كلمة العدد

          جاء في الحديث الشريف: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء»(1) وقد يظن كثير من الناس أن هذه الغربة التي واجهها الإسلام في بدايته وسيواجهها في نهايته ترجع إلى تقلّص عدد المسلمين؛ حيث كانوا قليلين في مستهل الدعوة، وكذلك ينكمشون فيعودون قليلين. وهذا المعنى هو الذي اختاره الإمام النووي رحمه الله (يحيى بن شرف 631-676هـ= 1234-1277م) في شرح صحيح مسلم؛ إذ قال: «إن ظاهر الحديث يفيد أن الإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشر وظهر، ثم يلحقه النقص والإخلال، حتى لايبقى إلاّ في آحاد وقلة أيضًا كما بدأ».

       والحديث يعني أصلاً أن الإسلام سيعود غريبًا مُنْكَرًا منفيًّا حتى في وطنه وبلده الذي قد يعرفه الناس أنه بلد مسلم ووطن يسكنه مسلمون، فلا يكون له صولة وجولة وسيادة كاملة، ولايكون لمنهجه الشرعي وسلوكه الديني إلاّ نصيب ضئيل؛ فكما بدأ الإسلام عن طريق قلة معدودة تشربت بشاشتَه قلوبُها فتمسكت به وعَضَّت عليه بالنواجذ، كذلك بعود وضعُه في المنتهى، فيصير يعاني غربة تديّن، فهو يبقى رسمًا واسمًا؛ ولكنه يشكو المتدينين. وبذلك يكون هذا الدين المرضى وحده لدى الله تعالى غريبًا حتى بين آلاف وآلاف ممن ينتمون إليه انتماءً ظاهريًّا، ويزعمون أنهم مسلمون؛ و لا يتاح له أن يفعل فعلَه ويتحرك بيديه ويمشي على قدميه، ولا يُعْمَل بأحكامه وآدابه التي تغدو أمام الناس مُنْكَرَة غريبة، ويصبح العاملون به كلاًّ لا جزءًا غُرَبَاء بين الناس.

       وقد أكّد هذا المعنى بوضوح حديث آخر، جاء فيه أن الصحابة – رضي الله عنهم – سألوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قال لهم: «إن الدين بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء» سألوا: «يا رسول الله ومن الغرباء؟» فقال – صلى الله عليه وسلم -: «الذين يحبّون سنتي ويُعَلِّمُونها عبادَ الله»(2). إن الحديث دلّ دلالة واضحة على أنه ليس الإسلام وحده غريبًا، وإنما المتمسكون به حقًّا والصادرون عن أحكامه المتمثلة في سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – هم غرباء كذلك. وغرابتُهم ترجع أولاً وأخيرًا إلى أنهم يتمسكون ويعملون بسنة رسولهم – صلى الله عليه وسلم – .

       والحديث يُصَوِّر تصويرًا دقيقًا عميقًا غربة وغرابة الإسلام حتى بين من يزعمون أنهم مسلمون؛ لأنهم يكونون مسلمين بالاسم ولايتمسكون بسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا يصدرون عنها منهجًا وسلوكا، وغاية وهدفًا، وفهمًا وتنزيلاً، وعلمًا وتعليمًا.

       وهذا المعنى هو الذي دلّ عليه حديث آخر رواه الترمذي: «أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: إن الدين ليأرز(1) إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها، وليعقلنّ الدين من الحجاز معقل الأُرْوِيّة(2) من رأس الجبل. إن الدين بدأ غريبًا ويرجع غريبًا؛ فطوبى للغرباء الذين يُصْلِحُون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي»(3).

       وما ينبغي أن يتضح بالأذهان في هذه المناسبة أن الحديث لا يعني أن المسلمين يكونون غرباء بقلة عددهم، وأن الإسلام يكون غريبًا لأن المسلمين قليلون؛ بل غربة المسلمين أو غربة الإسلام ترجع إلى أن المؤمنين الصادقين القائمين على الإسلام الصحيح الذي جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – من عند ربّه هم يتناقصون جدًا رغم الكثرة الكاثرة من المسلمين الذين يُشَكَّلون زبدًا يذهب جفاء. والمسلمون الصادقون الغرباء بين الناس، قد عَرَّفَهم نبينا – صلى الله عليه وسلم – بأنهم «الذين يحيون سنتي ويُعَلِّمُونَها عبادَ الله» وأنهم «يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي».

       وركّز كثير من الباحثين من ذوي العلم والفضل الذي يعيشون في دراسة الكتاب والسنة أن مراد الحديث بـ«الغرباء» هم العلماء الصالحون العاملون المتمسكون بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – والساعون – بقولهم وفعلهم وسلوكهم – لتعليمها ونشرها بين الناس، والعاملون على التمييز بين صحيحها وضعيفها وما ليس منها. ومن ثم صَرَّح العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله (محمد بن أبي بكر الزُرْعيّ 691-751هـ=1292-1350م): «كان يقال للعلماء «غرباء» لكثرة الجهال»(1).

       وروى الإمام أحمد هذا الحديث بما يلي: «بدأ الإسلام غريبًا، ثم يعود غريبًا كما بدأ؛ فطوبى للغرباء. قيل: يا رسول الله ومن الغرباء. قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. والذي نفسي لينحازن الإيمان إلى المدينة كما يحوز السيل، والذي نفسي بيده ليأرزن الإسلام إلى ما بين المسجدين، كما تأرز الحية إلى جحرها»(2).

       وهؤلاء العلماء الصلحاء العاملون بالسنة النبوية والجاهدون لتعليمها ونشرها وإصلاح ما أفسده الناس منها ومن الدين، رصد لهم الله مكانة سامية عنده كما بَشَّرَهم بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ قال: «طوبى للغرباء». وقد قال العلماء: إن «طوبى» كل مستطاب في الجنة من بقاء بلا فناء، وعزّ بلا زوال، وغنى بلا فقر. وقيل: هو اسم شجرة في الجنة(1). وذلك لأنهم صابرو ورابطوا على جبهة السنة والعودة بالناس إلى صحيح الدين وصحيح الإيمان والإسلام والمنهج النبوي الأصيل الذي كاد الناس يفسدونه بعملهم واعتقادهم.

       وفي حديث آخر رواه عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم ونحن عنده: طوبى للغرباء. فقيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم»(2).

       فأوضح الحديث أن الغربة بالنسبة للإسلام أو إلى العاملين بها والساعين لنشرها وتعليمها وإصلاح ما فسد منها، ليست غربة وطن وطين، بل هي غربة صلاح ودين. ولو نظرنا إلى ظاهر الأمر كذلك لوجدنا أن المسلمين بالجملة قليلون بالنسبة إلى الأكثرية الساحقة الغالبة لمتمثلة في الكفرة الفجرة والمشركين والوثنيين واليهود المغضوب عليهم والنصارى الضالين والملاحدة والدهريين والداعين بدعوات هدامة وحركات مشبوهة منحرفة عن الصراط المستقيم. فالمسلمون مهما كانوا ضعفاء في العمل، غرباءُ بالنسبة إلى الأكثرية التي تعصي الله وتكفر به وتحاربه ودينه ومنهج نبيه وتعادي عداوة سافرة ماكرة صارخة المسلمين لذنب أنهم يؤمنون بالله تعالى ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيًا. وقد صدق الله عزوجل إذ قال:

       «وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ» (الأنعام/116).

       الإسلام الأصيل الحققيقي الذي جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من عند ربّه، ظل غريبًا في جميع العصور – ما عدا عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين المهديين والقرون المشهود لها بالخير – لأنه يتمثل أصلاً في فرقة ناجية واحدة بين آلاف الفرق التي زعم كل منها أنها هي وحدها على الحق الصراح الواضح المبين. وقد صَرَّح النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الملة الإسلامية ستفترق افتراقًا كبيرًا، وتتوزع على جماعات وفرق كثيرة، كلها في النار إلاّ فرقة، وهي فرقة الغرباء العاملين بالمنهج النبوي الصحيح والرسالة الإلهية الحقة والداعين إليهما بقولهم وعملهم وسلوكهم. وذلك في حديث رواه معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – قال: «ألا إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قام فينا، فقال: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، اثنتان وسبعون في النار، و واحدة في الجنة، وهي الجماعة»(3).

       فالجماعة الناجية المستحقة من الله للجنة هي جماعة قليلة بالنسبة إلى الكثرة الكاثرة التي تشذّ عن الطريق فتدخل النارَ، فهي غريبة بالقياس إلى غيرها المتمثل في الكثرة الساحقة؛ لأنها بسحنتها الإيمانية الممتازة وصبغتها الدينية الثابتة، وهويتها الإسلامية الشاخصة تختلف اختلافًا كثيرًا عن غيرها التي تتماثل في الأغلب لحد كبير في ظاهرها اللمّاع الخلاّب إلى جانب باطنها  المظلم الذي يتحد بالنسبة إلى الشذوذ عن الدين الحق. ومن ثم كان القيام على الدين الصحيح والتمسك به بجميع أجزائه، والدعوة إليه، كالقبض على الجمر كما جاء في حديث رواه الترمذي عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر»(1).

       وذلك لأن الفتـن تشتد على القابض على الدين الحق، والمصاعب والمتاعب والمصائب تكثر حوله، والمعارضة تتقوى وتتكاثف وتتكاتف، والأعـوان والأنصـار تقـلّ أو تعـدم؛ ولذلك يكـون المتمسك بالدين، والعامل بالسنة النبوية والداعي إليها، والمصلح لما أفسده الناس منها، متخطيًّا العقيات، متحديًا العوائق والمعارضات، صادرًا عن الإيمان القوي الراسخ كالجبال، من أفضل الخلق وأرفعهم عند الله عزوجل وأعظمهم عنده قدرًا؛ لأنه يواجه أعداء ظاهرين وباطنين وسافرين ومختفين، حين يقبل الناس على الدنيا وزخارفها، ويُخْلِدون إلى الأرض، ويزهدون في الآخرة، ويجعلون العاجلة وحطامها الزائل أكبرهمهم ومبلغ علمهم وغاية رغبتهم، ويستهزؤون بالدين وأهله، ويستغربون القائم عليه والداعي إليه بقوله وفعله وسيرته وسلوكه وكل طريقه في الحياة.

       مع هذه الشرور كلها والفتن جميعها، وأمواج العداء مع الدين المتلاطمة، والمزعجات والمنغصات من يثبت على الدين، ولا ينبهر بالشرق والغرب، ولا يخضع لسلطان الحضارات الفاسدة والمدنيات الزائفة التي حوّلت الإنسان بهيمة، ولايخاف إلاّ الله، ولا يرجو إلاّ إياه، ولا يلجأ إلاّ إليه، ولا يترامى إلاّ عليه، ولا يستعين إلاّ به، لهو الرجل الغريب من إخوانه الغرباء الذين بشرهم النبي الخاتم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأن لهم «طوبى» وهي شجرة في الجنة؛ فقد روى الإمام السيوطي رحمه الله (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر 849-911هـ =1445-1505م) عن أبي سعيد «أن «طوبى» شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها(2). وقال عكرمة: طوبى لهم معناه الحسنى لهم(3). وقد صدق الله تعالى إذ قال: «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـٰلِحٰتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب» (الرعد/29).

       أجل إن الإسلام الأصيل صار اليوم غريبًا بين هذه الكثرة الكاثرة من الكفرة والمشركين والفسقة والملاحدة والعلمانيين والدهريين والشيوعيين والوثنيين في جانب، وبين المسلمين بالإسم الذين يتبعون أهواءهم وشهواتهم التي اتخذوها إلهًا من دون الله، يتبعون أمره، وينتهون عن نهيه، ويزعمون أنهم يُحْسِنُون عملاً.

       فالعلماء الصالحون الزاهدون حقًّا، الداعون إلى دين الله الحق المتمثل في كل ما أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – أو نهى عنه أو صنعه، والعاملون على إصلاح ما أفسده الناس منه، صاروا اليوم غرباء قابضين على الجمر، محاطين بالأشرار، مُفْرَدِين من الأنصار، لا ناصر لهم إلاّ الله، ولا مؤنس لهم إلاّ توفيقه وتأييده؛ ولكنهم لهم الأجر الجزيل والمكانة السامية والدرجة الرفيعه عند ربهم القوي العزيز الجبار الذي كانت دائمًا كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا وفسقوا وأشركو وضلّوا وأضلّوا وغُضِبَ عليهم هي السفلى.

       فهم رغم غربتهم وقلتهم يظلّون ظاهرين غالبين منصورين لا يضرّهم من خذلهم إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها. وذلك هو مبعث الأمل الكبير المشرق المزهر المثمر. فقد روى البخاري: «لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون»(1) وفي رواية مسلم: «لاتزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوّهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة وهم كذلك(2). وفي رواية أخرى له: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، ولا يضرهم من يخذلهم، حتى يأتي أمرالله»(3).

       على كل فالمسلمون في معنى الكلمة القائمون على أصل الدين والعلماء الصالحون الذين يعملون بالدين، ويدعون إليه، وينصاغون في قالبه، وينصبغون بصبغة الله، ويصلحون ما يفسده الناس من الدين، ومن سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – يُعَدُّون اليوم «غرباء» ويُنْظَر إليهم شزرًا، ويُنْكَرُون ولا يُعْرَفُون من قبل الأكثرية من الناس في المجتمع البشري كلّه، ويُنْتَقَدون بأنواع الانتقاد، ويُتَّهَمُون بأساليب لا تحصى، ويُحَارَبُون على جميع الجبهات، ويُحَاصَرُون من جميع الجهات، وتُزْرَع في طريقهم العقبات، وتُسَّدُ في وجوههم الطرق، وتُغْلَق عليهم النوافذ، ويُنَالُون بأشدّ العقاب، وأشنع السباب.

       ولكن الله معهم بالنصر والتأييد والتوفيق والتمكين؛ فلا يضرهم خذل الخائذين، ولا معارضة المتكاتفين ضدهم من أجل المادة والمعدة والشهوة والهوى ومن أجل آلهتهم الكثيرة التي لا تُحْصَىٰ، الذين يُوَحِّدُهم الغرض الخبيث الماكر والعصبية المنتنة ضد الإسلام.

(تحريرًا في الساعة 12 من ظهر يوم الاثنين: 2/جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 23/مارس 2015م)

نور عالم خليل الأميني

nooralamamini@gmail.com

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رجب 1436 هـ = أبريل – مايو 2015م ، العدد : 7 ، السنة : 39


(1)      رواه مسلم برقم 145 وبرقم 146؛ والترمذي برقم 2629 وبرقم 2630؛ وابن ماجه برقم 3986؛ والدارمي برقم 2755.

(2)      مسند الشهاب، رقم الحديث 1052.

(1)      أرزت الحية إلى جحرها: لاذت به، أو ثبتت فيه.

(2)      الأُرْوِيَّة: أنثى الوُعُول، والوُعُول: جمع وَعْل، والوَعْلُ تَيْسُ الجبل، أي: ذكر الأَرْوَىٰ، والأروى: اسمُ جمع للأراوي، والأراوي: جمعُ أُرْوِيَّة.

(3)      الترمذي، رقم الحديث: 2630.

(1)      إعلام الموقعين، ج2، ص 139.

(2)      رقم الحديث: 16736.

(1)      معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، ص 350.

(2)      مسند أحمد، رقم: 6650؛ ورقم 7072.

(3)      أبوداود برقم 4597؛ والترمذي برقم 2640؛ وابن ماجه برقم 3991، وأحمد برقم 8377 وبرقم 12229.

(1)      الترمذي برقم 2260.

(2)      صحيح وضعيف الجامع الصغير، برقم 3918.

(3)      مختار الصحاح، ج1، ص 168.

(1)      البخاري برقم 6881.

(2)      مسلم برقم 1924.

(3)      مسلم برقم 2229.

Related Posts