بقلم: الشيخ الجليل المحقق حبيب الرحمان العثماني الديوبندي (المتوفى: 1348هـ/ 1929م)

رئيس الجامعة الإسلامية: دارالعلوم، ديوبند، الأسبق

تعريب: الأستاذ محمد رضوان القاسمي(*)

         لماّ قدم الجارود بن المُعَلّى العبديّ الذي كان من أعيان أهل البحرين، على رسول الله -ﷺ- وتَفقَّه لديه، ردَّه إلى قومه عبد القيس، فكان فيهم يُعلِّمهم الإسلام. فلما مات النّبي -ﷺ- كان المنذر بن ساوَى العبديُّ مريضًا، وهو كان والي البحرين من قِبل كسرى فارس أوّلًا، ثمّ أسلم حين أرسل النبي –ﷺ– إليه العلاءَ بن الحضرمي يدعوه ومن معه بالبحرين إلى الإسلام -كما أسْلفنا- فمات المنذر بعد النّبي -ﷺ- بقليل. فلما مات المنـذر لم يأمن أهلُ البحرين من الردّة؛ لأنّ ريح الردّة المسْمومــــــــــةَ الّتي كانت تهبُّ في قبائل العرب قد أثَّرتْ فيهم أيضًا، فكانت فيهم قبيلتان عظيمتان: «بكر» و«عبد القيس»، فأمّا بكر: فتمّتْ على ردّتها، وقالوا: نردّ الملك في الْمُنْذِر بن النّعمان بن المنذر، وكان يُسمَّى الغَرور. وأمّا عبد القيس فإنّهم جمعهم الجارودُ بن المُعَلّى، وكان بلغه أنّهم قالوا: لو كان محمَّد نبيًّا لم يَمُتْ. فلما اجتمعوا إليه قال لهم: أتعلمون أنه كان لله أنبياء فيما مضى؟ قالوا: نعم. قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا. قال: فإنّ محمّدًا – ﷺ – قد مات كما ماتوا، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدًا رسول الله. فأسلموا وثبتوا على إسلامهم.

         قصّة عبد القيس هذه تدلّ على أنّ إزالة سُوء الفهم قد تكون سهلًا ميسورًا، وأمّا العصبيّة والتّمرد فلم تسهل معالجتُها بمجرّد اللّسان كما مرّ مثال ذلك.ثمّ حصر أصحابُ المنذر – بنو بكر- مَن كان بالبحرين من المسلمين في «جُوَاثَا»؛ فاشتدّ الحصر عليهم، فقال عبد الله بن حذف، وقد قتلهم الجوع:

         أَلَا أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا

                                                وَفِتْيَانَ الْمَدِينَةِ أَجْمَعِينَا

         فَهَلْ لَكُمُ إِلَى قَوْمٍ كِرَامٍ

                                                قُعُودٍ فِي جُوَاثَا مُحْصَرِينَا

         كَأَنَّ دِمَاءَهُمْ فِي كُلِّ فَجٍّ

                                                شُعَاعُ الشَّمْسِ يَغْشَى النَّاظِرِينَا

         تَوَكَّلْنَا عَلَى الرَّحْمَنِ إِنَّا

                                                وَجَدْنَا النَّصْرَ لِلْمُتَوَكِّلِينَا

         فاستنقذهم العلاء بن الحضرمي الذي كان قد بعثه أبو بكر على قتال أهل الردّة بالبحرين، فحدث هناك قصّةٌ عجيبة لتأييد المسلمين من الله – عزّوجلّ- وهي أن العلاء لما كان في الطّريق إلى البحرين، لحق به كثيرٌ من القبائل التي كانت قد ارتدّت، فسلك بهم «الدهناء»، حتى إذا كانوا في بُحْبُوْحَتِها نزل، وأمر النّاس بالنّزول في الليل، فنفرتْ إبلُهم بأحمالها، فما بقي عندهم بعيرٌ ولا زاد ولا ماء، فلحقهم من الغمّ ما لا يعلمه إلا الله، ووصّى بعضهم بعضًا، فدعاهم العلاء فاجتمعوا إليه، فقال: ما هذا الذي غلب عليكم من الغمّ؟ فقالوا: كيف نُلام ونحن إن بلغنا غدًا لم تُحْمَ الشّمسُ حتى نهلك؟! فقال: لن تُراعوا، أنتم المسلمون، وفي سبيل الله، وأنصار الله، فأبشروا، فوالله لن تُخْذَلوا. فلما صلّوا الصّبح دعا العلاءُ ودعوا معه، فلمع لهم الماءُ، فمشوا إليه وشربوا واغتسلوا. فما تعالى النّهارُ حتى أقبلت الإبل تُجْمَعُ من كلِّ وجه، فأناختْ إليهم فسقوها.

         وفي هذه القصّة أرى الله تعالى المسلمين معجزةَ نصرتِه السَّماوية؛ ليُنبِّئهم أنّه نَزَّل هذا الدينَ، وهو بدوره يحافِظ عليه، وأنّه ليس هناك شيء من الدّين يتوقّف على تدابيرهم ومساعيهم. أجل! إنّما يريد الله أن يُثيبهم بسَعْيهم وإخلاصهم. كما نبّأهم من خلالها أنّ نَصْرَه سيُحالفهم ما داموا مُخْلصين في خدمة الدّين. ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ‌ٱلَّذِينَ ‌ءَامَنُوٓاْ ‌إِن ‌تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾(محمد:7).

         وكان أبو هريرة – رضي الله عنهم – فيهم، فلما ساروا عن ذلك المكان، قال لمِنْجَاب بن راشد: كيف عِلْمُك بموضع الماء؟ قال: عارف به. فقال له: كن معي حتى تقيمني عليه. قال: فرجعت به إلى ذلك المكان، فلم نجد إلا غدير الماء، فقلت له: والله لولا الغدير لأخبرتك أنّ هذا هو المكان، وما رأيت بهذا المكان ماءً قبل اليوم، وإذا إداوةٌ مملوةٌ ماءً. فقال أبو هريرة: هذا والله المكان، ولهذا رجعت بك، وملأت إداوتي ثم وضعتها على شفير الغدير وقلت: إن كان مَنًّا من المنّ عرفتُه، وإن كان عينًا عرفتُه، فإذا مَنٌّ من المنّ، فحمد الله(1).

ردّةُ مالك بْنِ نُوَيْرَةَ، وإسلامُه:

         ومالك بن نُوَيْرة هو الآخركان ممّن تبع سَجَاحَ بنت الحارث التَّميميّة؛ غير أنّه منعها أن تَغْزو أبا بكر – رضي الله عنه -، فلمّا رجعتْ سَجَاحُ إلى الجزيرة في أخوالها من بين تغلب، وامتنعت عن دعوى النبوّة، ارْعَوَى مالك بن نُويرة، وندِم وتحيّر في أمره. وكذلك «وكيعٌ» و«سَمَاعَةُ» كانا من أتباعها، فلمّا عرفا قُبْحَ ما أتَيَا، راجعَا رجوعًا حسنًا ولم يتجبَّرا، وأخرجا الصّدقاتِ فاستقبلا بها خالدًا.

         وقال مالك بن نُويرة لقومه: يا بني يَرْبُوْعٍ! إنّا دُعينا إلى هذا الأمر -الإسلام- فأبطأْنا عنه فلم نُفلح، وقد نظرتُ فيه فرأيتُ الأمر يتأتّى لهم – المسلمين – بغير سياسة، وإذا الأمر لا يسوسه النّاس، فإيّاكم ومناوأةَ قومٍ صُنع لهم، فتفرّقوا وادْخلوا في هذا الأمر، فتفرّقوا على ذلك.

         فبينما هم كذلك، إذ جاءهم خالد– رضي الله عنه – فلما قدم خالد «البُطاح» بثَّ السّرايا، وأمرهم بداعية الإسلام، وأن يأتوه بكلّ من لم يُجِبْ، وإن امتنع أن يقتلوه، وكان قد أوصاهم أبو بكر– رضي الله عنه – أن يؤذِّنوا إذا نزلوا منزلًا، فإن أذَّن القوم فكُفُّوا عنهم، وإن لم يؤذِّنوا فاقْتُلوا وانْهبوا، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام، فسائلوهم عن الزكاة، فإن أقرّوا فاقْبلوا منهم، وإن أبَوا فقاتلوهم.

         فجاءته الخيل بمالك بن نُويرة في نفر من بني ثعلبة بن يربوع، فاختلفتْ السّرية فيهم، وكان فيهم أبو قتادة، فكان فيمن شهد أنّهم قد أذّنوا وأقاموا وصلّوا، فلما اختلفوا، أمر بهم فحُبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء، فأمر خالد مناديًا فنادى: «أدْفئوا أسْرَاكم»، وهي في لغة كنانة: «القتلُ»، فظنّ القوم أنه أراد القتل، ولم يُرِد إلا الدِّفَء، فقتلوهم، فقتل ضِرارُ بن الأزْور مالكَ بن نويرة، وسمع خالد الواعية، فخرج وقد فرغوا منهم، فقال: إذا أراد الله أمرًا أصابه.

         لا مجال للشكّ أنّ مالك بن نويرة – رضي الله عنه -كان قد أسلم؛ غير أنّه قُتل من أجل الخطإ في فهم قول خالد، فلذلك كان عمر – رضي الله عنه – غضب على خالد، فقال لأبي بكر: إنّ سيف خالد فيه رَهَقٌ، وأكثرَ عليه في ذلك. فقال: هِيه يا عمر! تأوَّلَ فأخطأ، فارفعْ لسانك عن خالد، فإنّي لا أشيم سيفًا سلَّه الله على الكافرين(2).

         هذه عدّة أحداث فيما يتعلّق بردّة بعض قبائل العرب ومصيرِ المرتدّين، ذكرناها بإيجاز، وقد كان هدفنا من بيانها أنّه عسى أن يقول أحدٌ من النّاقصين في العقل، أو الجاهلين المتمرّدين إذا قرأها: إنّ قبائل العرب لماذا ارتدّت عن الإسلام فورَ وفاته – ﷺ – إذا لم يُكرَهوا على اعتناقه؟ وقد أسلفنا أسباب الردّة على وجه الإجمال تحت عنوان «الردّة في قبائل العرب» والآن نريد أن نعيدها بشيء من التفصيل.

من أسباب الردّة:

         والسبب وراء ردّة العرب لا يعود إلى أنّهم أكرِهوا على اعتناق الإسلام، وبالتّالي عادوا إلى حالتهم الأولى فورَ تأتّي الفرصةِ، وإنّما الأسباب الأصليّة من وراء ذلك أنّ العرب لم تكن في فطرتهم مادّةُ الإطاعة والانقياد إلّا قليلًا، أضِفْ إلى ذلك أنّهم ظلّوا أحرارًا عبر قرونٍ ماضية من الزمان، وخائضين في الحروب الأهليّة، ممّا جعلهم مولَعين بالإمارة والحكومةِ لحدّ أنّ كلّ قبيلة منهم كانت تستقلّ بأميرها-وهو يكون بمثابة الملِكِ لهم-. وهذه الحرّية هي التي كانت دفعتْ الدّولةَ المُعْوِزَةَ مثل العرب أن تحارب الإمبراطور الأعظم مثل كسرى فارس، ولم يظفر بهم كسرى مع ما كان عليه من كثرة العَدد والعُدد. وحبُّ الجاه و الإمارة هو الذي منع كثيرًا من العرب أن يؤمنوا بالله ورسوله وهم يوقنون أنّه رسول صادق، كما أسلفنا قصة مسيلمة الكذّاب صاحب اليمامة الذي ارتدّ معه بنو حنيفة، وهي من أكبر القبائل في الجزيرة العربية؛ حيث تحتضن مئاتِ آلاف من المقاتلين المناضلين الشجعان، فأصاب مسيلمةَ جنونُ الإمارة والحكومة، وظنّ بسفاهته أنّه عسى أن يكون النبي – ﷺ– هوالآخر ممن يطلبون الإمارة، فحاول أن يصالحه على أنّ له نصف الأرض ولقريش نصفها؛ ولكنّ النّبي – ﷺ – لقد كان نصْبَ عينيه تبليغُ الدعوة الإسلامية، فردّ عليه في صراحةٍ قائلًا: «السّلام على من اتّبع الهدى، فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتّقين».

         وكان النّبي -ﷺ- قد جمع لـ«باذان»: عاملِ كسرى – الذي أسلفنا قصّةَ إسلامه مفصّلًا- حين أسلم وأسلم أهلُ اليمن عملَ اليمن جميعَه، وأمَّره على جميع مخالفيه، كما جعل معاذًا – رضي الله عنه – مراقبًا على جميع العمّال. والأسودُ العنسي الذي مرّ ذكره غير بعيد، لقد أصابه أيضًا جنونُ الإمارة، فادّعى النّبوة، وكان مُشَعْبِذًا يُرِي النّاس الأعَاجِيبَ، وجعلهم مولعين به؛ حتى استعدّ لمبارزة عُمَّال اليمن. والواقع أنّ كلًّا من مسيلمة الكذّاب والأسود العنسي لم يكن دخل في الإسلام بشكل أو بآخر، حيث إنّهما كانا قد ادعّيا النبوة في حياة النبي –ﷺ – نفسها.

         والمدينة المنوّرة هي الأخرى لم تكن قد خلتْ عن المنافقين كليّةً، فبقي بعض منهم وأفكارَهم، فكانوا يتصدّون دائمًا لإيذاء المسلمين والقضاءِ عليهم. وكذلك اليهودُ الذين ظلّوا أشدّ النّاس عداوةً للمسلمين لم يُقطَع دابرُهم من المدينة. وأمّا النّصرانيّة فكانت أصولُها منتشرةً في جزيرة العرب، و إنّها تتقوّى بالملك الأكبر: قيصر، فكانت أشدّ تأثيرًا ونفوذًا في العرب، حتى إنّ بعض قبائل العرب هي الأخرى كانت قد اعتنقت النّصرانيّة.

علماء اليهود، ونفسيّتُهم الخبيثة:

         لقد أسلفنا غير بعيد أنّ كثيرًا من قبائل العرب وإن كانت قد أسلمت عن رضًا منهم وطواعية؛ إلا أنّهم لم يذوقوا طعم الإيمان، ولم يطّلعوا على محاسنه وبركاته، وأولئك الذين لم يَسْعدوا بحضوره – ﷺ – ولم يتمتّعوا بفيض صحبته المباركة، وإنّما أسلموا وهم في مكان بعيد. وكذلك كانت هناك طائفةٌ قد تظاهرتْ باعتناق الإسلام لمصلحة من المصالح، ولم يسلموا في الواقع. ومن المعروف لدى الناس أنّه إن ارتدّ أحد عن دينه الذي اعتنقه ثم قدح فيه، يكون قوله أشدّ تاثيرًا فيمن ليس لهم علمٌ بالواقع، والأعداءُ لايزالون يستغلّون مثل هذه الفُرَص المتاحة لإضعاف المسلمين وإثارةِ الشكوك في أفكارهم. فهذه هي المؤامرة الكبرى التي قام بتدبيرها اليهود بعد أن ضاقت عليهم السّبل ضدّ المسلمين، ليشكّوا في دينهم، فقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمّد أوّلَ النّهار باللّسان دون الاعتقاد، واكفروا آخرَ النّهار، وقولوا: إنّا نظرنا في كتبنا وشاوَرْنا علماءنا، فوجدنا محمّدًا ليس بذاك، وظهر لنا كذبه وبطلان دينه، فإذا فعلتم ذلك، شكّ أصحابه في دينهم، فقالوا: إنّهم أهل الكتاب وهم أعلم به فيرجعون عن دينهم إلى دينكم(3). فقد نقل القرآن قولهم ذلك: ﴿وَقَالَت ‌طَّآئِفَةٞ ‌مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ (آلعمران:72).

         ومن الواضح البيّن أنّ العدوّ المحتال الماكر الذي يبدو كالصّديق، قد يفعل مكرُه في كثيرمن النّاس الأغرار، فيجعلهم يتردّدون في أمرهم. ولايخفى أنّ العرب كانت فيهم مادة العصبيّة القبليّة، فنجح الأعداء والمستشرفون للإمارة في تحقيق أغراضهم الفاسدة، وبالتّالي حدث نوع من العوائق في سبيل الإسلام الذي كان يتقدّم يومًا فيومًا، و أعداءُ الإسلام وإن كانوا قد ظهروا في حياة النبي – ﷺ –، ولكن في أعقاب وفاته عاد المسلمون يتعرّضون للفتنة بشكلٍ أشدّ من ذي قبل، ويخافون كثيرًا ما يرون من كثرةِ الأعداء وقلّةِ أنفسهم، ولكنّ الواقع أنّ الإسلام قد سبق أن أرسى دعائمَه، وتمكّن من مئات آلاف من القلوب؛ بحيث لم يعُدْ من الإمكان أن يتزلزلوا بشكل أو آخر، وكان وعد الله مفعولًا؛ حيث قال: ﴿ٱلۡيَوۡمَ ‌أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾(المائدة: 3). وصدق قولُه – ﷺ-: «إن الشّيطان قد يئس أن يُعبد بأرضكم هذه أبدًا». فجذورُ المخالفة والعداوة لم تكن تتعمّق؛ حتى شجّع أبو بكر – رضي الله عنه – المسلمين ونشّط عزيمتَهم صادرًا عن ثبات أعصابه وحسن تدبيره وتوكلّه على الله وإخلاصه؛ فزال ما يختلج في قلوب بعض الصّحابة من الوساوس والشّبهات.

موقف أبي بكرممن منع الزّكاة:

         كان يرى معظم الصّحابة – رضي الله عنهم – أنّنا لانقاتل من منع الزّكاة من قبائل العرب إذا قال: «لا إله إلا الله»، ولا نخوض الحربَ ضدّهم، وإنّما نستعين بالصّبر، ونعبد الله حتى يأتينا اليقين. و لاريب أنّ الصحابة – رضي الله عنهم – كانت كيفيّتهم القلبيّة كما ذكرنا، إذْ كانت قلوبهم مفعمةً بحبّ الله، وخاليةً من حبّ غيره وعداوته، ونقيّةً من الصّفات الذّميمة والأخلاق الرّذيلة بحذافيرها، فإنّهم يودّون في الواقع أن لا يشتغلوا بأمر آخر شغلَهم عن ذكر الله للحظةٍ من اللّحظات؛ ولكن في هذا الموقف العصيب لقد شاء الله عزوجلّ أن يُظهر فضيلةَ أبي بكر – رضي الله عنه -، فأدرك أبو بكر أنّه إن لم يدافع عن الإسلام في هذه السّاعة ومكث مكتوف اليدين، فسيكون ذلك مقدّمةً للقضاء على الإسلام والمسلمين. وكان من الواضح عقليًّا وواقعيًّا أنّ المسلمين لم يكونوا يستطيعون البتّة في زمن تلك الفتنة أن يُبقوا على شخصيّتهم وكيان الإسلام إذا لازموا الصّمت ووقفوا عاجزين مكتوفي الأيدي.

         فتدارك أبو بكر – رضي الله عنه – الفتنةَ ونهض لقتالهم، فقال: «والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة؛ فإنّ الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدّونها إلى رسول الله ﷺ، لقاتلتُهم على منعها»(4). فقد امتثل الصّحابةُ – رضي الله عنهم – أمرَ خليفتِهم المستحقِّ للتعظيم، في غاية من الأدب والاحترام، وقاموا بدحض الفتنة بنفس السّرعة التي انبثقتْ بها. وإلى هذه الفتنة وما قام به أبو بكر – رضي الله عنه – من التدابير ضدّها، قد أشار عبد الله بن مسعود قائلًا: «لقد قمنا بعد رسول الله -ﷺ- مقامًا كدْنا نهلك فيه، لولا أنّ الله منّ علينا بأبي بكر»(5).

         وفي ضوء ما قال أبو بكر وعمِلَ، نتوصّل بسهولةٍ إلى أنّ المداهنة في قضية من القضايا الدّينية تجعل الدّينَ يتزلزل بنيانُه، وأنّ الكفر بركن من الأركان الإسلامية بمنزلة الكفر بجميعها، و أنّ أمير المؤمنين إنّما يجب عليه أن يقاوم قومًا قد أجمع على ترك ركنٍ من أركان الإسلام معاقبةً لهم.

         بهذه الوقعة وأمثالها من الوقائع الأخرى التي حدثتْ على عهد خلافة أبي بكر – رضي الله عنه – من حينٍ لآخر، حصلت لنا فائدةٌ هامّة وهي أنّ الرحمة والرأفة لا تنافي الثباتَ في الرّأي والتصّلبَ في الدين، وأنّ الغلظة والشدّة في أمور الدين – التي نعبّر عنها بالتصّلب في الدّين – لا تضادّ شيئًا من الرحمة واللّين والتّواضع وإنكار الذّات وإدراك المصلحة؛ فمن الممكن أن يجتمع النوعان المتضادّان من الصفات في بشرٍ كامل على أكمل الوجوه، فها هو ذا أبو بكر – رضي الله عنه – الذي قال عنه النّبي -ﷺ – «أرحم أمّتي بأمتي أبو بكر»؛ ولكنّه رغم ذلك قد بلغ من شدّته وتصلّبه في أمور الدين أنّ الصحابة – رضي الله عنهم – ربما يجمعون على رأي، وهو يخالفه وحده؛ لأنّه كان يكره المداهنةَ في الدين أيًّا كان نوعها، ويرفض مصلحةً من المصالح الظّاهرة، كما يدلّ على ذلك ما يلي:

إنفاذ جيش أسامة بن زيد:

         لقد استعمل النّبي -ﷺ- أسامة بن زيد على جيش، وأمره بالتّوجه إلى الشّام، وكان قد ضرب البعث على أهل المدينة ومن حولها، وفيهم عمر بن الخطاب؛ فتوفّي النبي -ﷺ- ولم يَسْرِ الجيشُ، وارتدّت العرب إمّا عامّةً أو خاصّةً من كلّ قبيلة، وظهر النّفاق، واشْرَأبَّتْ اليهوديّة والنّصرانيّة، وبقي المسلمون كالغنم في اللّيلة المطيرة لِفَقْد نبيّهم، وقلّتهم وكثرة عدوّهم. فقال النّاس لأبي بكر: إنّ هؤلاء – يعنُون جيش أسامة – جندُ المسلمين، والعرب على ما ترى قد انتقضتْ بك، فلا ينبغي أن تفرّق جماعة المسلمين عنك. فقال أبو بكر: «والذي نفسي بيده لو ظننتُ أنّ السّباع تختطفني لأنفذتُ جيش أسامة، كما أمر النبي -ﷺ -». فخاطب الناسَ، وأمرهم بالتجهّز للغزو، وأن يخرج كلّ من هو من جيش أسامة إلى معسكره بـ«الجُرُفِ»، فخرجوا كما أمرهم، وجيَّش أبو بكر من بقي من تلك القبائل الّتي كانت لهم الهجرة في ديارهم، فصاروا مسالح حول قبائلهم، وهم قليل.

         فلما خرج الجيش إلى معسكرهم بالجرف وتكاملوا، أرسل أسامةُ عمرَ بن الخطاب، وكان معه في جيشه، إلى أبي بكر يستأذنه أن يرجع الناس، وقال: إنّ معي وجوه الناس وحدهم، ولا آمن على خليفة رسول الله، وحرمِ رسول الله والمسلمين أن يتخطفهم المشركون. وقال من مع أسامة من الأنصار لعمر بن الخطاب: إنّ أبا بكر خليفة رسول الله؛ فإن أبى إلا أن نمضي فأبلغْه عنّا، واطلب إليه أن يولّي أمرنا رجلًا أقدم سنًّا من أسامة.

         فخرج عمر بأمر أسامة إلى أبي بكر– رضي الله عنهم- فأخبره بما قال أسامة. فقال: «لو خطفتْني الكلاب والذّئاب، لأنفذتُه كما أمر به رسول الله – ﷺ – ولا أردّ قضاءً قضى به رسول الله -ﷺ- ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته». قال عمر: فإن الأنصار تطلب رجلًا أقدم سنًّا من أسامة، فوثب أبو بكر، وكان جالسًا، وأخذ بلحية عمر، وقال: «ثكِلَتْك أمُّك يا ابن الخطاب! استعمله رسول الله – ﷺ – وتأمرني أن أعزله؟» ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم وأشخصهم وشيَّعهم، وهو ماشٍ وأسامة راكبٌ، وأوصى أسامةَ أن يفعل ما أمر به رسول الله -ﷺ-. وكان إنفاذ ُجيش أسامة أعظمَ الأمورِ نفعًا للمسلمين، فإنّ العرب قالوا: «لو لم يكن بهم قوّة لما أرسلوا هذا الجيش»، فكفّوا عن كثير مما كانوا يريدون أن يفعلوه(6).

         وفي جانب آخر كان عمر – رضي الله عنه – الذي قال عنه رسول الله – ﷺ: «وأشدّهم في أمر الله عمر». فكان قد بلغ من شدّته وتصلّبه في أمور الدين أنّه لا يبرّر أمورًا تافهةً إذا كانت مضادّة للشريعة ولقوله –ﷺ–؛ حتى إنّه لم يمنعه مانعٌ من إقامة الحدّ على ابنه أيضًا. فلما توفّي أبو بكر أقامت عائشة – رضي الله عنها – عليه النّوح، فنهاهن عمر عن البكاء، فأبَيْنَ، فقال لهشام بن الوليد: «ادخلْ فأخرِج إليَّ ابنة أبي قحافة»، فأخرج إليه أمَّ فروة ابنة أبي قحافة، فعلاها بالدرّة ضرباتٍ، فتفرّق النّوح حين سمعن ذلك. وكذلك كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس عن شيء، تقدَّم إلى أهله، فقال: لا أعلمنّ أحدًا وقع في شيء ممّا نَهيتُ عنه؛ إلا أضعفتُ عليه العقوبة؛ ولكنّه رغم هذه الشدّة والصّلابة كان على غاية من التّرحم واللّين، كما يدلّ على ذلك القصّة التّالية:

         قال أسلم – وهو خادم عمر-: خرجت ليلةً مع عمر إلى «حرّة واقِم» حتى إذا كنّا بـ«صِرَار» إذا بنارٍ، فقال: يا أسلم ههنا ركبٌ قد قصّر بهم اللّيلُ، انطلقْ بنا إليهم، فأتيناهم؛ فإذا امرأةٌ معها صبيان لها، وقِدْرٌ منصوبة على النّار، وصبيانُها يتضاغَون، فقال عمر: السّلام عليكم يا أصحاب الضّوء، قالت: وعليك السلام. قال: أدْنو؟ قالت: اُدْنُ أو دَعْ. فدنا فقال: ما بالكم؟ قالت: قصَّر بنا اللّيلُ والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصّبية يتضاغون؟ قالت: من الجوع. فقال: وأيّ شيء على النار؟ قالت: ماءٌ أعلّلهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر. فبكى عمر، ورجع يُهَرْول إلى دار الدّقيق، فأخرج عِدْلًا من دقيق وجرابَ شحمٍ، وقال: يا أسلم احملْه على ظهري، فقلت: أنا أحمله عنك. فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة؟. فحمله على ظهره وانطلقنا إلى المرأة، فألقى عن ظهره وأخرج من الدّقيق في القدر، وألقى عليه من الشّحم، وجعل ينفخ تحت القدر، والدّخان يتخلّل لحيته ساعةً، ثم أنزلها عن النّار وقال: ايتيني بصحفة، فأتي بها، فغرفها ثم تركها بين يدي الصّبيان، وقال: كلوا، فأكلوا حتى شبِعوا – والمرأة تدعو له وهي لا تعرفه – فلم يزل عندهم حتى نام الصّغار، ثم أوصلهم بنفقة، وانصرف، ثم أقبل عليّ ، فقال: يا أسلم! الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم(7).

فتنة الردّة، وما تُكنّه من الحِكم والمصالح:

         لاشكّ أنّ ارتداد قبائل العرب عن الإسلام فجأةً، واشتعالَ نيران الفتنة في الجزيرة العربية، كان وقعةً مهيبةً للغاية فيما يبدو؛ حيث يختلج في قلوب أهل الظاهر وقِصار النّظر أنّ هذه القبائل لماذا ارتدّت عن الإسلام إذا لم يُكْرَهوا على الدّخول فيه؟ – فقد كتبنا الردّ على هذه الشّبهة بشكل مقنع، فللّه الحمد – وفي جانبٍ آخر كان الصحابة – رضي الله عنهم – قد قاموا مقامًا كادوا يهلكون فيه، ولكي تدرك مدى حالتهم الخطرة، اقرأ مرّةً ثانيةً ما يلي:

         «وارتدّت العرب إمّا عامّةً أو خاصّةً من كلّ قبيلة، وظهر النّفاق، واشْرَأبَّتْ اليهوديّة والنّصرانيّة، وبقي المسلمون كالغنم في اللّيلة المطيرة؛ لِفَقْد نبيّهم، وقلّتهم وكثرة عدوّهم».

         فقد تمّ القضاء على هذه الفتنة بنفس السرعة التي نشأتْ بها، بفضل عزم أبي بكر- رضي الله عنه – وثباته وبُعْد نظره، وبفضل نشاط الصحابة في أوانه، وجهدِهم في سبيل القضاء عليها. ولكنّها كما كانت مقلقةً مؤسفة للغاية؛ فإنّها تحمل كذلك في ثناياها كثيرًا من الحِكم و المصالح.

         فلا ريب أنّ المسلمين كان يتأتّى لهم أمرُهم بتأييد غيبيّ وبغير سياسةٍ منهم، ومن ثَمّ يُثْمِر كلّ ما يقومون به من التّدبير، وهذه حقيقةٌ كان قد أدركها حتى الجاهلون والأعراب الجفاة من العرب – الذين استعدّوا لمحاربة المسلمين مدفوعين بالحماسة العاجلة – وأخذوا يقولون: «لا نستطيع أن نقاوم قومًا يتأتّى لهم أمرهم بدون سياسية وبتأييد من الله»!

         فوقعةُ الردّة تُكنّ في طيّاتها – في الواقع – عونًا كبيرًا من الله وتأييدًا بالغًا، ويستطيع كلُّ من رزقه الله فهمًا ونظرًا عميقًا أن يدرك بأدنى تأمّلٍ أنّ الإسلام لم يكن يخصّ العرب دون غيرهم؛ وإنّما جاء ليصير دينًا للعالم بأسره، وكان على المسلمين أن يخرجوا من الجزيرة العربية إلى كل دولةٍ، و يبلّغوا أهلَها الدّعوةَ الإسلاميّة ويعرّفوهم بمحاسنها، فإذًا كان لابدّ أن يتأكدوا من أوضاعهم الدّاخلية أولًا، حتى يتقدّموا إلى الأمام بكلّ ما لديهم من قوّة، ويستخدموها إذا واجهوا معركةً من المعارك.

         والعرب وإن كان كثير منهم قد تظاهروا باعتناق الإسلام؛ لكنّهم لم يدخلوا فيه طرفةَ عين، وكانوا يتربّصون بالمسلمين الدّوائر. وكثير منهم وإن كانوا قد أسلموا عن اقتناع، ولكنّهم لم يذوقوا طعم الإيمان، ولم يتمتّعوا بفيض صحبته المباركة، فبقي فيهم حبُّ الجاه والإمارة، ولم ينسوا نشوة الحرّية والاستبداد، كما لم يتعوّدوا اتّباع الأحكام وقيودَ المحاصل الشرعيّة: من الخراج والعُشروغير ذلك، وأيضًا يتواجد فيهم المنافقون، و كذلك لم يُقطع دابرُ اليهود الذين كانوا أشدّ الناس عداوةً للمسلين. فإذًا كانت قبائل العرب تحتاج في ثورتهم و مخالفتهم إلى حيلةٍ من الحيَل، وكان لابدّ أن يَظْهر ما تُخفي صدورُهم من مادّة المخالفة والعداء، وحبِّ الجاه والإمارة، وطلبِ الحرّية والاستبداد. وهَبْ أنّه لو كانت هذه المادّة الفاسدة تختمر فيهم داخليًّا في مثل هذا الوضع المُنْهَار، لواجَهَ المسلمون مشاكل فيما إذا خرجوا من الجزيرة العربيّة وهم دُعاةٌ. وذلك كالآتي: أوّلًا: كان المسلمون أنفسهم في قلّة قليلة، فكيف تكون دعوتهم إلى الإسلام مؤثّرةً في غيرهم؟ وماذا بوسعهم أن يفعلوا إذا هجم عليهم العدوّ؟ ثانيًا: لو خرج المسلمون من أرض العرب، لظَهَر فيهم صراعٌ داخليّ توًّا، وظهر العدوّ على أميرهم وحاضرتِهم وعلى أنفسهم عامّةً أوخاصةً، وبالتّالي لم يبق بوسعهم في مثل هذا الموقف الرّهيب أن يفعلوا شيئًا، وإنّما عادوا محصورين بالأعداء على الصّعيدين: الداخليّ والخارجي، فكان عاقبة أمرهم الهلاك والفناء.

         فوقعة الردّة قد قمعتْ مثل هذه المخاوف والمخاطر المُحْدِقِة بالمسلمين كلّها، وأشبعتْ قبائلُ العرب هوىً في نفوسهم بمعاداة الإسلام، وتأكَّدوا حين خالطوا الصّحابة وشاهدوا أحوالهم بأم أعينهم أنّ دين الإسلام هو الحق، ولا يستطيع أحد أن يقاومه، ومن وقف في وجهه من الأعداء فقد قُطع دابرُهم جميعًا. فعصارة القول: أنّ الجزيرة العربيّة قد تخلّت عن الفتن بحذافيرها موجودةً كانت أوموهومةً. وعاد أولئك – الذين كانوا يعادون المسلمين ويعتبرون استئصالَهم من أهمّ واجباتهم – يهجرون أوطانَهم، ويسهمون في جيش الإسلام للدّفاع عنه ولتشجيع المسلمين، وقاموا من المآثر والمفاخر بما ملأ صفحاتِ التأريخ: فطليحة الأسدي وعمروبن معدي كرب وأمثالهما آلافٌ مؤلفة من أسماء الشُّجعان تجدها في صفحات التأريخ. فهؤلاء هم الذين كانوا قد ارتدّوا وحاربوا المسلمين، ثم عادوا إلى الإسلام من جديد، واشتغلوا بنشره في هدوء وطمأنينة؛ بحيث لم يواجهوا طيلةَ حياتهم وقعةً كريهةً فيما يتعلق بالصّراع الدّاخلي في الجزيرة العربيّة بأسرها.

         تلك حكمة الله البالغة في قصة الردّة، فمن يدركها بإمعان عاد لايشكّ فيها، ولا يتناولها بالانتقاد؛ بل سوف يفهم جيّدا أنّ وقوعها إنّما كان مصلحةً محضةً، وكان ممّا لابدّ منه لانتشار الإسلام في العالم.

*  *  *

الهوامش:

(1)    ملخصا من الكامل:2/141، ذكر ردّة أهل البحرين. تاريخ الطبري: 3/254، ذكر خبر أهل البحرين وردّة الحطم ومن تجمع معه بالبحرين.

(2)    الكامل: 2/136، ذكر مالك بن نويرة. تاريخ الطبري: 3/242، ذكر البطاح وخبره.

(3)    روح المعاني: 3/200، ضمن تفسير الآية: وقالت طائفة من أهل الكتاب الخ.

(4)    صحيح البخاري: ج 1/ص:187، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة.

(5)    الكامل: 2/130، ذكر أخبار الردة.

(6)    الكامل: 2/127، ذكر إنفاذ جيش أسامة بن زيد.

 (7)   البداية والنهاية: 7/136، خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد.


(*)      الأستاذ بالجامعة الإسلامية العربية بجامع أمروهة/الهند.

مجلة الداعي، المحرم-صفر 1444هـ = أغسطس-سبتمبر2022م، العدد: 1-2، السنة: 47

Related Posts