دراسات إسلامية

بقلم:     الأخ الأستاذ محمد رضوان القاسمي البجنوري (*)

هو نابغة الأنام العلاّمة المحدث أحمد حسن بن أكبر حسين الحسيني الأمروهوي، واحد من روّاد النهضة العلمية والدينيّة، وأعلام الفكر الإسلامي في شبه القارة الهندية. ولد عام 1267هـ/1850م في أسرة علمية ودينية عريقةٍ، ينتهي نسبها عن طريق الإمام علي رضا إلى الإمام الحسين – رضي الله عنه وأرضاه – سبطِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أرض آبائه «أمروهه» التي تقع في الجهة الشرقية من دهلي: عاصمة الهند على بعد 130 كيلو مترًا تقريباً، وهي مدينةٌ عُرفت منذ قديم بموطن العارفين والعلماء والأطباء اليونانيّين، و وطن مولد العظام من رجال التاريخ.

       تلقى مبادئ العلوم الدينية والدراسة الابتدائية والمتوسطة الإسلامية في أرض وطنه، وتلمذ على علمائها المعروفين بورعهم و رسوخهم في العلم، ثم ساقه حظه الموفور إلى الإمام الفيلسوف الشيخ محمد قاسم النانوتوي (1248-1297هـ/1833-1880م) مؤسس الجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند الذي طار صيته في دقة نظره وعمق فكره في علم الكلام والعقائد والفقه والحديث؛ فلازمه في السفر والوطن حتى تلمّذ عليه في كل من «نانوته» و«ديوبند» و«ميروت» وقرأ عليه الدراسة الإسلامية العليا في الحديث والتفسير والفقه والعلوم النقلية والعقلية، ونهل من علومه ومعارفه، وارتوى من معينه العلمي الفياض؛ حتى أكسبتْه صحبة الأستاذ علماً غزيرًا وبهاءً في الأخلاق والآداب، ولمزيد من الاستفادة واكتساب العلم أرسل الشيخ النانوتوي تلاميذه الثلاثة: الشيخ محمود حسن الديوبندي والشيخ فخر الحسن الكنكوهي والشيخ أحمد حسن الأمروهي إلى ديوبند؛ فمكثوا في بيئتها العلمية يستفيدون من علمائها البررة والمحدثين الأتقياء، حتى نيطت بكل منهم هناك عمامة الفضيلة.

       وتلقى الحديث على الشيخ المحدث أحمد علي بن لطف الله السهارنبوري (نحو 1225-1297هـ/ 1810-1880م) – الذي قام بنشر صحيح الإمام البخاري لأول مرةٍ في بلاد الهند بعد التصحيح والتعليق عليه والتحشية، وقام بالتصحيح والطبع لكل من سنن الإمام الترمذي ومشكاة المصابيح، ولاتزال تلك النسخ متداولة بين العلماء إلى اليوم – والشيخ المحدث عبد الرحمان بن محمد الأنصاري الباني بتي (1227-1313هـ/ 1812-1896م) تلميذَي الشيخ إسحاق الدهلوي (1196-1262هـ/1781-1846م) والشيخ المحدث عبد القيوم بن عبد الحي البكري البدهانوي، كما أسند الحديث عن الإمام الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي المجددي المهاجر المدني (1235-1296هـ/1820-1878م) في المدينة المنورة خلال رحلته لأداء فريضة الحج، واتصل بالشيخ الكبير إمداد الله المهاجر المكي (1232-1317هـ/ 1818-1899م) لاكتساب ما يصلح الباطن، ويعمل في القلب؛ فينوّره ويزكيّه، ويجعله يتقرب إلى الله تعالى؛ فبايعه على نصرة دين الله: الإسلام وخدمته، واشتغل بالرياضة والمجاهدة، وخلع عليه الشيخ إمداد الله خرقة الخلافة، كما سبقت له مبايعةٌ على يد الشيخ النانوتوي هو الآخر.

       واشتغل بالتدريس والدعوة والإرشاد في مدينة «خورجه» من أعمال مديرية «بلند شهر» بولاية يوبي الغربية على توجيه من أستاذه النانوتوي، وقد رافقه هناك في شؤون التدريس الشيخ محمد يعقوب النانوتوي والشيخ فخر الحسن الكنكوهي، ثم انتقل مدرساً إلى مدينة «سنبهل» وبالتالي إلى مدرسة عبد الرب بدهلي، و كان الشيخ النانوتوي هو الآخر يمكث في دهلي آنذاك بشأن القيام بتصحيح الكتب الصادرة عن مطبعة «مختار علي» المعروفة أيّامئذ في ربوع الهند الواسعة. وفي عام 1296هـ-1879م تم تأسيس مدرسة إسلامية بمدينة «مراد آباد» باسم «مدرسة الغرباء» – التي عُرفت بعد بالجامعة القاسمية مدرسة شاهي – على أمر من الشيخ النانوتوي؛ فكان الشيخ الأمروهي أول من تولى منصب شياخة الحديث ورئاسة هيئة التدريس فيها، وسرعان ماشتهرت دروسه بغزير علمه وحسن تدريسه وتبحر كلامه، وتدفق المنعطشون إلى العلوم الإسلامية عليه واجتمعت جموعهم الحاشدة حوله؛ حتى أصبحت هذه المدرسة ذات أهمية لايستهان بها، وأرسل الشيخ النانوتوي نجله الشيخ الحافظ محمد أحمد إليه لتلقي الدراسة العليا، وقد حضر كل من الشيخ محمد يعقوب النانوتوي (1249-1302هـ/ 1833-1884م) والشيخ السيد أحمد الدهلوي مدرسة «شاهي» واستعرضا طلابها ونظامها؛ فأعجبهما كلُّ ما شاهداه من نظامها الدراسي والجهد الذي بذله الطلاب والأساتذة الفضلاء إعجاباً بالغاً. وسجّلا انطباعاتٍ مفادها: أن المدرسة قد تحوّلت «دارالعلوم» بفضل أساتذتها وعلمائها، وفي مدينة مراد آباد من منابر العلم والعرفان ما لا يوجد في دهلي هي الأخرى.

       ظلّ الشيخ يعمل فيها مدرساً إلى مدة، وهو يدرس كتب الصحاح الستة للأحاديث النبوية حتى ألجأته الظروف إلى الاستقالة عنها عام 1301هـ؛ فعاد إلى أرض وطنه وقام بتطوير مدرسة أسّسها أستاذه الشيخ النانوتوي في 1296هـ/1879م بجامع «أمروهه» – عُرفت بالجامعة الإسلامية العربية بجامع «أمروهه» – على جميع المستويات، وأعادها إلى الحياة من جديد؛ فأجرى فيها دراسات لجميع العلوم والفنون النقلية والعقلية، ولم يمض غير قليل؛ حتى طارصيتها في أنحاء الهند الواسعة وفي مشارق الأرض ومغاربها بفضله – رحمه الله – وظهرت براعته في الحديث والفقه والأصول والعلوم الأخرى الإسلامية، وأقبل عليه الطلاب والعلماء من داخل الهند وخارجها: من كابول، وطاشقند، وبخارا وما إلى ذلك. للاستفادة منه والارتواء من منهله العلمي العذب الفياض؛ حتى كان الشيخ محمود حسن الديوبندي (1268-1339هـ/1851-1920م) ربما يقوم بتوجيه الطلاب الأذكياء في ديوبند قائلاً لهم: توجهوا أنتم نحو «أمروهه»، وتلمّذوا على الشيخ الأمروهي، عسى أن تجدوا هناك أجوبة شافية عن بعض ما يختلج في أذهانكم من أسئلة عقلية ونقلية؛ فقد سافر عدد وجيه منهم إلى «أمروهه» واستقى من معينه وأبرد غلته.

       ومكث في هذه المدرسة بضع سنين؛ حتى دعاه المجلس الاستشاري للجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند وانتخبه مدرساً لها. وذلك في عام 1317هـ/ 1900م وعمل الشيخ مدرساً فيها مدة نحو شهرين. وبما أنّ مدرسة «أمروهه» كانت في حاجة ماسة إليه من أجل الإبقاء والحفاظ عليها، وافق أعضاء مجلس الشورى لدارالعلوم ديوبند على إعادته إليها، فرجع إلى أرض وطنه على دعوة من أهالي مدينة «أمروهه» ووقف حياته كلها من أجل النهوض بالمدرسة وإثرائها وتوسيع نطاقها في مجال التعليم والتربية والبناء. وظلّ يتولى مسؤولية إدارتها ومنصب شياخة الحديث فيها مادام على قيد الحياة، وكانت غايته المنشودة أن يتخرج عليه علماء مؤهلون متعمقون في العلوم النبوية، وتنتشر الدعوة والثقافة الإسلامية، حتى عمل ذلك على قطع أوصال نظام الإنكليز الذين بسطت سيطرتهم على بلاد الهند الواسعة في أعقاب 1857م.

       والحقيقة أن هذه المدرسة قد تعلَّم فيها شخصياتٌ ممتازة بارزة في مجالات شتى أمثال: الشيخ المقرئ محمد طيب (1315-1403هـ/ 1897-1983م) رئيس جامعة ديوبند، والشيخ حفظ الرحمن السيوهاروي (المتوفى 1382هـ/ 1962م) الأمين العام لجمعية علماء الهند، والشيخ محمد إعزاز علي الأمروهي (المتوفى 1374هـ) والشيخ إبراهيم البلياوي (المتوفى 1387هـ) الأستاذان بجامعة ديوبند، والشيخ المقرئ ضياء الدين الإلٰه آبادي، والشيخ السيد رضا حسن الأمروهي، والشيخ البروفيسور عبد العزيز الميمن رئيس قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة كراتشي، والشيخ المفتي محمود كبير الوزراء بولاية الحدود بباكستان، والشيخ السيد محمد طاسين رئيس المجلس العملي بكراتشي، والشيخ عبد القدوس الأمروهي ومن إليهم.

       وبما أنّ مدينة أمروهة تحتلّ مكانة مرموقة ومرجعية مطلقة في مجال الطب اليوناني؛ إذ أنّها احتضنت كثيرًا من الأطباء الإخصائيين المعروفين، عاد المحدث الأمروهي يتقن ذلك إتقاناً بالغاً، فكان يلقى دروساً فيما يتعلق بالطب اليوناني وعلم الأبدان هي الأخرى، فقد تلمذ عليه أطباء يونانيون بارعون في الفن، واستفادوا منه في مجالي الطب والعلوم الدينية الإسلامية.

       والحق أن الشيخ الأمروهي كان يحتل مركزًا عظيماً ومكانة عزيزة المنال في العلوم الدينية؛ فذاعت شهرته العلمية في ربوع الهند الواسعة، بل تجاوزها إلى بلاد: بورما، والحدود، وبشاور، وهزاره، وكابول، وقندهار، وطاشقند، وبخارا، وتركستان وما إليها. ومدينة أمروهة ظلت تشكل معهدًا للعلوم والفنون، ومنبعاً للثقافة الإسلاميّة عبر سنوات بفضل وجوده، وأمثاله من العلماء الأفذاذ.

       وكان يدرس معظم المقررات الدراسية، للمنهج الدراسي المتبع عندنا في المدارس الإسلامية الأهلية في شبه القارة الهندية، وله شغف بالغ بالتفسير والحديث والفقه، وكان أسلوبه في دراسة الحديث النبوي فصيحاً بديعاً ممتازًا، حيث يبين أسانيد الحديث وطرقه، ويبحث في رواته وفق الأصول المقررة، وأصول الحديث مع قواعد تطبيق قواعد الجرح والتعديل، ويحل المعضلات ويشرح المشكلات ويذكر درجة الحديث صحة وضعفاً ثم يبين مفهوم متن الحديث بياناً مستوعباً لايترك مشكلة في فهم الحديث، ويذكر مذاهب الأئمة المختلفة مع أدلتهم ثم يرجح مذهبه الفقهي بالدلائل القطعية من الكتاب والسنة، وكانت دروسه جامعة تستوعب جميع نواحي القضية وينحل بها عقد سائر العلوم: حيث كان يتناول المسئلة بالشرح من ناحية النقل والعقل، ويبين معارف دقيقة نادرة تداوي العقول المريضة، وتقنعها بالمعتقدات الدينية، فكان يتجدد في دروسه ذكرى أستاذه الشيخ النانوتوي، في سعة اطلاعه وجودة إتقانه وقوة خطابه.

       وبما أنّه ظلّ يتقلد المنصب القضائي الاستنباطي في «أمروهه» عاد مرجعاً للعلماء وعامّة الناس؛ فكانوا يعتمدون عليه كلّما أشكل عليهم أمر دينيٍّ، ويعوّلون على فهمه كلما استغلق على أفهامهم حكم شرعيّ، كما كانت له براعة فائقة في الخطابة والوعظ، فكانت خطبته تأخذ بمجامع القلوب وتخلب الأفئدة؛ فهو يخطب ويعظ الناس يوم الجمعة من على منبر الجامع بها، ويدعوهم إلى الخير. حتى اشتهرت مواعظه وخطاباته في المناطق القاصية منها والدانية، وحقاً كان لمواعظه تأثير كبير في إصلاح النفوس، وتقويم الأفكار، ومقاومة البدع والخرافات، وفيها من العلم والحكمة والأمثال والنوادر مالا يوجد في الكتب المتداولة، ومن اللطائف والغرائب مالا تشتمله الأسفار.

       كان – رحمه الله – متكلماً بارعاً، فكانت له مقدرة عجيبةٌ في إثبات العقائد الإسلامية في أسلوب كلامي رصين؛ كأنّ الأمانة العلمية القاسمية والحكمة الكلامية النانوتوية قد انتقلت إليه بمعنى الكلمة، كما كان له مهارة تامّة وبراعة عميقة في فن المناظرة والمنافشة؛ فقد جرى له مناقشات ومباحثات مع علماء الفرق الباطلة الضالّة، انتصر فيها وأثبت ماهو حق ثابت لدى الشريعة الإسلامية في ضوء الدلائل العقلية والنقلية؛ ففي عام 1322هـ/1904م باحث مع علماء الديانة الآرية (فرقة هندوكية في الهند لغتها الأصلية السنسكريتية) في مدينة «نغينا» من أعمال «بجنور» وألقى خطبة أمام الجمع الحاشد من الآريين والمسيحيين أثبت فيها حقيّة الإسلام وتفوقه على الأديان الأخرى كلها من ناحية النقل والعقل، تركت هذه الخطبة أثرا بالغاً في نفوس السامعين حتى قال بعضهم: لو كنا مؤمنين لآمنّا بهذه الخطبة؛ كما أجرى مناقشةً مع الفرقة القاديانية عام 1327هـ/ 1909م في مدينة «رامفور»تكلم فيها عن عقيدة «ختم النبوة» في أسلوب كلامي يدل على حدة ذكائه وعلو كعبه في شرح العقائد الإسلامية، مما قلّص نطاقَ القاديانية وأفاعيلها؛ حتى قُضِيَ عليها من مناطق «رامفور» وله مباحثةٌ مع اللامذهبيين عام 1318هـ/1900م في مدينة «كلاوتي» من أعمال مدينة «بلند شهر» تحدث فيها عن مسئلة القراءة خلف الإمام بشكل مشبع لجميع نواحي القضية. وتقاريرُ هذه المناقشات الثلاث قد تم طبعها في إفاداته المعروفة بـ«إفادات أحمديه».

       كان حسن الصورة حلو الكلام، مليح الشمائل نبيل النفس، قوي العمل، جمّ التواضع والمروءة، شديد الورع والتقوى، كثير الدرس والإفادة، قنوعاً بما رزقه الله؛ فلا يرفع عينيه إلى ما في أيدي الناس من الوسائل المادية، ولا يجري وراء حطام الدنيا، مشغوفاً بحب الحديث وصاحبه عليه الصلاة والسلام؛ فلم يقبل منصباً هامّاً رسميًّا تم اقتراحه من قبل بعض أمراء ولاية «حيدر آباد» الهندية، ورفضه قائلاً: إني أودّ أن أظلّ قائماً بخدمة طلاب العلوم النبوية مادمتُ حيًّا أرزق.

       وجدير بالذكر أنه درّس الحديث الشريف في الجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند، وظلّ عضوًا ممتازًا لمجلسها الاستشاري منذ 1313هـ حتى 1329هـ، وأشرف عليها وعني بشؤونها عناية فائقة؛ حتى لم يدّخر وسعاً في سبيل الحفاظ على هذه الأمانة العلمية العظيمة المتوارثة عن المشايخ الأفذاذ، والعلماء الأبرار، والقيام بواجباته نحوها في مجال التعليم والتربية والبناء، والحق أنَّ الزمان قلّما يجود بمثل هذه الشخصية النابغة النادرة التي قيل عن أمثالها:

ليس على الله بمستنكر    =    أن يجمع العالم في واحدٍ

       واستأثرت به رحمة الله تعالى في ليلة 29/ربيع الأول 1330هـ/1912م، ولسانه يتحرك بالكلمات المباركة «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» وصلّى عليه نجل الشيخ النانوتوي العلامة الحافظ محمد أحمد النانوتوي، و وُرّي جثمانه في الجهة الجنوبية من فناء جامع «أمروهه» وحضر الصّلاة حشدٌ كبير يبلغ عدده زهاء عشرين ألفاً.

       وكتب العلامة المحقق شبلي النعماني مؤلف «سيرة النبي» لدى وفاته: «قد لفظ مصباحُ الحديث النبويّ أنفاسه الأخيره في بلاد الهند» ورثاه صديقه ورفيقه في الدرس شيخ الهند محمود حسن الديوبندي بقصيدة ذات معنىً ورقةٍ أبدى فيها التهابَ قلبه وكبده، كما اعترف شيخ الإسلام شبير أحمد العثماني (المتوفى 1369هـ) صاحب «الفوائد العثمانية» بكونه شخصيةً جامعةً بين الكتابة والخطابة والوعظ والتدريس ماهرةً في العلوم الدينية النقلية والعلوم العقلية الفلسفية، وذلك لايوجد إلاَّ قليلاً نادرًا. وعبّر الشيخ العلامة المحقق حبيب الرحمن العثماني (المتوفى: 1348هـ) انطباعاته: «إنَّ شخصيته (رحمه الله) كانت نعمة من الله عظيمة وحياته إنَّما جددت ذكرى أسلافنا الكبار وعلمائنا الأبرار، والمسلمون في ربوع الهند الواسعة قد نا طوا به أعظم الآمال فيما يتعلق بالأمور الدينية والعقائد الإسلامية وشرْحِها شرحاً يقنع بالمعتقدات الدينية، وهو يعتبر صورةً حيةً لأستاذه الشيخ النانوتوي رحمه الله» وللشيخ العثماني رثاء بشأنه ونبذة منه فيما يلي:

شمْلُ الهُدىٰ وَالدِّيْنِ عَمَّ شَتَاتُه

وَالدَّهْرُ سَاءَ، وَاُقْلِعَتْ حَسَنَاتُه

بِالله اَيْنَ الْعَالِـمُ الْحِـبرُ الَّذِي؟

تَقْـوىٰ الْاِلـٰهِ صِفَاتُـه وَسِماتُـه

اَيْنَ الَّذِي أَفْنَى الشَّبِيْبَـةَ كَامِلاَ

نَشْرُ الْعُلُــوْمِ مَساؤُه وَغَـدَاتُـه

اَيْنَ الَّذِي مُذْلَمُ يَزَلْ مُتَـوَاضِعاً

لله خَالِصَــــةً صَفَتْ نِيَّاتُـــه

مَسْعُـوْدَةٌ غَدَوَاتُــه مَحْمُــوْدَةٌ

رَوْحَاتُـه مَيْمُونَـةٌ ضَحَـوَاتُـه

عَلَمٌ عَن الإِسْلاَمِ كَانَ مُحَامِيـاً

أَبَدًا إِذا مَــا أَسْلَمَتْــه حُمَاتُــه

جَبَلٌ تَضَعْضَعَ مِنْ تَضَعْضُعِ رُكنِه

اَرْكَانُنَــا وَتَهَــدُّنَــا هَـــدَّاتُــــه

يَا وَحْشَةَ الإسْلاَمِ يَوْمَ تَمَكَّنَتْ

فِيْ كُلِّ قَلْبٍ مُــؤمِنٍ رَوْعَـاتُه

لاَ تَحْسَبُوْه مَاتَ شَخْصٌ وَاحِدٌ

فَمَمَاتُ كُلِّ الْعٰلَمِـيْنَ مَمَاتُــــه

مَا كَانَ اَسْرَعَ وَقْتَه لَـمَّا انْقَضىٰ

فَكَانَّمَا سَنــواتُـــه سَاعَـاتُــه

كَانُوا جُلُوْساً اَمْسِ حَوْلَ وِسَادِه

وَالْيَومَ هُمْ حَـوْلَ السَّرِيرِ مُشَاتُه

       وتلمّذ عليه عددٌ لا بأس به من كبار العلماء الأفذاذ: من العلامة الحافظ محمد أحمد نجل الشيخ النانوتوي، والعلامة المفسر عبد الرحمن الأمروهي والشيخ المقرئ ضياء الدين الإله آبادي، والشيخ السيد رضا حسن الأمروهي ومن إليهم.

       ومن أهم تصانيفه: «إفادات أحمديه» (وهي مجموعة تشتمل على موضوع دعوة الإسلام) العجالة في إثبات التوحيد والنبوة، هدية أحمدية في سنية الخطبة بالعربية، الدليل الأبهر على صحة القولين في شق القمر، التحبير في إثبات التقدير، و«إزالة الوسواس» و«المعلومات الإلهية» «والفتاوى» وما إلى ذلك. أمطر الله عليه شآبيب رحمته وأدخله فسيح جنّاته.


(*)         المدرس بالجامعة الإسلامية العربية/ بجامع «أمروهه».

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الثانية – رجب 1434 هـ = أبريل – يونيو 2013م ، العدد : 6-7 ، السنة : 37

Related Posts