كلمة المحرر
الحصار الذي فرضته الدولة الصهيونية على غزة منذ أن انتصرت «حماس» في انتخابات 2007م، فشكّلت حكومتها في غزة، لا تريد هي – الدولة الصهيونية – رفعها عنها رغم كل الاحتجاجات الصارخة التي قام بها العالم كله ضدّ خطوتها هذه المعادية للإنسان الفلسطيني بل الإنسانية؛ حيث حَرَمَتها هي من خلاله – الحصار – أبسط الوسائل التي لابدّ منها لحياة الإنسان من الماء والكهرباء والغذاء والدواء؛ ولذلك عندما جرى وقف إطلاق النار لـ72 ساعة ابتداءً من صباح الثلاثاء: 8/شوال 1435هـ = 5/أغسطس 2014م، ورضيت إسرائيل بوقف عمليتها العسكريّة التي كانت قد شنتها على غزة منذ مساء الاثنين: 7/يوليو 2014م = 8/رمضان 1435هـ، بوساطة من الحكومة المصرية الحاليّة التي توسّطت لإرضاء الطرفين: إسرائيل وحماس بتوقيع اتفاقية تثبيت وقف إطلاق النار، لم ترض حماس بتوقيع الاتفاقية المُجحِفة بحق الفلسيطينيين؛ حيث إن الدولة الصهيونية المدعوة بـ«إسرائيل» لم ترض بنحو أو آخر برفع حصارها عن غزة، الأمر الذي بدونه يفقد وقف إطلاق النار كلّ معنى، ولا يعين أهالي غزة على الحياة الطبيعية التي يُحْرَمُونها منذ 2007م.
ولذلك فقد شنّت إسرائيل مُجَدَّدًا هجومها العسكري وقصفها العشوائي على غزة منذ انتهاء مدة الهدنة في الساعة 10 من صباح الجمعة: 11/شوال = 8/أغسطس. وقد ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى نحو 1900 وعدد الجرحى إلى نحو 11000، وحوّلت إسرائيل بقصفها المتصل غزة بكاملها إلى مقبرة عامّة، حيث هدمت كثيرًا من المساجد والمدارس والمستشفيات والملاجئ التابعة للأمم المتحدة، حتى استعبرت عينا ممثل أممي لدى حواره وحديثه عن الوضع المأساوي في غزة مع قناة تلفزيونية.
واحتجت ضدّ المجزرة الإسرائيلية كثير من شعوب العالم حتى الغربيّون منهم، واعتبرت عدد من الدول إسرائيل دولة إرهابية، حتى اعترف مسؤول بريطاني رفيع المستوى أن هناك اختلافًا شديدًا لعدد من أعضاء البرلمان البريطاني مع الحكومة الحالية في شأن موقفها من العلميّة الإسرائيليّة العسكريّة في غزة، الذي يؤيّد إسرائيل ويساعدها بأسلحة للقيام بالعمليّة.
وفي خطوة جريئة جديرة بالإشادة الواسعة والتسجيل والمحاكاة، استقالت وزيرة في الحكومة البريطانية الحالية اسمها «سعيدة وارثي» الباكستانية النجار من وزارتها محتجة ضد موقف حكومتها المنحاز لإسرائيل، إن خطوة «سعيدة وارثي» مزرية بكثير من القادة والساسة في بلادنا الإسلامية والعربية الذين إما أن لازموا السكوت على العملية العسكرية الإسرائيلية الوحشية في غزة أو تظاهروا بالتنديد بها بصوتٍ خافتٍ جدًّا لم يتجاوز حناجرهم، كما هي تحمل درسًا كبيرًا للقادة المسلمين في بلادنا الهند، الذين لم يستقيلوا قطّ من من مجرد عضويّة البرلمان الهندي فضلاً عن منصب وزاريّ، مهما فُعِلَت بالمسلمين الأفاعيل من قبل المتطرفين من أغلبية المواطنين، وظلت الحكومات الهنديّة ساكتة واجمة تجاهها أو بدا أنها واقفة بجانبهم – المتطرفين – بشكل أو آخر.
إن السيدة «سعيدة وارثي» لم تُرَاعِ مصالحها ولم تَرَ أنها هي الوزيرة المسلمة الوحيدة في المجلس الوزاري البريطاني، كما أنها لم تَرَ أن إسرائيل نشرت شبكتها الدسائسيّة في جميع الدول والأمم فضلاً عن أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوربي، حيث أحكمت تحكمها فيها؛ ولذلك فهي لا تدع صوتًا يتطوّر من قبلها ضدّ إسرائيل؛ لأنها – إسرائيل – تتخذ تدابير مسبقة للضغط عليه ورفضه وإلغائه قبل أن يُعْطِي مفعولاً ما ويتجاوب معه عدد وجيه من الشعوب والأمم في العالم ولاسيّما في الدول التي تتحكم في مصير العالم اليوم. وربّما يذوق المعارضون للمصالح الإسرائيلية ويلات لا أوّل لها ولا آخر من قبل «الموساد»: منظمة الاستخبارات الصهيونية التي قد تغتال معارضي المصالح الصهيونية في عقر دارهم. [التحرير]
(تحريراً في الساعة 12 من ضحى يوم الأحد: 13/شوال 1435هـ = 10/أغسطس 2014م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالحجة 1435 هـ = أكتوبر 2014م ، العدد : 12 ، السنة : 38