الفكر الإسلامي

بقلم : شيخ الإسلام شبير أحمد العثماني رحمه الله

(1305-1369هـ/1887-1949م)

تعريب : أبو عائض القاسمي المباركفوري

       أُولـٰٓئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلٰلَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِجٰرَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ(١٦)

فائدة:

       أي تظاهر المنافقون بالإيمان وأضمروا الكفر في صدورهم، فضاعوا في الآخرة وذلوا في الدنيا حيث أطلع الله تعالى الناس على أحوالهم في القرآن الكريم. ولو أنهم آمنوا لأفلحوا في الدارين، فلم تنفعهم تجارتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ولم يدروا أنهم قد وقعوا في هذا الضياع والذل؛ لأنهم اكتفوا بالإيمان اللساني ورأوه نافعا لهم، ثم ساق فيما يأتي مثالين يناسبان حال المنافقين هؤلاء.

       مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمٰتٍ لَّايُبْصِرُونَ(١٧)

فائدة:

       أي مثل المنافقين كمثل رجل أوقد نارًا في ليلة حالكة الظلام، ظلمات بعضها فوق بعض، ليبصر طريقه في غابةٍ من الغابات، فلما أضاءت النار ونوّرت وكاد يبصر الطريق إذ أطفأها الله تعالى، فقام في الغابة في ليلة حالكة الظلام حيث لايكاد يبصر شيئا، وكذلك المنافقون أرادوا أن يستغلّوا نوركلمة الشهادة خوفًا من المسلمين، غير أنهم  لم يجلبوا لأنفسهم إلا فائدة تافهةً متمثلة في تأمين أنفسهم وأموالهم- حتى تلاشى نوركلمة الشهادة وضاعت هذه المنافع كلها، فما ماتوا حتى واجهوا العذاب الأليم.

       صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨)

فائدة:

       أي صمّ لايسمعون الحق، وبُكم لايقولون الحق، وعُميٌ لايبصرون ما ينفعهم وما يضرهم. فأنى يهتدي الأصم والأبكم السبيل، ولوكان به العمى فقط لكان له أن ينادي أحدًا أو يسمع له قولًا، إذاً لايرجى الآن عودتهم إلى الحق.

       أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصٰبِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوٰعِقِ حَذَرَ الْـمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكٰفِرِينَ(١٩)

فائدة:

       والمثل الآخر لهؤلاء المنافقين مثل من ينزل عليه المطر ثجاجًا من السماء، وفيه أنواع من الظلمات: السحاب الكثيف الغليظ بعضه فوق بعض، وتهاطل قطرات المطر وغزارتها، والليل الحالك الظلام، ويبلغ صعقُ البرق ولمعانه – بالإضافة إلى شدة الظلام- من الهول والفظع ما يحملهم على أن يُقحموا أصابعهم في آذانهم، خشيةَ أن تفيض نفوسهم من شدة الصوت. وكذلك المنافقون قد وقعوا في ورطة عجيبة وأصيبوا بخوف وقلق غريبين؛ إذ تقرع أسماعهم التكاليف و التهديدات الشرعية، ويرون بأم عيونهم هوانَهم وذلهم، وهم يؤثرون المصالح الدنيوية وغاياتها، ويحاولون أن يقوا أنفسَهم، بالحيل الخبيثة التي يمارسونها إلا أن قدرة الله تعالى قد أحدقت بالكفار من كل جانب، ولن يفوتوا أخذه و عذابه بصورة أو أخرى.

       يَكَادُ الْبَـرْقُ يَخْطَفُ أَبْصٰرَهُــمْ كُلَّمـَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيـهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصٰرِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(٢٠)

       وحاصل القول أن المنافقين مصابون بضلالهم وتفكيرهم المظلم، وحين يرون غلبة نور الإسلام وظهور المعجزات القوية الباهرة، ويقرع أسماعَهم التاكيدُ والتهديد الشرعي، فيتوجهون – فيما يبدو- إلى الصراط المستقيم، و حين يصيبهم شدة من شدائد الدنيا ولأواؤها يصرّون على الكفر، كما أن الواقف في المطر الشديد والظلام الحالك يمشي حين يبرق البرق ثم يقوم، ولكن الله تعالى عليم بذلك كله، ولايخرج من حيطة قدرته شيء، فهل تنطلي عليه أمثال هذه الحيل والمكايد؟

فائدة:

       تناولت فاتحة الآيات – من أول السورة إلى هنا- ثلاثة أنواع من الناس: أولهم المؤمنون ثم الكافرون (الذين ختم على قلوبهم فلن يؤمنوا أبدًا) وثالثهم المنافقون، الذين يتظاهرون بالإيمان، و هم في ريب يتردّدون.

       يٰٓأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرٰشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرٰتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(٢٢)

فائدة:

       ثم خاطب الله تعالى العباد كلهم المؤمنين والكافرين والمنافقين، وشرح لهم توحيده تعالى، الذي يُشكِّلُ حجر الزواية وأصلَ الأصول للإيمان. وحاصل المعنى أن الله تعالى خلقكم وخلق الذين من قبلكم جميعا، وخلق ما تحتاجون إليه و ما تنتفعون به، فما أشد سفهًا وجهلاً أن تتخذوا من دونه تعالى إلها لاينفعكم ولايضرّكم (كالأوثان)، رغم أنكم على علمٍ بأنه ليس كمثله شيء.

       وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صٰدِقِينَ(٢٣)

فائدة:

       سبق أن قلنا: إن منشأ الريب في هذا الكلام الإلهي إما أنه يتضمن ما يثير الريب والشَّك، فقد سبق رده بقوله (لَارَيْبَ فِيْهِ)، و إما أن يرتاب فيه مرتاب لنقص في فهمه أوشدة في عناده، فهذا الوجه ممكن؛ بل متوفر، فكشفه سبحانه تعالى على وجه سهل وقيّم، وهو أنكم إذا كنتم ترون هذا الكلام من كلام البشر، فأتوا بسورة تضم ثلاث آيات تشبه هذا الكلام فصاحةً وبلاغةً، فإذا عجزتم عن الإتيان بسورة قصيرة – وأنتم على ذروة من الفصاحة والبلاغة-، فاعلموا أنه كلام الله تعالى، لا كلام البشر. وبَرهَن  بهذه الآية على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

فائدة:

       أي إن كنتم صادقين في زعمكم أنه كلام البشر، فاستعينوا بكافة الأكفاء والشعراء والفصحاء والبلغاء، من دون الله تعالى على الإتيان بسورة قصيرة. أو المعنى: تضرعوا جميعًا إلى آلهتكم من دون الله تعالى وابتهلوا إليهم واطلبوا منهم أن يعينوكم على كشف هذه المعضلة.

       فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكٰفِرِينَ(٢٤)

فائدة:

       فإن لم تقدروا على إتيان سورة واحدة، ومن المقطوع به أنكم لن تقدروا عليه، فاتقوا واحذروا نار جهنم، التي هي أكثرالنيران شدةً ولظى، تُوقَد بالكفرة والأحجار مما تعبدونه من دون الله تعالى. وخير سبيل إلى الوقاية منها  الإيمانُ بكلام الله تعالى. وأعدت النار للكفرة الذين يكذبون القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم.

       وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّٰتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهٰـرُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشٰبِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوٰجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خٰلِدُونَ(٢٥)

فائدة:

       تُشبه فواكهُ الجنة فواكهَ الدنيا في صورها وأشكالها، ولكن بينهما في اللذة ما بين السماء والأرض، أو أن فواكه الجنة يُشبه بعضُها بعضًا في صورها وأشكالها، ويختلف طعم كل منها عن غيره، فإذا رأوا شيئًا من الفواكه قالوا: هذا من النوع الذي طعمناه في الدنيا أوفي الجنة، فإذا ذاقوا وجدوا لها طعمًا مختلفا عنه.

فائدة:

       نسوة الجنة نزيهاتٌ من النجاسات الظاهرة والباطنة (الرذائل) كلها.

فائدة:

       إلى هنا ذكر ثلاثة أشياء يجب معرفتها: الأول: المبدأ (أي ما مبدأنا؟ وماذا كنا؟)، الثاني: المعاش (أي ماذا نأكل؟ وأين نعيش؟) والثالث: المعاد (أي ما مصيرنا؟).

       إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ(٢٦)

فائدة1:

       هذه الآية ترد المعارضة التي أوردها الكفار على الآية الأولى، وحاصله أنهم حيث عجزوا عن إتيان سورة قصيرة مثلها مما يؤكد أن القرآن كلام الله تعالى، فقالوا –الكفار-: رغم أننا عجزنا عن معارضة هذا الكلام، ولكن بوسعنا أن نثبت – بدليل آخر- أنه ليس كلام الله تعالى، وإنما هوكلام البشر، وهو أن العظيم الجليل الشأن يجتنب ذكر الأشياء الحقيرة الذليلة في كلامه، فكيف ذكر الله تعالى – وهو أعظم العظماء وأجل الكبراء – في كلامه الذباب والعنكبوت؟ فرد الله تعالى معارضتهم هذه بأنه لاعارَ في أن يضرب الله تعالى مثلامًا بعوضة فما فوقها حجمًا كالذباب والعنكبوت؛ لأن الغرض من التمثيل ليس إلا شرح الممثل له وبيانه، من غير نظرٍ إلى الهوان والعظمة. ولايتحقق المطلوب إلا إذا كان بين المثال والممثل تطابق تام، فإذا كان الممثَّل له حقيرًا وجب أن يكون مثاله مثله في الحقارة والذل، وإلا عُدَّ التمثيل سخيفا. نعم، إذا كان التمثيل يستلزم التوافق التام بين المثال والممثِّل؛ فإن طعن السفهاء هذا ربماكان له وجه، غير أنه لم يَقُل بذلك حتى السفهاء، وما أكثر الأمثلةَ من هذا النوع في التوراة والإنجيل وكلام الحكماء والسلاطين. والقول بخلاف ذلك لايعكس إلا سفاهة الكفار و عنادهم. وقد يرادبقوله: (فَمَا فَوْقَهَا) ما هو أشد من البعوضة في الحقارة والصغر مثل جناح البعوض، فقد ورد بعض الأحاديث بتمثيل الدنيا به.

فائدة2:

       أي أن أهل الإيمان يعتبرون هذه الأمثلة حقًا ونافعةً، ويقول الكفار ازدراءً: ماذا أراد الله تعالى بهذه الأمثلة؟ فرد عليهم بأنه يريد بهذا الكلام الهادي إضلالَ كثيرين وهداية كثيرين. (أي أنه يستهدف الفرقَ بين أهل الحق وأهل الباطل فرقا تاما، وهو نافع ولازم.

       الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولٰئِكَ هُمُ الْخٰسِرُونَ(٢٧)

فائدة1:

       مثل قطع الرحم، والإعراض عن الأنبياء والعلماء والواعظين والمؤمنين والصلاة وغيرها من أمور الخير.

فائدة2:

       المراد بالفساد أنهم كانوا ينفرون الناس من الإيمان، ويُغرون أعداء الإسلام بقتال المسلمين، ويلمزون أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وصالحي الأمة، ويُشهرِّون بهم ويرمونهم بالنقص، ليرسخ هوانُ النبي-صلى الله عليه وسلم- ودين الإسلام في قلوب الناس. وكانوا يبوحون بأسرار المسلمين إلى أعدائهم، ويسعون في نشر أنواع من التقاليد والبدع المنافية للإسلام.

فائدة3:

       المعنى أنهم بهذه التصرفات السيئة لايخسرون إلا أنفسهم، ولايتحقق ما توخّوه بها من  إهانة الإسلام أو  ازدراء صالحي الأمة.

       كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوٰتًا فَأَحْيٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(٢٨)

فائدة:

       أي أجساد لاروح فيها، ولا حس وحراك بها. فقد كانوا في أول أمرهم عناصر ثم تغذّى بها الوالدان، ثم صاروا نطفةً ثم علقة ثم لحمًا.

فائدة1:

       أي نفخ فيهم الروح عقب الحالات السابقة، فكانوا أحياء في الأرحام وفي الدنيا.

فائدة2:

       أي حين يأتيهم وقت الموت في الدنيا.

فائدة3:

       أي يُبعثون في القيامة للحساب.

فائدة4:

       أي تُبعثون من القبور وتقامون بين يدي الله تعالى للحساب، فأنصفوا إذاكنتم مدينون لله تعالى أولًا و آخرًا، ومضطرون إليه في كل حال وفي كل حاجة، وترجون منه، فما أعجب أن تكفروا به وتعصوه!

       هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمٰوٰتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(٢٩)

فائدة:

       تشير هذه الآية الكريمة إلى نعمة أخرى أي أن الله تعالى خلقكم، وهيّأ لبقائكم وانتفاعكم في الأرض كل شيء (من المأكول والمشروب والملبوس والأثاث والعدة) ثم خلق سماوات متعددة، لكم فيها منافع كثيرة.

       وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلـٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ(٣٠)

فائدة:

       تتحدث هذه الآية عن نعمة عظيمة امتنّ الله تعالى بها على كافة بني آدم، وهي قصة خلق آدم عليه السلام، و قد فصَّلها تفصيلاً، واستخلفه الله تعالى، وقوله تعالى في الآية السابقة: ﴿هُوَ الَّذِيْ خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الْاَرْضِ جَمِيْعًا﴾ إذا أنكره منكر فإن قصة آدم عليه السلام تحمل في ثناياها ردًا قَيِّمًا على إنكاره.

فائدة:

       وحين تردد الملائكة في حكمة استخلاف خَلقٍ فيهم من يفسد ويسفك الدماء في الأرض رغم تواجد أمثالهم من المطيعين لله تعالى والخاضعين له، سألوا سوال استفادةٍ واستعلامٍ، ولم يكن ذلك اعتراضًا منهم على ذلك. وأما كيف اطلع الملائكة على حال بني آدم، فيحتمل وجوها عدة: إما أنهم قاسوا البشر على الجن، أو أن الله تعالى أخبرهم مسبقًا أوكتبوه في اللوح المحفوظ بأمره سبحانه، أو أدركوا أن الحاجة إلى الحاكم والخليفة إنما تتحقق حين فشو الظلم والفساد، أو أنهم أدركوه حين شاهدوا قالب آدم عليه السلام قيافةً.

فائدة:

       أجيب الملائكة بهذا الرد الإجمالي في حينه بأنه سبحانه أعلم، وهم لايعلمون ما في خلق آدم من الحِكم و المصالح، و لوعلموا ذلك لما ارتابوا في خلافته وفضله.

*  *  *

*  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الأولى  1438 هـ = فبراير2017م ، العدد : 5 ، السنة : 41

Related Posts