إشراقة

          فقدانُ النعمة يُغْلِيها، والتمتّعُ بها يُرَخِّصها ويُفْقِد قيمتَها لدى صاحبها. تلك هي حقيقة صارخة يعيشها كلُّ إنسان؛ فالإنسانُ أيًّا كان لايشعر بما يتمتع به من نعم الله التي لاتُحْصَى؛ ولكنّه يقدرها حقَّ قدرها عندما يفتقدها، فيَتَحَسَّر عليها ويودّ أن يستعيدها بأغلى الأثمان وأبهظ المساعي وألذّ ما عنده من الأشياء.

       كنتُ في صباي أكثرَ أترابي صحّةً؛ فقد كنتُ مفتولَ الأعضاء، وكنتُ أقدرهم على الأعمال التي تتطلب القوةَ الجسميّةَ، والتعبَ الزائدَ، والاحتمالَ الكافيَ والاجتهادَ الوافيَ، وكنتُ لا أعرف من الأمراض ما يَتَعَقَّد ويدوم ويقتضى علاجُه نفقاتٍ باهظةً؛ فكنت لا أعرف لذلك قيمة، وكنت لا أنتبه لأهميته؛ بل كنت لا أدري أنه من الله العلي القدير، وليس من صنعى أو صنع آبائي وأجدادي الذين لم يقدروا على خلق ذباب. وكنت أظنّ أنّه مِلْك لي لن أُسْلَبَه أبداً، وسوف لا يَهُمُّ أحدٌ أن يُنَازِعَني إيّاه؛ بل يدوم لي، وسأظلّ هكذا صحيحاً مُعَافىً قويًّا نشيطاً أقوم بدوري في الحياة بطريقة عاديّة لايعترض طريقي إلى مناشط الحياة مرضٌ أو ضعفٌ أو قدرٌ من أقدار الله التي كنتُ حقًّا لا أعرف لها معنىً على عهد صباي البريء ذلك الذي أتمنى أن يعود ولو بكل نعمة أتمتع بها في حياتي الواعية هذه التي لا لذّةَ فيها رغم كلّ اللذات، بالقياس إلى حياة الطفولة وعنفوان الشباب البريئة البسيطة تلك التي بَسَاطَتُها فاقت كلَّ اللذائذ الحاضرة والمتصورة.

       ثم بدأت الأمراضُ أحدٌ بعد الآخر تصطلح عليّ مع تقدّم السنّ، وكنتُ قويَّ البِنْيَة، فكنتُ قويَّ الإرادة؛ لأنّ قوةَ الجسم في الأغلب تُزَوِّدُ الإنسانَ بقوة الإرادة وصحّة التفكير؛ فلم أَسْتَسْلِم لتداعيات الأمراض بسهولة لزمن طويل. ولا أعني بالأمراض الأمراضَ الفصليّة من الحُمَّىٰ والنَّزْلَة والزُّكَام  والدُّمَّل والقرح والإسْهَال وما إلى ذلك الذي كنتُ أظنه من أدوات النُّزْهَة التي لابدّ منها لتغييرَ رتَابَة الحياة التي طُبِعَ الإنسان على سَآمَتِها؛ بل أعنى بها الأمراضَ المُزْمِنَة التي تُلِمُّ فلا تَبْرَحُ إلاّ قليلاً وبعد عناية طبية مُرَكَّزَة مُكَثَّفَة لا تتيسر لكل أحد.

قوةُ الجسم والإرادةُ القويةُ المتولدةُ منهاجعلتاني في صباي وحتى بداية شبابي لا أهتمّ بالاحتماء من الأشياء المُؤَدِّيَة إلى الإصابة بالأمراض؛ لأن الصحيح القويّ السليم من الأمراض لايُبَالي بشيء، وإنما يعيش خالياً من التفكير في أيّ شي اسمه «المرض» حتى أُصِبْتُ ببعض الأمراض لأوّل مرة في حياتي عند ما كنت في مرحلة الابتدائية من دراستي، ولاَزَمَ صحبتي غيرَ مُحْتَشَمٍ، وبقي يصاحبني رغم إعمالي تدابير كثيرة لدفعه عني، تيسّرت لي حسب ما كان لديّ من إمكانيّات ضئيلة للعلاج ومراجعة أطبّاء مَعْنِيِّين. وهنا آمنتُ بتداعيات المرض، وصِرْتُ مهموماً بالآثار السيئة التي تَرَكَها فيّ، وعُدْتُ أَكْرَهُه الكراهيةَ كلَّها، وعندها غَلَتْ لديّ جوانبُ الصحة التي سَلَبَنِي إيَّاها ذلك المرضُ غلاءً لا أكاد أصفه بأيّ مقدرة كلاميّة أو كتابيّة، وأدركتُ أهميَّةِ النعمة الصحيّة العزيزة الرفيعة التي افْتَقَدْتُها، وكم تمنّيتُ أن أَسْتَرِدَّها بكل ما لديّ من الأسباب الغالية والرخيصة، وسلكتُ الطرقَ المؤدية إلى استردادها، وبذلتُ الأساليبَ التي تنفعني في هذا الصدد؛ ولكن ذلك كلّه ذهبَ هدرًا، ولم يُسْفِعني في تحقيق غرضي أيَّ إسعاف، وضحك عليّ القدرُ، واسْتَهْزَأَ بي القضاءُ الإلهيّ الذي لايُرَدُّ بعد الإبرام.

       وكنتُ في نحو الخامس والثلاثين من عمري فأُصِبْتُ بداء السكّرى المُزْمِنَ الذي هو جِمَاعُ الأمراض لكل من يُصَاب به؛ لأنه يجعل الإنسانَ مُتَأَكِّلاً كالسُّوس يأكل الخشبَ والحبوبَ، ويُـحَوِّله محطّ كلِّ داء مُعَقَّد عدوّ لدود لحياته، وكنتُ في زيارة لمدينة «الرياض» السعودية إذ شعرتُ بعوارضه، فما تَبَيَّنتُها؛ لأنّي ما كان لي سابقُ تعارف بها؛ حيث لم أعرف قريباً لي ابْتُلِيَ به، ورجعتُ للهند، فعرضتُ نفسي على أطبّاء؛ فقالوا لي: أنتَ أُصِبْتَ بداء السكَّري. وخفّفوا عليَّ وطأتَه النفسيَّةَ قائلين: هو ليس بشيء لمن يعمل بالحِمْيَة الموصوفة من قِبَل الأطبّاء. وها هي ذِهْ قروص تأخذ منها حبّةً صباحاً وحبّةً مساءً مع ملازمة ما تستطيع من المشي ولاسيّما في الصباح الباكر، ولا يَفُوتَنَّك منه قدرُ نصفِ ساعةٍ على الأقلّ.

       ورغمَ إصابتي بهذا المرض المُعَقَّد لم أتعرّض للانهيار النفسيّ؛ لأني ظِلْتُ أتمتّع ببقايا من قوة الإرادة والثقة بالنفس والاعتقاد بأنّ هذا المرض سأتغلّب على عوارضه وتداعياته الخطيرة قبل أن تستفحل وتفعل فعلَها في جسمي، وتعوق طريقي إلى التحرك والعمل، أو تترك آثارًا سيئةً على قوة تفكيري في شؤون الحياة؛ ولكن المرض – رغم التقيّد بِالحِمْيَةِ وتناول الأدوية التي ظلّ يصفها الأطبّاء الذين ظِلْتُ أراجعهم – لم يزل يتفاقم، وتزداد تداعياته، وتكثر الآثار الناتجة عنه، وبدأت تُؤَثِّر على أعضاء رئيسة في الجسم: على الأعصاب والرجلين واليدين وقوة الهضم وقوة الذاكرة حتى قوة الإرادة والعينين اللتين هما أقوى الأسباب التي تعين على عيش الحياة، ولولاهما لأظلمتِ الدنيا ولصَعُبَ القيامُ بأمور الحياة.

       إنّي لم أستسلم بسهولة للأعذار التي زَرَعَها هذا المرضُ والمرضُ الذي سبقه إليَّ؛ ولكنّها عندما كَثُرَت واطَّرَدَت وتَنَوَّعَت واشْتَدَّت آمنتُ بها، وعُدْتُ أَتَعَاطَىٰ مع مُقْتَضَيَاتها بما ينبغي. وهنا عاد كثيرٌ من الإخوان والزّملاء يقولون: إنك تشعر بتداعيات أمراضك أكثر من اللازم، وإلاّ فإنّك تتمتع برصيد كبير من الصحة لا تدركه إلاّ إذا تخلّيتَ عن الشعور بأنّك مريض، وبأن الأمراض أحكمت رباطَه حول رقابك، وأنها سَخَّرَتْك واسْتَعْبَدَتك. وظِلْتُ أقول لهم: إني خُلِقْتُ على قوة الإرادة والثقة بالذات واللامباة المتناهية بالأمراض والتغيرات الحاصلة عنها في الجسم، ولله الحمد والمنة؛ ولكني عندما تغلّبت عليّ الأعذارُ، وعُدْتُ مهزوماً أمامَ هَجَمَات الأمراض، وصِرْتُ لا أصنع ما كنتُ أصنعه من ذي قبل في مجالات الحياة، اعترفتُ بأن كثيراً من النعم التي كنت أحظى بها من قِبَلِ الله بفضله وكرمه وحده، افتقدتُها وعُدْتُ لا أتمتع بها، فهذا ما لا بأس به؛ لأنه ليس استسلاماً لليأس والإحباط، وإنما هو اعترافٌ بالواقع، وتعاملٌ مع الحقيقة، وصدورٌ عن الواقعيّة في مناشط الحياة. أمّا الخروجُ على الواقع فهو صدورٌ عن الوهم المُجرَّد والخيال الذي لارصيدَ له من الحاصل على أرض الحقيقة.

       مُوْجَزُ القول أن النعم الكثيرة الغالية التي كنتُ أَسْعَد بها، كنتُ لا أَنْتَبِه إليها حينَ كنتُ حَظِيًّا بها، وكنتُ لا أعرف لها قيمةً ولا أُدْرِكُ لها معنىً، وكنتُ أعتقد أنها لا تُفَارِقَني أبداً ما دُمْتُ حيًّا؛ ولكنها عندما زالت عني، عَلَتْ لديّ وغَلَتْ، وصارت لها معانٍ وقيم تفوق كلَّ وصف، وغَدَوْتُ أبحث عنها بكل أساليب البحث، وأودّ أن أشتريها بكل ما في الدنيا إذا أُوتِيتُ إيّاه. وكذلك النعم تَرْخُص لدى الوجود، وتَغْلُو عند الفقدان. ولو أن الإنسان انتبه إلى قيمتها وهي موجودة لديه، لضَنَّ بها وحافظ عليها، وسلك لصيانتها كلَّ مسلك، ولم يَدَعْها بحال تضيع وتزول. والكَيِّسُ من منع شيئا من الضياع وهو موجود عنده يتمتع به، والأخرقُ من لايهتم به لدى وجوده لديه، و يتحسّر عليه بعد ما يُزَايِلُه، ويفكر في التدابير التي فاتته بشأن صيانته.

       من هنا أَكَّدَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – على اغتنامِ النعم حينَ وجودها، ونَبَّهَ إلى إدراكِ قيمتها، والاستفادةِ منها، واستثمارِها وتوظيفِها في مواقعها، والاهتمامِ بأن لاتفوت فيَتَحَسَّر صاحبُها عليها، ويتمنّى أن يُعْطَاها مرة أخرى، على حين أنّها ليست لِتُعَادَ إلى من يُسْلَبُها، فقال – صلى الله عليه وسلم -: اغْتَنِمْ خمساً قَبْلَ خمسٍ: شبَابَك قبلَ هَرَمِك؛ وصحتَك قبلَ سَقَمِك؛ وغِنَاك قَبْلَ فَقْرِك؛ وفَراغَك قَبْلَ شُغْلِك؛ وحياتك قبلَ موتِك» (مستدرك حاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما رقم الحديث: 7846. وقال: صحيح على شرط الشيخين).

       وقد دعا النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى معرفة قيمة النعم من خلال تنبيهه إلى اغتنام النعم التي هي لا توهب لأحد في حياته إلاّ مرة واحدة، ولا توهب له مرة ثانية مهما تمنّى وجَدَّ وحَرَصَ، وبَذَلَ لذلك كلَّ ما لديه من غال ورخيص. وهي النعم التي ينخدع بشأنها كثير من الناس إلاّ السعداءُ الذين يكون الله قد قَدَّرَ لهم السعادةَ في الدنيا والآخرة وقليلٌ ما هم؛ حيث إنهم يظلّون يحسبون أنّها تبقى لهم ماداموا أحياء؛ فالهرمُ يَدبّ إليه بنحو لايسمع هو وَقْعَ أقدامِه، حتى يحضر ماثلاً لديه شاخصاً بوجوده، يفرض عليه تداعياته السلبيّة من الضعف والأعذار والأمراض؛ والمرضُ يُدَاهِم أيَّ إنسان وهو موفور الصحّة، مُنْعَمٌ بالوسائل، متمتع بجميع ما من شأنه أن يدفع عنه كلَّ ما يجلب إليه مرضاً أو يصيبه بوَعْكَة، وهو يظن أنه سيبقى على حاله التي هو عليها من الصحة والمعافاة والقوة والقدرة على العمل والتحرك؛ فيقصِّر في كثير من الحقوق، ويدفع عملَ اليوم للغد، ولا يقوم بالواجبات الحاضرة في مواعيدها ظنّاً منه أنه بوسعه أن يُؤَدِّيها فيما يأتي من الأوقات، فإذا به يُعْجِزه مرض مُفَاجِئ عن أدائها؛ وكذلك كلّ غَنِيّ – إلاّ من رحم ربُّك – يعتقد أن غناه لن يفارقه، و وُجِدَ هو ليظلّ غنيًّا، ولن يُبْتَلَىٰ بالفقر؛ لأنّه نصيبُ غيره في المجتمع حولَه، وإذا به يحلّ به قدرُ الله، ويُسْلَب ما كان يَبْطَر به من الرخاء ورفاهية الحال، فيُضْطَرُّ أن يؤمن بأن المال غادٍ ورائح؛ ولكن هذا الإيمان لاينفعه الآن؛ لأنه فاته وقته، وكان الواجب عليه أن يؤمن بهذه الحقيقة حينَ كان يتمتع بالغنى والثروة، فيؤدى ما عليه من الحقوق والواجبات الآتية عليه من قبل غناه وثروته نحو ربّه الذي تَفَضَّلَ بهما عليه ونحو عباده الذين أَفْقَرَهم الله لحكمة يعلمها أو الذين هم من ذوي قرباه الذين أَوْجَبَ عليه أن يُؤَدِّي تجاهَهم حقوقاً مُقَرَّرَة في شريعته تعالى؛ وكذلك الفراغُ لا يقدره صاحبُه حقَّ قدره حين يكون مُتَمَتِّعاً به، وإنما يظلّ يعتقد أنه وُلِدَ ليبقى متمتعاً به، حتى تُداهِمَه الأشغالُ بأنواعها، وتزدحم عليه، وتجعله لايجد فسحةً لتحقيق كثير من المسؤوليات والوظائف الواجب عليه تحقيقُها فضلاً عن كثير من الأماني العزيزة والأحلام اللذيذة التي يريد أن ينالَها فإذا الأشغالُ تحول دونه ودون نيلها؛ أمّا الحياة فإنه مغبون فيها مُعْظَمُ الناس؛ حيثُ إنّهم يظلّون يَحْسَبُون أنّهم لن يموتوا بتلك السهولة والسرعة اللتين يموت بهما غيرهم، وإنّ الموت نصيبُ غيرهم فقط، أمّا هم فالفرصةُ لديهم مديدة، والعمر عندهم طويل لن ينقضي إلاّ بعد ما يكونون قد حقّقوا جميعَ أَمَانِيهم في الحياة؛ فإذا الموتُ يُفَاجِئهم، وتفوتُهم كلُّ مشاريعهم التي خَطَّطُوها لما قبل الموت ولما بعده؛ ومن ثم قال سيد التابعين الإمام الحسن البصري رحمه الله (21-110هـ = 642-728م): «ما رأيتُ حقًّا أَشْبَهَ بباطل من الموت».

       والحياةُ فرصةٌ لافرصةَ أغلى منها لمن يستغلّها لصناعة الدنيا والآخرة، وهي أرخصُ ما يكون لمن يعيشها ضائعةً هادرةً لا هدفَ له من ورائها إلاّ التّلذّذ بملذّاتها وإشباع أهوائه التي لا تنتهي على حدّ. وقد جَعَلَ الله هذه الدنيا جذّابةً خلاّبةً يُغْرَم بها كلُّ من لانصيبَ له في الآخرة: «فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ» (البقرة/200) وإنّما جعلها الله مُزْدَانةً تَجْذِب الناسَ إليها لِيَبْلُوَهُمْ من ينصرف إليها عن الآخرة ومن يَرْغَب عنها في الآخرة: «إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنَ عَمَلاً» (الكهف/7).

       فالحياةُ نعمةٌ كبرى لمن اغتنمها لإسعادها وإسعاد آخرته، وهي ليست بشيء لمن لا يدرك قيمتها؛ ولكنه سيدركها لدى الموت عندما يرى أنه قد أضاعها دونما رصيد من العمل الصالح الذي كان ليُنْجِيَه برحمة الله من العذاب المقيم الذي ينتظره، فيلتمس من ربّه مُلِحّاً أن يَرْجِعَه إلى الدينا ليَعْمُرَها بالصالحات من الأعمال بعد ما دَمَّرها في الجولة السابقة بسيئاته: «حَتّٰىٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ» (المؤمنون/99-100) ولكنه لايُجَابُ إلى أُمْنِيَّتِه، ويعود رجاؤه كلمةً ضائعةً في مَهَبّ الرِّياح: «كَلاَّ ط إنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (المؤمن/100).

       والحياةُ وما تحتاج إليه من الوسائل التي لاتُحْصَىٰ مشمولان بنعم لاتُعَدُّ، لايدركها الإنسان لدى تمتعه بها، وإنما يدركها لدى فوتها، وهي منشورة في الأنفس والآفاق معاً، يختلّ نظام حياته، بل تفسد حياتُه هي الأخرى عليه عندما تفوته أيٌّ من هذه النعم الكثيرة التي لايَعُدُّها شيئاً وهو يستفيد منها. وصَدَقَ الله العظيم:

       «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوَها إنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» (إبراهيم/34).

       «وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» (النحل/18).

أبو أسامة نور

 nooralamamini@gmail.com

(تحريرًا في الساعة العاشرة من الليلة المتخللة بين الجمعة والسبت 19-20/شوال 1433هـ = 7-8/سبتمبر 2012م)

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، ذوالحجة 1433 هـ = أكتوبر – نوفمبر 2012م ، العدد : 12 ، السنة : 36

Related Posts