الفكر الإسلامي

بقلم:  الدكتور رشيد كهوس (*)

          يقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكٰفِرِينَ حَصِيرًا * إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْـمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّٰلِحٰتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾(سورة الإسراء: الآيات:7-9).

       ويقول البارئ سبحانه وتعالى: ﴿وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ ( سورة الإسراء: الآية:104). وقد شهد منتصف النصف الثاني من القرن العشرين هجرة اليهود إلى فلسطين لفيفًا لفيفًا، أي جماعاتٍ جماعاتٍ، وهو الشيء الذي يؤكد المرحلة الزمنية من جهة، كما تؤكده وتحدده الآية الكريمة.

       ولذلك فإن ذكر الوَعْدَين- (وعد أولاهما ووعد الآخرة)- في سورة الإسراء التي نزلت إبّان معجزة الإسراء والمعراج، التي كانت مباشرةً بعد رجوع النبي-صلى الله عليه وسلم- من الطائف الذي لاقى فيه من الأذى والعنت والشدة الكثير على يد سفهاء ثقيف، بَلْسَم الرحمة، وإكسير النصر، وباعث اليقين، لحبيبنا وسيدنا وسندنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم -، وللرجال الصادقين معه، وللسالكين منهاجه من بعده.

       لقد نظر أسلافنا -رحمهم الله ورضي الله عنهم- إلى قضية «بني إسرائيل» وكأنها أمر انتهى ولم يعد لذكرهم موضوع بعد أن شُرِّدوا في الأرض وقُتّلوا تقتيلا. لكنهم لم يكونوا قد رأوا من نراه اليوم من الأحداث الهائلة التي رفعت الصهاينة إلى عُلُوّ كبير. مكّنهم ولا يزال يمكنهم من الإفساد في الأرض.

       لذا وجب أن ننظر إلى الأحداث بمنظار القرآن؛ فنحن ننظر إلى الأحداث ونقرأ تاريخنا منقطعين عن القرآن مع أن قليلا من التروي في القراءة ومن الاستدلال يشرح لنا بآيات الله ميلاد الحركة الصهيونية، واختيارها لفلسطين مهدا لدولتها المرجوة، ثم حلف إنكلترا لها ومساعدتها حتى تمكنت في الأرض، ثم أحداث الاستيطان، وكرة 1948م، ونكسة 1967م، وما صحب ذلك وتلاه من هزائم العرب وتنازلاتهم.

       ولكي نفهم عن الله ونعرف مقاصد كلامه العزيز من قراءة متوازنة كاملة لآياته القرآنية وآياته الكونية على نور سنته المطردة والثابتة في التاريخ، لا نغض الطرف عن جناح الواقع المنكشف أمامنا ولا ننسى آية من الحق الذي أنزل إلينا.

       وتزيدنا السنة المطهرة يقينًا بوعد الآخرة وذلك فيما رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما والإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ الله –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْـمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْـمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليهودي مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ! يَا عَبْدَ اللهَ! هَذَا يَهُودِي خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ(1) فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ»(2). يرسم لنا هذا الحديث النبوي الشريف صورة لمستقبل الأمة الإسلامية عامة ومستقبل فلسطين على وجه الخصوص.

       ولذلك فإن الإسراء بالنبي –صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس وصلاته في مسجدها الأقصى المبارك، وعروجه منه إلى السماوات العلا وعودته إليه بعد رحلة السماء، يدل – دلالةً واضحةً – على أن الإسلام قد ربط بيت المقدس ومسجدها بعقيدة المسلمين بأكثر من رابط، وأن لبيت المقدس أهمية عظيمة ومكانة رفيعة، وأنّه أمانة في ذمة المسلمين وأعناقهم وهمهم جميعًا، يحتاج إلى عناية كبيرة ورعاية خاصّة وبذل مستمر وجهود مضنية، ووحدة أمة صفًا وقلبًا، وعقيدة صحيحة صلبة، ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، من أجل الإبقاء عليه في حمى المسلمين، والذود عنه من كل المتربصين به… وأن كل تفريط فيه سيُسألون عنه أمام الله تعالى وأمام نبيهم-صلى الله عليه وسلم-.

       كما تؤكد رحلة الإسراء والمعراج أن القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك سيكون مركز الصراع بين المسلمين وغيرهم ممّن يريد بهم سوءًا، ويضمر لهم عداءً عامة ومن اليهود الصهاينة على وجه الخصوص.

       وفي ذكر إفساد بني إسرائيل في الأرض مرتين مع قصّة الإسراء في سورة الإسراء، دلالة على أنّ إفسادهم سيقع في الأرض المقدّسة، وأنّ هذا الصّراع سوف ينتهي إلى نصر دين الحقّ الذي يحمله عباد الله المؤمنون، والذين يلحق بهم شرف النسبة إليه سبحانه وتعالى.

       ولذلك ما فتئ الصهاينة الغاصبون يقولون: «لا معنى لدولة إسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل»، والهيكل الذي يسعون لإقامته يدّعون ويزعمون أنّه يقع مكان مسجد الصخرة.

       ولذلك فمنذ عقود من الزمان واليهود يعيثون في الأرض فسادًا، قتَّلوا الأطفال ويَتَّمُوهم، وقتلوا الشيوخ والنساء، وهدموا المنازل والمساجد، وقطعوا الأشجار وهدموا الجسور، وهتكوا الحرمات واغتصبوا الحريات، وسيطروا على العالم وعلى ثروات العالم، وأمسكوا بزمام الاقتصاد والإعلام، واستعبدوا الحكام… وهلم جرا من الجرائم والمجازر التي تقشعر من هولها الجلود والأبدان.

       ما كان لبؤرة السوء، ومعدن الشر، وخلاصة الجاهلية، ومنبع الفتنة، وداء الأمم المبثوث في التاريخ، وفساد الأرض الكبير، ووباء كل عصر إلا أن يكون أبشع ما يمكن أن يتصوره خيال.

       إن وعد الآخرة كان إلى نزول القرآن الكريم غيرَ واقع، وأنه سيقع في المستقبل القريب، أو البعيد.. والدليل على هذا ما يحدث به القرآن الكريم في هذا المقام..

       فقد تحدث القرآن الكريم عن مجيء المرة الأولى هكذا: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ ( سورة الإسراء:5).

       وتحدث عن مجيء المرة الثانية هكذا: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ (سورة الإسراء: من الآية7).

       فالآيتان تحدثان عن المستقبل، الذي يدل عليه الشرط: «إذا».. وهذا يعني أن المرتين على سواء، في تعليقهما بالمستقبل وقت نزول القرآن..

       ولكن الذي ينظر في الآيتين يجد:

       أن الشرط الذي يعلق الفعلين بالمستقبل هو منظور فيه إلى ما قضاه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وجعله قَدَرًا مقدورًا على «بني إسرائيل» في وقوع هاتين المرتين من الإفساد.. وعلى هذا يكون وقوع الأحداث المسطورة في كتاب الله كلها لم تكن وقعت حين قضى الله بها وأودعها خزائن علمه.

       ففي قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ في الآية نجد حديثا عن «المسجد».. والمسجد كما هو معروف مَعْلَم من معالم الإسلام، وسِمة من سمات بيوت الله التي يتعبد المسلمون فيها.. إذ كان السجود أبرز عمل من أعمال المسلمين في الصلاة.. ولهذا كان الاسم الذي يعرف به المسجد الأقصى هو: «بيت المقدس» حتى إذا أسرى الله سبحانه وتعالى بالنبي الكريم –صلى الله عليه وسلم-إليه أسماه – سبحانه – المسجد الأقصى.. وجعله بهذا الاسم القِبلة الأولى للمسلمين، كما جعله بهذه التسمية مسجدًا لهم يعبدون الله فيه.. ثم كان الوصف الذي يُعرف به المسلمون في المجتمع الإنساني هو سِمةَ السجود الذي في وجوههم. كما يقول تعالى: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ…﴾ (سورة الفتح: من الآية29).

       فذكر «بيت المقدس» باسم «المسجد» يشير إشارةً واضحةً إلى أن المرة الثانية التي يقع فيها من «بني إسرائيل» هذا الإفساد إنما تكون في العهد الإسلامي، وفي الوقت الذي يكون فيه بيت المقدس مسجدًا للمسلمين، على خلاف ما كان عليه من قبل، حيث لم تشر الآية الأولى إلى المسجد من بعيد أو قريب.. بل جاءت الآية هكذا ﴿فجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ﴾ أي تنقلوا كما يشاءون بين الديار، وهذا يعني أن العدو الذي ابتلاهم الله به كان متمكنا، بحيث يمشي في ديارهم، ويتخلل طرقاتها دون أن يخشى أحدًا.

       ومن ثم فإننا بتدبرنا لآية وعد الآخرة نجدها تُقرّر مجموعة من الحقائق، وهي:

       -أن الذين يتسلطون على «إسرائيل» في هذه المرة سيدخلون المسجد الأقصى.. ﴿كَمَا دَخَلُوْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.

       وهذا يعني أمورا:

       – أن الذين يدخلون المسجد الأقصى هذه المرة قد كان لهم دخول إليه من قبل، وأنهم إنما يفعلون في هذه المرة ما فعلوه في المرة السابقة.

     – ودخول المسلمين المسجدَ الأقصى أولَ مرّة كان في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد ظل في أيديهم إلى أن دخله بنو إسرائيل في العقود السابقة، سنة 1387 للهجرة..

       نعم.. خرج المسجد الأقصى من يد الصليبيّين.. ثم أعيد إليهم مرّة أخرى، فتم إزاحتهم عنه على يد صلاح الدين.. ولم يكن لبني إسرائيل حساب أو تقدير في هذا الأمر..

       – ودخول المسلمين إلى المسجد الأقصى وانتزاعه من يد الصليبيّين ليس له شأن بالدخول الذي سيدخله المسلمون، بعد أن ينتزعوا هذا المسجد من يد الصهاينة؛ لأن الصهاينة لم يدخلوا المسجد، ولم يستولوا عليه منذ الفتح الإسلامي، حتى وقع بأيديهم في العقود الماضية.

       – فهذه إرهاصة من إرهاصات المرة الثانية، أو وعد الآخرة، وهي أن يكون المسجد الأقصى في يد «بني إسرائيل»، ثم يجيء إليهم مَن يُخرجهم منه، وينتزعه من أيديهم، وهم أولئك الذين كان «المسجد» مسجدَهم الذي ﴿دَخَلُوْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾! وليس المسجد إلا مسجدَ المسلمين، وليس الذي يدخله للمرّة الثانية وينتزعه من اليهود، إلا المسلمين..

       – والإرهاصة الثانية هي الحال التي عليها اليهود أنفسُهم، وهي أن يكونوا على الصفة التي وصفهم الله بها حين يفسدون في الأرض، ويَعْلُون علوًّا كبيرًا، وحين يدخل عليهم أصحاب المسجد كما دخلوه أول مرة، ليسوءوا وجوههم، أي يُلبسوهم الخزي والسوء، وقد اختُصَّت الوجوه بهذا؛ لأنها الصفحة التي ترتسم عليها أحوال الإنسان كلها، وما يمسه من خير أو شر، وما يلقاه من نعيم أو بؤس(3).

       ولهذا فإن وعد الآخرة هي ما حال الصهاينة اليوم، وما وصلوا إليه في عصرنا من علو وفساد واستكبار وغرور، وحقد بلا حدود…

       وسيتحقق وعد الله تعالى على يد المسلمين، وسيدخلون المسجد كما دخله المسلمون أول مرّة في الخلافة العمرية.

       يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي- رحمه الله- في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوْءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: «ومعنى هذا أن المسجد الأقصى سيضيع من المسلمين ويصبح تحت حكم اليهود فيأتي المسلمون ويحاربونهم ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرّة في عهد عمر بن الخطاب»(4).

       وضمير الفاعل في «لِيَدْخُلُوْا» في قوله – جلّ وعلا-: ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.. يعود الضمير على الضمير الفاعل في «لِيَسُوْءُوْا»، فالذين يسوءون وجوه اليهود هم الذين يدخلون المسجد كما دخلوه أول مرّة، والمراد بالمسجد هنا المسجد الأقصى (بيت المقدس)، وهم المسلمون الذين دخلوه فاتحين أول مرّة عندما حرّروه من قبضة الروم، وأمنوا أهله ولم يسكنوا معهم أحدًا من فلول اليهود كما اشترط أهلها على أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه-.

       يعني دخول بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك في المرة الثانية بعد إفساد اليهود الثاني سيكون على يد المسلمين لا غيرهم، وهذا معنى ﴿كَمَا دَخَلُوْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ ولا يلزم من هذا أن يكون دخولهم أول مرة على اليهود.

       يقول الشيخ عبد الكريم الخطيب: «إننا نقطع عن يقين أن بني إسرائيل معنا اليوم واقعون تحت قوله تعالى: (فإِذَا) فالجولة التالية بيننا وبين بني إسرائيل هي لنا، وسندخل المسجد إن شاء الله كما دخلناه أول مرّة، وسنخزي القوم ونعريهم من كل ما لبسوا من أثواب الزهو والغرور..»(5).

       وهنا لابد أن نشير إلى أن هذا الكيان الغاصب الذي قام تحت اسم «إسرائيل» ولم يقم تحت اسم «اليهود» أو دولة «يهوذا».. يجعل قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ (الإسراء:4) متوجها إلى ذلك الكيان القائم تحت اسم «إسرائيل» الأمر الذي يجعل من العسير أن تدخل تحت حكم الآية لو أنها اتخذت أي اسم آخر غير هذا الاسم.. وهذا إعجاز من إعجاز القرآن..(6).

       فهجرة اليهود الصهاينة المستمرة نحو فلسطين، واستيطانهم القادم على قدم وساق، وتجمعهم من شرق الأرض وغربها، وإقامتهم كيانهم الغاصب باسم «إسرائيل».. كل ذلك وفق سنة الله التي تسوقهم إلى حتْفِهم، وتدعوهم إلى قدرهم المقدور: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ (الإسراء: من الآية104)..

       جاء اليهود المعتدون لموعد الآخرة لفيفا بمقتضى قانون إلهي من صميم سنته تعالى، لكن لا يبصره من عشا عن ذكر الرحمان. صدقوا التَّنَبُؤ الألفي، وسادوا على ضوئه. فإن كانت ثمة نبوءة في الموضوع فهي أثارة من علم حرّفها الأحبار. وإن كان حرّفها الأحبار فعملهم شيطنة. والشيطنة شأن خسيس يكل الله – عزت قدرته- دوره لمن غضب عليهم وأضلهم وأعماهم). ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ (سورة الزخرف، الآية:36).

*  *  *

الهوامش:

(1)     يقول الإمام النووي: «الغرقد نوع من شجر الشوك معروف ببلاد بيت المقدس، وهناك يكون قتل الدجال واليهود، وقال أبو حنيفة الدينوري: إذا عظمت العوسجة صارت غرقدة». صحيح مسلم بشرح النووي،18-45.

         واليهود اليوم في فلسطين البلاء مولعون بغرس شجر «الغرقد» المذكور في الحديث.

(2)     صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب قتال اليهود، ح2925 و2926، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، ح 2922، واللفظ لمسلم.

(3)     انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب، 3/449-452.

(4)     تفسير الشعراوي، 1/170.

(5)     التفسير القرآني للقرآن، 3/454-455.

(6)     المرجع نفسه، 3/455-456.

*  *  *


(*)  أستاذ ورئيس مجموعة البحث في السنن الإلهية بكلية أصول الدين بـ«تطوان» جامعة القرويين، المغرب.

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالحجة  1437 هـ = سبتمبر 2016م ، العدد : 12 ، السنة : 40

Related Posts