كلمة المحرر
إثارة الشباب الإسلاميّ خصوصاً والمسلمين عموماً في كلّ مكان في العالم وبكلّ أسلوب ممكن هي خطّة مُتَعَمَّدة لدى أعداء الإسلام، تأتي ضمنَ مُخَطَّط العداء العامّ ضدَّ الإسلام، يعمل بها الأعداءُ لكي يُزْعِجُوا المسلمين ويُضَايِقُوه ويَحْزِقُوا بهم وينالوا منهم.
إنهم يتخذون إجراءاتٍ استفزاريّةً كثيرةً ضدَّهم، فإذا ثاروا كرَدِّ فعل لها، يتخذون تصرّفَهم الذي يجيء كردّ فعل سبباً أساسيًّا أوّليًّا، ويُشَهِّرُون به، ويقولون للعالم بكلّ لغة ومرّات لاتُحْصَىٰ: إنّ المسلمين بلغوا هذا المدى من الإجرام، وإنهم يصنعون مثلَ هذه المُنْكَرَات، وإنهم عاطفيُّون للغاية، يثورون بسبب وبغير سبب وبأدنى سبب؛ فهم غيرُ اجتماعيّين لايقدرون على مُعَايَشَة المجتمع الإنساني.
العمليّةُ الإجراميّةُ الوهميّةُ التي قام بها الصهاينةُ من خلال نسف مركز التجارة العالمي بـ«نيويورك» بأمريكا بتواطؤ واتفاق مع الصليبيين هناك، كانت مُنْطَلَقاً أساسيًّا للانقضاض الشامل على الإسلام ومُبَرِّرًا «عملاقاً» لاتخاذِ كلِّ إجراء إجراميّ ضدّ المسلمين في كل مكان على وجه البسيطة. ومنذئذ جعل الغربُ الصهيونيّ الصليبيّ وأذنابُه من الشرق الوثني يزعجان المسلمين – ولا سيّما الملتزمين بالشارات الإسلاميّة – على المطارات والمحطّات والمواقف وأمكنة التجمهر الشعبيّ باسم التفتيش الأمني. وقد أَعْمَلَا في هذه الأمكنة عصبيّةً عمياءَ وتمييزًا دينيًّا واضحاً؛ حيث شُوهِدَ أنه إذا كان الركاب ذوي شارات إسلاميّة – ولا سيّما إذا كانوا شباباً – تناولهم رجالُ الأمن بالتفتيش المُكَثَّف، فربّما فتحوا حقائبَهم وصناديقَهم، وفَرَّقُوا محتوياتها، وربّما جردوّهم من ملابسهم وأحذيتهم رغم إمرارهم وإمرار حقائبهم وصناديقهم من خلال شاسات الماكينة المُخَصَّصَة لرؤية مُحْتَوَيَاتِ الحقائب والصناديق. وربّما استغرقوا في هذه العمليّة من الوقت ما أخَّرَهم عن مواعيد الرحلات والقُطُر والحافلات، ففَاتَتْهم، وأضاعتْ عليهم كثيرًا من مصالحهم اللازمة، وسَبَّبت لهم كثيراً من الخسائر والأضرار التي ربّما لم يتمكنوا من تلافيها بأي ثمن باهظ. وقد لُوحِظَ أنّ الركاب إذا كانوا ممن لايحملون شاراتٍ إسلاميّةً تَعَامَلَ مهم رجالُ الأمن برفق ولطف، ولم يُعْمِلُوا عليهم عمليّةَ تفتيشٍ مشددةً.
وتجاوزت روحُ العصبيّةِ كلَّ حدّ في كثير من الأحيان؛ حيث حَصَلَ مرّات كثيرة أنّ الراكب أُنْزِل عن الطائرة بعد ما تَبَوَّأَ مقعدَه، وكادت تُقْلِع، بمجرد اشتباهٍ بأنه «إرهابيّ» ناشيءٍ عن سحنته الإسلاميّة، أو لهجته العربية، أو اسمه الإسلامي، أو مكالمته الهاتفية إلى أسرته أو أحد من معارفه، أو عن جاره الذي تَعَصَّبَ ضدَّه إذ عَلِمَ أنه من غير ديانته، فأشار على طَاقَمِ الطائرة بأن يضبط الرجلَ؛ فإنّه يعتقد أنه «إرهابيّ» وأنّه قد يَنْسِف الطائرةَ بعد إقلاعها!.
وعندنا في الهند تَفَاقَمَتِ العصبيّةُ لدى كثير من الهندوس الطائفيّين الذين يَتَلَقَّوْن جمعَ التعليمات من لَدُنِ المنظمات الهندوسيّة العاملة على زرع الطائفيّة في البلاد والكراهية ضدَّ المسلمين، وعلى رأسها منظمة «آر إيس إيس» – التي هي أمُّ جميع المنظمات الهندوسيّة المُتَطَرِّفَة التي تَعْمَلُ ضدَّ سلامة البلاد و وحدتها – وبدأت تَصْدُرُ في جميع تصرُّفاتها عن روح العصبيّة البالغة في جميع شُعَبِ الحياة، مُتَلِّقِيَةً التوجيهاتِ والأوامرَ عن الصهاينة – الذين تَوَطَّدَتْ أخيرًا علاقاتُهم بهم بنحو مُدْهِشٍ – بشأن إزعاج المسلمين وإثارة الشباب الإسلاميّ بمختلف الأساليب التي يُوحُون بها إليهم، والتي يُتْقِنُونها ويُحَرِّبُونها في تعذيب الفلسطينيين. ومن بين هذه الأساليب اتّهامُ الشباب الإسلامي بـ«الإرهابيّة» وبأنّه ضالع في التفجيرات الإرهابيّة التي يُنَفِّذها رجالُ المنظمات الهندوسيّة المُتَطَرِّفَة المُدَرَّبُون، ويُحَمِّلُون مسؤوليتَها الشبابَ الإسلاميّ، فتعتقله رجالُ الأمن والشرطة الذين كثيرٌ منهم تجاوبوا مع روح العصبيّة ضدَّ المسلمين بفعل المحاولة المُكَثَّفَة المُتَّصِلَة التي تقوم بها المنظماتُ الهندوسيّة المُتَطَرِّفَة من أجل تسميم عقليّةِ الجيل الجديد من الهندوس، وتزجّ به إلى السجون دونما إدانة قضائيّة، وتبقيه فيها لمُدَدٍ طويلة تضيع خلالها فُرَصُ عمره، ويشيخ بعدما يكون شابّاً غضَّ الإهاب، وتُعَذِّبُه فيها بشتى الطُرُقِ الرهيبة، ولا تُجْرِي محاكماتٍ لأَمَد طويل، حتى تتم إدانتُه، أو تتم تبرئة ساحته، وتتمهّد الطريقُ إلى إطلاق سراحه.
ومن بين هذه الأساليب إزعاجهُ بشتى الطرق على المطارات، وعلى محطات القطار، وعلى مواقف الحافلات، وفي الأسواق، وفي أمكنة التجمُّع الشعبيّ؛ حتى يعود عاطفيًّا، وحتى يثور متفاعلاً مع عوامل الإثارة والإزعاج الكثيرة التي يُعْمِلُونَها ضدَّه، فيَتَّخِذوا ذلك سبباً إلى إدانته وإدانة بني جنسه: المسلمين جميعاً، ويُعَاقِبُوهم معاقبةً شديدةً بصورة علنيّة وبحكم القانون والمنطق!.
هناك حادثٌ سَجَّلْناه في دفترِ يوميّاتٍ لدينا منذ سنوات، كشاهد حيٍّ على الأفاعيل الرهيبة التي يقومون بها لإثارة وإزعاج المسلمين، ثم يتخذونها سبباً أوليًّا لمؤاخذتهم فمُعَاقَبَتِهم: نشرت الصحف الهندية يومَ الأحد: 11/شعبان 1430هـ الموافق 2/أغسطس 2009م أن نُشَطَاءَ حزبِ «ب ج ب» الهندوسيّ الأصوليّ سَجَّلُوا لدى شرطة مدينة «مُمْبَايْ» – «بُوْمْبَايْ» سابقاً – بلاغاً مفاده أن السيّد عمران الهاشميّ – النجم السينمائي المعروف – والسيّد «مهيش بهات» – مُنْتِج الأفلام المعروف – يعملان على توزيع المواطنين على الخطوط الدينية، على حين إن الواقع الذي حَصَلَ هو أنّ إدارة «المجتمع الإسكاني المسمى بـ (نبانا)» رفضت أن تمنحه – السيد عمران الهاشمي – الفيلا من أجل ديانته الإسلاميّة؛ لأن هذا المجتمع الإسكاني الذي يوجد في نواحي قطاع «باندره» الشهير بالمدينة في منطقة «بالي هِلْ» إنما يمنح الفيلا لغير المسلمين، ويُحَرِّمُها على المسلمين. أمّا السيد «مهيش بهات» فهو رغم كونه هندوسيًّا ديانةً، يحمل عقليّةً علمانيةً، ويتمسّك بالعلمانية في جميع مواقفه، ويقف من المسلمين دائماً موقفَ الإنصاف، فالهندوسُ المتطرفون ينظرون إليه نظرةَ استياء شديدةً، ويُوَجِّهُون إليه دائماً تُهماً مُلَفَّقَة، ويحاولون أن يُجَرِّمُوه قضائيًّا حتى «يتوب»من موقفه العلماني والتعاطف مع المسلمين على أساس علمانية الدستور الهنديّ.
وهكذا فإنّ العصبيّة ضدّ المسلمين عمّتِ اليوم العالم كلَّه من أجل المحاولات المكثفة المتصلة التي لايزال يقوم بها الصَّهَايِنَةُ في كل مكان في العالم مُتَكَاتِفِين مع أشقّائهم الصليبيين والوثنيين الذين يسرُّهم جميعاً العداءُ مع الإسلام وتأذَي المسلمين.
الفسادُ الذي يعانيه العالم اليوم بأنواعه التي لاتقبل الحصرَ، والذي يتفاقم مع الأيام بشكل رهيب، إنما هو بفعل اليهود المَلاَعِنَة الذين لايُعْجِبُهم أيُّ سعادةٍ يحظى بها بنو آدم، وإنما يَسُرُّهم كلُّ شقاءٍ يُصِيبُهم. ومن ثَم ظَلّت المجتمعات البشرية بشتى دياناتها تمجّهم وَتُنَحِّيهم ولا تقبلهم بحال، حتى أَسْكَنَهم الغربُ ظلماً وعلوًّا في أرض فلسطين العربية الإسلاميّة التي لم يكن لهم فيها أيُّ حق بمقتضى أي قانون من قوانين العالم.
إنهم بؤرةُ الفساد، ومصدرُ الشرّ، ومِسْعَر الفتن كلِّها في العالم، والغربُ – وأمريكا بالذات التي صارت مُسْتَعْبَدَةً بيد اللُّوبِيّ اليهوديّ الذي يَتَحَكَّم في الإعلام والاقتصاد والتجارة فيها – الذي يَئِنِّ تحت القضايا التي لا تقبل العدَّ إنما هي من زرع اليهود الخبثاء الذين أحكموا اليومَ السيطرةَ على مقاليد الحكم في مُعْظَم دول العالم. وبَدَأَ عقلاءُ العالم يُدْرِكُون فتنةَ اليهود، وسيدركها عاجلاً «سفهاؤه» أيضاً، بعدما يكون الخرقُ قد اتَّسَعَ على الراقع، وتفوت فرصةُ تلافي أي خسارة بتدبير أيِّ حكيم. [التحرير]
(تحريرًا في الساعة :30 12 من ظهيرة يوم الأحد : 7/شوال 1433هـ الموافق 26/أغسطس 2012م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذو القعدة 1433 هـ = سبتمبر – أكتوبر 2012م ، العدد : 11 ، السنة : 36