دراسات إسلامية
بقلم : الدكتور أشفاق أحمد
أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية، جامعة آسام
سيلتشار، آسام ، الهند
“اعلم أن للكفار حالتين إحداهما أن يكونوا مستقرين في بلادهم؛ فالجهاد حينئذ فرضُ كفاية إذا قام به من فيهم كفاية سقط الحرج عن الباقين؛ وإلا أثموا كلهم . وثانيتهما أن يدخلوا بلادَ المسلمين كما في قضيتنا هذه؛ فالجهاد فرضُ عين على كل مسلم مكلف قوي بها، ولو عبدًا وامرأة ومدينًا وفرعاً بغير إذن سيد وزوج وغريم وأصل، وعلى من دون مسافة القصر وكذا على من فوقها إن لم يكن في غيرهم كفاية”.
بهذه الكلمات بشأن الجهاد والمجاهدين افتتح الشيخُ زين الدين بن محمد الغزالي الفناني المليباري كتابَه الشهير “تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين“. وهذا الكتابُ أخيرًا أثار ضجيجًا كبيرًا في وسائل الإعلام بوجه عامّ وفي قنوات الأنباء (اللغة الهندية والصحف الهندية) بوجه خاص. تعتبر وسائلُ الإعلام اليوم هذا الكتابَ بياناً رسميّاً “للمسلمين الإرهابيين” و “الجماعات الإرهابية”؛ بما فيها تنظيم القاعدة، في أنحاء العالم.
وضع هذا الكتابَ زينُ الدين بن محمد الغزالي بن زين الدين بن علي بن أحمد الشافعي الفناني المليباري، أحدُ كبار العلماء في “كيرالا” عبر القرون (وقع الاختلاف في اسم والده وتاريخ وفاته). يُعْرَف جدّه أبو يحيى زين الدين بن علي الفناني المليباري بـ”زين الدين المخدوم الكبير” أو “زين الدين المخدوم الأول” (873-928ﻫ -1467-1521م)، ويُعْرَفُ الحفيدُ مؤلفُ هذا الكتاب بـ “زين الدين المخدوم الصغير” أو “زين الدين المخدوم الثاني” (938-991ﻫ؟). كان زين الدين الأول (من مواليد كوتشن Cochin أوكشي Kochi) عالماً دينياً، وقائدًا مجاهدًا، ومحدثاً محققاً، وشاعرًا مطبوعاً بليغًا، وكاتبًا قديرًا، ومؤلفًا شهيرًا، ومؤرخاً كبيرًا، ومتضلعًا من العلوم الإسلامية والعربية. أسّس أسرةَ “المخدوم” الشهيرة في مناطق “كيرالا” الشيخُ زينُ الدين إبراهيم بن أحمد، عمُّ زين الدين الأول، الذي قَدِمَ من المعبر في اليمن إلى جنوب الهند في أوائل القرن التاسع الهجري وسكن نهائيًّا في “فنان” Ponnani.
ولد زينُ الدين الثاني في “شومبال” (Chombal) أو “فنان” ودرس العلومَ الإسلاميةَ والعربيةَ الابتدائيةَ على أبويه الكريمين; كان أبوه محمد الغزالي قاضيَ القضاة في “مليبار الشمالية” وبانيَ المسجد الجامع الكبير في “شومبال”. ثم تَلَقَّى العلومَ من عمّه عبد العزيز المخدوم في “فنان” وحفظ القرآن، ثم غادر متوجهًا إلى الحجاز حيث قضى عشرةَ أعوام يتلقّى مختلفَ العلوم الإسلامية والفنون الأدبية من كبار علمائها. وبعد عودته إلى الوطن أخذ يدرس في المسجد الجامع الكبير في “فنان” لـ 36 عاماً. ولكنه لم يقض حياتَه في “فنان” مشتغلاً بالتدريس، وعكوفاً على المطالعة، وولوعاً بالتأليف فحسب بل قضى حياتَه أيضاً كقائد سياسي محنك، ومجاهد كبير، واستراتيجي عظيم، وعالم مؤرخ، ولم يعش حياةً في الأسوار غافلاً عن متطلبات العصر، ومنعزلاً عن الحياة العملية، وغير مبال بالمجتمع والوطن. إنه أدرك خطورة الاحتلال البرتغالي في أقصى جنوب الهند؛ فقام بكل إخلاص بالدفاع عن وطنه العزيز من العدوان البرتغالي، وحرض إخوته المسلمين والهندوس على المقاومة ضد أعدائهم، ونفخ روحاً إسلاميةً وشعلةً إيمانيةً في نفوس المسلمين للكفاح ضد البرتغاليين الاستعماريين. ولهذا الهدف العظيم كتب زين الدين الثاني كتابه الشهير “تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين“.
وهو كتاب قصير حجمًا، يحوي أصل الكتاب 55 صفحة فقط. ويتوزع هذا الكتاب بين أربعة أقسام: يبحث القسم الأول في بعض أحكام الجهاد والتحريض عليه، والقسم الثاني في بدء ظهور الإسلام في “مليبار” والقسم الثالث في ذكر نبذة يسيرة من عادات كفرة “مليبار“ الغريبة، والقسم الرابع في ذكر وصول الإفرنج إلى “مليبار“ وشئ من أفعالهم القبيحة. والقسم الأخير يتضمن أربعة عشر فصلاً ويتحدث عن تاريخ البرتغاليين في “مليبار” وما قاموا به فيها من القتل، والفساد، والإساءة إلى الإسلام والمسلمين. وقامت بنشر الكتاب مكتبة الهدى، كاليكوت، كيرالا، الهند في عام 1996م.
ويحتوي الكتاب أيضًا مقدمة الناشر في صفحتين، وتقديم الدكتور احتشام أحمد الندوي، رئيس قسم اللغة العربية ومدير مدرسة الألسن الأسبق بجامعة كاليكوت، كيرالا في صفحة، والمؤلف وأسرته في سطور بقلم ك.ك.محمد عبد الكريم الكندوتي المليباري في ست صفحات ( ومن مكتبته الذاتية حصلت مكتبة الهدى على نسخة خطية قديمة منقولة من نسخة بخط المؤلف نفسه وأعدت هذه الطبعة بناء على النسخة الخطية المذكورة آنفا)، بالإضافة إلى مقدمة المؤلف زين الدين بن محمد المخدوم في أربع صفحات. وقام بتحقيق الكتاب وتهذيبه والتعليق عليه الشيخ حمزة جيلاكودان. وهو أيضًا وزع الكتاب بين أبواب وفقرات مرتبًا على أسلوب حديث، وذكر الأعوام الميلادية في مقابل الأعوام الهجرية الموافقة لها، وكتب الهوامش المفصلة القيمة في 20 صفحةً مستفيدًا من بعض كتب التاريخ الموثوق بها؛ كما بين مصادر الكتاب ومراجعه وفسرها تفسيرًا واضحًا، فزاد الكتاب قيمة، وسهل فهما. فيتضمن كتاب تحفة المجاهدينمن حيث المجموع87 صفحة. ويلي الكتاب قصيدة عربية طويلة للشيخ زين الدين المخدوم الأول بعنوان: تحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان.وهذه القصيدة تشتمل على ثماني صفحات وتبحث في تاريخ الهجوم البرتغالي على مليبار( وبلاد مليبار أو مالابار تضمنت وقتذاك ولاية كيرالا الحالية كلها وبعض مناطق ولاية تاميلنادو) وتحرض المسلمين على القيام بمقاومة البرتغاليين الذين احتلوا “مليبار” في عصر عاش فيه صاحب هذه القصيدة القيمة، وتوجه دعوةً مخلصةً إلى المسلمين أن يقوموا بالجهاد ضد أعداء الإسلام، وتبين فضل الجهاد في الإسلام، وتشجع المسلمين على تضحية النفس من أجله وإنفاق المال في سبيله.
وإلى جانب “تحفة المجاهدين” ألف زين الدين المخدوم الثاني كتبًا أخرى ومنها: الأجوبة العجيبة عن الأسئلة الغريبة، و إرشاد العباد إلى سبيل الرشاد، وقرة العين بمهمات الدين، وفتح المعين بشرح قرة العين، وأحكام إحكام النكاح، والجواهر في عقوبة أهل الكبائر، ومختصر شرح الصدور في أحوال الموتى والقبور للإمام السيوطي، والمنهج الواضح بشرح أحكام النكاح، والفتاوى الهندية. ولكن كتابه تحفة المجاهدين يعتبر أهم كتبه على الإطلاق رغم أنه قصير في الحجم، فقد نال اهتماماً بالغاً وشهرةً واسعةً في العالم بأسره وذلك لسببين رئيسين: السبب الأول هو المعارضة للاحتلال البرتغالي وعدوانهم على أقصى جنوب الهند (904 -989 ﻫ الموافق 1498-1581م)، والسبب الثاني هو أنه أول كتاب في تاريخ “مليبار” الموثوق به.
أصبحت نسخ تحفة المجاهدين الخطية مشهورةً في الهند وخارجها، ثم طبع الكتاب في اللغة العربية في “ليشبونه”، عاصمة البرتغال، في عام 1898م، وبعد ذلك ظهرت له ترجمات عديدة في اللغات الإنجليزية، واللاتينية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والتشيكية، والفارسية، والأردية، والغجراتية، والكنادية، والتاميلية، والمليالمية وغيرها. يقول عبد المنعم النمر المصري في كتابه تاريخ الإسلام في الهند إن الشيخ زين الدين المخدوم الثاني توفي في عام 991 ﻫ 1583م ( ولعله توفي بعد عام 991 ﻫ لأن الكتاب يبحث في تاريخ البرتغاليين حتى عام 991 ﻫ على الأقل)، وذكر جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية ج3، ص330 أن المخدوم توفي عام 987 ﻫ. ودفن المخدوم في شومبال، وقبر زوجته موجود بقربه وذلك بجوار مسجد كنجي بلي (Chombal Kunjippalli) وخلف وراءه ابنين أبو بكر وعبد العزيز، وبنتا فاطمة.
جاء في القسم الأول للكتاب مجملاً أن الجهاد فرض على كل مسلم قوي وقادر دفاعاً عن وطنه، واحتراماً لدينه، وحرساً لحدود بلاده؛ فإن هاجم غير المسلمين على بلاد إسلامية كما هي الحال في مليبار في نظر المؤلف فالجهاد عليه فرض عين، وإن كانوا في بلادهم فالجهاد عليه فرض كفاية. ويقول المؤلف إنه من اللازم لمن يقود المجاهدين في المعركة أن يتخذ استراتيجيةً جيدةً بعد التشاور الجاد مع أصحابه قبل الهجوم، وأن يقسم مال الغنيمة طبقاً للشريعة الإسلامية. ثم ذكر المخدوم أيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية كثيرة بشأن الجهاد، وأهميته في الإسلام، والفضل في إنفاق المال من أجله.
ويتحدث القسم الثاني بعنوان: في بدء ظهور الإسلام في مليبار أن عددًا من اليهود (لعله يشير إلى قدومهم بعد سقوط أورشليم بقيادة جوزف ربان) والنصارى (لعله يشير إلى قدوم النصارى في عام 52م بقيادة القديس “توما” (St. Thomas) قدموا إلى كودونغالور) (Kodungallur or Cranganore (في مديرية ترشور (Trissur) الحالية)، عاصمة مليبار وقتئذ ( وقعت كانيا كماري Kanyakumari أو Cape Comorin جنوبا وكانجركوت، مدينة كاسركود الحالية، شمالاً) وسكنوا فيها، ثم وصل إليها بعض المسلمين قاصدين إلى سيلان (سريلانكا) وبهم اطلع ملك مليبار شيرمان برمال (Cheraman Perumal) على محمد صلى الله عليه وسلم ودينه، فأحبه ودينه. ولما رجع المسلمون إلى مليبار بعد زيارتهم قدم آدم عليه السلام في سيلان صاحبهم الملك سرًّا إلى فندرينة (من أقدم موانئ كيرالا وتعرف حاليّاً بـ بنتلايني كلم-Pantalayini-Kollam)، ووصلوا إلى درمفتن أو دهرما بتنم Dharmapattanam، ثم إلى شحر (مدينة قديمة تقع على ساحل البحر الهندي قريبًا من اليمن وهي الآن في صلالة) حيث مكثوا مدةً. ثم أراد الملك أن يرجع إلى مليبار ولكنه مات في سفره. وحسب وصية الملك جاء شرف بن مالك، ومالك بن دينار، ومالك بن حبيب وغيرهم إلى مليبار حيث نالوا احتراماً كبيرًا، فسكنوا فيها وما جاورها من المناطق، وبنوا فيها المساجد ونشروا فيها الإسلام. واختلف المؤلف حول تاريخ قصة شيرمان برمال، فيعتقد أنه وقعت بعد المأتين من الهجرة النبوية وليست في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. ويعتقد بعض المؤرخين أن الملك برمال لقي النبي وقضى في الحجاز سنوات.
وبعد وفات “شيرمان برمال” في شحر أو في ظفار( مدينة قديمة قرب صنعاء عاصمة اليمن) فتح السامري (أو الزامورين أو الساموتري علم كان يلقب به جميع من تولّى حكمَ “كاليكوت” Calicut أوKozhikode في العصور الوسطى، وهؤلاء الرعاة أو الساموترون كانوا من الهندوس ديناً وعادةً) منطقة كاليكوت وحكمها، وأصبحت كاليكوت فيما بعد مركزًا هاماً للإسلام وتجارة العرب؛ كما صارت مدينة كبيرة يسكن فيها المسلمون والكفار معاً، ثم أصبح السامري أقوى ملوك مليبار التي انقسمت بعد برمال إلى دويلات، وذلك من دعاء برمال له وحب السامري للإسلام والمسلمين، أو بإعطاء برمال سيفًا له كما اعتقد الهندوس. وكان السامري ملكاً عادلاً مقبولاً بين الناس.
والقسم الثالث للكتاب بعنوان: في ذكر نبذة يسيرة من عادات كفرة مليبار الغريبة يتحدث عن بعض العادات والأخلاق الغريبة التي شاعت بين هندوس مليبار ومنها: إن المليباريين أحبوا راعيهم كثيرًا، فإن لقي مصرعه في الحرب قاتلوا أعداءه حتى يقتلوا جميعهم ويخربوا بلاد خصمه. وهم لايخدعون أعداءهم في الحرب؛ فيحددون تاريخاً خاصاً لها. وإذا مات كبيرهم كالأب والأم والأخ الكبير بين البراهمة Brahmans والنيار Nayars أوالنايرNairs لايقربون نسوتهم سنةً ويجتنبون أكل الحيوانات، والتنبول، وحلق الشعر، وقلم الأظفار وذلك قربة إلى الأموات. والنيار منهم لايورثون أولادهم مالاً وملكاً، وراج هذا التقليد بين أكثر مسلمي كننور Cannanore أو kannurوماجاورها من المناطق تبعاً لهم، وبين الهندوس الآخرين كالبراهمة فالإرث فيهم للأولاد. والنكاح بين النيار هو عقد خيط في عنق المرأة في أول مرة ثم الأمر على حسب الحال، العاقد وغيره سواء. وفي البراهمة ينكح أكبر الإخوة فقط لئلايكثر الورثة إلا إذا تحقق أنه لا يولد له فينكح غيره، وينضم الباقون إلى نسوان النيار من غير نكاح. ويجتمع على مرأة واحدة بالتناوب كل ليلة أكثر من واحد من الرجال بين النيار، ويتبعهم بعض الهندوس الآخرين في هذا التقليد. وإنهم لا يسترون أبدانهم إلا السوأتين وشيًأ مما يليهما وباقي البدن مكشوف، ويستوي في ذلك الذكور والإناث والملوك والكبراء. ويوجد الحجاب بين نساء البراهمة. ويتملك من هو أكبر سنًا حتماً وإن لم يستحق به. وهم منقسمون إلى طبقات اجتماعية كثيرة، منهم الأعلى والأدنى ومابينهما، وحياة المنبوذين صعبة للغاية في المجتمع.
والقسم الرابع الذي يحوي فصولاً يتحدث بعنوان: في ذكر وصول الإفرنج إلى مليبار وشيئ من أفعالهم القبيحة عن وصول البرتغاليين بقيادة “فاسكو دا جاما” عام 904ﻫ (1498م) إلى فندرينة في ثلاث مسماريات (مراكب بحرية)، ثم إلى بندر كاليكوت، ثم رجوعهم إلى البرتغال بعد شهور. وبعد سنتين جاء البرتغالييون في ست مسماريات ودخلوا في كاليكوت على هيئة التجار، وطالبوا مسؤولي السامري بمنع المسلمين من التجارة؛ كما أساؤا المعاملة إليهم فقتل السامري عددًا منهم وفر الباقون إلى بندر كشي (كوتشن) وبنوا فيها قلعةً صغيرةً، ثم بنوا قلعةً أخرى في كننور، ثم عادوا بالفلفل والزنجبيل والسلع الأخرى إلى البرتغال. ثم تتابع قدومهم إلى مليبار كل عام. ونظرًا لطموحاتهم السياسية وأهدافهم الاستعمارية حاربهم السامري في كشي وخربها، وشارك فيها المسلمون بكل رغبة واستعداد واستشهد عدد منهم في الحرب. وقد غضب البرتغالييون على المسلمين كثيرًا لمشاركتهم في الحرب؛ فهدموا بعض المساجد وحرضوا الحكام والأمراء على الإساءة إلى المسلمين وقتلهم. ثم تتابع مجيئهم إلى كيرالا ورسخت أقدامهم فيها، ففتحوا مناطق وبنوا قلاعاً، وقد حاول السامري وجنوده الهندوس والمسلمون أن يدافعوا عن وطنهم، وأنفق السامري أموالاً طائلة حتى ضعفت مملكته وذهبت قوته. وقد استنجد المسلمون والسامري من سلاطين المسلمين من جزرات (غجرات) ومصر وغيرهما فلبى بعضهم دعوتهم وساعدوهم مالاً وأرسلوا إليهم جنودًا. ولكن نفوذ البرتغاليين ظل يزداد يوماً فيوماً.
وقد هاجم البرتغلييون فجأةً على جنود المسلمين في ديو جزرات (Daman and Diu) ورجعوا غالبين إلى كشي وقد سبق أن هزمهم المسلمون في ديو. وفي عام 915ﻫ (1510م) هاجم البرتغالييون على كاليكوت وكان السامري غائبًا لبعض الحروب فأحرقوا المسجد الجامع الذي بناه التاجر “الناخدا مثقال”، وحاربهم النيار وقتلوا نحو 500 برتغالي وفر الباقون. وفي هذه الأيام وقعت حروب بين البرتغاليين والمسلمين في بحر العرب والخليج الفارسي وانهزم الأعداء كل مرة. وفتح البرتغالييون كووة ( ولاية جواGoa الحالية) وديو من المسلمين بعد حروب استمرت سنوات (وظلتا في أيديهم حتى عام 1961م) .
كان المسلمون في مليبار يملكون أموالاً ويعيشون حياةً طيبةً، وكانوا أيضاً آمنين وسالمين فيها قبل مجئ البرتغاليين. وهم بدأوا يظلمون المسلمين ظلمًا شديدًا؛ كما أفسدوا تجارتهم وأضاقوا عليهم حياتهم. وكان المسلمون تجارًا مغامرين، ومهرةً في الحروب البحرية، وكانوا حجر عثرة في سبيل التجار الأوربيين. وهم لم يرحبوا بقدوم “فاسكو دا جاما” عام1498م في كاليكوت؛ لأنهم كانوا يعرفون أهداف البرتغاليين.
قام البرتغالييون بأعمال قبيحة كثيرة ضد المسلمين المليباريين لايحبها شخص مثقف؛ فبصقوا على وجوههم، وأجبروا على إلغاء سفرهم للحج، ونهبوا أموالهم، وهدموا مساجدهم وأحرقوها، ووطئوا المصاحف والكتب المقدسة بأرجلهم، وحرضوهم على قبول قول الردة والسجود لصليبهم، وسبوا الرسول جهارًا، وجاءوا بهم إلى السوق لبيعهم كما يباع العبيد، وأهانوا العلماء وأذلوا النساء، وحاولوا تنصير المسلمين. وجدير بالملاحظة هنا أن الحكام الهندوس ساعدوا المسلمين دائمًا وشاركوا في آلامهم.
وقد ازداد فساد البرتغاليين وظلمهم في كاليكوت، ووقعت الفتنة بينهم وبين مسلمي فندرينة في عام 931 ﻫ (1524م) فحارب المسلمون حرباً شديــدةً بإذن السامـري، وشارك فيها المسلمون من كل المناطق، وقاتلوا النصارى واليهود قتــالاً وأخذلوهم. ثم هاجم البرتغالييون على فنان وفندرينة في نفس العام، فقتلوا رجالاً ودمروا ممتلكات كثيـــرة. ثم وقعت حرب شديدة بينهم وبيــن المسلمين، وكان السامري معهم، وشارك فيها المسلمون من مناطق مختلفة في عام 1525م في كاليكوت فهزموا البرتغاليين وفتحوا قلعتهم. ثم حاربهم السامري والمسلمون في عام 935 ﻫ (1528م) وهزموهم هزماً كبيرًا في تانور. ولكن البرتغاليين هزموا المسلمين في جزرات عام 1530-31م.
وبعد موت هذا السامري صالح أخوه، الملك الجديد، مع البرتغاليين وأذن لهم بناء القلعة في شاليات في عام 938ﻫ (1531م ) حيث هدموا المسجد الجامع القديم ومسجدين آخرين واستعملوا أحجارها في بناء القلعة.
وفي عام940ﻫ (1533م) صالح السامري مع البرتغاليين مرةً ثالثةً بشروط وأهمها الإجازة في إرسال أربعة مراكب إلى بر العرب من كاليكوت. ثم حارب السامري مع ملك تانور وأجبره أن يصالح معه. وبعد ذلك قدم خواجه حسين سنجقدار الرومي وغيره بهدايا كثيرة من السلطان بهادر شاه، حاكم جزرات (غجرات)، للسامري وطلب المسلمين أن يشاركوا في الحرب ضد البرتغاليين في بحر العرب قرب جزرات.
وفي عام 1535م هزم همايون بن بابر المغولي بهادر شاه الجزراتي فطلب الجزراتي إعانة البرتغاليين فوصلوا إليه مسرعين وحصلوا بالصلح بعض بنادره، ثم حصلوا على ديو التي كانت في نظرهم منذ زمن طويل. ثم قتلوا بهادر شاه في 943ﻫ (1537م) وقبضوا على ديوجميعها واستقروا فيها. وفي عام 944ﻫ (1537م) نزل البرتغالييون في برونور وقتلوا كوتي إبراهيم مركار بن عمر علي إبراهيم مركار وآخرين معه وأحرقوهم ( وكان أعضاء أسرة مركار مهرة في الحرب البحرية) ثم بنوا قلعة في كودونغالور بعد هزم السامري والمسلمين. ثم هزموا المسلمين وفيهم علي إبراهيم مركار،في بيتاله (Puttalam) في عام 944ﻫ (1538م).
وفي نفس العام وصل سليمان باشا، وزير السلطان سليمان شاه العثماني القانوني إلى جزرات وشن حربًا على البرتغاليين في ديو وهدم أكثر القلعة ثم رجع من غير فتح إلى مصر. وبعد سنة من موت علي إبراهيم مركار قتل فقيه أحمد مركار وأخوه كنج علي مركار في سيلان بأيدي البرتغاليين.
وفي عام 946ﻫ (1540م) تم الصلح بين السامري والبرتغاليين مرةً رابعةً في فنان، وفي عام 952ﻫ (1545م) قتل البرتغالييون المقدم الكبير أبو بكر علي وغيره.
وفي عام 957ﻫ (1550م) وقع الاختلاف بين السامري والبرتغاليين فنزلوا من كووة في تركودي وأحرقوا ممتلكات كثيرة والمسجد الجامع فيها، ثم خربوا فندرينة والمسجد الكبير.
وفي عام 963ﻫ (1555م) أجبر السامري أن يصالح مرةً خامسةً مع البرتغاليين وضعفت قوة المسلمين كثيرًا. ثم اعتدوا على المسلمين في كل مكان وقتلوا كثيرًا منهم ودمروا ممتلكاتهم. وفي عام 979ﻫ (1571م) وقعت الحرب بين المسلمين والبرتغاليين في شاليات وهزمهم المسلمون هزماً شنيعًا وأنفق السامري كثيرًا في هذه الحرب. وبعد هذا الهزم ازداد غيظهم للسامري والمسلمين فأخذوا يخربون الممتلكات في دولة السامري وخاصة ممتلكات المسلمين. وفي عام 985ﻫ (1577م) أخذ البرتغالييون عددًا من مراكب جزرات التي كانت ذاهبة من بندر سورت إلى بندر جده وكان بعض المراكب لجلال الدين أكبر المغولي. ثم أحرق البرتغالييون بندر عادل آباد (في ولاية آندهرا براديش حاليًا)، وبندرقرافتن، فقبض نائب بندر دابول على مأة وخمسين برتغاليًا وقتل أكثرهم. وفي عام 991 ﻫ وقع الصلح بين السامري والبرتغاليين وتم تبادل الأسارى بينهم.
هذا ما جاء ملخصًا في كتاب تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين لصاحبه الشيخ زين الدين بن محمد المخدوم الثاني. والكتاب يبحث في تاريخ البرتغاليين في مليبار أو كيرالا منذ قدومهم بقيادة فاسكودا غاما (م 1524م) عام 1498م إلى وفاة المؤلف عام 1583م. وألفه الشيخ زين الدين لغاية نبيلة جدًّا “وهي حث شعبه وأمته المسلمة جمعاء على مقاومة القوة الغاصبة البرتغالية الاستعمارية إذ احتلت ارض “كيرالا” ظلماً وجورًا ومارست مع سكانها من أنواع الوحشيات ما لايطيق حتى ذو قلب متحجر عليها صبرًا. وذلك بأن هذا الكتاب هو المرجع الأصلي للوصول إلى معرفة تاريخ المليبار القديم وبدء ظهور الإسلام فيها وإلى معرفة الديانات والعادات القائمة هنا في ذلك الوقت ولم يسبق هذا المؤلف أحد من المؤرخين في جمع هذه الأمور وتدوينها”. (من مقدمة ناشر الكتاب، ص3)
والكتاب أُلف أصلاً لغاية مؤقتة؛ ولكن أهميته قائمة حتى اليوم، وهي مطاردة البرتغاليين من الأراضي الهندية، والدفاع عن الوطن العزيز من هجوم الأعداء عليه، وحث المسلمين على القيام بالجهاد ضد البرتغاليين الاستعماريين الغاشمين. وكان مجئ البرتغاليين إلى الهند تهديدًا كبيرًا للتجارة العربية – المليبارية، وخطرًا واضحًا للتجار المليباريين المسلمين الذين اشتهروا كمهرة الحروب البحرية منذ أمد بعيد. وكان من أهداف البرتغاليين الرئيسية وراء احتلال مليبار احتكار بعض السلع التجارية كالفلفل، والزنجبيل وغيرهما وكانوا يشترونها من التجار المسلمين من قبل. والمسلمون كانوا يعرفون هذه الحقيقة ولذلك لم يرحبوا بوصول غاما إلى كاليكوت رغم أن الزامورين أو الساموتري رحب به. ويجدر بالملاحظة هنا أن التجار المسلمين كانوا قادة التجارة البحرية منذ قرون، وكانت لهم السيادة التامة على مياه الخليج العربي، وبحر العرب. والأوروبييون بدؤوا يحاولون في السيطرة على الطرق البحرية منذ القرن الخامس عشر الميلادي. وكان المسلمون والأوروبييون يتحاربون كل حين لآخر من أجل السيادة على المياه. وكان العثمانيون، أقوى الناس على وجه الأرض، يقودون المسلمين في حروبهم ضد الأوروبيين. ولذلك كان الأوروبييون في مسيس الحاجة إلى اكتشاف طريق بحري آخر للتجارة مع الهند والدول المجاورة لها. فاستطاع فاسكودا غاما أن يصل إلى الهند من طريق رأس الرجاء الصالح في عام 1498م.
والكتاب في الواقع شاهد عيان للأحداث التي وقعت في مليبار في القرن العاشر الهجري بعد الاحتلال البرتغالي الاستعماري. وقد قام البرتغالييون بأنواع من الظلم والفساد ضد المليباريين، وكان المسلمون هم أكبر أعدائهم ولذلك واجهوا أنواعاً من الأعمال الوحشية من البرتغاليين والذين دمروا ممتلكات المسلمين ومساجدهم، “وأسروا منهم من لايحصى كثرة، وقتلوا منهم كثيرين، وردوا جملة منهم إلى النصرانية، وأسروا المسلمات المأسورات، حتى خرج لهم منهن أولاد نصارى، يقاتلون المسلمين ويؤذونهم”. (من مقدمة المؤلف، ص 14) وقد اشتكى المؤلف إلى سلاطين المسلمين وأمرائهم الذين لايعتنون بالإسلام والمسلمين، ولايدفعون عنهم البلاء والفتنة والمشاكل التي حلت بهم مع كثرة عساكرهم وأموالهم، وهم أيضًا لايعتنون بالجهاد وإنفاق الأموال في سبيل الله، لقلة اعتنائهم بأمور دينهم، وإيثارهم الدنيا الفانية على آخرتهم. وقد مدح المؤلف السلطان علي عادل شاه ( المعروف بعلي عادل شاه الأول 1557-1580م)، الملك الرابع من سلالة عادل شاهي مملكة بيجابور(1489-1686م) كثيرًا باعتنائه الخاص بأمور المسلمين، والجهاد ضد أعداء الإسلام والمسلمين، وجعل المؤلف كتابه هذا تحفة للسلطان المذكور آنفاً.
فالكتاب الذي نناقشه هنا قد استرعى انتباه بعض المحللين السياسيين، والخبراء في أمور الشؤون الأمنية، والحكام والزعماء، وعدد من المنظمات الثقافية والدينية المعاندة للإسلام أخيرًا وخاصةً بعد المناوشة التي وقعت بين الشرطة والإرهابيين المشتبهين في “باتلا هاؤس” بـ”دهلي الجديدة” في سبتمبر 2008م؛ ولكن كان هذا الانتباه تجاه الكتاب لأسباب سلبية. ادعى عدد ملحوظ من الصحفيين والمحللين في قنوات الأنباء، والصحف أن المسلمين “الإرهابيين” في أرجاء العالم قد اتخذوا تحفة المجاهدين دستورًا لهم أو يعتبرونه أهم كتاب في موضوع الإرهاب و”الجهاد”. وبعض الصحفيين صرحوا “بكل ثقة” أن تنظيم القاعدة التي يرأسها “أسامة بن لادن” قد اتخذت هذا الكتاب بيانًا رسميًا لها ( ومن المعلوم جيدًا أن هناك عشرات بل مئآت من الكتب موجودة في مكتبات العالم في موضوع الجهاد وهي أفضل من هذا الكتاب كثيرًا). وخلف الكتاب تأثيرًا كبيرًا في أذهان المسلمين في أنحاء العالم، وحرضهم على الإرهاب أو الجهاد الحالي الذي يجري على وجه الأرض. وهؤلاء الناس لايذكرون في تصريحاتهم وتحليلاتهم اسم الكتاب كاملاً وهو تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين، فيركزون اهتمامهم على كلمتي “تحفة المجاهدين” A Gift to Mujahideen or The Mujahideen’s Gift ويحذفون في تصريحاتهم في معظم الأحيان ” في بعض أخبار البرتغاليين” متعمدين، و”المجاهدون” عندهم اليوم “الإرهابييون”. ولكن هذه الإدعاءات والدعايات ضد هذا الكتاب القيم مزيفة وغير مقبولة عند كل محلل موضوعي، و كل من يعرف اللغة العربية وذلك لأسباب تالية:
1- أُلف هذا الكتاب لهدف موقت وهو مقاومة البرتغاليين الاستعماريين الذين حاولوا احتلال دولة “مليبار” (كيرالا) وقاموا بأنواع من الأعمال الوحشية ضد الهندوس والمسلمين.
2- كانت دولة مليبار تحت حكم الساموتري الهندوسي ومعظم سكانها كانوا الهندوس الذين احتلوا معظم مناصب حكومية عالية.
3- قام المسلمون بالجهاد ضد القوة البرتغالية الاستعمارية الغاشمة تحت راية ملك مليبار، وحاربوا أعداءهم مع إخوانهم الهندوس. ولم يقوموا أبدًا بالحرب ضد البرتغاليين بدون أمر الساموتري وبدون مشاركة الهندوس فيها.
4- حارب المسلمون بإخلاص تام مع الهندوس متكاتفين ضد القوة البرتغالية الغاصبة للدفاع عن وطنهم العزيز وتجارة بلادهم البحرية التي ظلت قائمة مع التجار العرب منذ زمن قديم.
5- شجع الكتاب المسلمين على إقامة علاقة ودية مع إخوانهم الهندوس ولم يحرضهم أبدًا على المحاربة ضد الساموتري أو الهندوس.
6- أنفق المسلمون أموالاً طائلةً واستشهد الكثيرون منهم للدفاع عن وطنهم “مليبار” والإسلام والمسلمين. ولم يكن المسلم المليباري أقل قوميًا من الهندوس في المعنى الحقيقي للكلمة. وكثير من الهندوس المليباريين شاركوا البرتغاليين وساعدوهم في المعارك ضد الساموتري لأغراض سياسية واقتصادية.
7- وهو أيضًا أول كتاب موثوق به ألف في تاريخ مليبار القديم، وهو في الحقيقة شاهد عيان لما حدث في دولة مليبار خلال الاحتلال البرتغالي الذي ظل حوالي ثمانين عاماً. وهو أيضًا وثيقة تاريخية مهمة تدل على الأخوة القائمة بين الهندوس والمسلمين والوداد بينهم.
8- كيف يكون هذا الكتاب دستورًا للإرهاب والإرهابيين وقد أُلَّف لغرض مؤقت خاص مهم للغاية وهو مطاردة البرتغاليين من الأراضي المليبارية، والدفاع عن دينهم الإسلامي والثقافة المليبارية من الادعاءات والدعايات البرتغالية ضد الهندوس والمسلمين، والمهاجمة التنصيرية التي قام بها النصارى البرتغالييون في “مليبار”؟
9- استخدمت كلمة “الجهاد” في هذا الكتاب والقصيدة التي نشرت ملحقة بآخر الكتاب للمحاربة ضد البرتغاليين.
ومما يؤاخذ على الكتاب هو أن الإسلام لم ينتشر في أكثر العالم بما فيه الهند بالسيف والإرغام كما يعتقده المؤلف الشيخ زين بن محمد المليباري؛ بل انتشر الإسلام بجهود الدعاة المسلمين المخلصين عبر القرون. وفي الهند خاصةً لم ينتشر الإسلام بجهود الحكام المسلمين بل في الواقع انتشر فيها بجهود الدعاة، والصوفية، وعلماء الدين؛ كما لايتفق معه الكثيرون من كبار العلماء في بعض تصريحاته التي أدلى بها في كلماته البدائية في القسم الأول لكتابه والتي نقلتها في مستهل هذا المقال.
أما أسلوب الكتاب فهو أسلوب حديث سهل، لايوجد فيه الغموض في المعنى، والتعقيد في الأسلوب كما هو خالٍ من الزخارف اللفظية؛ فالكتاب يمتاز بالموضوعية، وأسلوبه واضح حديث، وهو بسيط وسهل، لايصعب على القارئ فهمه، ولايتعسر عليه إدراك معانيه. فالكتاب قيم معنى، وأسلوباً، وأدباً أيضاً. ولم لا؟ فظهر بقلم عالم كبير وُلِدَ في أسرة علمية شهيرة جدًا وكانت تنتمي إلى أصل يمني عربي خالص. ودرس العلوم الإسلامية والعربية وفنونها على كبار العلماء في الحرمين الشريفين؛ حيث قضى عشرة أعوام. كان المخدوم الأول ضليعًا من اللغة العربية وآدابها، وقديرًا في الكتابة، وعالماً جليلاً ذاع صيته في الآفاق، ومؤلفاً كبيرًا وضع كتباً عديدةً قيمةً في الإسلام والتاريخ، ومجاهدًا متحمساً عمليًّا عني مصائب كثيرة من أجل دينه ووطنه وجاب البلاد يحث المسلمين والأمراء على المقاومة ضد البرتغاليين، وأول مؤرخ موثوق به في تاريخ “كيرالا” لعصر عاش فيه هذا العالم الشافعي العظيم. جزاه الله عن كل من يهتم بالإسلام ويحب العلم والوطن.
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، محرم – صفر 1431 هـ = ديسمبر 2009 م ، يناير – فبراير 2010م ، العدد : 1-2 ، السنة : 34