إلي رحمة الله
ودّعت الأوساط الأدبيّة السعودية بغاية من الحـــزن والأسى الشاعر الأديب الكاتب الأستاذ عبد الله حمد القرعاوي الذي وافته المنية بعد الأمراض والتداعيات التي تفرزها الشيخوخة لدى كل مسنّ كسنة إلهية . وذلك يوم الجمعة 18/ محرم (بالتقويم السعودي) 1427هـ الموافق 17/ فبراير 2006م . وصُلِّيَ عليه عصرَ يوم السبت 19/1/1427هـ بجامع الراجحي بمدينة الرياض . فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
كان القرعاوي ابن عنيزة شاعرًا مقلاًّ مجيدًا ، وكاتبًا كبيرًا ، وأديبًا ذا أسلوب متميز ، وكان مثالاً للتواضع والحلم والكرم ، يُشَجِّع الشباب ، ويُطَمِّح الواعدين من الكتاب والشعراء ، ويأخذ بأيديهم ، حتى يتجرّأوا على سلوك الدرب ، ومواصلة الرحلة، وإكمال المشوار ، والتخرّج على المستوى المروم . ومن هنا ظل حبيبَ الشباب ، وزميلَ الكهول والمشايخ ، ومُفَدَّى لدى كل من عمل تحته في شتى المناصب والمواقع الهامّة التي قُلِّد إيّاها في وطنه العظيم : المملكة العربية السعودية .
عُرِفَ القرعاوي برحابة الصدر وسماحة النفس ، وجميل العطاء ، وصدق التعامل، والصدور في كل موقع من مواقع المسؤولية عن الشعور العميق بها ؛ فكان ثرَّ العطاء، نبيلَ الأداء . قد يكون الإنسان كبير العلم ، غزير المعرفة ، صقيل الموهبة، ناضج الأهلية ؛ ولكنه يظلّ كريهًا لدى الزملاء والمعاصرين وكلّ المشاركين له في مواقع العمل ومناصب النشاط ؛ لأن العلم وحده والأهلية بمفردها لايُكَوِّنَانِ إنسانًا سويًّا منشودًا يحبه الإنسان ويعجب به المجتمع ويؤثره الله بحبّه وجزائه . إن ذلك يتوقّف على توفيق الله واستقامة الدرب . فكان القرعاوي مُوَفَّقًا كل التوفيق في حياته كلّها ومناشطه جميعها . جزاه الله أوفى الجزاء .
وكان مثقفًا بالثقافة العالية عبّها داخل بلاده وخارجها . وشغل مناصب كبيرة معظمها لم تمتّ إلى ذوقه الشعري وقريحته الأدبية وموهبته الكتابيّة بصلة ؛ ولكنه ظل عبر مشواره كله مُفْعَمًا بذوقه الطبيعي والموهبة التي فُطِرَ عليها، والأهلية التي أُوْدِعَت طينتَه ؛ فظلّ يقول الشعرَ ، ويكتب الأدب، وينتج النثر الرفيع، ويُخَرِّج الكتاب ، ويُرَوِّض الأدباء .
ولعلّ شغله منصبَ مدير عام لمؤسسة اليمامة الصحفية كان أوّلَ – ولعله كان آخر – منصب يتجانس مع ذوقه الأدبي الكتابي الشعري ؛ ولكنه تولّى جميع المواقع العملية عن جدارة وأهلية ؛ حيث أكّدت إدارتُه لها أنه أُعِدَّ لها ، وكان أحقّ بها .
وصدر للقرعاوي كتب ودواوين تدلّ على عمق تفكيره في قضايا الحياة وتجاربه المختمرة في المجتمع ، إلى جانب سيرته الذاتية التي نشرتها مجلة المعرفة ، ثم طبعت كتابًا .
ضوء على مسيرة حياته :
- ولد الأستاذ الأديب الشاعر الكاتب عبد الله حمد القرعاوي بمدينة «عنيزة» عام 1352هـ (1933م).
- درس الابتدائية لمدة عامين في المدرسة السعودية بعنيزة عام 1358هـ (1939م) ثم أكمل بقية تعليمه الابتدائي في المدرسة السعودية الابتدائية بالمعلاة بمكة المكرمة عام 1360هـ (1941م).
- التحق بمدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة للدراسة المتوسطة ، فالثانوية ، وحصل على شهادتها عام 1370هـ (1950م).
- تلقى تعليمه الجامعي بمصر في الفترة من عام 1372هـ (1952م) ، وحتى عام 1379هـ (1959م) حيث التحق أولاً بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ، ثم تحوّل إلى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية ، وحصل على ليسانس الآداب من قسم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس .
- في عام 1380هـ (1960م) حضر دورةً لدراسة اللغة الألمانية في ألمانيا .
- في عام 1385هـ (1965م) ابتُعِثَ إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وقضى هناك حوالي سنتين ونصف لدراسة الماجستير في جامعة جنوب «كاليفورنيا» (لوس إنجلوس).
- في عام 1396هـ (1976م) حضر دورةً في الإدارة العامة في المعهد الملكي البريطاني للإدارة العامة بلندن وأكسفورد وكارديف .
- وأوّلُ وظيفة شغلها كانَت وظيفة (إدارة المؤتمرات الخارجية) بوكالة وزارة شؤون العمل التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1382هـ (1962م) ثـُمّ نُقِلَ بعد ذلك إلى إدارة (البحث والتوجيه والإرشاد) بالوكالة نفسها ، ثمّ كُلِّف للعمل مديرًا عامًّا مساعدًا لشؤون العمل .
- بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1387هـ (1967م) عيِّنَ في وظيفة مساعد مدير عام مركز التدريب المِهَني بالرّياض ثم تقلّد منصب مدير عام المركز بعد ذلك وحتى عام 1391هـ (1971م) .
- في عام 1391هـ (1971م) تمّ نقلُه ليعمل في وظيفة مدير عام الإدارة المساعد لجامعة الرياض (جامعة الملك السعود) وقد ظَلّ يعمل بها لمدة خمس سنوات ، ثم تمّ نقله إلى وزارة الصناعة والكهرباء ؛ حيثُ عمل مديرًا عامًا للإدارة بها اعتبارًا من عام 1396هـ (1976م).
- في عام 1399هـ (1979م) تم ترقيتُه إلى وظيفة وكيل الوزارة المساعد للشؤون المالية والإدارية بالمرتبه (14) وبعدها بعامٍ واحدٍ ، أي في عام 1400هـ (1980م) تمت ترقيته إلى وظيفة وكيل وزارة الصناعة والكهرباء للشؤون المالية والإدارية .
- عُيّنَ عُضوًا في مجلس الشورى بدورته الأولى بعد تكوينه الجديد .
انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة 18/1/1427هـ الموافق 17/ فبراير 2006م .
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية – رجب 1427هـ = يوليو – أغسطس 2006م ، العـدد : 6-7 ، السنـة : 30.