كلمة المحرر

       يتعرض المسلمو الروهنجيون على أيدي البوذيين البورميين والجيش البورمي لأبشع أنواع الاضطهاد والقتل والنهب والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي الذي تقشعر منه الجلود، وتبلغ القلوب الحناجر. وكل ذلك على مرأى ومسمع من العالم الإسلامي والمجتمع الدولي. وتقارير المنظمات الدولية تفيد بأن قوات الأمن في «بورما» قد ارتكبت أفظع أنواع عمليات القتل و الاغتصاب الجماعي ضد المسلمين الروهنجيين، باسم التغلب على المتمردين منهم، الأمر الذي وصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية.

       وسبق أن زار ممثلو بعض وسائل الإعلام العالمي المناطق المتضررة بالعمليات العشوائية التي يمارسها الجيش البورمي ضد المسلمين من غير هوادة، و رأوا بأم أعينهم ما يقوم به البوذيون من إحراق قرى الروهنجيين برمتها بين يدي قوات الأمن البورمي. وهروبًا مما يلقونه من قتل وتشريد و اضطهاد، لجأ ما لايقل عن خمس مئة ألف منهم إلى دولة فقيرة هي بنجلادش- التي فتحت معبرها مع «بورما» بعد ضغوط شديدة- والدول الأخرى. والقصص التي يحكيها هؤلاء اللاجئون – رجالًا ونساء و شيوخًا وأطفالًا- تكشف بجلاء عن المجزرة الرهيبة والمآسي التي واجهوها على أيدي المتطرفين البوذيين وقوات الأمن البورمي.

       وتحدثت منظمة حقوق الإنسان العالمية مع52 امرأة وبنتًا من الروهنجيين أفادت 29 منهن أنهن تعرضن للاغتصاب الجنسي الجماعي والوحشية على يد الجيش البورمي. وأشارت المنظمة إلى أن ممارسة هذه الأعمال البشعة خلال ثلاثة أشهر سابقة عادت – بالنسبة للجيش- أمرًا عاديًّا في إطار التطهير العرقي للمسلمين الروهنجيين. وطالبت المنظمة مجلس الأمن الدولي بفرض الحظر على شراء الجيش البورمي الأسلحة، وبضرورة محاكمة ضباط الجيش الضالعين في العنف الجنسي، وانتهاك حقوق الإنسان، واتخاذ إجراءات صارمة ضدهم. إنه التطرف الشنيع، وإنها العنصرية البغيضة و الحيوانية، والهمجية التي يندى لها جبين الإنسانية.

       رغم ذلك كله تنفي رئيسة الوزراء الحائزة على «جائز نوبل» العالمية هذه الاتهامات، وترى أن الجيش البورمي ينفذ عمليات مشروعة لمواجهة التمرد في هذه المنطقة من البلاد، ويصرّ الجيش البورمي– في محاولة لذر الرماد في عين المجتمع الدولي- على أنه لم يثبت ضلوع الجيش البورمي في انتهاكات حقوق الإنسان ضد المسلمين الروهنجيين، و برأ الجيش ساحته من هذه التهم الشنيعة الموجهة إليه، واعتبرتها مجرد اتهامات لاحظّ لها من الصحة والواقعية. وألح على أن المتمردين الروهنجيين هم الذين قاموا بأعمال الاضطهاد والقتل والنهب والإحراق، الأمر الذي حمل المسلمين الروهنجيين على الفرار من البلاد واللجوء إلى دول الجوار.

       ومزاعم الجيش البورمي وتصريحات رئيسة وزرائها «سوكي» يكذبها حقائق عن أرض الواقع كالشمس في رائعة النهار، وتشهد بتأكد الاتهامات الموجهة إليهما. وهو ما يصدق عليه المثل العربي الشهير: رمتني بدائها وانسلت. فلا حياء ولا خوف ولا إنسانية، فإلى الله المشتكى، وعليه التكلان.                        [التحرير]

( تحريرًا في الساعة الثانية ظهرًا يوم الأحد: 28/صفر 1439هـ = 18/نوفمبر 2017م )

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الأولى 1439 هـ = يناير – فبراير 2018م ، العدد : 5 ، السنة : 42

Related Posts