الفكر الإسلامي
بقلم: العلامة الشيخ شبير أحمد العثماني رحمه الله
(1305-1369هـ/1887-1949م)
تعريب: أبو عائض القاسمي المباركفوري
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥)
فائدة:
وحيث تقرر أن أهل الكتاب يعلمون استقبال الكعبة حقا، ويكتمونه حسدا وعنادًا، فلا ترجُ منهم موافقة قبلتك، وقد بلغوا من العصبية ما يمنعهم من اتباع قبلتك وإن أتيتهم بكل آية أمكن إتيانها. وإنما يهمهم أن يخضعوك لقبلتهم، وعليه كانوا يقولون لك: لو بقيت على قبلتنا لعلمنا أنك النبي الموعود، رجاء أن ترجع إلى قبلتهم. فهذا ظن باطل، وطمع لن يتحقق، فإنك لن تتبع قبلتهم، ولن يُنسخ استقبال الكعبة حتى تقوم الساعة. وقبل أن يرغبوا في إخضاعهم غيرهم لهم، عليهم أن يتفقوا على أمر القبلة؛ فإن اليهود يستقبلون صخرة بيت المقدس، والنصارى يستقبلون الجانب الشرقي من بيت المقدس، حيث نفخ الروح في عيسى عليه السلام، وحيث لم يتفقوا فيما بينهم، فمن السفه المحض أن يتوقعوا من المسلمين اتباع النقيضين.
فائدة:
أي بغض النظر عن هذه الأدلة لو سلمنا فرضا أنك تتبع قبلة أهل الكتاب على خلاف متابعة نزول الوحي والعلم اليقين، فإنك ستكون– على هذا الفرض المحال- من الظالمين، ويستحيل صدور هذا الأمر الشنيع من نبي من الأنبياء، فعلم أنه يستحيل منك متابعة قبلة أهل الكتاب؛ فإنه يعارض العلم كل المعارضة أي إنه مجرد جهل وضلال.
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧)
فائدة:
أي إن قلت: ليت أهل الكتاب يعترفون بأن الكعبة قبلة المسلمين، فلايسعوا في إثارة الشبه في قلوب الناس، ولايرتابوا في أنك النبي الموعود، فاعلم أن أهل الكتاب على علم تامٍ بنسبك وقبيلتك ومولدك وسكناك، و دلك وسمتك وصفاتك وأحوالك كلها، فهم على علم ويقين من أنك النبي الموعود، كما يميز المرء ابنه بين الأولاد الكثيرين، غير أن بعضهم يظهر ذلك ويكتمه بعضهم عن عمد وقصد، ولكن ما عسى أن ينفع كتمانهم؛ فإن الحق هو ماجاء من الله تعالى، سواء آمن به اليهود أم لم يؤمنوا، فلاتردد أصلا بمخالفتهم ومعارضتهم.
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨)
فائدة:
أي جعل الله تعالى لكل أمة قبلة تخصها، وتستقبلها في عبادتها أو المعنى أن لكل أمة من الأمم الإسلامية قبلةً في جهات مختلفة من جهات الكعبة، فمنهم في الشرق ومنهم في الغرب، فمن اللغو النزاعُ فيها، ومن العبث الإصرار على القبلة أو الجهة الخاصة بأمة من الأمم. نعم، بادروا إلى الخيرات المقصودة، و أعرضوا عن الخوض في هذا الأمر، فإن الله تعالى سيحشركم إلى المحشر في أي مكان أو على أي قبلة أو أي جهة من جهات الكعبة كنتم. وأما صلواتكم فكأنها إلى جهة واحدة، فمالكم تتنازعون في مثل هذا الأمر.
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩)وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠)
فائدة:
أعاد وكرر الأمربتحويل القبلة إما لأن عللها متعددة، فأعاد هذا الأمر ليبين كل علة من العلل. وعلم من قوله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة:114] أن الله تعالى فعل ذلك إرضاء لرسوله وتكريما له، وعلم من قوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أن سنة الله تعالى جرت بتحديد قبلة مناسبة لكل أمة ولكل رسول جاء بشريعة جديدة، وعلم من قوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ أن الحكمة في الحكم المذكور حسم إيراد الخصم أو يرجع هذا التكرير إلى أن القبلة – أولا- تستحق العناية والاهتمام، وثانيا أن أفهام السفهاء تأبى وقوع النسخ في الأحكام الشرعية، ثم إن تحويل القبلة أول نسخ وقع في الشريعة الإسلامية، فتأكيده بمؤكدات عدة ينصبّ في عين الحكمة والبلاغة، أو المراد بالآية الأولى تعميم الأحوال وبالثانية تعميم الأمكنة، وبالثالثة تعميم الأزمنة.
فائدة:
أي إنما أمَرَ باستقبال الكعبة؛ لأن التوراة جاء فيها أن قبلة إبراهيم هي الكعبة، وسيؤمر النبي الخاتم أيضا باستقبالها، فلو لم تؤمر – أيها النبي- بتحويل القبلة إلى الكعبة لطعن اليهود في ذلك، ولقال المشركون: إن قبلة إبراهيم كانت هي الكعبة، فكيف يعارض هذا النبيُ إبراهيمَ في أمر القبلة وهو يدعي أنه يتبع ملته –إبراهيم-؟ فاندحضت محاجة الفريقين، وأما الظالمون فلايمسكون عن بعض الطعن فمثلا تقول قريش: قد تبين له اليوم أن قبلتنا حق، فاختارها، وسيرضى بما نحن عليه من الأحكام يوما بعد يوم. وتقول اليهود: قد تبين له أن ما نحن عليه من القبلة حق، ورضي بها ثم تخلى عن رأيه حسدًا ولهوىً في نفسه، فلاتبالِ بطعون الظالمين أمثال هؤلاء، واتبع ما نأمرك به.
فائدة:
أي لم نجعل هذه القبلة لكم إلا لتتقوا طعن الأعداء، ولتستحقوا به نعمتنا وتكريمنا وبركاتنا وأنوار هدايتنا كل الاستحقاق.
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١)
فائدة:
أي إتمام النعمة وتكميل الهداية عليكم يشبه إتمام النعمة والهداية عليكم سابقا، حيث أرسلنا فيكم رسولا يعلمكم أحكام الله تعالى، ويطهركم من السيئات، أي يجعلكم كاملين علما وعملا.
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢)
فائدة:
أي حيث تكرر عليكم إتمام النعمة منى فعليكم أن تذكروني بألسنتكم وبقلوبكم وبتفكيركم، وأطيعوني، أذكركم أي ستتجدد عليكم النعم والعنايات، وأكثروا من شكر نعمنا عليكم، واتقوا كفرنا وعصياننا.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)
فائدة:
بما أن الذكر والشكر وترك الكفران تحيط بالطاعات والمنهيات كلها، ويصعب القيام بها فأرشدهم –تيسيرا عليهم- إلى الاستعانة بالصبر والصلاة؛ فإن المواظبة عليهما مما يسهل الأمور كلها.كما تشير هذه الآية أيضا إلى أن تحمل المشاق في الجهاد-مما يأتي ذكره لاحقا-على غاية من الصبر.
وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤)
فائدة:
أي الذين يضحون بنفوسهم في سبيل الله تعالى أحياءٌ في هذه الدنيا؛ ولكن لاتعلمون حياتهم وكيفيتها. وهذا كله من ثمار الصبر.
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)
فائدة:
بدأ بذكر الذين نالوا الدرجة القصوى من الصبر وهم الشهداء ثم قال: إنكم تُبتلون ببعض المشقات و المصائب حينا بعد حين بصفة عامة، ويُختَبَر صبركم.وليس الدخول في الصابرين من الأمر الهين الميسور، ولذا نبّه عليه مسبقا.
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)
فائدة:
أي الذين صبروا على هذه المصائب ولم يكفروا بالنعم، واتخذوا من هذه المصائب سببا إلى الذكر والشكر، بشِّرهم –أيها النبي- منا بالخير.
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)
فائدة:
قدم ذكر التحويل إلى الكعبة، وبيان فضلها على غيرها مما يستقبله الناس، ثم أتبعه التنويه بأنها محل أداء مناسك الحج والعمرة، وذلك ليتسنى تصديق قوله: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِيْ عَلَيْكُمْ﴾ وإتمامها بصورة كافية، أو نقول: ذكر أولا فضل الصبر ثم ذكر هنا أن الصفا والمروة من شعائر الله والسعي بينهما من لوازم الحج والعمرة، وليس ذلك إلا لأنه من فعل الصابرين أي آثار هاجر وابنها إسماعيل، و وردت هذه القصة في مصادر الحديث والتفسير والتاريخ منصوصة مشهورة .والنظر فيها يؤكد قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الصّٰبرِيْنَ﴾ [البقرة:153].
فائدة:
الصفا والمروة جبلان بمكة. وظل العرب يحجون منذ عهد إبراهيم عليه السلام، وكانوا يسعون بين هذين الجبلين في حجهم، و وضعوا في الجاهلية عليهما صنمين يعظمونهما، ويرون هذا السعي بينهما تعظيما لهما، ثم دخل الناس في الإسلام وتابوا من عبادة الأصنام، فقالوا: إن السعي بينهما كان تعظيما للصنمين، و حيث حرم تعظيم الأصنام فَلْيَحرمْ السعي بينهما. وخفي عليهم أن السعي بينهما إنما كان في الأصل للحج، ونصبُ الكفار عليهما الصنمين جهلٌ منهم، وقد أزيلا من مكانهما، وكان أنصار المدينة يكرهون السعي بينهما أيام كفرهم، فترددوا في السعي بينهما بعد الإسلام، وقالوا للرسول ﷺ: نكره السعي بينهما مسبقا، فنزلت الآية، ونبهت الفريقين على أنه لاضير ولا إثم في السعي بينهما، وهما في الأصل من شعائر الله تعالى، فيجب السعي بينهما.
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ (١٥٩)
فائدة:
أي المراد به اليهود الذين يكتمون ما في التوراة من تصديق النبي الخاتم، والأمر بتحويل القبلة ونحو ذلك، ويشمل هذا الحكم كل من كتم حكم الله تعالى لغرض دنيوي.
فائدة:
﴿اللَّـٰعِنُوْنَ﴾ هم الجن والإنس والملائكة؛ بل الحيوانات كلها؛ فإن القحط والوباء وأنواع المصائب حين تنتشر في العالم من جراء كتمانهم الحق فإنه يتأذى بها الحيوانات؛ بل الجمادت، فيلعنونهم جميعا.
إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)
فائدة:
أي رغم أن كتمانهم الحق أضل الناس، إلا أني أنزل عليهم الرحمة ولا ألعنهم حين تابوا من كتمان الحق وبينوه؛ لأني تواب رحيم.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١)
فائدة:
أي من كتم الحق أو ضل بسبب كتمان غيره الحق، ومات عليه، ولم يوفق للتوبة؛ فإنه ملعون وخالد في النار، و لاتقبل توبته بعد الموت، وعلى العكس من الفريق الأول المذكور الذي قطعت توبتُه اللعنةَ عنه، فإنه تاب في الحياة.
خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)
فائدة:
أي يستمر العذاب عليهم بصورة واحدة متصلة، لاتنقطع، بأن يخفف عنهم العذاب أو يرفع عنهم حينا من الأحيان.
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)
فائدة:
أي معبودكم الحق واحد، لايتطرق إليه التعدد، فمن عصاه لُعِن وهلك، ولوكان إله غيره لكان يرجى منه النفع، وليس ذلك كالسيد والملك والأستاذ والشيخ ممن يسع المرء استبداله بغيره، إذا لم يوافق رغبته. وإنما ذلك ألوهية فلايسع اتخاذ إله سواه، ولايرجى الخير من أحد سواه. ونزل قول الله تعالى: ﴿وَإِلَـٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ﴾، فقال الكفار عجبا: أنى يكون للعالم كله إله ورب واحد؟ وما الدليل عليه، فنزلت: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ﴾ الآية، وبين الله تعالى فيها آيات قدرته سبحانه.
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)
فائدة:
أي في خلق السماء الواسعة المرتفعة من غير عماد، وفي خلق الأرض الواسعة القوية، وبسطها على الماء، وتقليب الليل والنهار، وزيادتهما ونقصانهما، وفي جريان الفلك في البحر، ونزول الماء من السماء، وجعل الأرض مخضرة به، وفي الحيوانات كلها، وتناسلها ونشأتها، وتصريف الرياح من مختلف الجهات، وتعليق السحاب بين السماء والأرض، آيات ودلائل عظيمة وكثيرة على وحدانية الله تعالى وقدرته وحكمته ورحمته بذوي العقول والألباب.
فائدة:
قوله: ﴿لَا اِلهَ اِلا هُوَ﴾ تقرير لتوحيد الذات، وقوله: ﴿اَلرَّحْمٰنُ الرَّحِيْمُ﴾ تقرير لتوحيد الصفات، وقوله: ﴿إِنَّ ِفيْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ﴾ تقرير لتوحيد الأفعال، فاندفعت شبهُ المشركين كلها.
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الأول 1439 هـ = نوفمبر- ديسمبر2017م ، العدد : 3 ، السنة : 42