كلمة المحرر

          رغم تولي «دونالد ترامب» منصبَه كالرئيس الخامس والأربعين للولايات الأميريكية المتحدة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية يتعرضُ- ترامب- لمعارضاتٍ واحتجاجاتٍ وغضبٍ شعبي عنيفٍ بصورة لاتقف عند حد؛ فقد وصل الأمر إلى إحراق السيارات وأعمال التخريب في شوارع العاصمة «واشنطن»، وكل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الظاهرة لاتشكل مجردَ عواطف عابرة، وإنما تترجم – في الواقع- فكرتَهم وشعورَهم ومخاوفهم تجاه مستقبل بلادهم، مما لايكاد يرفضه أحد. ولا إخَال أن هذه الاحتجاجات والمعارضات الشعبية تلقي بظلالها على رئاسته وحكومته أو تغيّر من فكرته ونواياه، إلا أنها رسالة واضحة للعالم كله أن عددًا كبيرًا من الشعب الأميريكي لا يرضاه رئيسًا لبلادهم، ولايقتصر الأمر على الشعب الأميريكي فإن عددًا من الدول العالمية – كما يبدو- لم يقبل فوز ترامب بالرئاسة ودخوله إلى البيت الأبيض من صميم قلبه، وإن كان مدفوعًا إلى قبوله رئيسًا منتخبًا لإمبراطورية جمهورية رغم مخالفته العنيفة لآراء «ترامب» وأفكاره ونواياه. و كل ذلك جاء من جراء التصريحات التي أدلاها «ترامب» قبلَ وبعدَ فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميريكية، ونشير بإيجاز شديد إلى تصريحين يختص أحدهما بالمسلمين والآخر بالهنود بصفةٍ عامةٍ. فقد صرح «ترامب» في مسيراته الانتخابية أنه سوف يفرض الحظر على دخول المسلمين إلى أميريكا فيما إذا نجح في الانتخابات، وفعلاً أصدر أمره – بصفته رئيسًا للولايات المتحدة الأميريكية – بفرض الحظر على دخول شعب سبع دول ذات أغلبية إسلامية إليها، وأثار قراره هذا ذعرًا ومخاوف عنيفة في العالم كله، وقُوبل بالرفض من المحاكم الأميريكية فضلاً عن عدة دول غربية. ولا شك أن هذه الفكرة تربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين بصورةٍ صريحةٍ مباشرةٍ.

       والتصريح الثاني- الذي قد يصيب  الهندَ وأهلها بصدمةٍ لايحتملونها، وخاصةً فئة من إخواننا الهندوس الذين كانوا يكادون يطيرون فرحًا بتصريحات «ترامب» ضد المسلمين- يتمثل في قوله: إنه يعطي الحفاظ على مصالح الشعب الأميريكي الأولويةَ في المشروع الاقتصادي، ويوفر له فرص العمل ويركز على فرض الحظر على استقدام الموارد البشرية من الدول الأخرى، ولا شك أن ذلك يترك انعكاسًا سلبيًا على الهنود العاملين في مجالات(I T) والرعاية الصحية، ويشكل تهديدًا لوظائف العاملين في الشركات الأميريكية في الهند، في حين ظلت أميريكا بطلاً ومناصرًا (Champion) للتجارة الحرة والمعادلة الاقتصادية. وستبدي الشهور القليلة القادمة مدى نجاح  «ترامب» في تحويل أفكاره ورؤاه فيما قبل تولي الرئاسة إلى سياسةٍ ملحوظةٍ متبعةٍ في بلاده، وكذلك مدى إمكانية تقبلها وتنفيذها على أرض الواقع، إلا أن المخاوف قائمةٌ من أن فكرته هذه قد تجرّ ويلاتٍ ومشاكلَ لا على المسلمين والهنود فحسب؛ وإنما على الولايات الأميريكية المتحدة نفسها وعلى العالم كله نظرًا إلى شخصيته الهشة وكيانه المهزوز.                                                      [التحرير]

(تحريرًا في الساعة السابعة من صباح يوم الجمعة: 19/جمادى الأولى 1438هـ = 17/فبراير 2017م )

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رجب  1438 هـ = أبريل 2017م ، العدد : 7 ، السنة : 41

Related Posts