كلمة المحرر

       شهدت شتى مدن الهند الكبيرة بما فيها العاصمة «دهلي»، و«كالكوتا» و«بنغالور»، و«تشندي كره»، و «جي فور» و«مومباي» و«بتنه» وغيرها اجتماعات وتظاهرات جمعت مختلف شرائح المجتمع الهندي: الهندوس والمسلمين وغيرهم للتعريب عن استيائهم الشديد وقلقهم البالغ على تصاعد وتيرة أحداث العنف وقتل المسلمين والمنبوذين ومكونات الطبقات الاجتماعية الدنيا بصورة رهيبة على أيدي حشود الهندوس المتطرفين، مما يشكل ناقوس خطر لأمن البلاد ونسيجها الاجتماعي. وكان المتظاهرون يشيرون إلى أحدَث ظواهر القتل على أيد الحشود وهو ما تعرض له الشاب المسلم جنيد (15 عاما) على متن قطار في طريقه من دهلي العاصمة إلى بلده «بلبه كره» على بعد20/كيلو منها في 23/يونيو2017م، فقد تعرض أربعة شبان مسلمين لضرب مبرح على أيدي حشود من الركاب الهندوس حتى لفظ الشاب جنيد نفسه. وما قصة قتل بهلوخان، وقصة محمد أخلاق قبلها و آخرين من دونهما ببعيدة.

       والجدير بالذكر أن ظاهرة قتل المسلمين والأقليات على أيدي حشود هندوس متطرفين شهدت نموًا متزايدا بشكل مروع، وتفيد تقاريرصحفية بأن هذه الأحداث شهدت تناميًا ملفتًا للنظر منذ تولي حزب «بي جي بي» (B.J.P) الحكم في البلاد عام 2014م. و57% من ظاهرة القتل بتهمة حمل لحوم البقرة أو أكلها أو نقلها تخص المسلمين، وعدد القتلى من المسلمين في مثل هذه الأحداث يشكل 86%.

       ويشير تقارير (India spend) إلى أن عام 2017م شهد تصاعدًا ملحوظا في الأحداث الخاصة بالبقرة، فقد تم تسجيل (20) حالةً خاصة بحمل لحوم البقرة وأكلها وهو ما يشكل أكثر من ثلثى مثل هذه الأحداث في عام 2016م. ويعد عام 2016م أكثر عنفًا فيما يخص مثل هذه الأحداث التي شهدتها البلاد منذ عام 2010م . وتنوعت هذه الحالات إلى القتل ومحاولة القتل وترويع المسلمين والاعتداء الجنسي الجماعي، بالإضافة إلى ربط المتهمين بسلاسل من حديد والتجوال بهم وضربهم ضربًا مبرحًا حتى الموت على أيدي حشود هندوس متطرفين وحماة البقرة المزعومين. كما تم تعليق المتهمين على المشانق في حالتين من هذه الحالات.

       ويذكر أن أكثر الولايات الهندية تعرضًا لمثل هذه الأحداث الدموية الخاصة بلحوم البقرة – التي تشكل وصمة عار على جبين الهند وعلى جبين الإنسانية- ولايةُ أترابراديش؛ فقد تم تسجيل (10) حالات فيها ، ويليها ولاية «هاريانا» حيث تم تسجيل(9)حالات، ويليها ولاية «كوجرات»، و ولاية «كرناتكا» حيث تم تسجيل (6) حالات فيهما، ويليها ولايات «مادهيا براديش» و «دهلي» و«راجستهان» حيث تم فيها تسجيل (4) حالات.

       ويبقى السؤال الملح: هل ما شهدته الهند في الأيام الأخيرة من هجمات شرسة على المسلمين يقودها عناصر طائفية من الهندوس باسم حماية البقرة هو وليد لحظة انفعالية أو موقف عارض وسحابة صيف مرت، أو يشكل جزءًا من مخطط مدروس محكم لترويع المسلمين وتضييق الخناق عليهم. و وتيرةُ الأحداث ترجح الاحتمال الأخير. وهذه الأحداث الدموية – التي تشع عن تلاعب جماعة من المتطرفين بقانون الدولة ضاربةً عرض الحائط بالمروءة والخلق الإنساني- تدعو القيادات السياسية العليا في البلاد إلى دراسة أسبابها، واتخاذ الإجراءات اللازمة الفورية لكبح جماحها.                             [التحرير]

(تحريرًا في الساعة الثانية من ظهر يوم الخميس: 11/شوال 1438هـ = 7/يوليو2017م)

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالحجة 1438 هـ = أغسطس- سبتمبر 2017م ، العدد : 12 ، السنة : 41

Related Posts