كلمة المحرر
رغم أنّ الرئيس المصريّ الإسلاميّ الهويّة السيد «محمد مرسي» يواجه صعوبات لايُتَصَوَّر فوقها في الأغلب في داخل بلاده من قبل القوى العالميّة المعادية للإسلام والعروبة وأذنابها من العلمانيين والليبراليين والناصريين واليساريين وفلول النظام المباركي البائد، وكلَّ يوم تشتدّ عليه الوطأة من قبلهم بأساليب لا تحصى، حتى ينسحب من السلطة ويتخلّى عن الحكم، تاركاً بلادَه تعود إلى جالتها المظلمة. كما أن هناك مؤامرات صهيونية صليبية وخططاً غربيّة تُنَفَّذ في البلاد عن طريق العملاء المتمثلين في هؤلاء العلمانيين واليساريين والمتغربين المتنكرين لكل شيء يمتّ إلى الإسلام بصلة؛ فقد كشفت بعض المجلات الإسلاميّة وثيقة خطيرة مفصلة فيما يتعلق بغزو صهيوني ماروني للإعلام العربي العام والإعلام المصري بالذات، وهناك وسائل إعلاميّة مستأجرة قوية تعمل على تأليب الرأي العامّ ضدّ السيد «محمد مرسي» وحكومته، فقد كشفت بعضُ المجلات الإسلاميّة أن مليارات من الدولارات صبّت في قناة تضليل الرأي العام المصري من قبل إسرائيل وأمريكا والقوى الغربيّة الصليبية الصهيونية، فهناك أكثر من 30 فضائية تعمل لحساب هذه القوى في مصر، و30 فضائية أخرى تنتظر تصاريح بالبث. كما أنّ هناك أحداث عنف في ذروتها، تشهدها خمس محافظات مصريّة بوتيرة منتظمة يوميًّا، تتمثل في حرق منشآت، واعتداء على الشرطة ورجال الأمن وتدمير المؤسسات الحكوميّة، وإلحاق أضرار كثيرة بالمرافق العامّة، وتحطيم محال وسيّارات وفنادق. وذلك عن طريق استئجار شباب وأطفال من أطفال وشباب الشوارع مقابل 500 جنيه مصري لكل منهم وهي أقل من 100 دولار يوميًّا.
رغم ذلك يقوم السيّد «محمد مرسي» بجميع مسؤولياته كرئيس مؤهل قادر على ضبط الأعصاب، مؤمن بالله، متوكل عليه في جميع أعماله، واثق بأنه لن يصيبه إلاّ ما كتبه الله له. يقوم بها في داخل البلاد وخارجها، فمنذ أن تولّى أعباء منصبه زار عددًا من البلاد الإسلامية والعربية الشقيقة والبلاد الأخرى الصديقة. وضمن ذلك زار مع وفد كبير كلاً من دولة باكستان ودولة الهند في يومين متصلين وهما: يوما: الإثنين والثلاثاء: 5-6/جمادى الأولى 1434هـ = 18-19/مارس 2013م، واستقبلته الدولتان بحفاوة بالغة على الصعيدين الرسميّ والشعبيّ، ووقع فيهما على اتفاقيات تعاون ثنائي تتعلق بشتى القطاعات التي شملت في اتفاقيات باكستان – مصر كلاًّ من الاستثمارات والتجارة والخدمات البريدية والنقل البحري. وكان الرئيس المصري هو الرئيس المصري الأول الذي زار رسميًّا باكستان فيما بعد 1960م.
و وَصَل إلى دهلي عاصمة الهند في وفد مصري كبير قادمًا من باكستان في الليلة المتخللة بين الإثنين والثلاثاء: 5-6/جمادى الأولى 1434هـ، و وقع يوم الثلاثاء 6/جمادى الأولى على سبع اتفاقيات ثنانية شملت شتى القطاعات، ودعا رجال الأعمال والمال الهنود إلى الاستثمار في مصر التي شهدت الديموقراطيّة الحقيقية بعد فترة طويلة من الزمن، وفيها مجالات استثمارية واسعة للراغبين. ومن جانبه أكد رئيس الوزراء الهندي وقوفه بجانبه في تطوير البلاد وترسيخ جذور الديموقراطية فيها، كما بحث الزعيمان كثيرًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك وأبديا أسفهما الشديد على ما يحدث في سوريا من سفك دماء الأبرياء. وأكد السيد «محمد مرسي» أن الثورة المصرية كانت نموذجًا يحتذي للعالم كله.
و في زحمة الزيارات واللقاءات لم ينس السيد مرسي أن يلتقي القادة والعلماء الممثلين لشتى الجماعات الدينية والمنظمات الإسلامية الهندية، فعلى رغبة منه اجتمع بكل من فضيلة الشيخ السيد أرشد المدني أستاذ الحديث بالجامعة الإسلامية: دارالعلوم/ ديوبند ورئيس جمعية علماء الهند، وأمير الجماعة الإسلامية الشيخ السيد جلال الدين العمري، ومدير جمعية أهل الحديث الشيخ أصغر علي إمام مهدي، وإمام جامع فتحبوري بدهلي الشيخ المفتي «محمد مكرم» بفندق «شيراتون» الذي كان نازلاً فيه. وبالمناسبة صَرَّح السيد «محمد مرسي» أن المسلمين ظل لهم تاريخ طويل في هذه البلاد التي حكموها نحو ألف سنة، وينبغي أن يقدموا لها اليوم نموذجا جديرًا بالتقليد من خلال سيرتهم وأخلاقهم، وأبدى قلقه النابغ على الوضع القاسي الذي يعيشه المسلمون في كل من فلسطين وسوريا، وميانمار، وغيرها من البلاد.
هذا، وقد كانت زيارة السيد مرسي لكلتا الدولتين، زيارة خاطفة، وكان المرجو أن تكون زيارة تمتد على يومين أو ثلاثة أيام حتى يتمكن من زيارة مدارس وجامعات ومنظمات ومراكز إسلامية أهلية فيهما، ليعلم مدى الجهود القيمة التي يبذلها العلماء الغياري في هذه القارة من أجل الحفاظ على الإسلام على نقائه وأصالته. [التحرير]
(تحريرًا في الساعة 10/من ضحى يوم الإثنين: 12/جمادى الأولى 1434هـ = 25/مارس 2013م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الثانية – رجب 1434 هـ = أبريل – يونيو 2013م ، العدد : 6-7 ، السنة : 37