الأدب الإسلامي
شعــر: د . سعد عطية الغامدي
سَقَطَ الْحِجَابُ غَداةَ يومِ الْعِيد
عَنْ لَونِ غَدْرٍ فِي الْخِصَامِ شَدِيد
لَمْ يُعْدِمُوه صَباحَ حَجٍ أَكْبَر
إِلاّ لِفَصْلٍ في الشِّقَاقِ جَدِيد!
لِمَ لَمْ يُتِيْحُوا لِلْحَقِيقَةِ فُسْحَةً
كَيْ تَسْتَبِينَ لِشَاهِدٍ وَشَهِيد؟
لِمَ بَادَرُوا فِي صَفْقَةٍ مَّشْبُوهَةٍ
تُوحِي بِعَجْزِ مُسَوَّدٍ وَعَبِيد؟
تُطْوٰى صَحَائِفُ مِنْ دَسَائِسَ لَم نَزَلْ
نَشْقـٰـى بِهَا مِنْ كَائِدٍ وَّمَكِيد
لِمَ لَمْ يَخُوضُوا فِي التَّفَاصِيلِ الَّتِي
لَمْ تَخْلُ مِنْ وَعْدٍ وَّطُولِ وَعِيد؟
فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ سُؤَالٌ شَارِدٌ
يَسْقِي الشُّهُودَ مِرَارَةَ التَّهْدِيد
عَمَّنْ يُّقِيمُونَ الْمَبَادِئَ سِلْعَةً
في السُّوقِ بَينَ مُزَايِدٍ وَّمَزيد
وَيُطَوِّعُونَ الْحَقَّ مَا شَاءَتْ لَهُمْ
أَهْواؤُهُمْ بِقَذَائِفَ وَحَدِيد
أَنّى اتَّجَهْتُ رَأَيتُ نَفْعًا حَاضِرًا
فِي كُلِّ شَأْنٍ لِلْغُزَاةِ مُفِيد
وَمِنَ اللَّيَالِي السُودِ أَلْفُ رِوايَةٍ
تَحْكِي عَنِ التَّنْصِر وَالتَّهْوِيد
يَسْعىٰ بِها الْكَيْدُ الْخَفِيُّ لِغَايَةٍ
تَهْوِيْ بِهَامٍ فِي الثَّرىٰ وَبِجِيد
وَتُذِيقُ مِنْ غُصَصِ النَّدَامَةِ أُمَّةً
تَحْظـٰـى بِذِكْرٍ فِي الزَّمَانِ مَجِيد
يَرْوِيْ لَهَا التَّارِيخُ أَنْصَعَ سِيرَةٍ
عَنْ مَّنْهَجٍ بَينِ الأَنَامِ رَشَيد
قِمَمٌ يُعَانِقُهَا الضِّيَاءُ فَتَنْتَشِي
شَغْفًا لإِنْجَازِ الهُدَاةِ الصِّيد
وَمَوَاكِبُ مِنْ صَفْوَةِ الْبَشَرِ اجْتَبَتْ
خَلْقًاً إِلى خَلْقٍ أَغَرَّ حَمِيد
لـٰـكِنَّهَا أَلْقَتْ زِمَامَ قِيَادِهَا
لِمَغَامِرَ صَعْبِ الْمِرَاسِ عَنِيد
تَلْهُو بِه أَهْوَاؤُه وَظُنُونُه
عَنْ أَمْرِ رُشِدٍ فِي الْحيَاةِ سَدِيد
لَمْ يَنْجَ مِنْ بَيْدَاءِ كَالِحَةِ السِّرٰى
إَلاّ اسْتَطَلّ مِنَ السَّرَابِ بِبِيْد
يَبْنِيْ وَيَهْدِمُ مَا بَنَاهُ بِطَيْشِه
طَيْشٍ عَلىٰ قَلْقٍ أَصَمَّ شَدِيد
وَيَظَلُّ يَقْتَحِمُ الْحَيَاةَ مُخَاطِرًا
بِتُرَاثِه مِنْ طَارِفٍ وَتَلِيد
فَتَنَاوَشَتْهُ حِبَا لُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ
فِي وَهْمِ سَحَّاٍر وَرِجْسِ مَرِيد
لاَ يَسْتَقِيمُ عَلَى سَبِيلٍ وَّاضِحٍ
يَسْمُو بِه فِي سُلَّمِ التَّوحِيد
أَوْ يَرْعَوِيْ فِي غَيِّه عَنْ بَاطِلٍ
يُزْرِي بِعَزْمِ الْفَارِسِ الصِّنْدِيد
وَلَرُبَّما أَحْيَا شُعورَ كرامةٍ
في أَهلِه وَسَعىٰ إلى التَّصعِيد
وَأَتَاحَ أَبْوابَ الْعُلُومِ فَأَثـْمَرتْ
جِيْلاً يَتُوقُ لِمتعةِ التَّجْدِيد
لـٰـكِنّـه أَرْخـٰـى عَنَانَ خيالِه
فِي مَسْرَحٍ لَمْ يَخْلُ مِنْ تَحْدِيد
وَرَأَى الإِشَارَةَ فَاسْتَجَابَ لِوَحْيِهَا
مِنْ غَيرِ بَيِّنَةٍ وَلاَ تَوْكِيد
فَغَدا رواقُ العلمِ أَكثرَ جُرْأَةً
فِي مَنْظَرٍ زَاهِي السِّماتِ فَريد
وَأَقَامَ لِلأُنْثىٰ مَكَانًا بَارِزًا
فِي مَسْلَكٍ يُفْضِي إِلى التَّسْدِيد
وَتَجَاوَزَ الْمُمْنُوعَ فِي أَوْهَامِه
فِي خَانَةِ التَّأْلِيبِ وَالتَّجْنِيد
فَأَغَارَ مَنْ مَنَحُوهُ أَوْ سِمَةَ الرِّضَا
مِنْ بَعْدِ مَا رَفَعُوا عَصَا التَّأْيِيد
يَغْزُونَ بَغْدادَ العَريقَةَ جَهرَةً
مَا بَينَ مُسْتَلِبٍ وَّبَينَ طَرِيد
وَجَرَتْ دِمَاءٌ فِي الْعِرَاقِ وَقُطِّعَتْ
أَوْصَالُه في زَحْمَةِ التَّنْدِيد
وَالْيوم يَخْتِم سرَّ فَصْلٍ غَائرٍ
بِجَريمَةِ الإعدامِ صُبحَ الْعِيد
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محـرم – صفـر 1428هـ = فبـراير – مارس 2007م ، العـدد : 1-2 ، السنـة : 31.