العالم الإسلامي
شعر : الشاعر والكاتب الإسلامي
الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي
بعيـــدٌ على كيـد الأعادي جَنابُها
قــريبٌ إلى أهــــلِ الــوِداد خطابُها
يـميِّـــزهــا عمَّا يشــين ابتعادُهــا
ويُسعدها ، مـمَّــا يَـزيــنُ اقتـرابُها
موطَّأة الأكنــــاف للخـــير والهُدى
ممنَّعــــةٌ أســــوارُهـــــا وقبــــابُها
سريعٌ إلى روض الوفاء انطــلاَقـُـها
بَطيءٌ إلى بيــدِ الجَفـــاءِ ذَهــــابُها
تُظلِّلها أغصـــانُ وحــيٍ مبـــاركٍ
ويرفعُها عن كلِّ وَهْــمٍ كتـــــابُها
مَيادينُ خيلِ المجد فيها فسيحــةٌ
يميِّزها في الصَّافنـــات انصبـابُها
تَتوق إليها الأرضُ شرقًا وَمغــــربًا
وتُؤوي ملاييــنَ الحجيــج رحــابُها
هي الأرضُ، كلّ الأرض بالكعبة التي
يعبِّر عن ســرِّ الهـدايـــة بـــــابُها
هي الأرض، فيها بئــرُ زَمْزَمَ لم يَـزلْ
يطيب على مَـــرَّ الليـالي شــرابُها
وفيها مقـــــام للخليــــل مميَّــــــزٌ
بـه شهـدَتْ بطحــاؤها وشعـابُها
هنا أرضُنَـــا ، لله دَرُّ نهــــارِهـــــــا
وظَلْمائها لـمَّــــا يلــوح شهابُهـا
ولله دَرُّ البيت فيــــــــها إذا تـَــــــلا
مــن الآي تَاليهــا ، وزال ارتيــــابُها
ولله در المصطفى حـــين قـــادهــا
إلى العــزِّ بالتقــوى، فعــزَّ جنابُها
أتاها بروح العفو، والفتح شاهـدٌ
فطابتْ مغانيها، وزال اضطرابُها
وهشَّتْ إلى رجليــه جَبَّــاتُ رَمْلها
ولانتْ حَصاهـا عنــده وهضــابُها
* * *
أبــا متعب، هــذي بلادُك، نَبْعُــها
غنــيٌّ إذا غَــــرَّ الفيـــافي ســرابُها
يـميِّــزهـا بيتٌ حـــرامٌ ومسجــدٌ
بطَيْبـــةَ، والآيــاتُ يَهمي سَحابُها
تلاقى لديها الوحي والنُّور والهُدى
فطاب على درب اليقـين احتسابُها
لها بُلْبُلُ الأخــلاقِ يشـدو بحسنها
إذا صــاح فـي دنيا الفساد غرابُها
أبا متعب، في بَيْعة الشَّعب صورةٌ
يُكشّفُ عن صدَق الوفاء حجابُها
أمانــــةُ حُكْم أنت أدرى بعبئَهـــا
وسلطانُ أدْرى، منــذ سارتْ ركابُها
أمانةُ حكم فـــي زمـــانٍ تكالبتْ
عليــنا أعـادينا وســـال لعـــــابُها
أمانــــةُ حكم لا يخفِّف عبْئهـــــا
عــن النفس إلاَّ عَدْلُهَا واحتسابُها
يِسيرٌ على أهل الصـلاح عسيرُها
وجَـــزْلٌ لأهـــل العدل فيها ثَوابُها
أمانةُ هذا الطَّــوْد في العالم الذي
تـــداعت على الأخــلاقِ فيه ذئابُها
خِضَمٌّ من الأحداث، والبحرُ لجَّــةٌ
يعبِّـــر عن قَــاعِ الـمحيط عُبابُها
وغاباتُ أوهام تَهــــاوِي هُشَاتُهـا
وقـد أخـــرجتْ وحْشَ التآمُر غابُها
لكم دعوةٌ كالــورد فاح عبـــيرُها
وكــم دعـــوة يمحو القشورَ لُبابُها
من الله لا من خلقه نطلب الهدى
كــذلك تسمـــو بالنفوس طلابُها
هنا أرضُنا، طاشتْ سهامُ بُغَاتِهَا
ورُدَّتْ إلى ســــود القلــوب حَــرَابُها
تعثَّــــر مَنْ يسعى إليها بفتنــــةٍ
تشــرب معنــاهـــا فهانَ ارتكابُها
لاخـــير يُــرْجى من عقول ذكيَّــــة
إذا خانَهــــا في النـــائبات صَـوابُها
هنا أرضنا، طابتْ رياضًا نـــديّـــةً
وصحَّ إلى الــدين الحنيف انتسابُها
يقاسمها المجــــدُ التَّليدُ نصَابَـــه
فمــا زال ينمــو في المعـالي نصابُها
بلادٌ تــــلاقـــى شعبُهــا وولاتـُهــا
على خـير ما يَلْقى الشيوخَ شبابُها
هنا شاهـــدٌ عَــدْلٌ لصورة دولـــةٍ
تـُخــاط مـن الـحبِّ الكـــبير ثيابُها
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان – شوال 1426هـ = سبتمبر – نوفمبر 2005م ، العـدد : 8–10 ، السنـة : 29.