الأدب الإسلامي
شعر: الشاعر الإسلاميّ الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي
المملكة العربية السعودية
رمضانُ ، في قلب المحبِّ غَرامُ
وبه إليكَ تلهُّفٌ وهُيامُ
في كل عامٍ يا حبيبُ تزورنا
ولشوقنا – حتى تزورَ – ضِرامُ
تأتي فيُزهِر في لياليك التُقَى
ويَطيب فيها للعباد قيامُ
تأتي إلينا ضاحكاً مستبشرًا
ولكلِّ مجتهدٍ لديك مُقام
أوَّاه يا رمضانُ، كم أهفو إلى
بُشرى تسطِّرها لكَ الأَقلامُ
كم يا حبيب أَوَدُّ لو أنَّا إذا
شرَّفتَنا يصفو لك الإكرامُ
عُذرًا – أبا العشر الأَواخر – إننا
نلقاك والدَّمُ والدموعُ سِجَامُ
ضمُّوا العراق إلى فلسطين التي
سُلِبَتْ ، ويُخشى أن تُضَمَّ الشامُ
والأمة الغرَّاء تمضَغُ ثوبَها
وَهَنًا ، وتلبسُ ذُلَّها وتنام
عذرًا – أبا العشر الأواخر – قومُنا
في محنةٍ شهدتْ بها الأيَّام
حتى مقاومة العدوِّ تأوَّلوا
فيها، وفي لجُجِ التَّذَبْذُب عاموا
صبرًا إذا بلغتْك صرخةُ طفلةٍ
وبكى الفؤاد وضجَّت الآلامُ
صبرًا، فقد أَلفت مسامعُ أمتي
هذا الصُّرَاخَ كأنَّه أنغامُ
عذرًا – أبا العشر الأواخرِ – إنَّها
مِحنٌ مؤجَّجةُ اللهيب جسَامُ
تمتدُّ صحراء الجراح، وما لنَا
خُفٌّ يقاوم رملَها وسنامُ
لَعِبَ السَّرابُ بنا، ونحن وراءَه
نسعى، وقد حَفِيَتْ له الأَقدامُ
يتعثَّر المليارُ في سكراته
والمرشدان تخاذُلٌ وخصامُ
والقائدان الوهم والوَهَنُ الذي
نُكِسَتْ به في الأمَّة الأَعلام
من أين نَخرجُ من طريقِ جراحنا
والحُرُّ فيه من العدوِّ يُضام؟
ومحافل الدول الكبيرة، رمزُها
شارون، فهو شجاعها المقْدامُ
يغتال، يغدر، يستبيح بلادَنا
ويُساغُ منه القتل والإجرامُ
أيكون من شَنَّ الحروب مُبَجَّلاً
ويُلام حين يجاهدُ القسَّامُ؟
من أين نخرج، والأعاصير التي
هبَّت، لها في المسلمين عُرام؟
عذرًا – أبا العشر الأواخر – هكذا
وَحِلَ الطريقُ وغاصت الأقدام
ندعو، وندعو، والإجابةُ سَكرَةٌ
من أمتي، طُوِيت بها الأعوامُ
ندعو، فيصدمنا تخاذلُ قومنا
ويُجيبُنا الإعراضُ والإحجامُ
وتُجيبُنا هِمَمٌ ، محطَّمةٌ، نرى
فيها الأَبيَّ على الإباء يُلام
تجيبُنا لغةٌ مُغَمَغَمةٌ شكى
منها البيانُ، و مجَّها الإعلامُ
أو ما يجمِّعنا أَذانُ صلاتنا
ويَؤُمُّنا وقتَ الصلاة إمامُ؟
ويضمُّنا في الحجِّ قَصدٌ واحَدٌ
ويضمُّ في الشهر الكريم صيامُ
شَهر الصيام، وليّ ليلة قَدرنَا
يا من تفرُّ أمامك الآثامُ
عُذرًا، إذا جاءت إليك قصيدتي
تبكي، ويبكي خَلفَها الإلهامُ
هي جَذوةٌ من قلبِ شاعر أمة
قد صوَّبته من الهموم سهامُ
ما زال يقرع بابَ همَّة قومه
فيَرُوعُه التَّسويفُ والإبهامُ
عذرًا – أبا العشر الأواخر – حينما
كَثُرَ الكلام توقَّفَ الصَّمصامُ
ما كلُّ مَنْ مدحوا الشجاعةَ أقدموا
فأشدُّ أسلحة الجبان كلامُ
كم يَسْرُدُ البُخَلاءُ ألفَ حكاية
تُنْسَى ، ويُذْكَر بالسخاءِ كرامُ
أقبلْتَ – حَيَّهلا – لعلَّ قلوبَنا
تصفو ، ويصحو حين جِئْتَ نيامُ
ولعلَّ مليارًا يُزيل غَثَاءَه
ليصوغ أمنَ العالَمِ الإسلامُ
* * *
* *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، رمضان – شوال 1431 هـ = أغسطس – أكتوبر 2010م ، العدد :9-10 ، السنة : 34