دراسات إسلامية
بقلم: الشيخ عبد الرؤوف خان الغزنوي الأفغاني(*)
إن الجامعة الإسلامية «دارالعلوم ديوبند الهند» قد أُسِّست على التقوىٰ والإخلاص والتوكل على الله بأيدي نخبة مخلصة واعية من العلماء الربانيين، وفي طليعتهم سماحة الشيخ العلاّمة الإمام محمد قاسم النانوتوي المتوفّى عام 1297هـ، ومن أهدافها المهمّة الاحتفاظ بالعقيدة الإسلامية الصافية، ونشر تعاليم الكتاب والسنة، ودحض كل نوع من البدع والتقاليد غير الإسلامية، واستعادة المجد الإسلامي للمسلمين، وإشعال روح الغيرة الدينية والحماسة الإسلامية فيهم.
لم تكن الأسباب المادّية متوفّرة لدى المؤسّسين لهذا المنبع العلمي؛ ولكن الأسباب الحقيقية والعوامل الأصلية من التوكل على الله والإخلاص لِخدمة دينه، وطلب الأجر منه لامن أحد غيره كانت موجودة عندهم بشكل وافر، فبدؤوا مدرسةً دينيةً صغيرةً تحت ظلّ شجرة رمّان في ساحة مسجد بسيط «مسجد تشته» في قرية متواضعة مسمّاة بـ«ديوبند»، وقدعادت فيما بعد أكبر الجامعات الإسلامية في شبه القارة الهندية على الإطلاق بكثرة طلبتها وسَعَة مبانيها وأسلوب دراستها وعموم خدماتها الدينية وفخامة مكتبتها، واتّجه إليها طلاب العلم من كل فجّ عميق ومن داني البلاد وقاصيها على وجه المعمورة، وهٰكذا يأتي الإخلاصُ وحسنُ النية بنتائج مدِهشة.
رحلتي الأولىٰ إلى جامعة ديوبند الإسلامية
لأجل الجاذبيّة التي قدّرها الله سبحانه وتعالىٰ لهٰذه الجامعة، ولأجل التجاوب الشامل العالمي الذي كسَبَتْه حَاوَل كاتبُ هٰذه السطور في بداية القرن الجاري الخامس عشر الهجري حينما كان طالباً يدرُس ويتجوّل في مدارس مختلفة من مدارس الحدود الأفغانية ومدارس «كوئته» ونواحيها في ولاية «بلوشستان» أن يشدّ رحلَه إليها لاستقاء علوم الكتاب والسنة من هذا المنبع العلمي الوقور الذي يقصده كل من يشعر بالظمأ العلمي، ويرغب في إروائه بمنهل ممتاز يغنيه عن البحث عن مناهل أخرىٰ سواه.
بدأتُ الرحلةَ مع قلّة زادها وانحصارأجهزتها متوكّلا على الله ومؤمنا بأن الله سبحانه وتعالىٰ يُيسّر لِطالب العلم الصعوبات، ويُسهل له المشكلات، وفي أثناء السفر وإن واجهتْني مشكلاتٌ متنوعة ومصاعبُ متعدّدة؛ ولكن الله سبحانه سهّل كلَّ ذلك وساعدني من حيث لا أحتسب، فوصلتُ إلى بُغيتي وحققتُ أمنيّتي؛ حيث يسّر الله لي القبولَ والالتحاقَ بقسم الحديث في الجامعة بعد النجاح في اختبار الالتحاق بالدرجات الممتازة، وتخرّجت فيها بعد سنة بتوفيق الله عزّ وجلّ حاصلا على المركز الأول على مستوى قسم الحديث وعلى مستوى الجامعة مع التفوق والامتياز في الاختبار النهائي (والسبب لهذا التفوق والامتياز بعد توفيق الله عز وجل هو النظام الدراسيّ الهادف وعناية الأساتذة الفائقة بشؤون التدريس وتربية الطلاب بشكل عام وعطفهم الخاصّ على الطلاب الوافدين)، ثم التحقت بقسم الإفتاء (التخصص في الفقه) ومدّة الدراسة فيه سنة واحدة دراسية فأكملت الدراسة بمشيئة الله تعالىٰ حاصلا على المركز الأول في الاختبار النهائي، فعُيّنت مدرّساً للجامعة وإماما وخطيبا للمسجد الجامع لِهذا المركز العلمي الذي ارتحلت إليه من بعيد لمجرّد إكمال الدراسة فيه، ولم يكن يخطر ببالي أنني أكون في أيام قريبة مدرّسا وإماما وخطيبا فيه؛ لِحَدَاثة سني وقلّة تجربتي واضمحلال أهليتي العلمية والعملية؛ ولكن عنايةَ الله الخاصّة اتجهت إلى هذا المسافر الضعيف، وتربيةَ المشايخ الربّانيين الفائقة ساعَدَته، وأدعيةَ الأتقياء والأصفياء الموجودين في تلك الساحة تسبّبت في تيسير هذا الأمر الجَلَل.
استمر عمل التدريس والإمامة والخطابة إلى نحو عشر سنين في هذه الجامعة العريقة، وفي تلك البيئة العلمية الصافية، وكانت عندي فرصة طيبة مديدة للاستفادة من هٰذا الجوّ الطاهر النقيّ، ومن مشايخي أصحاب التجربة العلمية الطويلة، وأولي التقوى والمجاهدة العلميّة العريضة؛ فإن الاستفادة من الكبارعند بدء التجربة الميدانية تكون مهمة ونافعة، فلم أكن أعدّ نفسي مدرّسا وأستاذا، بل كنت أعتقد أنني قد بدأت الاٰن الاستفادةَ الحقيقية وطلبَ العلوم الأصلي، فأكثرتُ من الحضور إلى مشايخي العظام، والتزمت زيارتَهم واللقاءبهم مراعيا في ذلك جدولَ أوقاتهم، ومقدّراً مكانَتَهم العلمية الفائقة.
لأجل استمرار هذا العمل التدريسي، وعملِ الإمامة والخطابة، والحضورِ إلى مجالس مشايخي واستفادتي منهم في تهذيب النفس وفي طرق التدريس وتربية الطلاب وعامّة المسلمين، وعطفِهم الأبوي، وسلوكِهم الخاصّ الفائق الكريم مع هذا الفقير إلى نحو عشرة أعوام تمكّنتْ الألفةُ المتينة من قلبي لهٰذه الساحـة العلمية، والتربوية، ونشأت صِلَة مُوَثّقَة العُرىٰ بيني وبين هذا الجوّ الميمون النظيف، وكنت لاأتصوّر ولايخطر ببالي أنني أفارق في حياتي هذه البيئةَ العلميّةَ التربويّةَ الهادئة؛ بل كنت أتمنى أن تُرفع جنازتي من رحابها وأستريح بعد الموت في المقبرة القاسمية في أقدام سلفنا الصالح؛ ولكن الله يفعل مايشاء، وماتدري نفس ما ذاتكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت، فتُوُفّي والدي – رحمه الله- في 12/8/1412هـ في نواحي «كوئته» بلوشستان، وأمـرتْني والدتي – بارك الله في حياتها- أن أنتقل إلى باكستان؛ ليتيسّرلي الاعتناء بشؤون الأقارب من الوالـدة والإخوة والأخوات بعد وفاة الوالد – رحمه الله-.
الرَّحيل من جامعة ديوبند الإسلامية إلى كراتشي
ارتحلت في نهاية شهر رمضان عام 1412هـ من جامعة ديوبند الإسلامية إلى باكستان حزيناً على فراقها وفراق جوّها الهادئ الذي توثقتْ به أواصرُ مودّتي خلال مدّة مديدة قضيتها تحت ظلالها، ولاشك أن هذا كان أمراً يستوكف الدموعَ ويستمطر شاٰبيبَ العيون، إلاّ أنني كنت مطمئنا بأن الفراق ليس إلاّ جسديًّا وظاهريًّا، أما الصِّلة الروحية والمعنوية فستبقى مستمرّة كما كانت؛ بل هي تزداد بمشيئة الله تعالىٰ، ومن جانب اٰخر كنت أفكر في أن «جامعة ديوبند الإسلامية» ليست عبارة عن المباني الخاصّة المحدّدة في مدينة «ديوبند»، إنما هي عبارة عن مسيرة فكريّة منتشرة في أرجاء المعمورة توجد فروعها في كل مكان، فالفراق ليس إلا من المباني المعيّنة، أما المسيرة الفكرية فسأبقى معها بتوفيق الله تعالىٰ إلى اٰخر نَفَس من أنفاس حياتي.
قرّرتُ إثر وصولي إلى باكستان بعد المشاورة مع الوالدة والإخوة والأصدقاء النزول في مدينة كراتشي؛ لأنها مقرّ المراكز العلمية الفائقة والمدارس الإسلامية الممتازة، فقدّر الله لي فيها من التطوّر والرقيّ والشرف ما هو فوق أهليتي حيث احتَضَتْني «جامعةُ العلوم الإسلامية علاّمه محمد يوسف بنوري تاؤن» تلك الجامعة الممتازة الغرّاء كمدرّس لِلحديث النبوي ورئيس تحرير لمجلّة «البينات» العربية في بيئتها العلميّة وجوّها التربوي الممتاز، كما تأبّطني «جامعُ طوبىٰ» في ديفنس ذاك المسجد الجامع الكبير الشهير كإمام وخطيب أقوم بخدمة عامّة المسلمين الدينيّة عن طريق محرابه ومنبره، وفي جانب اٰخر نلتُ من المحبة والمودّة والتشجيع من علماء هٰذه المدينة وأولى الخبرة بها مالامزيد عليه، وقد لعب انتمائي إلى «الجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند» وعلاقتي بها دوراً فعّالاً في الوصول إلى هٰذه النعم والحصول على هذه الأيادي.
بعد الارتحال إلى باكستان ما نسيتُ مِنَن «جامعة ديوبند» المتنوّعة ولاجميلَ سلوك الأساتذة والمشايخ المبجّلين، فكنت دائما على صلة بهم عن طريق إرسال الرسائل والاتصال الهاتفي، وكنت أستشيرهم في الأمور المهمّة، وأستفيد منهم في الشؤون التدريسيّة والتربويّة، وأطلب منهم صالحَ دعواتهم عندما واجهتني مشكلة أو قابلتني صعوبة، وكنت أشعر ببركات دعواتهم وعناياتهم كأنها رأي عين.
وقد حاولتُ مرارا أن أحصل على تأشيرة السفر إلى الهند وأتشرّف بزيارة الجامعة، وأساتذتي، وأجدّد ذكرياتي المرتبطة بهٰذه الدار وأهلها، وأشاهدما حدث فيها من التطوّرات البنائيّة والنشاطات العلميّة، وأستمع إلى مواعظ كبار أهل العلم الموجودين في تلك الساحة، وأستفيد من علومهم الغزيرة؛ ولكن لم يتيسّر لي الحصول على التأشيرة لأجل توتّر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فمضى على فراقي من الجامعة نحو ثلاث وعشرين سنة، وبعد انتظار طويل سهّل الله لي الأمر عن طريق سماحة الشيخ السيد/ أرشد المدني – حفظه الله ورعاه- أستاذ الحديث النبوي بجامعة ديوبند الإسلامية ورئيس جمعية علماء الهند.
استلام رقعة الدعوة إلى مؤتمر ديوبند
تسلّمتُ رقعةَ الدعوة الودّية المخلصة المرسلة من سماحة الشيخ السيد/أرشد المدني أستاذ الحديث النبوي بجامعة ديوبند الإسلامية ورئيس جمعية علماء الهند عن طريق الشيخ المفتي/محمد مظهر شاه البهاولفوري للمشاركة في مؤتمر «عظمة الصحابة وإصلاح المجتمع» المقرر انعقاده في يوم الثلاثاء 9/5/1435هـ= 11/3/2014م في مدينة ديوبند، وكانت الدعوة موجّهة إلى نحو خمسة وعشرين شخصا من باكستان منهم كاتبُ هذه السطور، وقال الشيخ المفتي/محمد مظهر شاه سنستلم جوازات الجميع ونرسلها إلى السفارة الهندية في «إسلام اٰباد» وقبل تأريخ المؤتمر نُرجعها إليكم مع التأشيرة حتى يتيسّر للجميع السفر في وقت مناسب ويشتركوا في المؤتمر.
أُرسلتْ الجوازاتُ عن طريق الشيخ/محمد مظهرشاه إلى السفارة الهندية قبل تأريخ المؤتمر بمدّة مناسبة وكان من المتوقع أن تُصدر السفارةُ التأشيرات قبل موعد المؤتمر بنحو ثلاثة أيّام على الأقل حتى تتيسّر لنا المشاركة في المؤتمر، ولكنّها – لِسبب أو لاٰخر- لم تُصدر إلاّ بعد أن فاتتنا المشاركة في المؤتمر، وكنا على الاتصال المستمر مع سماحة الشيخ/أرشد المدني، فقال بعد وضوح الأمر: مادمتم قد حصلتم على التأشيرات فنظّموا أمرَكم واستعدّوا لِلسفر في أي تأريخ تشاؤون؛ فإن التأشيرة صالحة لمدة شهرين حتى تزوروا الجامعة وإن فاتكم المؤتمر، وأنتم ضيوفي وأنا أكون في خدمتكم.
نظَّم معظم المدعوّين سفرَهم في بداية شهر جمادى الآخرة، وأما كاتب السطور فقد أخّر سفرَه إلى شهر رجب لأمرين، الأمر الأول: كانت الدروس مستمرّة في جامعة العلوم الإسلامية علاّمه بنوري تاؤن التي أدرّس فيها، ومن الواجب على كل مدرّس – حسب نظام الجامعة- أن يكمل الموادّ الدراسية إلى منتصف شهر رجب، فلو كنتُ قد سافرتُ في شهر جمادى الاٰخرة لَصَعُب عليّ إكمال الواجب في وقت مناسب وبأسلوب مناسب، والأمر الثاني: قد أُتيحت لي فرصةُ الرحلة إلى جامعة ديوبند بعد نحو ثلاث وعشرين سنة، فكنت أودّ أن ألتقي بشيوخي وشيوخ الجامعة في بيئة هادئة، وأن أعيش خلال هذه الفرصة مرتاحَ البال في رحاب الجامعة، وأن أزور كل من كنت أشتاق إلى زيارته منذ مدّة طويلة على الانفراد حتى يكون هناك تبادل المحادثة وإحياء الذكريات الجميلة. وتحقيقُ تلك الأهداف كان صعبا مع صحبة هذه الجماعة الكبيرة المحتوية على الشخصيات الكريمة المحترمة.
إكمال الدروس في شهر رجب والرحلة إلى ديوبند
أكملتُ بتوفيق الله تعالىٰ الموادَّ الدراسية المفوَّضة إليّ في «جامعة بنوري تاؤن» يومَ الأحد 4/7/ 1435هـ= 4/5/2014م، وبدأت السفر بكل طمأنينة في اليوم التالي صباحَ يوم الاثنين 5/7/1435هـ = 5/5/2014م من كراتشي إلى دلهي الجديدة على متن الطائرة الباكستانية (PIA)، وكنتُ قد أخبرتُ قبل ذلك سماحةَ الشيخ السيد/أرشد المدني ببرنامج السفر فسُرّ به ورحّب بي قائلاً: سيستقبلك في مطار دلهي الجديدة بعضُ إخوتنا المسؤولين في مكتب جمعية علماء الهند بدلهي.
وصلتُ إلى مطار دلهي الجديدة خلال ساعتين إلاّ الربع في الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق صباحاً بالتوقيت المحلّي، واستقبلني في المطار فضيلة الشيخ/ محمد سراج المسؤول في المكتب المركزي لجمعية علماء الهند في دلهي، وكان سماحة الشيخ السيد/أرشد المدني اٰنذاك في جامعة ديوبند لِشغله التدريسيّ؛ ولكن مع الاتصال الهاتفي من حين لاٰخر مع الشيخ/محمد سراج؛ ليطّلع على وصولي إلى دلهي، وعندما جلستُ مع الشيخ/محمد سراج في السيّارة اتصل به سماحة الشيخ/ أرشد المدني سائلا عن وصولي، فلما أخبره به قال له أعطِهِ الجوَّالَ، فسلّم عليّ بصوته المليء بالعطف والودّ والحلاوة، ورحّب بي، واستفسرني عن أحوال السفر وعن العافية، ثم قال: إن مأدبة الغداء جاهزة لك في مكتب الجمعية وبعد الغداء وصلاة الظهر إما أن تستريح أو تسافر إلى «ديوبند» أو تبقى يوما في دلهي للاستراحة وتسافر غداً، وكل ذلك على راحتك ومشيئتك، فالشيخ/محمد سراج والسيارة مع السائق في خدمتك، فقلت له: يا سماحة الشيخ! إذا تيسّر الوصول إلى «ديوبند» كيف أستريح في دلهي؟.
وصلتُ مع فضيلة الشيخ/محمد سراج من مطار دلهي إلى مكتب الجمعية، والتقيت هناك بفضيلة الشيخ/فضل الرحمن السكرتير العام للجمعية، فقابلني بالحفاوة والإكرام، وتغدّيت معه وصلّينا الظهر ثم اضطجعت للقيلولة التي أعتادها؛ ولكن الرغبة الملحّة الصادقة إلى زيارة جامعة ديوبند حالت بيني وبين القيلولة، فلم أكتحل بالنوم وقمت قائلا للشيخ/محمد سراج – حفظه الله- تفضَّلْ واستعدَّ للسفر إلى ديوبند، فاستعدَّ على الفور واصطحب معه السائق الأخ/محمد ياسين وزميلا اٰخر له، وارتحلنا من دلهي متجهين إلى «ديوبند» وهي تبعد من دلهي مئة وخمسين كيلو مترا.
وصلنا بمشيئة الله تعالىٰ عند صلاة العصر إلى ناحية من مدينة «ديوبند»، ونزلنا من السيارة لنصلّي العصر في مسجد مدرسة واقعة بجنب الشارع مسمّاة بـ«جامعة زكريا» (وهي مدرسة جديدة لم تكن موجودة عند إقامتي بديوبند) وماكدت أدخل المسجد إذ سلّم عليّ مديرُ هذه المدرسة قائلا: كنتُ طالبا في «جامعة ديوبند الإسلامية» إذ كنتَ مدرّسا وإماماً وخطيباً هناك، فرحّب بنا ورغب في أن يقوم بإكرامنا ونجلس عنده؛ ولكنّ شدّة الاشتياق إلى زيارة «جامعة ديوبند» لم تسمح لنا بذلك، فصلينا واستودعنا سعادةَ المدير وتقدّمنا إلى الأمام ووصلنا بعد دقائق بيتَ سماحة الشيخ السيد/ أرشد المدني الواقع أمام «الباب المدني» من «جامعة ديوبند».
كان الشيخ السيد/ أرشد المدني في انتظارنا فرحّب بنا ترحيبا حارًّا، وقدّم إلينا الشاي الأخضر ثم قال لي: أنت ضيفي، وبيتي بيتك، الفطور والغداء والعشاء تكون عندي مادمتَ في ديوبند إلاّ إذا استضافك أحد غيري يوماً ووافقتَ على ذلك فأنت حرّ في ذلك، وأضاف سماحته قائلا: إن عندي برامجَ مقرّرة من قبلُ في أماكن متعددة خارج مدينة ديوبند، فإن لم أكن يوما في ديوبند فهٰذا ابني (فضيلة الشيخ السيد) أمجد المدني في خدمتك، وإذا أردت الخروجَ إلى أي مكان اٰخر فالسيارة جاهزة لك، أما نزولك فيكون في غرفة رقم 11 من دار الضيافة للجامعة فإنها مريحة وواسعة.
نبذة يسيرة من نشاطات الشيخ / أرشد المدني العلميّة والشعبيّة
سماحة الشيخ السيد/أرشد المدني –حفظه الله ورعاه- هو ابن شيخ الإسلام السيد/حسين أحمد المدني رئيس هيئة التدريس في جامعة ديوبند سابقا (المتوفّٰى عام 1377هـ) – رحمه الله-، وأستاذ الحديث النبويّ بالجامعة ورئيس جمعية علماء الهند. لم يتيسر لي أن أدرُسَ عنده وأَتَتَلْمَذَ عليه عندما كنت طالبا في جامعة ديوبند؛ لأنه قد دُعي إلى الجامعة كأستاذٍ للحديث النبويّ بعد ما تخرّجتُ فيها وعُيّنتُ مدرّسا بها إلاّ أنني قد رأيته من قريب، واطّلعتُ على حياته الفرديّة والجماعيّة، وتأثّرتُ بشخصيّته الفذّة وورعه وتقواه، وأعجبتُ بذكائه الفطريّ وشجاعته وخلقه الجميل، وشاهدتُ جودَه وكرمَه وتواضعَه الجمّ، فاستقرّتْ عظمتُه ومكانتُه في قلبي، وكنت أعدّه كأستاذ لي وشيخي.
يعمل أستاذاً للحديث النبوي في جامعة ديوبند منذ أكثر من ثلاثين سنة، وعمل مدّة مديراً لِشؤون التعليم فيها، فقام بإجراءاتٍ مؤثرة ناجحة لتربية الطلاب وتحسين شؤون التعليم، كما أنه قام بتحقيق كتاب «نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار» للعلاّمة بدر الدين محمود بن أحمد العيني (المتوفّٰى عام 855هـ)، وهو شرح ممتاز لِكتاب «شرح معاني الاٰثار» للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (المتوفّٰى عام 321هـ)، وبَذَل سعيَه في طباعته حتى طُبع في 23 مجلَّداً بشكل ممتاز، فهٰذه أدلّة واضحة على مكانته العلميّة.
وقد شاهدتُ في هٰذا السفر غير مرّة أنه قام بتدريس سنن الترمذي صباحاً في الجامعة، ثم شارك في الاجتماعات المختلفة المقرّرة في أماكن متعدّدة متباعدة وألقىٰ فيها خطبا، ثم سافر إلى دلهي في نفس اليوم ووصل إليها مساءً فصلى العِشاء وتعشّى وأخذ راحة ثم قام لِصلاة التهجّد (التي قلّما تفوته في السفر وفي الحضر) وبعد التهجّد بدأ السفر إلى ديوبند ووصل صباحاً إليها فقام بتدريس سنن الترمذي، والتقى بالضيوف وزائريه بلَطَافة ودَمَاثة وكلّمهم بجمال الأسلوب، ورحّب بهم ترحيباً، لايُعرف في وجهه أثرُ التعب ولافي كلامه سِمَة الكُره لأحد، وهذه الجامعية التي قلّما توجد في أحد إنما وَرِثها عن أبيه شيخ الإسلام السيد/حسين أحمد المدني – رحمه الله رحمة واسعة-.
ومن جهوده الشعبيّة الناجحة ما علمتُ خلالَ هٰذه الرحلة أن عددا من شباب المسلمين الأبرياء (يتراوح عددهم بين خمسة وسبعة) قَدِ اتُّهِمُوا من قِبل الهندوس المتطرفين بجريمة هم بريئون منها، وحَكَمَتْ عليهم المحكمةُ العالية بولاية «غجرات» بالإعدام، فَرُفِعَتْ قضيَّتُهم إلى المحكمة العليا على مستوى الهند (SUPREME COURT OF INDIA) عن طريق جمعية علماء الهند التي يرأسها فضيلة الشيخ السيد/أرشد المدني، فبجهود الجمعية وجهود فضيلة الشيخ/أرشد المدني الشخصية أَلغَتْ هذه المحكمةُ العليا عُقوبَتَهم وحَكَمَتْ ببراءتهم التـامّـة، ثم عَقَـدت الجمعيّةُ مؤتمراً صحفيًّا في دلهي يوم الثلاثاء 20/5/2014م بمحضر من هؤلاء المتَّهَمين المـبرَّئين تحـدّث فيـه فضيلته لإيضاح الحقيقة ولِطلب الإجراءات القانونية اللازمة ضدّ السُّلطات التي لَوَّثَتْ هـؤلاء الشبان المسلمين بجـريمـة ثبت أنهـم بريئون منها.
لِقاءات أخرىٰ ميمونة مع عدد من المشايخ
تيسّرلي في هٰذه الزيارة شرف اللقاء بمشايخي الثلاثة الموجودين في الجامعة – بارك الله في حياتهم وجهودهم مع الصحة والعافية- وهم فضيلة الشيخ المفتي/سعيد أحمد البالن بوري شيخ الحديث ورئيس هيئة التدريس (وقددرست عليه عدّةَ كتبٍ حديثيّةٍ يأتي ذكر أسمائها) وفضيلة الشيخ/رئاست علي البجنوري أستاذ الحديث النبوي (وقد درست عليه السنن لابن ماجه ونلتُ منه عنايةَ أستاذٍ كريمٍ وعطوف، واستضافني في هذه الرحلة على مأدبة العَشاء الكريمة) وفضيلة الشيخ/قمر الدين الغوركفوري أستاذ الحديث النبوي (وقدسَعدتُ بأن أدرس عليه السنن للنسائي وشرح معاني الآثار للطحاوي، وكانت له تجربة طويلة في التدريس وتربية الطلاب، كما أسعدني في هذه الرحلة بتقديم الشاي والفواكه المتنوّعة) كما سَعِدت بلقاء مدير الجامعة فضيلة الشيخ المفتي/أبوالقاسم النعماني ونائبَيْه فضيلة الشيخ/ عبد الخالق المدراسيّ وفضيلة الشيخ/ عبد الخالق السنبهلي، وفضيلة الشيخ/نعمة الله الأعظميّ أستاذ الحديث النبويّ (وقد أكرمني في بيته بتقديم الشاي وغيره) وفضيلة الشيخ/عبد الحق الأعظمي أستاذ الحديث النبويّ، وفضيلة الشيخ المقرئ/ محمد عثمان المنصورفوري أستاذ الحديث النبويّ (وقد أكرمني بتقديم الشاي والفواكه الطازجة).
وقد تيسرت لي فرصةُ اللقاء بفضيلة الشيخ الأديب الأريب/نورعالم خليل الأميني أستاذ الأدب العربي ورئيس تحرير مجلة «الداعي» العربية الشهرية التي نالت مكانةً رفيعةً وممتازةً على مستوي العالَـمَيْن العربي والإسلامي بجهود رئيس تحريرها المستمرة وأهليته الفائقة (وقد أسعدني في بيته بلقائه وتقديم الشاي وتوابعه على مائدته الممتازة الرائعة وإهداء عُلبة من طِيب فاخر) وفرصةُ اللقاء بتلميذه الوفيّ والمساعد له في مجلة «الداعي» فضيلة الشيخ/محمد عارف جميل القاسمي، وبفضيلة الشيخ/ حبيب الرحمان الأعظمي أستاذ الحديث النبويّ ورئيس تحرير مجلة «دارالعلوم» الأردوية الشهرية، وبفضيلة الشيخ/عبد الرحيم البستوي، وفضيلة الشيخ/محمد أمين البالن بوري وفضيلة الشيخ/محمد نسيم الباره بنكويّ (وتناولتُ معه الفطور) وزميلي. وصديقي الشيخ المقرئ/ عبد الرؤوف البرني (وأكرمني بتقديم عُصارة فاكهة ممتازة)، وغيرهم من الأساتذة والمسؤولين والطلاب.
وسُررت بلقاء فضيلة الشيخ/مودود المدني وفضيلة الشيخ/محمد المدني ابنَيْ سماحة الشيخ فداء الملة السيد/أسعد المدني- رحمه الله رحمةً واسعةً- (وقد أكرماني بتقديم الشاي وهدايا الطيب وغيره) كما سررت بزيارة فضيلة الشيخ/حسن المدني (وقد استضافني على مأدبة العَشاء الممتازة) وزادني سروراً وطمأنينة أنني كنت أشارك كل يوم بعد صلاة العصر في الجلسة العلمية لِشيخي المفتي/سعيد أحمد البالن بوري – أيّده الله بفضله ومنّه وتوفيقه- وهو الذي استفدت منه كثيرا أثناء بقائي في جامعة ديوبند طالباً ومدرّساً وإماماً وخطيباً، ولاأزال أستفيد منه عن طريق الاتصالات الهاتفية وعن طريق مؤلّفاته القيّمة.
سماحة الشيخ البالن بوري ونبذة من ماٰثرة العلمية
لقد منّ الله عليّ حيث وفّقني لأن أدرُسَ في جامعة ديوبند على المحدّث النبيل والعالم الجليل سماحة الشيخ/سعيد أحمد البالن بوري النصفَ الأخيرَ من صحيح البخاري، والصحيحَ للإمام مسلم، والنصفَ الأولَ من سنن الترمذيّ، والشمائلَ له، والسُّنَنَ لأبي داود، والموطأين للإمام مالك والإمام محمد – رحمهم الله-، كما أنني حفظتُ عنده القراٰنَ الكريمَ كاملا بعد ما عُيّنت مدرّساً في الجامعة، وكنت أرجع إليه عند كل مشكلة علميّة، ومن حسن حظّي أنني قد نلتُ منه عناية خاصّة فائقة قلّما ينالها الابن من أبيه.
عُيّن سماحةُ الشيخ البالن بوري أستاذا بجامعة ديوبند عام 1393هـ =1973م فقام بالتدريس عن جَدَارة وأهليّة ممتازة، وترقى فيه حتى لقي تجاوباً بالغاً من الطلاب، وكسب إعجاباً وقبولاً حسناً لدى التلاميذ ففوّض إليه مجلسُ الشورىٰ منصبَ رئيس هيئة التدريس وشيخ الحديث للجامعة، وأمامن ناحية التأليف والتصنيف فقد قام بشرح «حجة الله البالغة» للإمام ولي الله الدهلوي المتوفّٰى عام 1176هـ في خمس مجلّدات ضخمة باللغة الأرديّة باسم «رحمة الله الواسعة» وقد نال هذا الكتاب قبولاً شاملاً من أهل العلم حتى أصدر مجلس الشورىٰ بجامعة ديوبند قراراً كتابيًّا يشكره فيه على هذا العمل العلمي المجيد، كما ألّف شرح السنن للإمام الترمذي كاملا في ثماني مجلدات ضخمة باسم «تحفة الألمعي» وبدأ يؤلّف شرحاً لصحيح البخاري باسم «تحفة القارئ» وقد طبع منه تسعة مجلّدات، وفقه الله لتكميله، وله مؤلفات أخرىٰ قيّمة عديدة.
وممّا يدلّ على تقواه وصفاء قلبه وإخلاصه في العمل أنه كان يأخذ راتباً شهريًّا بسيطاً على عمله التدريسيّ حسب نظام المدارس الدينيّة الأهليّة في الهند؛ لِسدّ المستلزَمات المنزليّة والمرافق الحَيَويّة إلى أن فتح الله عليه باباً لِمكسبه الشخصيّ عن طريق مكتبـته التجارية «مكتبة الحجاز» فتوقّف من أخذ الراتب الشهريّ من «جامعة ديوبند» بل أرجع إليها ما أخذه منها في السنوات الماضية بدايةً من عام 1393هـ إلى عام 1423هـ، وهكذا أرجع إلى مدرسة «دارالعلوم الأشرفيّة» بمدينة «راندير» التي عمل فيها قبل تعيينه في «جامعة ديوبند» تسعَ سنواتٍ مدرّساً ما أخذه منها خلال هٰذه المدّة من الراتب الشهريّ؛ لِيكون عمله التدريسيّ خالصاً لِوجه الله الكريم.
التماس الإجازة الخاصّة من سماحته
قد سبق أن كتبتُ أنني درستُ على سماحة الشيخ البالن بوري عدّة كتب حديثيّة؛ ولكني لِشدّةِ حبّي إياه ومَتَانةِ علاقتي به التمستُ أن يكتب لي بشكل خاصّ إجازة وجيزة شاملة لجميع مرويّاته، فكتب لي إجازة ثم أرسلها إلى خطّاط لينقلها بخطّ جميل إلى ورقة جميلة خاصّة، ثم وقّع عليها وكتب التأريخ، ومن هٰذه الإجازة ونصّها يتبيّن للقارئ أن كِبارَ أهل العلم يشجّعون الصغار بطريقتهم الحكيمة، وينفخون فيهم روحَ العزيمة والهمّة بأسلوبهم الجميل، لِيأهّلوهم للرقيّ والتقدم والازدهار،وفيما يلي نصّ الإجازة:
إجازة رواية كتب الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام، والصلاة والسلام على خير خلقه سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ذوى الدراية واليقين، أمابعد: فإن تلميذَ الأمس زميلَ اليوم، الأستاذ الأديب الأريب، الشيخ المحدث، النبيه الكريم، العلامة حبيبي عبد الرؤوف خان الغزنوي الأفغاني مدرس الحديث الشريف بالجامعة الإسلامية بنوري تاؤن بكراتشي الباكستان قرأ عليّ عديدا من الكتب الحديثية، كصحيح البخاري، وصحيح مسلم، والجامع للإمام الترمذي وغيرها، وكان التصدى للإقراء هو الإجازة؛ ولكنه استجاز مني مرة أخرى، لحسن ظنه بي، ولست بأهل لذلك، فماكل بيضاء شحمة، ولاكل ذات ورم سمينة؛ ولكن حسن ظنه هو غاية آمالي، فاقتداء بالسلف الصالح أجيزه برواية جميع الكتب الحديثية معروفة الأسانيد لدى تلاميذي، مثل الصحيحين، والسنن الأربعة، وشرح معاني الآثار، والموطأين للإمامين الهمامين: مالك ومحمد، ومسند الإمام الأعظم، ومسند الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله، وأدعو الله تعالى أن يوفقه ويرضي، ويذيقه حلاوة العلم والمعـرفـة والتحقيق، ويبلغـه غاية ما يتمناه، وأوصيه بتقوى الله تعالىٰ فى السر والعلن، وأن يتبع سنة سيد المرسلين، وأرجو منه أن لاينساني فى دعواته الصالحة، ويوفقني وإياه لمرضاته ولصالح الأعمال،فإنه ولي التوفيق، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، آمين يارب العالمين. أجازه العبد الفقير الحقير
سعيد أحمد البالن بوري
10/7/1435هـ=10/5/2014م
تيسّرت لي خلال إقامتي في ديوبند زيارةُ «جامعة الإمام محمد أنور الكشميري» بدعوة من فضيلة الشيخ/عبد الرشيد البستوي المسؤول فيها، وبطلب منه شاركتُ في الحفل الختاميّ للطلاب وألقيت فيها كلمة، كما تيسّرت لي زيارةُ «دارالعلوم (وقف)» التي يديرها فضيلة الشيخ/محمد سالم القاسمي –حفظه الله-، وزيارةُ «الجامعة الإسلامية للبنات» التي يديرها فضيلة الشيخ السيد/أسجد المدني، وزيارةُ «جامعة الشيخ حسين أحمد المدني» التي يديرها الأخ الشيخ/مزّمل حسين الآساميّ، وزيارةُ «أكاديمية شيخ الإسلام» التي يشرف عليها فضيلة الشيخ السيد/أمجد المدني، وبالإضافة إلى هذه الزيارات قمت بإلقاء خطبة الجمعة والإمامة بالناس في «جامع رشيد» وذلك بطلب من المكتب الإداري المركزي للجامعة، كما سَعدت بإلقاء كلمة في الحفل الختامي للطلاب في دارالتفسير للجامعة.
ارتحلت بتاريخ 11/7/1435هـ= 11/5/ 2014م إلى مدينة «جنجوه» وهي تبعد من «ديوبند» بنحو 45 كيلو مترا، وكان معي في هذه الرحلة فضيلة الشيخ السيد/أمجد المدني وطالبٌ بالجامعة والسائق الأخ/محمد ياسين، فزرت «المدرسة المدنية» لتعليم القراٰن التي أسّسها سماحة الشيخ أرشد المدني ويديرها ابنه الشيخ السيد/أزهر المدني، وقد استقْبَلَنا الشيخ/ أزهر المدني بكل حفاوة وإكرام، وزرنا عددا من أقارب شيخي ومرشدي سماحةالمفتي/ محمود حسن الجنجوهي رئيس دارالإفتاء في جامعة ديوبند سابقاً (المتوفّٰي عام 1417هـ) رحمه الله رحمةً واسعةً، وسلّمنا على مرقد العالم الربّاني فضيلة الشيخ العلاّمة/رشيد أحمد الجنجوهي – رحمه الله- وعلى مرقد الشيخ/ عبدالقدوس الجنجوهي، ورجعنا في نفس اليوم إلى ديوبند.
كانت عندي تأشيرة مدتها خمسة عشر يوما فبعد هٰذه اللقاءات الكريمة والزيارات الطيبة رجعتُ يوم الثلاثاء 20/7/1435هـ=20/5/2014م من الهند إلى باكستان سائلا اللهَ عزّ وجلّ أن يوفقني مرّة بعد أخرىٰ لزيارة «جامعة ديوبند الإسلامية» والاستفادة من جوّها العلميّ التربويّ الجميل، إنه على كل شيء قدير.
* * *
* *
(*) أستاذ سابقاً بالجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند- الهند
وأستاذ حاليًّا بجامعة العلوم الإسلامية كراتشي- باكستان
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الأول 1436 هـ = يناير 2015م ، العدد : 3 ، السنة : 39