الفكر الإسلامي

بقلم : الشيخ الكبير المربي الجليل العلامة أشرف علي التهانوي

المعروف بـ “حكيم الأمة” المتوفى 1362هـ / 1943م

تعريب : أبو أسامة نور

إن قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – له الشيء الكثير من الشرف؛ لأنه يضمّ جسدَ النبي الأطهر؛ بل إنه – صلى الله عليه وسلم – بدوره موجود فيه، جسدُه مُتَلَبِّسًا بالروح؛ لأنه حيّ في قبره، ويكاد يُجْمِع على ذلك جميعُ أهل الحق، وكان يعتقد به الصحابة رضي الله عنهم أيضاً، أي أن نبي الله حيٌّ يُرْزَق، وقد نصّ عليه الحديث: «فنبيُّ الله حيٌّ يُرْزَق»(1).

ولكنه لابدّ أن نلاحظ أن هذه الحياة ليس المراد بها «الحياة الناسوتية» وإنما هي الحياة الأخرى التي تُطلق عليها «الحياة البرزخية».

مراتب الحياة البرزخية

أمّا أن يقال: إن «الحياة البرزخية» يحظى بها الجميعُ، فما هي ميزةُ النّبي فيها؟ فالقولُ المُحَقَّق في ذلك: إن لها مراتبَ مختلفة، فمرتبةٌ يحظى بها جميعُ المؤمنين، وهي التي يشعر بها كلُّ مسلم بالتعليم الذي وَرَدَ فيها فيما يتعلق بالقبر، ومرتبةٌ يحظى بها الشهداء، تكون أقوى من الحياة البرزخية التي يحظى بها عامّةُ المؤمنين؛ حيث إن حياتهم – حياةُ عامّة المؤمنين – ستكون أضعفَ من الحياة البرزخية الحاصلة للشهداء، مهما كانت أعلى بدرجات من حياتهم الناسوتية الدنيوية؛ فلا يظنن أحدٌ أن الحياة البرزخية لعامة المؤمنين تكون أضعف من هذه الحياة الدنيوية، ويترتب على كون حياة الشهيد أقوى أن الأرض لن تأكل جثتَه، وكونها لا تأكلها نتيجةٌ من نتائج الحياة.

حياةُ الشهيد

فظهور أثر الحياة في الشهيد، وعدمُ ظهوره في عامة المؤمنين دليلٌ على كون حياة الشهيد أقوى من حياة عامة المؤمنين. وقد أنكر بعضُ الناس ذلك قائلين: إن المشاهدة تخالف ذلك؛ لكنها لايجوز أن تكون سببًا للإنكار، لأن المشاهدة كما خَالَفَتْه؛ كذلك وافقته، فإذا وُجِدت المشاهدتان فلا مُبَرِّرَ لإنكاره مطلقاً، ويمكن أن يقال على الأكثر: إن ذلك ليس قاعدة مُطَّرِدة، وإنما هو ما يحدث في الأغلب، وعلى ذلك تُحْمَل النصوصُ، ولا يصحّ إنكاره مطلقاً. وهذه الإجابةُ مُؤَسَّسَة على التسليم أي على افتراض أنك حيث خالفته مشاهدتك، كانت المشاهدة فيما يتعلق بمن كان شهيدًا في الواقع؛ حيث يجوز أن لايكون شهيدًا أصلاً؛ لأن الشهادة ليست فقط قتلَ الرجل في معركة؛ بل الشهادة الحقيقية تقتضي شروطاً معنويّة، مثلاً: إخلاصُ النية لله وحده، الأمر الذي لايعلمه إلاّ الله. وعلى ذلك فنستطيع أن نقول: إنّ من شاهدتَه على خلاف ما يكون عليه الشهيد، لم يكن الشهيدَ في الواقع، وإنما كان الشهيدَ بالنسبة إلى الأحكام، والحياةُ الأقوى تختص بالشهيد الواقعي، ولو سَلَّمنا أنّه كان الشهيدَ الحقيقيَّ، لقلنا: يمكن أن تكون جثته قد تَسَنَّهَت لعارض من العوارض، مثلاً كان تُرَابُ المكان الذي دُفِنَ فيه مالحاً. ومتى ادّعينا أن حياة الشهيد تكون بحيث إذا أُحْرِقَت جثتُه لاتحترق، وإنما ادّعينا أنّ الشهيد إذا دُفِنَ كالعادة كما يُدْفَن عامّة الموتى عادةً، حيث لايوجد في أرض الدفن عارضٌ من العوارض – مثل الملوحة – أشدَّ من غيرها من الأراضي، فإن جثته لاتتسنّه مثلُ جثت الآخرين من الموتى؛ بل تبقى على ما كانت عليه.

حياةُ الأنبياء

والمرتبة الثالثة التي هي أقواها هي حياة الأنبياء – عليهم السلام – البرزخية؛ حيث إنّها أكمل من حياة الشهداء، ومن أثر ذلك ما هو مُشَاهَدٌ، وهو ما هو للشهيد أيضاً، أي أن أجسادهم لا تأكلها الأرض. فقد وَرَدَ في الحديث: «إن الله عز وجل حَرَّمَ على الأرض أجسادَ الأنبياء»(1) وأثره الثاني ليس مشاهدًا محسوسًا؛ ولكنه منصوص عليه، وهو أن نكاح أزواج الأنبياء – عليهم السلام – مُحَرَّمٌ؛ حيث لايجوز لفرد من الأمة أن ينكح أيًّا من زوجاتهم بعد لحاقهم بالرفيق الأعلى، كما لايجوز توزيع ما تركوه على وَرَثَتِهم؛ لأنه يكون صدقة؛ فقد جاء في الحديث فيما روته عائشة رضي الله عنها، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إنا لا نُورَثُ، ما تركنا صدقة»(2).

وهذه الأمور لم تحكم بها الشريعة للشهيد، ولم تذكر ما وراء ذلك من السرّ؛ ولكن العلماء الراسخين يقولون: إن السرّ وراء ذلك هو ما في حياة الأنبياء – عليهم السلام – من القوة التي تمنع من الأمرين المذكورين، ورغم أن الزواج مع أزواج جميع الأنبياء – عليهم السلام – لم يَرِدْ النص على كونه حراماً بعدوفاتهم، وإنما نَصَّ القرآن الكريم على ذلك فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة؛ ولكن العلماء عَمَّمُوا هذا الحُكمَ على ما يتعلق بأزواج جميع الأنبياء – عليهم السلام – قائسين ذلك بالميراث، الذي حُرْمَتُه ثابتةٌ بالحديث في شأن جميع الأنبياء – عليهم السلام – .

على كل فبالقياس إلى هذه المزايا ثَبَتَ كونُ حياة الأنبياء – عليهم السلام – البرزخية أقوى من حياة الشهداء وعامة المؤمنين البرزخية.

وجملةُ القول أن الأمة أجمعت على أن الأنبياء – عليهم السلام – أحياء في قبورهم.

حياة النبي صلى الله عليه وسلم

أما حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره، فإنها يعتقد بها المعارضون أيضاً، فهم أيضاً يعترفون بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك قصة تدلّ على اعترافهم بها، ذَكَرَها تاريخُ المدينة المنورة(1)، وقد قرأتُها بنفسى، وهي أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقرون – ولا أذكر في عهد أيّ من السلاطين حدثت القصة(2) – جاء رجلان إلى المدينة المنورة يقصدان استخراج جسد النبي صلى الله عليه وسلم الأطهر من قبره، وكانا قد استأجرا بيتاً قريباً من المسجد النبوي، وكانا يشتغلان طَوَالَ النهار بالصلاة والذكر والتسبيح لحد أنه قد أُعْجِبَ بهما الناسُ، وكانا يحفران ليلاً نفقاً من البيت إلى القبر الشريف، وكان يحملان التراب الذي يحفرانه في جوف الليل إلى خارج المدينة، وكانا يُسَوِّيَان الأرض في شتى الأمكنة تعميةً على الناس حتى لايعلم أحد بأمرهما، وظلّا يمارسان حَفْرَ النفق على مدى أسابيع، وما إن بدءا عملهما حتى أَعْلَمَ به اللهُ تعالى سلطانَ ذلك العصر عن طريق المنام، وعُدْتُ لا أذكر أنا اسمَه.

رؤيا سلطان المدينة المنورة

رأى السلطان النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام أنه يعلو وجهَه علاماتُ الحــزن والهمّ، وأنه – صلى الله عليه وسلم – يقول له مُسَمِّيًا اسمَــه: إن الــرجلين قد آذياني، فأنجني منهما عاجلاً، وقد مثلت للسلطان صورتهما في المنـــام. ومــا إن استيقظ من النوم، حتى ذكر ذلك لوزيــره، فقال له الوزير: إنه يبدو أنه قــد حَـدَثَ في المدينة حادثٌ، فَصِلْ إليها عاجلاً، فتَوَجَّهَ تَــوًّا إليها بجيشه مسرعاً، و وَرَدَها في وقت قريب، وخلال هذه الفترة كانا قد حفرا كثيرًا من النفق، وكادا يصلان إلى الجسد الأطهر، فلو أن السلطان تَـأَخَّــرَ عن وصول المدينة يوماً، لكانا قد أنجزا ما كانا يريدانه، وبَدَأَ السلطانُ بالمدينة تنفيذَ مهمته بأن أقام مادبةً عامَّةً خارج المدينة ودعا إليها جميعَ الناس وأمرهم بالخروج منها عن طريق باب خاصّ وَضَعَه لذلك، و وَقَفَ بنفسه بالباب يَتَفَرَّسُ في وجه كلِّ أحد حتى خَرَجَ جميعُ من بها من الرجال؛ ولكن الرجلين لم يجداهما حسبما رآى صورتَيْهِما في المنام؛ فدُهِش كثيرًا، وسأل الناسَ هل خَرَجَ جميعُ الناس من المدينة؟ قالوا: نعم: خرج الجميعُ، ولم يَبْقَ أحد ممن هم من أهالي المدينة؛ فقال السلطانُ: لا، لم يخرج الجميعُ، لابدّ أنه يكون بها من لم يخرج بعدُ.

القبض على حَافِرَيْ النفق

فقال الناس: نعم بقي بالمدينة رجلان زاهدان، لايحضران مأدبةَ أحد ولايلتقيان أحدًا. قال السلطان: إني أنا إليهما أحتاج، فلما أُخِذَا إليه، كانت صورتاهما مطابقتين لما رآه في المنام، فاعْتُقِلا على الفور، وسُئِلا: أيُّ أذى أَصَبْتَ به النبيَّ – صلى الله عليه وسلم -؟ فاعترفا بعد لأي أنهما حفرا نفقاً لاستخراج جسد النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – من قبره، فلاحظه السلطان بنفسه فوجده قد وَصَلَ إلى قدميه الشريفتين، فقَبَّلَهما وأَمَرَ بردم النفق، وحَفرِ الأرض من جوانب القبر الأربعة إلى حيث يوجد المياه الجوفية وترصيصها أي صَبِّها بالرصاص حتى لايحفر أحدٌ مثلَ هذا النفق مستقبلاً(1).

وإن دلت القصة على شيء فإنما دلّت على أن المعارضين أيضاً يعتقدون بسلامة جثة النبي صلى الله عليه وسلم حتى بعد قرون، حتى حاولوا انتزاعها من قبره، فلم يكونوا ليحفروا نفقاً إليه لو لم يكونوا مؤمنين بسلامة جثته؛ حيث إن أحدًا لايقوم بمثل هذا العمل المؤدي إلى الخطر بمجرد الوهم والظن، وقد كانا من أهل الكتاب الذين هم يعلمون جيدًا أنّ جسد النبيّ لا تأكله الأرض، ويعلمون باليقين أنه صلى الله عليه وسلم كان نبيًّا حقًّا، وإنما كانوا لايُقِرُّون بذلك عن المكابرة، فجسدُ النبي – صلى الله عليه وسلم – سالمٌ لم تأكله الأرضُ عند الموافقين والمعارضين على السواء.

*  *  *


(1)              رواه ابن ماجة، ورقمه: 1637، والرواية بتمامها كما يلي: «عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكْثِروا الصلاةَ عليّ يومَ الجمعة؛ فإنّه مشهود تشهده الملائكة، وإنّ أحدًا لن يصلي إلاّ عُرِضَتْ عليَّ صلاتُه حتى يفرغ منها. قال: قلتُ: وبعد الموت؟. قال: وبعد الموت، إن الله حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجسادَ الأنبياء؛ فنبيُّ الله حيٌّ يُرْزَق» (رواه ابن ماجة، رقم الحديث: 1637).

                 قال البوصيري: هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ إلاّ أنه منقطعٌ في موضعين: عبادةُ روايتُه عن أبي الدرداء مُرْسَلَةٌ، قاله العلاء. وزيدُ بنُ أيمنَ عن عبادة بن نسي مُرْسَلَةٌ، قاله البخاريّ. (مصباح الزجاجة، ص:241، رقم الحديث:562).

                 وأخرج البزار عن محمد بن عبد الرحمن بن المفضل الحراني عن الحسن بن قتيبة المدائني عن حماد بن سلمة عن عبد العزيز عن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «الأنبياء أحياء في قبورهم يُصَلُّون». قال البزار لانعلم أحدًا تابع الحسن بن قتيبة عن روايته عن حماد. (3/100/2339). وقال الهيثمي: رواه أبويعلى، ورجاله ثقات (8/211).

                 وروى مسلم وأحمد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتيتُ – وفي رواية مررتُ – على موسى ليلة أُسْرِي بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره. (مسلم، رقم الحديث: 2375، مسند أحمد، رقم الحديث 12504).

                 وبالمناسبة نودّ أن نثبت مزيدًا من الدراسة حول حياة الأنبياء في قبورهم، ليسهل على القراء الاستفادة منها لمن يزيد منهم التوسّع: قال الإمام البزار: حَدَّثنا رزق الله بن موسى، حَدَّثنا الحسن بن قتيبة، حَدَّثنا المستلم بن سعيد، عَن الحَجَّاج، يعني: الصواف، عن ثابتٍ، عَن أنَس؛ أن رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون». وقال: وهذا الحديث لانعلم رواه، عن ثابتٍ، عَن أنَس إلاَّ الحجاج، ولا عَن الحجاج إلاَّ المستلم بن سعيد، ولا نعلمُ روى الحجاج، عن ثابتٍ، إلاَّ هذا الحديث. (البزار: مسند البزار: ج1، ص:299).

                 وأخرج هذا الحديثَ أبو يعلى في مسنده 6/147 رقم الحديث: 3425، وتمام بن محمد الرازي في الفوائد 1/33 رقم الحديث: 58، والبيهقي في جزء «حياة الأنبياء بعد وفاتهم» رقم الحديث: 1، 2، 3، وابونعيم في أخبار أصبهان 1/83 رقم الحديث: 40365، وابن عدي في الكامل 3/173، كلهم من طريق المستلم بن سعيد عن الحجاج به.

                 وأخرجه البزار في مسنده 13/62 رقم: 6391 من طريق الحسن بن قتيبة المدائني حَدَّثنا حماد بن سلمة، عن عبد العزيز، عَن أنَسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأنبياء أحياء يصلون في قبورهم».

                 وتابع قائلا: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا تابع الحسن بن قتيبة علي روايته عن حماد وإنما يروي عَن أنَس من حديث ثابت وغيره أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت موسى يصلي في قبره» اهـ.

                 وأخرجه البيهقي في جزء حياة الأنبياء 1/ 2 من طريق إِسْمَاعِيل بْن طَلْحَة بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمان بْنِ أبِي لَيْلَى، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «إنَّ الأنْبِيَاءَ لا يُتْرَكُوْنَ فِي قُبُورِهِمْ بَعْدَ أرْبَعِينَ لَيْلَة؛ وَلٰكِنَّهُمْ يُصَلُّون بَيْنَ يَدَي الله عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّور».

                 وأخرجه البيهقي في نفس الجزء 1/1 موقوفاً من حديث أنس، وهو من طريق عبدالله بن أبي حميد الهذلي عن أبي المليح عن أنس رضي الله عنه موقوفاً.

                 وقال علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلى ثقات (مجمع الزوائد 8/211).

                 ونقل الحافظ في الفتح تصحيح البيهقي له وسكت (فتح الباري 6/487). وأشار إلى صحته في التلخيص بقوله: «وقد أفرد البيهقي جزءًا في حياة الأنبياء في قبورهم وأورد فيه عدة أحاديث تؤيد هذا فيراجع منه» (تلخيص الحبير 2/126).

                 وقال المناوي: هو حديث صحيح. (فيض القدير: 3089). وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة 2/187 رقم: 621). وللحديث شواهد صحيحة؛ منها: حديث أنس: أخرجه الإمام مسلم في باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم 7/102 برقم 6306 من طريق حماد بن سلمة – عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «أَتَيْتُ – وَفِي رِوَايَةِ هَدَّابٍ مَرَرْتُ – عَلَى مُوسَى لَيْلَة أسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ». كذا أخرجه النسائي 3/215 برقم 1631، وأحمد 3/120.

                 منها: حديث أبي هريرة؛ أخرجه البيهقي في ذلك الجزء 1/ 2 من طريق عَبْدِ الله بْنِ الفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ أبي سَلْمَة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مرفوعاً، وفيه: «وقد رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعةٍ مِنَ الأَنْبيَاءِ، فَإِذَا موسى قائم يصلي».

                 وأخرجه ابن مندة في الفوائد 1/74 برقم: 49 من طريق سليمان التيمي عن أنس بن مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً.

                 ومنها: حديث أوس بن أوس: أخرجه الإمام أبوداود 1/562 برقم 1533 من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسِ قَالَ قَالَ النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَاكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ». قال: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أرِمْتَ؟، قالَ: يَقُولُونَ: «بَلِيتَ». قال: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى حَرَّمَ عَلى الأرْضِ أَجْسَادَ الأنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ».

                 كذا أخرجه النسائي 3/91 برقم 1374 وابن ماجة 2/186 برقم: 1085 من طريق عبد الرحمن به. (المترجم)

(1)              رواه أبوداود، ورقم الحديث: 1047، والحديث بتمامه كما يلي:

                 عن أوس بن أوس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إنّ من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خُـلِـقَ آدم، وفيه قُبِـضَ، وفيه النفخةُ، وفيه الصعقةُ؛ فأكْثِرُوا عَليّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ. قال: قالوا: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكيف تُـعْرَضُ صلاتُنـا عليك وقـد أَرِمْـتَ؟ فقال: إن الله – عــزَ وجـلّ – حَـرَّمَ على الأرض أجساد الأنبياء.

                 ورواه النسائي أيضاً، وفيه: إن الله عزّ وجلّ حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء – عليهم السلام – رقم الحديث: 1374.

(2)              رواه البخاري، رقم الحديث: 6726، 6727؛ ومسلم: رقم الحديث 1759. (المترجم)

(1)              ولعل المؤلف رحمه الله أراد به كتاب «خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى» للسمهودي رحمه الله الذي بالإحالة عليه سنسوق فيما يأتي في الهامش نصَّ القصة.

(2)              وسنثبت في الهامش فيما يأتي نصَّ القصة الذي يقول: إنّ الحادث وقع في عهد السلطان «نور الدين زنكي» رحمه الله.

(1)              ونثبت فيما يلي أصلَ الرواية بصياغتها العربية كما جاء في كتاب «خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي رحمه الله: قال السمهودي (علي بن عبد الله بن أحمد الحسني الشافعي نورالدين أبوالحسن 844-911هـ = 1440-1506م): قال الجمال الأسنوي في رسالة له في منع الولاة من استعمال النصارى: إن الملك العادل نورالدين الشهيد (محمود بن زنكي عماد الدين ابن اقسنقر أبوالقاسم نورالدين الملقب بـ«الملك العادل» ملك الشام وديار الجزيرة ومصر، وهو أعدل ملوك زمانه وأجلهم وأفضلهم، كان من المماليك، جده من موالي السلجوقيين، وُلِدَ في «حلب» وانتقلت إليه إمارتها بعد وفاة أبيه: 511-569هـ = 1118-1174م) رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في نومه في ليلة ثلاث مرات وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول: أنجدني أنقذني من هذين، فأرسل إلى  وزيره، وتجهزا في بقية ليلتهما على رواحل خفيفة في عشرين نفرًا وصحب مالاً كثيرًا.

                 وقدم المدينة في ستة عشر يوماً فزار ثم أمر بإحضار أهل المدينة بعد كتابتهم، وصار يتصدّق عليهم، ويتأمل تلك الصفة إلى أن انفضّت الناس، فقال: هل بقي أحد؟، قالوا: لم يبق سوى رجلين صالحين عفيفين مغربيين يكثران الصدقة، فطلبهما فرآهما، فإذا هما الرجلان اللذان أشار إليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم. فسأل عن منزلهما، فأُخْبِرَ أنهما في رباط بقرب الحجرة فأمسكهما، ومضى إلى منزلهما، فلم ير إلا خيمتين وكتباً في الرقائق ومالاً كثيرًا، فأثنى عليهما أهل المدينة بخير كثير، فرفع السلطان حصيرًا في البيت فرأى سرداباً محفورًا ينتهي إلى صوب الحجرة، فارتاعت الناس لذلك، وقال لهما السلطان: اُصدقاني، وضربهما ضرباً شديدًا، فاعترفا أنهما نصرانيّان بعثهما سلطانُ النصارى في زي حجاج المغاربة وأمالهما بأموال عظيمة ليتحيّلا في الوصول إلى الجناب الشريف ونقله وما يترتب عليه، فنزلا بأقرب رباط، وصارا يحفران ليلاً، ولكل منهما محظفة جلد، والذي يجتمع من التراب يخرجانه في محفظتيهما إلى البقيع بعلة الزيارة. فلما قربا من الحجرة الشريفة، أرعدت السماء وأبرقت، وحصل رجيف عظيم، فقدم السلطان صبيحةَ تلك الليلة، فلما ظهر حالهما بكى السلطان بكاءًا شديدًا، وأمر بضرب رقابهما، فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة، ثم أمر بإحضار رصاص عظيم، وحفر خندقاً عظيماً إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها، وأذيب ذلك الرصاصُ ومُلِيءَ به الخندقُ، فصار حول الحجرة الشريفة كلها سورًا رصاصاً إلى الماء، انتهى.

                 (الكتاب: خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للإمام علي بن عبد الله بن أحمد الحسني السمهودي رحمه الله) (المترجم)

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، رمضان – شوال 1433هـ = يوليو – سبتمبر 2012م ، العدد : 9-10 ، السنة : 36

Related Posts