رئيس الوزراء، وأحاطوه علمًا بتفاصيل الأوضاع السائدة في البلاد وما تُقام فيها من مشاغبة حكومية ، وطالبوه بالحد الفوري من عمليات ترويع المسلمين في البلاد على امتدادها عمومًا وفي مدينة مومباي خصوصًا .

       وكان الوفد يتكون من كل من السادة أبي عاصم الأعظمي عضو حزب «سماج وادي» ، وشاهد الصديقي، وسليم الشيرواني، وشفيق الرحمن البرق، والشيخ السيد محمود المدني عضو حزب «راشتريه لوك دال»، وفرقان الأنصاري عضو «كونغرس»، وأنور تيمور، وأسعد الدين عضو «مجلس اتحاد المسلمين»، ومطيع الرحمن عضو «راشتريه جاناتا دال»، ومحمد طاهر عضو «بي إيس في». وقدّم الوفد مذكرِّة إلى رئيس الوزراء، وأكّد له بكل صراحة بأنهم لايبالون بتقديم كل تضحية لصيانة الأمة المسلمة وبقائها وفوق ذلك لصيانة البلاد، وأنهم ينددون بالعنف والإرهابية بجميع أشكالِها، ويستنكرون اغتيال الأبرياء، وإلى جانب ذلك إنهم لايرضون بحالٍ مّا بأن يُستَهدف المسلمون بالعنف بحجة الإرهابية.

       قال الوفد في مذكرته إلى رئيس الوزراء: إنه يلفت انتباهَ رئيس الوزراء إلى ثلاث قضايا تحمل خطورة وأهمية ، ويرجو أنه سيتخد إجراءات عاجلة في معالجتها :

       الأولى : إن أول قضية وأكثرها خطورة هي الأوضاع التي نشأت فورَ وقوع الانفجارات بمدينة مومباي في 11/ من يوليو 2006م. لاشك أن الانفجارات كانت عملاً إرهابيًا وإجراميًا يحارب الإنسانية ويُهدّد أمنّ البلاد، كما أنه كان مُضادًّا لعقائد الإسلام الأساسية أيضًا، فإنّ الإسلام يندّد بمثل هذه الإعمال، ويصف قتلَ نفسٍ بغير نفسٍ بقتل الإنسانية جمعاء، ومن ثم تناولها المسلمون بالانتقاد و التنديد الواسع من جميع نواحي البلاد.

       وعلى الرغم من ذلك كله فقد مارست الشرطةُ العصبيةَ كعادتها، وألقتْ القبضَ على عددٍ كبير من المسلمين الأبرياء وحدهم ، وألجأتهم إلى إن يقضوا اللياليَ في العَراء تحت السماء، ونقلتْهم بقساوة كما تُنْقَل البهائمُ، ثم نُشِرت صورُهم في الصحف تُعطي الانطباعَ كأنهم هم المجرمون الذين باشروا الجريمة، إلى جانب إهدار حقوقهم الإنسانية لدى التحقيق بشكل يستفزهم. فهذا الوفدُ يطالب رئيسَ الوزراء بالحد من مثل هذه العمليات التي تجرح قلوبَ المسلمين بشكل فوري وعاجل، وأن يُلجم المنظمات المتطرفة مثل منظمة آر إيس إيس الهندوسية و«بجرانغ دال» الهندوسية التي تقوم بها، وتعيث في الأرض فسادًا .

       الثانية: والقضية الثانية التي تشكِّل كل أهمية هي تلك التي تتعلق بالمسجد البابري ، فإن الحكومة المركزية حاولت للحصول على الإذن لإنشاء السياج الحديدي حول هيكل المعبد الهندوكي: «معبد راما» الذي اُتُّخِد على أنقاض المسجد؛ لتوفِّر التحصين للهيكل المبني على طريقٍ غير مشروع. فقد كانت الحكومة السالفة للكونغرس تضُمُّ عددًا من المستشارين المتعصبين الذين أدّتْ دسائسُهم إلىوقوع حادث «شيلانياس» (وضع حجر الأساس) عام 1989م وإلى هدم المسجد البابري عام 1992م . هؤلاء العناصر هي التي تؤيد الآن بكل قوة قضيةَ إقامة السياج الحديدي حول الهيكل غير المشروع . فالوفد يناشدكم بصفتكم رئيس وزراء أن تعيروا القضية اهتمامًا شخصيًا، وتفرضوا الحد الفوري على مثل هذه المحاولات .

       الثالثة : والقضية الثالثة تتعلق بالعدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تمارسه إسرائيل من خلال الهجومات المدمِّرة ضد لبنان وفلسطين، وتستهدف المواطنين في قساوة مستقبحة . فإن هذه العمليات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل بتحريض من أميريكا تخالِفُ جميعَ الحقوق الإنسانية ، وقد رفعت مئات من دول العالم أصواتها ضد هذه الإرهابية؛ فالوفد يطالب رئيس الوزراء أن يندّد بالجريمة باستدعاء سفيره الهندي في إسرائيل .

       نحن – أعضاءَ الوفد – نتأكد أن رئيس الوزراء يستجيب لمطالبنا التي تحمي الشعب والبلاد .

رئيس الوزراء يؤكِّد لأعضاء البرلمان

       ومن جانبه أكّد رئيس الوزراء لأعضاء البرلمان بعدم العداء ضد المسلمين، كما أكّدلهم بأنه يفاوض وزير الداخلية حول الموضوع . وليُعلَم أن رجال الشرطة يُعدّون قائمة بأسماء المسلمين والمسحيين إثر حصول الانفجارات في مدينة مومباي ، لـمّا تحدّث الأعضاء إلى رئيس الوزراء في هذا الشأن دُهِش وأبدى مدى قلقه إزاءه، وأكّد بأن الحكومة تمانع ذلك بشكل عاجلٍ . ومتحدثاً حولَ قضية أيودهيا (أي إنشاء السياج الحديدي) قال رئيس الوزراء: إن الحكومة تريد تحصين المكان الخاص (المعبد الهندوكي) فحسب، وأكّد بأن الحكومة لاتتخذ خطوةً حتى تتمتع بالثقة من قبل أعضاء البرلمان، كما أنه أكّد لأعضاء البرلمان بأنه لاتُحسِّن الحكومة علاقاتها مع إسرائيل. وقال: إن الحكومة ظلت وتظل تحمل نظرية حماية الفلسطين ، وإنها تقوم بكل خطوة تمكن ضد إسرائيل.

       وقبل الاجتماع برئيس الوزراء بيومين اجتمع أعضاء البرلمان لحزب «سماج وادي» بالسيد إي في جي عبد الكلام رئيس الجمهورية الهندي متمثلين في وفد، وقدّموا إليه مذكرة، وأحاطوه علمًا بالأوضاع السائدة في مدينة مومباي ، وطالبوه بإصدار مرسوم رئاسيّ إلى رئيس الوزراء و وزير الداخلية حتى يجعلا قضيةَ عدم تخويف المسلمين حتميًّا ، كما أكّدوا السيد الرئيس بأن رجال «شيوسينا» في مدينة مومباي يمارسون الضغط على المحامين من خلال الإنذارات ؛ حتى ينصاعوا لها ويمتنعوا عن الدفاع عن قضايا المسلمين ، وهذا كما يخالف الإنسانية يخالف قانون البلاد أيضًا ، فلابد للحدّ من ذلك. أكّد فخامة الرئيس للوفد بأنه سينظر في القضية، ويقوم بكل مايكون في صالح البلاد والشعب .

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . رمضان – شوال 1427هـ = أكتوبر – نوفمبر 2006م ، العـدد : 9-10 ، السنـة : 30.

Related Posts