إشراقة
الصحبة الصالحة هي الأخرى سبيل النجاح؛ لأن الصالحين يُشَجِّعُون من يصحبهم على الخير، ويدلّهم على طريق التقدم والنجاح؛ لأنهم يَعُدُّون كلَّ فرد من البشر قريبًا لهم، عزيزًا عليهم، حبيبًا إليهم؛ فينصحون له، ويُشِيرُون عليه بما ينفعه في دينه ودنياه، ويَضْمَن له الخير والسعادة في العاجلة والآجلة. أما الفاسدون السيِّئون من الناس فهم يكونون على عكس ذلك حاسدين مُبْغِضِين لكلّ أحد في المجتمع البشري، فلا يجودون عليه بمشورة صالحة، وإنما يُشِيعُون بين الناس ما يزرع في قلوبهم اليأسَ ويُحْبِط إرادتَهم لتحقيق خير وإحراز تقدّم، فيكون مصيرهم الفشلَ والإخفاقَ.
«الصحبةُ» من المُؤَثِّرَات الأساسيّة في حياة الإنسان؛ لأنها تُشَكِّل عاملًا رئيسًا لتكوين الشخصيّة، وصياغتها في قَالَب حسن أو قبيح، وأحداثُ السن في مراحل الترعرع الجسمي والتكوّن العقلي يتعلمون من الصحبة ما لا يتعلمون من البيت والمدرسة؛ لأن الإنسان مجبول على محاكاة من يَصْحَبُه من الرفقاء والأصحاب، ولاسيما الأقران والأتراب، الذين يَتَشَاطَرُون السلوك والهِوَاياتِ، التي تتغلغل في أحشائهم في دورب الصبا، ومسالك الطفولة، ومدارج الحياة البريئة.
ومع نمو الوعي الحياتي والحسّ العقليّ يزداد تَأَثُّرُ المرء من الأصحاب والرفقاء، فإن كانوا أخيارًا نشرّبوا منهم الخيرَ، وإن كانوا أشــرارًا، تَسَرَّبَ إليهم شرُّهــم وسوؤهم؛ من هنا كان الآباء المُـرَبُّون في الماضي يَهْتَمُّون بإبعاد أولادهم عــن الصحبة السيِّئَة ومُجَالَسَة قُرَنَاء السوء، وكان اهتمامُهم بهذا الجانب فاعلًا جدًّا في الماضي؛ لأنهم كانوا يَتَمَتَّعُون بكامل السلطة في البيت، وكانت كلمتُهم مسموعةً من قِبَلِ أعضاء الأسرة كلِّهم؛ ولكن عنايتهم صارت مع الأيام غيرَ مُؤَثِّرَة مع انهيار سلطتهم، بانتصار الحضارة الغربيّة، التي عَمِلَت على تحويل بني آدم بهائم، فَاقِدَةً للتمييز بين الخير والشرّ، وعلى تهوين قيمة الكبار في عيون الصغار.
ولكن الحقيقة لا تتغيّر بتغيّر الأزمان، وفساد البيئة، وانتصار حضارة على أخرى. ومن الحقائق الثابتة أن «الصحبة» – صالحة كانت أو طالحة – تُؤَثِّر في الأصحاب والرِّفاق لا مَحَالَة، فمن سَعِدَ بالصحبة الصالحة فله الخير كلُّه، ومن شَقِيَ بالصحبة السيِّئَة فله نصيبُه منها لا مَحَالَة. والصحبةُ الصالحةُ نعمة من نِعَم الله الغالية، التي إنما يَتَفَضَّل بها تعالى على من يريد به خيرًا كثيرًا؛ من ثم أَكَّدَ العلماء على صحبة الأولياء والصالحين من عباد الله تعالى، لأن مُجَالِسِيهم يَتَخَرَّجُون في إخلاص النية، وخشية الله، والإنابة إليه، والاِطِّراح على عتبته، فيَسْهُلُ عليهم عبادةُ الله، والتقيّدُ بأوامره ونواهيه.
ولذلك دعا الإسلام إلى اختيار الصحبة الصالحة واجتناب الصحبة السيئة، ففي الحديث: «المرأُ على دين خليله؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكم من يُخَالِلُ» (أحمد:8028؛ وأبوداود: 4833؛ والترمذي: 2378).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله! متى الساعة؟. قال: وماذا أَعْدَدْتَ للساعة؟. قال: لا، إلّا أني أُحِبُّ اللهَ ورسولَه. قال: فإنك مع من أَحْبَبْتَ. قال أنس: فما فَرِحْنا بشيء بعد الإسلام، فَرَحَنا بقول البني –صلى الله عليه وسلم-: إنك مع من أَحْبَبْتَ. قال: فأنا أُحِبُّ رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- وأبابكر وعُمَرَ، وأنا أرجو أن أكون معهم، لحُبِّي إيّاهم، وإن كنتُ لا أَعْمَلُ بعَمَلهم» (أحمد:12993؛ و13924؛ وعبد بن حميد: 1296؛ ومسلم: 2639).
وقال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا﴾ (الفرقان: 27-29)
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – وسعيد بن المسيب – رحمه الله –: إن الظالم هاهنا يراد به عُقْبَةُ بن أبي مُعَيْط وخليله أُمَيَّةُ بن خَلَف. وذكرت بعضُ الروايات أن سبب نزول هذه الآيات هو أن عقبة بن أبي معيط كان يُكْثِر من مجالسة النبي –صلى الله عليه وسلم- فدعاه إلى ضيافته، فأبى النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يأكل من طعامه حتى يَنْطِق بالشهادتين، ففَعَلَ. وعلم بذلك أميةُ بن خلف – وكان صديقه – فعاقبه وقال له: صَبَأْتَ. فقال: لا، والله؛ ولكن أبى أن يأكل من طعامي وهو في بيتي، استحييتُ منه، فشهدتُ له. فقال لا أرضى منك إلّا أن تأتيه فتَطَأَ قفاه وتبزق في وجهه، فوجده ساجدًا في دارالندوة، ففَعَلَ ذلك. فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: لا ألقاك خارجَ مكة إلّا علوتُ رأسَك بالسيف. فأُسِرَ يوم بدر، فأمر عليًّا فقتله» (الدر المنثور للسيوطي: 6/249).
إن الصحبة السيئة هي التي ساقت عقبةَ بن أبي معيط إلى الشقاء الأبدى ودخول النار للأبد، كما أن صحبة السوء هي التي منعت أبا طالب من النطق بالشهادتين؛ فقد أراده النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يقول: «لا إله إلا الله، فقال –صلى الله عليه وسلم- له: يا عَمِّي! قل: لا إله إلّا الله: كلمة أحاج لك بها عند الله» (متفق عليه: البخاري:3884؛ ومسلم:24). فقال له أبو جهل: كيف ترغب عن ملة آبائك وأجدادك؟.
فالصحبة الصالحة تُؤَدِّي بالمرء إلى السعادة الأبدية، والصحبة السيئة تسوقه إلى الشقاء الأبدي، والخسارة الكبرى في الدنيا والآخرة؛ ومن ثم قال بعض العلماء؛ قُلْ: من تُعَاشِر أقل لك: من أنتَ.
وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحدّاد، لا يَعْدَمُك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكيرُ الحَدَّاد يُحْرِق بدنَك أو ثوبَك أو تجد منه ريحًا خبيثة» (البخاري:2101)
وقد قال العلماء: إن الصديق لكي يأتي على مواصفات «الصالح» ينبغي أن يَتَحَلَّىٰ بخمسة أوصاف: الوفاء والأمانة والصدق والبذل والإخاء؛ لأنها صفات جامعة مانعة، من يَتَّصِف بها يكن إنسانًا في أسمى معانيه وأنبلها، ولا يَفْسُدُ من يصاحبه ولا يَضِلُّ ولا يَشْقَىٰ بإذن الله في الدنيا أو الآخرة.
ففي الحديث: «المؤمن مرآة المؤمن» (أبوداود: 49180) وفي حديث آخر: «لا تُصَاحِبْ إلّا مؤمنًا ولا يَأْكُلْ طعامَك إلّا تقي» (أحمد: 11337؛ وأبوداود: 4832؛ والترمذي:2395). قال رجل لداود الطائي: أَوْصِنِي. قال: «اِصْحَبْ أهلَ التقوى؛ فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مَؤُونَةً، وأكثرهم لك مَعُونَةً».
أجل: إنهم يُعِينون كلَّ جالس إليهم ومُخَالِط لهم على كل خير، ويَدُلُّونه على ما يبني به الذات، ويَصْقُل به الصفات، ويَتَزَوَّدُ به من المُؤَهِّلَات، بما يؤدي به كلَّ عمل يُهِمُّــــه في الحياة على أحسن ما يُرام.
كنّا عند التحصيل العلميّ نجتاز المراحلَ الدراسيّة المتوسطة في مدرسة بمدينة «مئو» اسمها «دارالعلوم» وكان لنا زميلٌ في الدراسة، كان مثالًا لـ«الطالب المثالي» يحافظ على الأوقات، ويغتنم للدراسة كلَّ فرصة، ويجتهد فيها كل الاجتهاد، ويواظب على الصلوات، حتى على صلاة التهجد والنوافل، ويطيل القيام والقعود والسجود، وما رأيتُ طالبًا في حياتي يخضع ويتخشع في الصلوات مثله، ويؤديها مثله بكامل السكينة والوقار، وكأنها كلها آخر صلاة في حياته، وكان يُذَاكِر الطلاب الدروسَ بالتزام، وكان يُحَضِّرها مسبقًا كالأساتذة المكلفين بالتدريس، وكان يُحْيي مُعْظَمَ الليالي، وعندما يصحو وقت التهجد يبدأ بالجري بين المدرسة وبين مخفر الشرطة الذي كان على نحو كلومتر ونصف من المدرسة. وإلى ذلك كان بسيطًا في المأكل والملبس، متواضعًا جدًّا، باسم الوجه، ما عُهِدَ قطُّ العبوسُ على ملامحه، وكان كريمًا جوادًا، يُنْفِق على الطلاب، ويفي بحاجاتهم، ويقيم لهم من وقت لآخر مآدب فطور، أو غداء أو عشاء، ويُقَدِّم إليهم نقودًا ولاسيّما إلى الذين يراهم محتاجين إليها. ومن حسن الحظ كان من أسرة ثرية ذات أراض زراعية واسعة.
فكان يحاكيه كثيرٌ من الطلاب في سيرته العطرة، وسلوكه الجميل، ومنهجه في الحياة، وطريقته في الدراسة، وصلاحه العام، الذي أضفى على أنشطته كلها السعادة والنور؛ فكان أستاذًا مُرَبِّيًا في المجتمع الطلابي رغم أنه كان عضوًا فيه. وكان الطلاب يستفيدون منه أكثر من استفادتهم من الأساتذة، لسهولة المخالطة معه، والجلوس إليه، والاستئناس به، وارتفاع الحجاب النفسي بينهم وبينه، الذي كانوا يشعرون به بينهم وبين الأساتذة لحرمتهم و وقارهم.
وكان يَحْفَظُ مُعْظَم نصوص مُعْظَم الكتب الدراسيّة مع إجادته لفهمها وإساغة معانيها، فكان زملاؤه في الدراسة، يعرضون عليه أي مُعْضِلَة علمية في أيّ وقت، فيشرحها لهم دون تأجيل، لكونه مُسْتَحْضِرًا لجميع المشكلات الدراسيّة، فكان محبوبًا لدى الطلاب؛ لأنه كان على مستوى «الطالب المثالي» الذي يُعْجَب به الطلاب والأساتذة معًا.
إننا نحن الطلابَ ظلنا نغبطه دائمًا، وحاولنا أن نكون نسخةً منه في سيرته العامة، واجتهاده في الدراسة، وتقديره للأوقات، واغتنامه كل فرصة للاستفادة، إلى جانب صلاحه الذي انطبع به جميعُ مواقفه في الحياة. ولقد أَثَّرَ بشخصه في المجتمع الطلابي كله تأثيرًا لم يُؤَثِّرْه مُعْظَم الأساتذة في المدرسة، لحضوره الفعّال في داخل المجتمع الطلابي، ونفوذه الدائم فيه.
وعلى العكس من ذلك وجدنا كثيرًا من الطلاب توافدوا من المدارس الصغيرة في القرى النائية صغارًا أغرارًا أبرياء من «التلوّث الحضاريّ» لا يعرفون إلّا التَّوَفُّرَ على الدراسة، واغتنامَ الأوقات، والاهتمامَ بالواجبات التحصيليّة؛ ولكنّه ما إن مَضَتْ أيام احْتَكُّوا فيها بالطلاب بالمدارس الثانويّة العالية والجامعات في المدن، ولاسيّما بالذين تَعَوَّدُوا الإهمالَ وعدمَ الانصراف إلى الدراسة، وإضاعةَ الأوقات في الأشغال التي لاتعنيهم في الدين والدنيا، واعتقدوا بعدمِ إفادية التعليم، فانصبغوا بصبغتهم، وحَذَوْا حَذْوَهُمْ في الحياة، فصاروا مثلَهم في الإهمال والفساد واللَّاهَدْفِيَّة، وإضاعة ما يهمهم في الدين والدنيا، حتى عادوا مُقَصِّرِين في أداء الصلاة وغيرها من العبادات والأحكام، فضاعوا وجَنَوْا خسائر فادحة مادية ومعنوية، وعجزوا عن صناعة ذواتهم وتأهيلها لأداء دور يُذْكَر في الحياة.
فالصحبةُ من العوامل الأساسيّة في تكوين الشخصية وتحديد معالم الطريق، فإن كانت صالحة أَفَاضَتْ على المتصاحبين كلَّ خير وسعادة وربح، وإن كانت سَيِّئَة، فإنها تترك لا مَحَالَةَ آثارًا سيئةً للغاية على الأصحاب، وأَفْسَدَتْهُمْ وأَعْمَتْ عليهم الطريقَ القويمَ والمنهجَ السليمَ. قال الشاعر:
مَا ذَاقَتِ النَّفْسُ عَلَىٰ شَهْوَةٍ
أَلَذَّ مِـــنْ حُبِّ صَـدِيقٍ أَمِـينِ
مَنْ فَــاتَـــهُ وُدُّ أَخٍ صَـالِحٍ
فَذَٰلِكَ الْمَغْبُــــونُ حَقَّ يَقِينٍ
وقال الشاعر:
عَاشِرْ أَخَا الدِّينِ كَيْ تَحْظَىٰ بِصُحْبَتِهِ
فَالطَّبْعُ مُكْتَسَبٌ مِنْ كُلِّ مَصْحُـوبِ
كَالرِّيحِ آخِــذَةٌ مَـا تَــمُــــرُّ بِـــهِ
نَتْنًا مِنَ النَّتْنِ أَوْ طِيْــــــــبًا مِــنَ الطِّيبِ
وَلَا تَجْلِسْ إِلَىٰ أَهْـــلِ الدَّنَــايــــا
فَإِنَّ خَـلَائِقَ السُّفَهَاءِ تُعْـدِي
وقال الشاعر يُكَرِّهُ إلى القُرَّاء والمستمعين صحبة رجال السوء:
وَمَنْ يَكُنِ الغُرَابُ بِهِ دَلِيلًا
يَمُرُّ بِهِ على جِيفِ الْكِلَابِ
والصحبةُ الصالحة أَثْمَنُ مالٍ يَظْفَرُ به المرأُ في حياته، قال الشاعر، ونعم ما قال:
لَعَمْرُكَ مَا مَالُ الْفَتَىٰ بِذَخِــيرَةٍ
وَلٰكِنَّ إِخْوَانَ الثِّقَاتِ الذَّخَائِرُ
وصحبةُ رجل السوء كقيادة الأعمى للبصير، وقد أجاد الشاعر عندما قال:
أَعْمىً يَقُـودُ بَصِــيرًا لا أَبًا لَكُمُ
قَد ضَلَّ مَنْ كَانَتِ الْعُمْيانُ تَهْدِيهِ
قيل لابن السَّمَّاك (الزاهد القدوة، سيد الوُعَّاظ، أبو العباس محمد بن صبيح العجلي المعروف بـ«ابن السماك» المتوفى 183هـ): أَيُّ الإخوانِ أحقُّ ببقاء المودّة؟ فقال: «الوافر دينُه، الوافي عقلُه، الذي لا يَمَلُّكَ على القرب، ولا ينساك على البعد، إن دنوتَ منه أدناك، وإن بعدتَ عنه راعاك، وإن احتجتَ إليه رَفَدَك».
إن الرفيق الصالح تمتد بركةُ صحبته إلى ما بعد الموت، حيث يدعو لرفيقه بالمغفرة والرضوان، ويبكي على فراقه، ويتألم من ذكراه الحسنة التي عاشرها عندما كان حيًّا، ولا يكتفي بالدعاء له فحسب؛ بل يدعو لوالديه ولآبائه وأجداده ومعارفه ومحبيه. إني أعرف كثيرًا من الخُلَّان كانوا يُوَاظِبُون على الدعاء للأصدقاء الذين ماتوا وللذين هم أحياء أن يُمِيتَهم الله على الإيمان ويُدْخِلَهم الجنةَ ويرزقهم رفاقةَ النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ولاسيما أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم –.
أما رفقاء السوء، فإنهم لايقتصر شرهم على الإضلال والإفساد والشذوذ برفقائهم عن الأهداف النبيلة والأغراض السليمة، وإنما هم يمتدّ نَحْسُهم إلى ما بعد الموت، فلا يُوَفَّقُون للدعاء لرفقائهم، وإن دَعَوْا، لا يُسْتَجَاب لهم؛ لأن المعاصي التي أَدْمَنُوها، والموبقات التي أَمْضَوا فيها حياتهم تحول دون الاستجابة.
والمتحابَّان في الله، سيسعدون بظل الله يوم القيامة يوم لاظلّ إلّا ظله، ففي رواية مسلم:
«إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابّون بجلالي، اليومَ أُظِلُّهم في ظِلِّي يومَ لاظلَّ إلّا ظِلِّي» (مسلم: 2566)
أما رفقاء السوء فهم يتبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة ولايساعد بعضهم بعضًا بشيء، كما لم يساعد أحد منهم الآخر في الدنيا، إلّا بما يزيده شقاءً و وبالاً. قال تعالى:
«الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ» (الزخرف:٦٧).
وَفَّقَنا اللهُ وإِيَّاكم لاختيار الصحبة الصالحة، التي تنفعنا في الدنيا والآخرة.
(تحريرًا في الساعة 11:30 من ضحى يوم الخميس: 30/ربيع الآخر 1439هـ الموافق 18/يناير 2018م).
أبو أسامة نور
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رجب 1439 هـ = مارس – أبريل 2018م ، العدد : 7 ، السنة : 42