بقلم: الأستاذ/ سيد محبوب الرضوي الديوبندي -رحمه اللّه- (المتوفى 1399هـ / 1979م)

ترجمة وتعليق: محمد عارف جميل القاسمي المباركفوري(*)

تراجم خريجي دارالعلوم/ديوبند:

71- الشيخ كريم بخش السنبهلي:

         قرأ الكتب الدراسية إلى المرحلة المتوسطة في بلده «سنبهل» ثم تحول منها إلى «أمروهه»، و قرأ بها بعض الدروس على الشيخ أحمد حسن، ثم التحق بدارالعلوم/ديوبند. و أكمل دورة الحديث الشريف على شيخ الهند محمود حسن الديوبندي عام 1317هـ.

كان عالما كفوًا. ولي التدريس في مدارس مختلفة. وقرأ عليه إبان تدريسه في مدرسة «هافور» الشيخُ السيد فخر الدين أحمد أيضًا. كما ولي رئاسة التدريس في مدرسة جامع العلوم/كانفور. ثم ولي رئاسة التدريس في مدرسة دارالعلوم/مئو بمديرية «أعظم كره». وقـــــرأ عليه في تلك الأيام الشيخ حبيب الرحمان الأعظمي، والمفتي عبد اللطيف الأعظمي، والشيخ محمد منظور النعماني بعض الكتب. توفي الشيخ عام 1362هـ.

72- الشيخ عبد المجيد السنبهلي:

         تلقى مبادئ العلم في بلده على المفتي عبد السلام الإسرائيلي. والتحق بدارالعلوم/ديوبند لدراسة الحديث الشريف، وتخرج في مرحلة دورة الحديث الشريف عام 1317هـ.

         وقام بالتدريس في أول أيامه في دارالعلوم ندوة العلماء/لكناؤ، وقرأ عليه في تلك الأيام الشيخ السيد سليمان الندوي بعض الكتب. ثم ولي رئاسة التدريس في مدرسة الشرع في «سنبهل»، واستمر عليه حتى آخر حياته. وكان يتوافد إلى الشيخ عبد المجيد الطلاب من الأماكن القاصية أمثال بخارا وغيرها لدراسة كتب المعقولات. وأكمل عليه الشيخ محمد منظور النعماني المعقولات. ولم نعثر على عام وفاته.

73- الشيخ عبد السميع الديوبندي:

         ولد الشيخ عبد السميع عام 1295هـ، وأرخوا لاسمه من كلمة «جراغ محمد»، تلقى مبادئ العلم ومنتهاه في دارالعلوم/ديوبند. وتخرج منها في العلوم والفنون عام 1318هـ.

         وقام بالتدريس في «فتح كره» من مديرية «فرخ آباد» عدة سنوات. ثم ولي التدريس في المدرسة الإسلامية/روركي، وفي المدرسة العالية في المسجد الفتحفوري. وعين مدرسًا للصفوف الابتدائية في دارالعلوم/ديوبند أواخر عام 1328هـ، فقام بتدريس كتب الصفوف الابتدائية إلى مرحلة ما قبل دورة الحديث الشريف طوال ثمانية وثلاثين عامًا على أحسن وجه. وقد نالت دروسه في مشكاة المصابيح ومختصر المعاني صيتًا كبيرًا. ويعجب الطلاب بدروسه وأسلوب عرضه وشرحه لها، فكان من أساتذة دارالعلوم/ديوبند الأفراد الذين يعتز بهم، وكان كثير العطف على الطلاب.

         وكانت مواعظه تحمل تأثيرًا كبيرًا، تستهوي قلوب السامعين، وله تضلع كبير من فن المناظرة، وقدرة على الكتابة مثل قدرته على الخطابة والوعظ. قام بترجمة كتاب بستان المحدثين إلى اللغة الأردية سماه «روض الرياحين»، في أسلوب سلس رصين. قامت مطبعة القاسمي بطبع كتاب «روض الرياحين» عام1334هـ.

         توفي الشيخ في 11/صفر عام 1366هـ، ونجله الشيخ عبد الأحد من كبار أساتذة درالعلوم/ديوبند.

74- الشيخ عبد العزيز الكوجرانوالوي:

         من مشاهير المحدثين والعلماء في بنجاب، أكمل دورة الحديث الشريف في دارالعلوم/ديوبند عام 1318هـ، من أشهر مؤلفاته في علم الحديث: «نبراس الساري على أطراف البخاري». وكان العلامة أنور شاه الكشميري يثني على علمه وفضله. ويعجب بكتابه «نبراس الساري». وتولى الخطابة في جامع كوجرانواله، وكان له منزلة سامية في الأوساط العلمية والدينية في بنجاب نظرًا إلى علمه وفضله. ولم نعثر على تاريخ وفاته.

75- الشيخ محمد يحيى السهسرامي:

         تخرج من دارالعلوم/ديوبند عام 1318هـ، وبدأ بالتدريس في «سهسرام» ومظاهرعلوم/سهارن فور، واستمرّ عليه مدةً يسيرةً، ثم عُيِّن أستاذًا للغة العربية في المدرسة العالية /كالكوتا عام 1327هـ، وهو من العلماء المشاهير ذوي الكفاءة العالية.

         وانتشرت نفحاته العلمية كثيرًا إبان نزوله في المدرسة العالية/كالكوته.

76- الشيخ عبد العزيز البيشاوري:

         تخرج من دارالعلوم/ديوبند عام 1318هـ، وكان من أجلة تلامذة شيخ الهند محمود حسن الديوبندي، وتولى منصب قاضي القضاة في أفغانستان، وله منزلة سامية في أفغانستان. ورأس مجلس التشريع الأعلى(Privy council) بها. وكان قراره في الأحكام الشرعية القول الفصل. وساد نفوذه العلمي في أفغانستان كلها.

         جاء عنه في تقارير «لجنة رولت» ما يلي:

         «هو رئيس جامعة كابول، يلقي محاضرات في الفلكيات، ولبث مدةً يسيرةً مؤدبًا للسردار عنايت الله، ويشكل ظهيرًا للحزب الهندي الثوري في كابول، وبيده حبل الأعمال العدائية للحكومة البريطانية في الخارج كلها، يحركه كيف يشاء»(1).

77- الشيخ محمد سهول الباغلفوري:

         أصله من «بوريني» من مديرية «باغلفور» بولاية بيهار، تلقى مبادئ العلم في بيته، ثم انضم إلى حلقة دروس الشيخ أشرف عالم في «باغلفور». وتحول منها إلى كانفور، وتلقى الدراسة في مدرسة جامع العلوم/كانفور على الشيخ أشرف علي التهانوي، والشيخ محمد إسحاق البردواني. كما مكث في مدرسة فيض عام، وتلقى العلم على الشيخ محمد فاروق الجرياكوتي، وحدا به الرغبة في العلم من كانفور إلى حيدر آباد، ومشى إليها على قدميه في شهرين. وأخذ إبان نزوله في حيدر آباد عن المفتي لطف الله العلي كرهي، والشيخ عبد الوهاب البيهاري المنطق والفلسفة والهيئة والأدب وأصول الفقه. ثم عاد من حيدر آباد إلى دهلي، شارك في دروس الشيخ نذير حسين، وانتهى به المطاف إلى دارالعلوم/ديوبند والتحق بها، وأكمل الحديث على شيخ الهند محمود حسن الديوبندي، وقام بالتدريس ثماني سنوات في دارالعلوم/ديوبند بعد التخرج منها، ثم ولي رئاسة التدريس ومشيخة الحديث في المدرسة العالية /كالكوتا، والمدرسة العالية /سلهت. وعين مديرًا للمدرسة العالية شمس العلوم/بتنه عام 1920م، وقام بالتدريس ستًّا وأربعين سنة في أبرز مدارس مختلفة من ولاية أترابراديش و بيهار، وبنغال وآسام. وظل عضوا للمجلس الاستشاري بدارالعلوم/ديوبند منذ عام 1350هـ إلى عام 1367هـ، توفي في 12/رجب عام 1367هـ/ 1948م، وضريحه في «بوريني».

         كان طويل القامة حسن الوجه، يتردد إلى ديوبند، ويحضر إلى شيخه شيخ الهند رحمه الله، ليزوره فيقوم الأخير ويعانقه. وكان شيخ الهند قصير القامة فإذا دخل عليه الشيخ سهول قال وهو يمازحه: لقد جاء المولوي سهول، فلابد من استخدام الدرج لأعانقه». وكان على غاية من لين القلب، فلايذكر السلف الصالح إلا اغرورقت عيناه بالدموع، وأرتج عليه.

 78- الشيخ ميان أصغر حسين الديوبندي:

         ولد في ديوبند عام 1294هـ، وامتازت عائلته في ديوبند بالقداسة والصلاح، وهي معترف بها بذلك. قرأ القرآن الكريم والفارسية إلى مرحلة كتاب «كلستان» على والده الشاه محمد حسن (ت:1314هـ) ثم التحق بدارالعلوم/ديوبند، وأكمل دراسة الفارسية عام 1310هـ، ثم بدأ الدراسة العربية، و استمر في الدراسة حتى عام 1320هـ في دارالعلوم/ ديوبند. وبعد ما تخرج من دارالعلوم اختاره شيخ الهند محمود حسن في أواخر عام 1321هـ لرئاسة التدريس في مدرسة مسجد «إتاله» في مدينة «جونفور»، وقضى بها سبع سنوات يسقي عطاشى العلوم الدينية و المسلمين في ضواحيها بعلومه الظاهرة والباطنة. وفي عام 1328هـ قرر القائمون على دارالعلوم/ ديوبند إصدار مجلة شهرية اسمها «القاسم» واستدعوه من «جونفور» ووكلوا إليه مسؤولية المجلة بالإضافة إلى تدريس بعض الكتب المختلفة. وكان يدرس  كتب التفسير والحديث في معظم الأحوال. جاء في تقارير عام 1333هـ عنه ما يلي:

         «يحمل المولوي- ميان أصغر حسين- كفاءة عالية في العلوم الدينية من الحديث والتفسير والفقه والفرائض وغيرها. وله تصانيف ومؤلفات، من أعماله في الفرائض كتاب مطبوع. وكلت دارالعلوم إليه تدريس صف دورة الحديث الشريف ومن كتب التفسير والفقه كتاب الجلالين، والدر المختار وغيرهما بصورة دورية. وهو عالم عامل ذو ورع وتقوى، ونموذج للسلف الصالح، وخير خلف لهم».

         وبجانب الجامعية بين العلم والعمل كان له تضلع كبير من التعاويذ والرقى، وكان يستفيد من تعاويذه ورقاه أتباع الديانات الأخرى علاوة على المسلمين. واتسع نطاق خدماته في ذلك كثيرًا. وأصبح الشيخ مرجعية للخلق لعلمه وفضله وتقواه وزهده، وصلاحه.

         ونال الشيخ أصغر ميان الإجازة والخلافة من خاله العظيم السيد مني شاه، وشيخ المشايخ الحاج إمداد الله المهاجر المكي. فكان من كبار أصحاب الفيوض والبركات في عصره.

         وأنشأ الشيخ أصغر ميان رباطا سماه دارالمسافرين في ديوبند، واستأنف الكُتَّاب العائلي له من جديد، وكان قد توقف هذا الكتاب عن نشاطاته بعد وفاة والده، وله نحو35 كتابًا صغيرًا وكبيرًا في اللغة الأردية حول الفقه والفرائض والتاريخ ونحوها من الموضوعات.

         سافر إلى «غجرات» بدعوة من مريديه وأصحابه في أواخر عام 1363هـ، ونزل في «راندير» إذ توقفت حركة قلبه فجأة، ولبى نداء ربه في 22/المحرم الحرام عام 1364هـ، وبها دفن.

79- الشيخ ميان منصور الأنصاري:

         سبط الشيخ محمد قاسم النانوتوي، والنجل الأكبر للشيخ عبد الله الأنصاري. أصله من «أنبيثه»، تلقى مبادئ العلم في مدرسة منبع العلوم/كلاؤتهي، حيث كان والده يتولى رئاسة التدريس. وتخرج من دارالعلوم/ديوبند عام 1321هـ، ثم قام بالتدريس في مختلف المدن، وتولى رئاسة التدريس في مدرسة دارالعلوم المعينية/أجمير مدةً يسيرةً. واستدعاه شيخ الهند ليساعده على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية. وأنشئت جمعية الأنصار في دارالعلوم/ديوبند عام 1327هـ، فتم تعيينه ناظرًا بالنيابة مع الشيخ عبيد الله السندي. وكان الشيخ على ذروة من صواب الرأي والكفاءة العلمية. وصحب شيخَ الهند في آخر حجاته عام 1333هـ/1915م. وطلب شيخ الهند من غالب باشا – والي المدينة المنورة – أن يكتب رسائل يحرض فيها الهنود وسكان القبائل الحرة على المشاركة في حركة تحرير الهند، وعرفت هذه الرسائل بـ«غالب نامه» (رسائل غالب)، فوكل إلى الشيخ محمد ميان منصور حمل هذه الرسائل – وهي مسؤولية لايخفى خطورتها – من الحجاز إلى الهند، وإلى القبائل الحرة. فقام الشيخ بذلك بكل دهاء وذكاء وعلى أحسن وجه. ووصل إلى القبائل الحرة في ياغستان، وهو يتقي عيون الشرطة الهندية السرية. وكان الشيخ منصور الأنصاري خرج إلى ياغستان قبل أن يتم اعتقال شيخ الهند في الحجاز، فلم يقع فريسةً للاعتقال. وأصل اسمه محمد ميان. ولما قدم بـ«غالب نامه» إلى الهند، سمى نفسه «منصور الأنصاري» وقاية لنفسه من الشرطة البريطانية. ثم اشتهر بهذا الاسم لاحقًا. وكانت رسالة الشيخ منصور الأنصاري المكتوبة على الثوب الحريري الأصفر ضمن «الرسائل الحريرية»، التي اشتهرت في تاريخ الهند السياسي. وكان برتبة العقيدة في الجنود الربانية.

         وتحول إلى أفغانستان بعد ما تم اعتقال شيخ الهند محمود حسن الديوبندي في الحجاز، وأقام بها إقامةً مستمرةً. وكان له بصمة واضحة لعلمه وفضله وحنكته السياسية وتدبره على حكومة أفغانستان. ومنحت الحكومة الأفغانية  الشيخ منصور الأنصاري رتبة الوزير المفوض في البعثة الدبلوماسية التي بعثت بها إلى تركيا. كما تم تعيينه مستشارًا سياسيًّا في البعثة السياسية إلى «موسكو»، ولما تولى المدعو/بجه سقه حكم أفغانستان جلاه منها، فتحول الشيخ منها إلى روسيا لبعض الشهور إبان حكمه، ولما هزم نادر خان خصمه «بجه سقه»، وتولى حكم أفغانستان، استدعى الشيخ منصور الأنصاري إليها مرة أخرى.

         ألف الشيخ عددًا من الكتب السياسية إبان نزوله في أفغانستان، منها: الحكومة الإلهية، وأساس الثورة، ودستور الإمامة، وأنواع الدول، مما ينم عن قدرته العقلية والفكرية العالية. وولي مناصب عالية في أفغانستان، واستوطن في أخرياته «جلال آباد» الشهيرة في أفغانستان، وتوفي بها 6/صفر 1365هـ= 11/يناير 1946م.

         وكان من أعظم أماني مولانا أبو الكلام آزاد أن يستدعي الشيخ منصور الأنصاري عقب تحرير الهند على الفور، وللأسف ارتحل الشيخ منصور إلى الدار الآخرة قبل تحرير الهند بسنة. ولم يقدر له أن يرى البلد – الذي قضى لأجله واحدًا وثلاثين عامًا في المهجر- حرًّا مستقلا.          والشيخ حامد الأنصاري الغازي- مدير صحيفة «مدينه» الصادرة في بجنور، الذي يحتل مكانة سامية في الصحافة الهندية – نجل أكبر للشيخ منصور الأنصاري هذا. ونجله الآخر حميد الأنصاري يقيم في جلال آباد.


(*)      أستاذ الحديث واللغة العربية وآدابها بالجامعة.

(1)      حركة شيخ الهند:تأليف الشيخ محمد ميان، ص 309.

مجلة الداعي، جمادى الأولى 1444هـ = ديسمبر 2022م، العدد: 5، السنة: 47

Related Posts