كلمة العدد

       رغم مخالفة المجموعة الدوليّة للقرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، أَصَرَّ الرئيس الأمريكي الحالي «دونالد ترامب»— المعروف على المستوى الدولي بالتذاذه بجميع تصرفاته الخرقاء التي تثير حفيظة المسلمين والعرب الغيارى، وتتحدى غيرتهم، وتلحق أضرارًا بعيدة المدى بالمصالح الإسلامية والعربية في العالم كله ولاسيما في داخل البلاد العربية والإسلامية وبالأخص بالقضية الفلسطينية التي ظل يقِف منها دائمًا موقف الخصم المعاند وبالتالي ظل يقف من إسرائيل موقف الحليف المناصر المنحاز انحيازًا سافرًا مخزيًا له على الصعيد الدولي — على افتتاح السفارة الأمريكية بمدينة القدس في مساء يوم الاثنين: 14/مايو 2018م (27/شعبان بالتقويم الهندي 1439هـ) ورغم أنه لم يحضر مناسبة الافتتاح؛ ولكنه أمر ابنتها «إيفانكا» وزوجها «جاريد كوشنر»: كبير مستشاري البيت الأبيض على رأس وفد ضمّ 250 عضوًا من بينهم وزير الخزانة الأمريكي «ستيفن منوشين» ونائب وزير الخارجية «جون سوليفان» فحضروا المراسم الافتتاحية التي عَدَّتْها إسرائيل انتصارًا لها كبيرًا، مُعْتَبِرَةً المناسبة خطوةً استراتيجيّة بالغة الأهمية لفرض الأمر الواقع على المدينة المقدسة: القدس وعلى الفلسطينيين.

       وإمعانًا في الإثارة والاستفزاز اختار «دونالد ترامب» مناسبة الذكرى السبعين يوم 14مايو لنكـــبة الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الصهيونية يومَ افتتاح لسفارته بمدينة القدس؛ لكي يؤكد بذلك خرقه للمواثيق الدولية والأعراف العالمية، الذي درجت عليه الإدارة الأمريكية منذ اليوم الأول، ودرج عليه هو منذ ما قبل انتخابه رئيسًا أمريكيًّا.

       وكان الموقف العالمي دائمًا جديرًا بالتقدير لحد كبير، وقد تجلى هذ الموقف نفسه بهذه المناسبة كذلك؛ حيث رفضت أوربا هذه الخطوة الأمريكية كما رفضها الرأي العام العالمي فلم يحضر مراسم افتتاح السفارة الأمريكية بالقدس سوى 33 دولة من بين 86 دولة لديها تمثيل دبلوماسي في إسرائيل. وأبرز الدول التي أعلنت حضورَ مراسم الافتتاح ألبانيا، وأنجولا، والنمسا، والكاميرون، والكونغو، والكونغو الديموقراطية، وساحل العاج، وجمهورية التشيك، والدومنيكان، والسلفادور، وأثيوبيا، وجورجيا، وجواتيمالا، وهندوراس، والمجر، وكينيا، ومقدونيا، وبورما، ونيجيريا، وبنما، وبيرو، والفلبين، ورومانيا، ورواندا، وصربيا، وتايلاند، وأكورانيا، وفيتنام، وتنزانيا، وزامبيا.

       ولا تزال الأسرة الدوليّة تَعْتَبر القدس الشرقية أرضًا مُحْتَلَّةً وأنه من غير المُفْتَرَضَ نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المحتلة طالما لم يَتِمَّ البَتُّ في وضعها عبر التفاوض بين الجانبين المَعْنِيَّيْن.

       وكان «ترامب» قد أعلن في 6/ديسمبر 2017م (الأربعاء: 18/ربيع الأول بالتقويم الهندي 1439هـ) أن القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، وأمر وزارة الخارجية الأمريكية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة المساعدة على نقل السفارة إلى القدس. ولذلك تعتبر إسرائيل «ترامب» زعيمًا تاريخيًّا لـ«تل أبيب»؛ حيث حَقَّقَ كلَّ ما ترغب هي، من بينه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وانسحابه من الاتفاق النووي.

       ومن ثم يعتقد المحللون أن العلاقات بين إسرائيل وأمريكا صارت في أوجها على عهد «ترامب» بل أصبحت مثالية للغاية، ويرون أن «ترامب» إنما عَجَّل بإنهاء نقل السفارة الأمريكية إلى القدس للتغطية عن أزمة العمالة لروسيا؛ لأنه مُتَّهمٌ من قبل الرأي الأمريكي العام والرأي العالمي معًا بأنه دُعِّمَ في الانتخابات الرئاسيّة من روسيا، ولذلك حقق على فريقه انتصارًا صارخًا كان غير مُتَوَقَّع بكل المقاييس.

       ويرى المعلقون أنه من المؤسف للغاية أن القرار الترامبي بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لم يُقَابَلْ بتحرك من الدول الإسلامية والعربية يُشَكِّل قوة فاعلة عنيفة لمواجهته على أرض الواقع؛ بل المخزي أن بعض الدول العربية وقفت من ذلك موقفًا مشينًا للغاية لن يغفره لها التاريخ أبد الدهر.

       وإذا درسنا تاريخ العلاقات الودية الحميمة بين أمريكا وإسرائيل، وجدناها ترجع إلى ماقبل تأسيسها – الدولة الصهيونية – فقد عَزَّزتها بكل من المساعدات المادية والمعنوية والعسكريّة، ووقفت بجانبها دائمًا وقوفًا واضحًا لم تشعر فيه بندامة أو حجاب نفسي أمام الرأي الدولي. وأيدتها دائمًا بممارستها لحق النقض تجاه جميع القرارات الأمميّة التي ربما كان فيها دول العالم في جانب، وكانت أمريكا في جانب آخر في وقاحة منقطعة النظير.

       فقرارُ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كانت قد أصدرته أمريكا قديمًا في 8/نوفمبر 1995م (11/جمادى الآخرة 1416هـ) وأسمته بـ«تشريع سفارة القدس 1995م» وصادق عليه الكونجرس الأمريكي. وظل الرؤساء الأمريكيون يؤجلونه حتى جاء «ترامب» الذي صادف القرار هوى في نفسه، فعجل بتنفيذه لكي يصبح بطلًا تاريخيًّا في نظر إسرائيل، ويَتَشَفَّىٰ من المسلمين والعرب ولاسيما من الفلسطينيين.

       وكان التشريع الأمريكي قد حَشَدَ آنذاك أكوامًا من الدلائل تجاه شرعيّة القرار الأمريكي بشأن القدس، في تغاض عن الشرعيّة الدولية ودلائلها؛ حيث قال فيما قال: «إن القانون الدولي يكفل لكل دولة تحديد عاصمتها، وفي هذا السياق أعلنت إسرائيل منذ 1950م القدسَ عاصمةً أبدية لها، وجعلتها مقرًّا لمؤسساتها الوزارية والإداريّة، ومن بينها مقر الرئيس والبرلمان والمحكمة العليا، كما أنها «مركز الديانة اليهودية» وتُعْتَبَرُ مدينةً مقدسةً بالنسبة لـ«أعضاء ديانات أخرى». وذلك كله حسب صياغة القرار وتعبيره.

       وكان التشريع الأمريكي قد أضاف: «إن القدس كانت مدينة مُقَسَّمَةً، وإن المواطنين الإسرائيليين ومعتقدي الديانة اليهودية ظَلُّوا ممنوعين من دخولها منذ 1948م وحتى 1967م؛ حيث تَمَّ توحيدها مرة أخرى بعد حرب الأيام الستة». اُدرس الجملة الأخيرة من النص كيف تعتبر أمريكا الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م للقدس توحيدًا لها من قبل إسرائيل.

       ويزيد التشريع الأمريكي الطينَ بَلَّةً حينما يقول: «إن إسرائيل عملت على توحيد القدس وفسح المجال أمام معتقدي جميع الديانات للوصول إلى الأماكن المقدسة بالمدينة دون تضييقات».

       وظلّ أعضاء الكونجرس الأمريكي ومجلسي النواب والشيوخ يُصِرُّون على التوالي بين عامي 1990 و1995م على كون القدس باقية «مدينة مُوَحَّدَة» غير قابلة للتقسيم، حتى إنه في مارس 1995م وَجَّهَ 93 من أعضاء مجلس الشورى الأمريكي رسالة بتواقيعهم إلى وزير الخارجية الأمريكي «وارن كرستوفر»، وطالبوه فيها بالتخطيط لنقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المقدسة.

       وصَرَّح التشريع الأمريكي آنذاك مستغربًا بأنه «كيف يجوز للولايات المتحدة أن تتخذ سفارات لها بكل عواصم العالم باستثناء إسرائيل: «صديقتنا الديمقــراطيــة وحليفتنا الاستراتيجية». على حد ما وصف التشريع الأمريكي إسرائيل.

       وَصَرَّح التشريع الأمريكي بحيث لم يترك مجالاً للتأويل، أن أمريكا ليست وسيطًا نزيهًا بين إسرائيل والفلسطينيين وإنما هي متعاطفة مع إسرائيل ومناصرة لها علنًا وجهارًا، فقال مؤكدًا على:

       «أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تنبني على الاعتراف بالقدس مدينة مُوَحَّدَة غير قابلة للتقسيم، وأنه يجب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل. وبناءً على ذلك يجب أن تكون سفارة الولايات المتحدة بعاصمة إسرائيل».

       وكان التشريع قد شَدَّدَ على تخصيص 75 مليون دولار من ميزانية «الصيانة والبناء بالخارج» لبناء السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، مُلْزِمًا مسؤولي الإدارة الأمريكية بتقديم تقارير منتظمة لمجلس الشورى والنواب، بشأن التطورات المرتبطة بتطبيق «تشريع سفارة القدس 1995م».

       ورغم صدور تشريع السفارة منذ 1995م، ظل الرؤساء السابقون لـ«ترامب» يؤجلون تطبيقَه؛ حيث ظلت السياسة الأمريكية الخارجية لحد ما يساعد على الحفاظ على مصالحها الخارجية منحازة إلى سياسة الأمم المتحدة والقوى الكبرى الأخرى التي لا تعتبر القدسَ عاصمةً لإسرائيل ولا تعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية العربية بعد احتلالها من قبل إسرائيل في حرب عام 1967م، على أمل إنجاح مفاوضات السلام بناءً على حلّ الدولتين.

       ولذلك يرى المراقبون والمحللون أن نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس يُمَثِّل إرهابًا أمريكيًّا ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية؛ لأن القرارات الدولية رفضت كل ما يمارسه الاحتلال بالقدس. وذلك وفق القرار 252 القاضي برفض الاعتراف بأي أمر واقع لسلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.

       ثم إن الخطوة الأمريكية المتمثلة في نقل السفارة من «تل أبيب» إلى القدس ينسف القرار الأممي 242 الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وينفي كل مبادرات السلام لحلّ القضية الفلسطينية. كما أنها تعني صراحةً الاعترافَ بالقدس عاصمة مُوَحَّدَة لإسرائيل، وذلك بدوره يعني إسقاط القرار 181 الصادر عام 1947م القاضي بإعلان دولتين على الأرض دولة يهودية أُنْشِئَتْ ودولة فلسطينية يجب أن تُنْشَأَ وتكون عاصمتها القدس الشرقية. وإلى ذلك إنها تعني شَرْعَنَةَ الاحتلال الإسرائيلي للقدس وتشجيع أطراف أخرى لنقل سفاراتها والقضاء على عمليةالتسوية، وإنهاء فكرة السلام مع الإسرائيليين والصهاينة، ووضع حدّ للتفاوض، وإلغاء الحقوق الفلسطينية بكاملها في القدس، والتجنّي على كل ما هو فلسطيني؛ ولذلك صَرَّح «نتنياهو» قبل نقل السفارة الأمريكية بيوم: «ستبقى القدس عاصمة لإسرائيل مهما كان اتفاق السلام الذي تتصورونه».

       إن الخطوة الأمريكية نسفت خيار حلّ الدولتين الذي يتبناه المجتمع الدولي لحلّ القضية الفلسطينية، وأثبتت للفلسطينيين أن طريق التسوية مع إسرائيل لم يخدم قضيتهم، وأنهم باتوا مضطرين للبحث عن خيارات أخرى للحفاظ على حقوقهم.

       وفي جانب آخر طعنت الخطوة الأمريكية هذه في مصداقية الولايات المتحدة ومكانتها في العالم، وجعلتها «وسيطًا غير نزيه» في عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ومن المعلوم أن الولايات المتحدة قد واجهت عزلة دولية بعد ما قوبلت في مجلس الأمن الدولي بمعارضة عنيفة من قبل معظم الدول التي رفضت قرار اعترافها بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.

       وأكد المحللون أن الخطوة الأمريكية هذه تُبَرْهِن على ضعف المنطقة العربية، وعلى المزيد من تجاهل الولايات المتحدة للدول العربية، وعلى الغياب الكامل للقوى العربية والإسلامية القادرة على ردّ مثل تلك الخطوة الأمريكية الخرقاء الجارحة للمشاعر العربية الإسلامية جرحًا غائرًا لآخر الحدّ، وعلى موت جامعة الدول العربية.

       وإن نقل السفارة الأمريكية للقدس يُعْطِي إسرائيلَ الضوء الأخضر لتمضي في فرض سيطرتها الكاملة على المقدسات الإسلامية في القدس، ويُدَعِّم سياسة الاحتلال القائمة على التهويد والتهجير وضمّ الأراضي.

       وأكّد المراقبون أن نقل السفارة الأمريكية للقدس، تكون له تداعيات داخلية في فلسطين وإسرائيل ولن تواجه أمريكا على المستوى الدولي أية أزمة في طريقها؛ لأن الرئيس الأمريكي المتفرد بقراراته، والمتسارع إلى تنفيذ مخططاته، كان قد صدم العالم بقراره، و واجه في قوة وثقة لايحظى بها إلّا المجنون مثله جميع الاحتجاجات عبر رسائل تسلمتها سفارات بلاده في عدد من الدول، أو عبر أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة، وصَمَدَ أمام هذه الاحتجاجات، وأعلن مصارحًا أنه سيواصل عمله لنقل السفارة، فلا يُتَوَقَّع أن يكون هناك خطر عليه، ولا سيّما لأن أمريكا تعلم أن لديها قوة عسكرية اقتصادية لاتضارعها قوة في العالم، وأنها تستطيع أن تفعل كل شيء بالتهديد إذا لم تستطعه بالترغيب، وقدعزمت منذ اليوم الأول على مساندة إسرائيل على جميع المستويات وجعلها قوة لاتُغَالَب في المنطقة العربية حتى تظل مرهوبة الجانب مسموعة الكلمة تقدر على تأديب الفلسطينيين بصورة دائمة منتظمة، والدول العربية المجاورة كلها.

       وماتصنعه أمريكا إنما تصنعه في غير مبالاة بخجل أو ندامة أمام العالم، ولا استحياء من الأمم المتحدة، ولا مخافة من أي قوة على وجه الأرض، لأنها تعلم أن قوة ما لن تتحداها فيما يتعلق بالعرب والفلسطينيين المساكين؛ لأنها صنعت في العراق وأفغانستان وباكستان وبالتالي في الشام وقبلها في ليبيا ما شاءت ولم تواجهها أي قوة على وجه الأرض؛ بل ساندتها بالسلاح والقوة والمال والرجال.

       على كل إن الخطوة الأمريكية كانت اعترافًا رسميًّا بيهودية الكيان الإسرائيلي، فالأمر لايتعلق بالشأن السياسي وإنما يتعلق كذلك بالشأن الديني.

       وقد صَرَّحَ العلماء والفقهاء المسلمون في العالم كله أنه يجب على المسلمين أن لايعترفوا بدولة الكيان الصهيوني، وأن لايرضوا حكومات وشعوبًا بأي إجراء دولي يُتَّخَذ للاعتراف بها، ولا أن يُوَقِّعُوا على اتفاقيات دولية أو محلية تُعْقَد للاعتراف بها أو تأييدها بشكل.

       وأجمع العلماء والفقهاء على أنه إذا اغتصب شبر من أرض المسلمين وجب عليهم الجهاد في سبيل الله بكل ما أمكنهم حتى تعود أرض المسلمين إليهم. وكان هذا الموقف أوجب بالنسبة إلى الأراضي الإسلامية المقدسة، مثل أراضي القدس والمسجد الأقصى.

       وظلت فتاوى العلماء والفقهاء تتعاقب منذ أن اغتصبت الأراضي الفلسطينية، وأقيمت عليها دولة الكيان الصهيوني. وعلى رأسها فتوى علماء الأزهر الصادرة عام 1947م، القاضية بوجوب الجهاد لإنقاذ فلسطين والمسجد الأقصى. وذلك إثر صدور قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة يوم 29/11/1947م، القاضي بإقامة دولة يهودية وأخرى فلسطينية على أرض فلسطين.

       وتلتها فتاوى عديدة، كان آخرها الفتوى الشهيرة الصادرة في الفترة ما بين جمادى الأولى 1409هـ وربيع الآخر 1410هـ التي وقع عليها 63 عالمًا من أجلة علماء وفقهاء العالم الإسلامي، بعنوان «فتوى علماء المسلمين المحرمة للتنازل عن أي جزء من أجزاء فلسطين».

       كما كان علماء السعودية أصدروا فتاوى مماثلة، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، الذي كان قد أفتى بوجوب الجهاد ضد اليهود المعتدين على أرض فلسطين، قائلًا: «فالواجب عليهم الدفاع عن دينهم وأنفسهم وأهليهم وأولادهم وإخراج عدوهم من أرضهم بكل ما استطاعوا من قوة» وأضاف: «فالواجب على الدول الإسلامية وعلى بقية المسلمين تأييدهم ودعمهم ليتخلصوا من عدوهم وليرجعوا إلى بلادهم».

       وكانت دارالإفتاء المصرية هي الأخرى أفتت بوجوب الجهاد الفلسطيني و وجوب دعم الإخوة في فلسطين في جهادهم ضد الكيان الصهيوني.

       وصَرَّح العلماء أن السكوت عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وعدم النطق بالإنكار والشجب يُعَدُّ من القبول للفعل المحرم شرعيًّا فيما يتعلق بأرض القدس والمسجد الأقصى وأن الإعانة على الحرام حرام، وأنه لايجوز شرعًا الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، فلا يجوز للسلطة الفلسطينية أو أي دولة إسلامية أو عربية الاعتراف بأي شرعية للكيان الصهيوني.

       وقد أفتى العلماء بأن بيع أرض فلسطين وتسهيل ذلك من الكفر والردّة التي تخرج عن الإسلام، وأنه يحرم الاعتراف بأن ا لقدس عاصمة للدولة الصهيونية، ومهما صدر الاعتراف من حكومة إسلامية أو عربية أو السلطة الفلسطينية فلا اعتبار له في الشريعة الإسلامية، لأنه يُعَدُّ خيانة لله ولرسوله.

       وقد برأ الإخوة الفلسطينيون والمسلمون في كل مكان (الذين أبدوا غضبهم واحتجاجهم واستنكارهم للخطوة الأمريكة) ذمتهم، وأدوا ما كانوا يستطيعونه من إنكار المنكر وأداء الواجب. وقد ذهب عشرات من الفلسطينيين ضحايا للاحتجاج والتظاهر ضد المنكر الأمريكي الإسرائيلي كما أصيب مئات منهم. جزاهم الله خيرًا، وثبت أقدامهم في الدفاع عن الأراضي الإسلامية المقدسة.

(تحريرًا في الساعة 12 من يوم الثلاثاء: 11/شوال 1439هـ الموافق 26/يونيو 2018م).

نور عالم خليل الأميني

nooralamamini@gmail.com

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالحجة 1439 هـ = أغسطس – سبتمبر 2018م ، العدد : 12 ، السنة : 42

Related Posts