الأدب الإسلامي
الشاعر : الشاعر الإسلامي الكبير الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي / الرياض
حَطِّمْ قُيُودَكَ فَالْمَقامُ عَسِيرُ
وَالْحَادِثـَاتُ بِمَا تَخَافُ تَدُورُ
حَطِّمْ قُيُودَكَ فَاللَّيَالِي أَقْبَلَتْ
حُبْلَىٰ ، وَفِي أَحْشَائِهَا التَّدْمِيْرُ
فِي بَطْنِهَا الْحَربُ الضَّرُوسُ وَخُطَّةٌ
يُطْوَىٰ عَلَىٰ أَسْرَارِهَا الدَّيْجُورُ
يَمْشِي بِهَا صِهْيُونُ مِشْيَةَ ظَالِمٍ
وَبِهَا يُقِرُّ وَيَحْتَفِي (نَقْفُورُ)
حَطِّمْ قُيُودَ الْخَوْفِ مِنْ مُسْتَعْمِرٍ
بِيَدِ الْخِيَانَةِ وَالْخِدَاعِ يُشِيرُ
حَطِّمْ قُيُودَ الرُّعْبِ مِنْ مُتَطَاوِلٍ
هُوَ بِالدَّعَاوِي الْكَاذِبَاتِ يَسِيْرُ
مَا كَانَ يَوْمًا بِالشُّجَاعِ ، وَإِنَّمَا
أُسْلُوبُه التَّحْطِيمُ وَالتَّكْسِيرُ
وَاللهِ ، إِنَّ حِبَالَه لَقَصِيرَةٌ
وَكَذَاكَ حَبْلُ الظَّالِمِيْنَ قَصِيرُ
يَا أَيُّهَا الْمَظْلُومُ ، يَا مَنْ حَوْلَه
مِنْ كلِّ حَادِثـَةٍ ، يُقِيمُ نَذِيرُ
حَطِّمْ قُيُودَ الذُّلِّ ، إِنَّكَ مُسْلِمٌ
إِقْدَامُه يَوْمَ الْوَغَىٰ مَذْكُورُ
قَاوِمْ عَدُوَّكَ ، إِنَّه بِضَلاَلِه
وَبِبِغْيِه ، وَبِغَدْرِه ، مَشْهُورُ
إِنَّ الْمُنَافِحَ عَنْ بَنِيه وَأَهْلِه
شَهْمٌ يَطِيْبُ لِمِثْلِه التَّقْدِيرُ
عُذْرًا أَخَا الأَلَمِ الدَّفِينِ ، فَأُمَّتِي
بَابٌ ، أَمَامَ عَدُوِّهَا ، مَكْسَورُ
لَمَّا رَأَيْتُ الْمَسْجِدَ الأَقْصَىٰ ، وَفِي
عَيْنَيْهِ تَاْرِيخُ الْجِرَاحِ يَمُورُ
وَرَأَيْتُ غَزَّةَ فِي بَرَاثِنِ جُرْحِهَا
وَالشَّعْبُ فِيهَا جَائِعٌ مَحْصُورُ
وَرَأَيْتُ أَرْضَ الرَّافِدَيْنِ كَأَنَّهَا
وَالنَّارُ فِي أَرْجَائِهَا ، تَنُّورُ
وَرَأَيْتُ فِي لُبْنَانَ قَصْفًا يَصْطَلِي
بِلَظَاهُ شَيْخٌ مٌقْعَدٌ وَصَغِيرُ
ضَاقَ الْفضَاءُ بِطَائِرَاتِ عَدُوِّه
وَالْبَارِجَاتُ بِهَا تَضِيقُ بُحُورُ
قَالُوا الدِّفَاعُ عَنِ النُّفُوسِ ، وَمَا نَرَىٰ
إِلاَّ الْقَذَائِفَ بالرُّؤُوسِ تَطِيرُ
وَرَأَيْتُ صَمْتًا عَالِمَيًّا مُوجِعًا
يُنْعَىٰ بِه فِي الْعَالَمِيْنَ ضَمِيرُ
أَيْقَنْتُ أَنَّ الْخَطْبَ فِي أَوْطَانِنَا
جَلَلٌ ، وَحَالُ الْمُسْلِمِينَ خَطِيرُ
مَاذَا سَيَنْتَظِرُ الغُفَاةُ ، وَفَوْقَهُمْ
أَمْطَارُ صَيْفٍ ، غَيْثُهُنَّ سَعِيرُ؟!
مَاذَا سَيَنْتَظِرُونَ ، وَالْبَاغِي عَلَىٰ
أَبْوَابِهِمْ مُتَرَبِّصٌ مَوْتُورُ؟!
يَا أَيُّهَا الْمَظْلُومُ ، لَيْلُكَ مُثْخَنُ
بِالْجُرْحِ ، مَا لِلْبَدْرِ فِيهِ حُضُورُ
فَإِلَىٰ مَتَىٰ تَبْقَىٰ أَسِيرَ ظَلاَمِه
وَمَتَىٰ سَيُنْظَمُ عِقَدُكَ الْمَنْثُورُ
بِلِسَانِكَ الْقُرْآنُ أُنْزِلَ هَادِيًا
وَبِه دَعَاكَ إِلَىٰ الْيَقِينِ بَشِيرُ
أَنْسِيْتَ لَيْلَ الْجَاهِلِيَّةِ حِيْنَمَا
أَجْلاَهُ عَنْكَ مِنَ الشَّرِيعَةِ نُورُ؟!
حَطِّمْ قُيُودَ الإِثـْمِ إِنَّ قُيُودَه
عِبْءٌ عَلَىٰ قَلْبِ الأَبيِّ كَبِيرُ
طَهِّرْ فضَاءَكَ مِنْ بَرَامِجِه الَّتِي
لِلْفِسْقِ فِيهَا مَوْرِدٌ وَصُدُورُ
وَاسْتَغْفِرِ اللهَ الْكَرِيْمَ فَإِنَّه
لِعِبَادِه الْمُسْتَغْفِرِينَ غَفُورُ
اِخْلَعْ ثِيَابَ الْمُسْتَجِيرِ بِعَالَم
مَا عَادَ فِيهِ لِظَالِمِيه نَكِيرُ
نَطَقَ (الثَّمَانِيَةُ الْكِبَارُ) بِمَنْطِقٍ
سَيَخُونُنِي فِي وَصْفِه التَّعْبِيرُ
ضَحِكُوا أَمَامَ النَّاسِ ، وَالدَّمُ عِنْدَنَا
يَجْرِي ، وَدَمْعُ الْهَارِبِينَ غَزِيرُ
غَضِبُوا لِجُنْدِيَّيْنِ ، لَيْتَ قُلُوبَهُمْ
رَحِمَتْ شُعُوبًا ، كُلُّهُنَّ أَسِيرُ
يَا أَيُّهَا الْمَظْلُومُ ، حَسْبُكَ مَا تَرَىٰ
فَبِفِعْلِهِمْ يَتَكَشَّفُ الْمَسْتُورُ
وَاللهِ ، لَنْ تَمْحُو ظَلاَمَكَ (هَيْئَةٌ)
دَارَتْ مَعَ الْمُحْتَلِّ حَيْثُ يَدُورُ
بِالنَّقْضِ تُصْفَعُ كُلَّمَا نَطَقَتْ بِمَا
لاَ يَرْتَضِي الْمُسْتَكْبِرُ الْمَغْرُورُ
أَنَّىٰ تُرِيدُ الْخَيْرَ مِمَّنْ شُرْبُه
خَمْرٌ، وَخَيْرُ طَعَامِه الْخِنْزِيرُ؟!
دَعْنِي مِنَ الْبَاغِي وَمِنْ قُوَّاتِه
فَالْحَقُّ يَشْهَدُ أَنَّه مَدْحُورُ
لَوْلاَ قُيُودُ الذُّلِّ عِنْدَكَ وَالْهَوَىٰ
لَتَجَنَّبَتْكَ (حَمَائِمٌ) وَ (صُقُورُ)
لَوْلاَكَ أَنْتَ – أَخَا الْعَقِيدَةِ – مَا سَطَا
جَيْشٌ عَلَيْكَ وَلاَ أَغَارَ مُغِيرُ
أَنْتَ الَّذِي أَسْكَنْتَ دَارَك غَاصِبًا
فَسَطَا وَعَاثَ وَنَالَكَ التَّهْجِيرُ
حَطِّمْ قُيُودَ الْخَوْفِ، وَافْتَحْ صَفْحَةً
فيهَا تُسَطِّرُ لِلإِبَاءِ سُطُورُ
أعْدِدْ لَهُمْ مَا تَسْتَطِيعُ وَإِنْ يَّكُنْ
حَجَرًا ، فَرَبُّكَ حَافِظٌ وَنَصِيرُ
قُوَّاتُهُمْ عِبْءٌ عَلَيْهِمْ حِينَمَا
يَقْضِي بِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ قَدِيرُ
يَا أَيُّهَ الْمَظْلُومُ كُنْ مُتَفَائِلاً
فَلَديْكَ أَنْتَ لِنَفْسِكَ التَّغْيِيرُ
ستَكُونُ بِالإِيْمَانِ أَرْفَعَ هَامَةً
لَوْ أَلْفُ طَائِرَةٍ عَلَيْكَ تُغِيرُ
إِنْ كُنْتَ تَبْغِي النَّصْرَ فَاسْلُكْ دَرْبَه
وَاطْلُبْهُ مِمَّنْ عِنْدَه التَّدْبِيرُ
* * *
* *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . رمضان – شوال 1427هـ = أكتوبر – نوفمبر 2006م ، العـدد : 9-10 ، السنـة : 30.