بقلم : الأستاذ خالد القاسمي / دهلي الجديدة
كثيرًا ما نذكر بفخر واعتزاز، وبحقّ كذلك، أنّ ديننا العظيم: الإسلام دعا دائمًا إلى طلب العلم وحَثَّ عليه؛ فأوّلُ وحي من القرآن نَزَلَ على الرسول صلى الله عليه وسلم، حَثَّ على القراءة وطلب العليم. “إِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِيْ خَلَقَ ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، إِقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِيْ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ”. (سورة العلق:5-1).
ينظر الإسلامُ إلى الإنسان كخليفة في الأرض. وصَرَّحَ القرآن بأن الله سَخَّرَ ما في السماوات والأرض للإنسان ومَنَحَه نعمةَ العقل للتفكّر في الأمور والحقائق وعَلَّمَه البيانَ لكي يُعْرِب عن خواطره وأفكاره بالقلم واللسان. (سورة الرحمان 4-1)
فالتوجيهاتُ الإسلاميّةُ الواردةُ في الكتاب والسنّة تدعو المسلمين إلى طلب العلم ودراسة الطبيعة والكشف عمّا فيها من شواهد عن خالق الكون سبحانه وتعالى. والمسلمون مُطَالَبُون وفقًا لتعاليم الكتاب والسّنة بالسعي للقراءة والتفكير والبحث عن أسرار العالم وحقائقه.
“أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ”(سورة الغاشية: 21-17).
“وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ”(سورة الرعد:4)
هناك مئات من الآيات الأخرى المماثلة في القرآن، التي تدعو المسلمين إلى الكشف عن أسرار الكون وتُشجِّعُهم على فهم قوانين الطبيعة واستكشافها. وكذلك فإن كتب السنة مليئة بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تتضمن أهمية العلم وتدعو إلى كسبه. فقد قال صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. وقال: إن الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها، فهو أحق بها. وقال: من خرج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يرجع. وقال: من طلب شيئًا من هذا العلم فأراد به ما عند الله يدرك إن شاء الله، ومن أراد به الدنيا فذاك والله حظّه منه.
وهذا التأكيد القرآني على التفكر في الطبيعة وحقائقها وأسرارها بهدف البحث عن علامات الخالق ومعرفة طرق تطورها وتقييمها، بجانب تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم على أهمية طلب العلم والمعرفة والحكمة حيثما وُجِدَتْ، كان دافعًا قويًا لانتشار العلم والمعرفة في عصور الإسلام الأولى: فالمسلمون في ذلك الوقت، الذين كان لديهم فهم أعمق للكتاب والسنة، سافروا إلى مختلف أنحاء العالم لكسب العلم والمعرفة، وأنشأوا مراكزَ تعليمية رائعة في العالم الإسلامي. كما سار علماء المسلمين على هدى الكتاب والسنة ، وقاموا بأعمال علمية جليلة أصبحت فيما بعد منبعًا للبحث والمعرفة لدى الغرب. وقد اشتهر ذلك العصر الذهبي للإسلام بانتشار مراكز التعليم العالي والمعاهد العلمية والمهنية والمكتبات والمستشفيات والمختبرات العلمية والمراصد الفلكية في المدن الإسلامية الكبرى مثل المدينة ودمشق وبغداد والنيشافور والقاهرة وقيروان وقرطبة وطليطلة وغيرها. يُقال إن مدينة قرطبة وحدها في إسبانيا الإسلامية كانت عامرة بـ 17 جامعة و 70 مكتبة عامة ومئات الآلاف من الكتب العلمية المفيدة للدارسين والباحثين. والإسهامُ المرموق وغير العادي في مجالات العلم والمعرفة لعلماء المسلمين من أمثال ابن سينا والخوارزمي والرازي والزهراوي والبيوني وابن الهيثم والإدريسي والكندي وابن خلدون وغيرهم من مئات العلماء المسلمين الآخرين، حقيقةٌ يعترف بها الجميعُ بمن فيهم المستشرقون وعلماء أوروبا في العصر الحديث .
وأصيب هذا الازدهار العلمي الرائع في العالم الإسلامي بالركود والجمود لعدة عوامل، أبرزها الغزو المنغولي لبغداد والاعتداءات الصليبية وسقوط حكم المسلمين في إسبانيا، مما أدّى إلى تدمير مراكز البحث والعلم الشهيرة للمسلمين والقضاء عليها تدريجيًا. إضافةً إلى ذلك، فإن فصل التعليم الديني والشرعي من التعليم العصري والفني أيضًا كان أحد عوامل تضاؤل الاهتمام بالعلوم العصرية والطبيعية ومن ثم تدهور وضعها لدى المسلمين.
إن التخلف الرهيب الذي يشهده المسلمون منذ نحو قرنين في مختلف مجالات الحياة بشكل عام ، وفي مجالات البحث والعلوم والتكنولوجيا بشكل خاص، قد وصل مرحلة خطرة جدًا اليوم. وقد أحسن الشاعر الأردي في التعبير عن هذه الحالة المأساوية للمسلمين حينما قال ما معناه: لننظر في ضوء حال المسلمين كيف يتجاوز التخلف حدوده؟
الأرقام يمكن أن تساعدنا في استيعاب مدى خطورة الوضع. هناك(57) دولة عضو في منظمة مؤتمر العالم الإسلامي التي تمثل جميع الدول الإسلامية في العالم. ويبلغ مجموع عدد الجامعات في جميع هذه الدول نحو (500) جامعة. وهذا يعني أنه توجد هناك جامعة، واحدة فقط لكل ثلاثة ملايين مسلم. وبالمقارنة، توجد في الولايات المتحدة الأميركية (5758) جامعة وفي اليابان (9500) جامعة وفي الصين (900) جامعة وفي الهند (350) جامعة بجانب (16000) من الكليات والمعاهد المهنية المستقلة الأخرى. ويبلغ عدد اليهود في العالم كله نحو أربعة عشر مليونًا. أما المسلمون فيبلغ عددهم حوالي 1,4 بليون شخص. وهكذا فمقابل كل يهودي هناك 100 مسلم. ولكن الواقع أن اليهود أقوى من المسلمين مائة مرة. وعلى مدى (105) شنوات الماضية، فاز (60) عالماً من هذا الـ(14) مليون يهودي بجوائز نوبل لأعمال مرموقة في مجالات الأدب والبحث والعلوم. أما الـ (1,4) بليون مسلم، فهم لم يفوزوا بأكثر من (3) جوائز، ما عدا بعض جوائز السلام الذي لايزال سرايًا للمسلمين في فلسطين وبعض المناطق الأخرى. وحتى جائزة الملك فيصل العالمية التي تُمنح سنويًا من قبل مؤسسة الملك فيصل العالمية العريقة بالمملكة العربية السعودي، فهي نادرًا ما تجد من المسلمين من يستحق جوائز فرعي الطب والعلوم.
ووفقًا لبرنامج الإنماء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن نسبة التعليم في العالم الغربي تصل إلى حوالي 90٪ وأن هناك (51) دولة غربية بلغت نسبة التعليم فيها 100٪ . أما الدول الإسلامية فتبلغ نسبة التعليم في الدول ذات الكثافة السكانية العالية منها حوالي40٪، وليس هناك أية دولة إسلامية حققت نسبة 100٪ من التعليم. إضافةً إلى ذلك، فإن نسبة 98٪ من المتعلمين في العالم العربي قد أكملت التعليم الأساسي، بينما نسبة الذين أكملوا المرحلة المدراسية الأساسية في دول العالم الإسلامي أقل من 50٪ .
وفيما يتعلق بنسبة توافر العلماء والخبراء في الدول الإسلامية مُقارنةً مع الدول الراقية، فيوجد في الدول الإسلامية ذات الكثافة السكانية 230 عالماً لكان مليون نسمة، بينما تصل النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى (4000) عالم وباحث لكل مليون نسمة. وبينما يصرف العالم 5٪ من مجموع الناتج الداخلي على برامج البحث والتطوير، فإن العالم العربي والإسلامي لايصرف على مثل هذه البرامج إلاّ 2٪ من مجموع الناتج الداخلي. يشكل المسلمون نسبةَ رُبع سكان العالم؛ ولكنّ الثروة التي يمتلكونها لاتتعدى 6٪ من الثروة العالمية. كما يُمثل المسلمون ثُلثي فقراء العالم الذين يعيشون على أقل من 2 دولاراً يوميًا. وكذلك، فإن الدول الإسلامية ليس لها نصيب في أي ناتج من مجموع (5000) من المُنْتَجَات البارزة التي تتميّز بها مختلف الدول في العالم. والدول الأعضاء لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامي البالغ عددُها (57) دولة، لا تساهم في السوق العالمي بشيء جوهريّ يُذكر، عدا النفط والسجاد الإيرانيّ وبعض الأشياء العادية الأخرى. و 40٪ من الشباب المتعلمين المسلمين لايجدون وظائفَ في بُلدانهم. ومن الناحية السياسية فإن العالم الإسلامي يتمتع بأضعف النفوذ في الشؤون الدولية، ومن الناحية الصناعية التقنية والعلمية، فإنه يُعتبر أقلَّ أقطار العالم إنتاجًا.
يمكن أن لاتكون الأرقام والإحصاءات المذكورة دقيقة وصحيحة مائة بالمائة. ولكن مغزى الكلام هو التفاوت فيما بين المسلمين وغيرهم في مختلف مجالات الحياة. وليس سِرًّا على أحد الوضُع المُتَرَدِّي للمسلمين بسبب تخلّفهم.
فمن هو المسؤول عن هذا الوضع المؤسف للعالم الإسلامي؟ هذا سؤال يخضع للنقاش دائمًا وكُتِبَ حوله مئاتُ الكتب والمقالات. وبدلاً من خوض التفاصيل، لنرجع إلى القرآن ونستهدي به في محاولة للبحث عن إجابة لهذا السؤال. فالقرآن يدعو إلى الاحتساب ومراجعة النفس ويطلب منا أن نطرح السؤال: كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من التخلف؟ بدلاً من السؤال: مَن الذي دفعنا إلى هذا الوضع السيّئ! فقد ورد في القرآن الكريم :
“وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيهَا وَلاَ تَزِرُو وَازِرَةً وِّزْرَ أُخْرٰى” (سورة الأنعام:164).
“وَمَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ” (سورة النساء:79)
“وَمَنْ يَّكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّما يَكْسِبُه عَلىٰ نَفْسِه” (سورة النساء:111).
“ذٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلىٰ قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (سورة الأنفال: 53).
“إنّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” (سورة الرعد:11).
وهناك آيات عديدة أخرى تتضمن هذا المبدأَ القرآنيَّ الداعيَ إلى أن التغيير يأتي من داخل الشخص نفسه، والمسلمون يجب أن يتحملوا أنفسهم كاملَ المسؤولية لما حَدَثَ معهم ، كما يجب أن يلتزموا السلوكَ الإسلاميَّ المطلوبَ التزامًا كاملاً إذا كانوا يرغبون في تغيير وضعهم وإصلاح حالهم .
وليس الأمر أنه فاتنا كلُّ شيء ولايمكن التعويض عنه الآن. فالمعرفة والعلوم ليست حكرًا على مجتمع ومنطقة دون الآخرين. وكل ما هو مطلوب لازدهار العلوم والتقنية والمعرفة في أي مجتمع هو الاجتهاد الجاد والبيئة الصالحة والتفكير الإيجابي والموضوعي مصحوبًا بالاستدلال والاستنباط المنطقي. وكانت هذه الأمور متوافرةً في عصر الإسلام الأول والذهبيّ يشكل مطلوب. فقبل كل شيء، دعا الكتاب والسنة المسلمين إلى دراسة الطبيعة والبحث عن حقائقها وأسرارها بدلاً من عبادتها. ثم قام الخلفاء والحكام المسلمون بتشجيع العلماء ومساعدتهم بكل سخاء وبتمويل معاهد العلم والبحث ومشاريعهما. فكانت النتيجة ظهورَ وانتشارَ مراكز البحث والتعليم الكبيرة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي وبصفة خاصة في الأندلس (إسبانيا حاليًا)، والتي كان يفد إليها الدارسون من أوروبا والمناطق الأخرى في العالم من أجل كسب العلم والمعرفة.
أيّ جهد يُبذل لنشر العلوم العصرية والتكنولوجيا في العالم الإسلامي هو جهدٌ مبارك ومحمود بإذن الله تعالى، سيمكّن المسلمين من استعادة مجدهم الغابر واسترداد بضاعتهم المفقودة. ومما يُفرح القلب أن نرى بعضَ المبادرات الجادة والمُخلصة في هذا الاتجاه، يتمّ اتخاذُها في بلد شرّفه الله بكونه مولد الإسلام، ويتمتع بنفوذ أوسع بين المسلمين في العالم. ففي 21 من شهر أكتوبر 2007م، قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بوضع حجر الأساس لجامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية، وذلك بإحدى القرى في محافظة جدة. وهذا المشروع التعليمي والبحثي مشروع عملاق بكل معنى الكلمة. فقد خصص لميزانيته مبلغ عشرة بلايين ريال سعودي (ما يعادل بنحو (2ر67) بليون دولارًا أمريكيًا. وتمّ تحديدُ قطعة أرض كبيرة في شمال محافة جدة على البحر الأحمر، تقدر مساحتها بـ 36 مليونًا متر مربع لمقر الجامعة. وسوف تركز الجامعة اهتمامَها على التعليم العالي وعلى مرحلتي الماجستير والدكتوراه وتتبنى أفضل أساليب البحث المتداولة في الجامعات والمعاهد البحثية العالمية. وقد وقّعت جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية فعلاً اتفاقيات شراكة وتعاون مع العديد من الجامعات الرائدة ومراكز الأبحاث العريقة في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وسنغافورة والهند وغيرها من الدول الأخرى.
هذه الجامعةُ هي فكرة الملك الحكيم والعاقل والصريح، عبد الله بن عبد العزيز الذي اعترف بأنه مقارنةً مع الآخرين، فإن الدول الإسلامية متخلفة جدًا في مجال البحث العلمي وفي حاجة لإيجاد حلول للتحديات التي تواجهها عن طريق خلق بيئة مناسبة لأفكار وابتكارات تتمتع بالأهمية من المنظور العلمي والتقني. وأشار الملك إلى الجامعة المذكورة باسم “بيت الحكمة”، الذي كانت تُعْرَف به مراكزُ البحث والتعليم في العهد الذهبيّ والزاهر للمسلمين في الماضي، وأعرب عن أمله في أن تكون الجامعة منارة من منارات المعرفة وجسرًا للتواصل بين الحضارات والشعوب وأن تخدم المواطنين في المملكة العربية السعودية وكذلك الشعوب الأخرى في العالم وفقًا لتعاليم القرآن التي تنص على أن الله خلق الناس شعوبًا وقبائل ليتعارفوا فيما بينهم. ويقول رئيس الجامعة المكلف الأستاذ نظمي النصر إن جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز إحياءٌ للقرن التاسع، حينما قاد الإسلام العالم في مجالات العلوم والرياضيات. وأنها ليست أقل من نهضة علمية في القرن الواحد والعشرين بالنسبة للعالم الإسلامي.
والحقيقةُ أن هذه النهضة هي التي يحتاجها العالم الإسلامي إذا ما كان يرغب في استعادة مجده الغابر. وإضافةً إلى هذا المشروع العلمي الضخم لجامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية، هناك مبادرات أخرى يجري اتخاذها حاليًا في العالم الإسلامي بشكل عام وفي المملكة العربية السعودية بشكل خاص، مما يُشير إلى أن المسلمين بدأوا يُدركون أهمية بذل الجهود المخلصة والجادّة لاسترداد دورهم المفقود في مجالات التعليم والبحث والعلوم العصرية والتكنولوجيا. وقد بدأت جامعةُ الملك سعود بالرياض مُؤَخَّرًا برنامجًا خاصًا لنشر العلوم والتكنولوجيا اتفاقيات مع (11) من علماء حاصلين على جائزة نوبل ومجموعة من الجامعات والمراكز البحثية العالمية الأخرى بهدف تطوير الأعمال البحثية وتشجيع الابتكارات العلمية والتقنية وإتاحة الفرص للدارسين والعلماء بالمملكة العربية السعودية للاستفادة من تجارب علماء بارزين فائزين بجوائز نوبل وغيرها من الجوائز العلمية العالمية الأخرى، كما أنّ جامعة سعودية أخرى هي جامعة الملك فيصل، بدأت برنامجًا علميًا خاصًا يهدف إلى مساعدة الطلبة والدارسين في الجامعة عن طريق خلق تفكير انتفاديّ لديهم وتغيير اتجاهاتهم وأفكارهم إزاء البحث والدراسة ليتمكنوا من تحقيق النجاح المطلوب في دراساتهم. هذا برنامج علمي ذو طابع غربي، أدخلت عليه تعديلات لجعله موافيًا لحاجات الطلبة السعوديين، ويأتي أصلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وجنوب أفريقيا. ويمكن إدراك مدى هذه النهضة العلمية من أن المملكة العربية السعودية وحدها شهدت حاليًا، وبعد زيادة الدخل بسبب ارتفاع سعر النفط بشكل خاص، قيامَ (10) جامعات على الأقل إضافةً لإنشاء عشرات الكليات المهنية والمراكز البحثية وابتعاث نحو (50000) طالب وطالبة للدراسة في الخارج وفي الجامعات البارزة في مختلف دول الغرب والشرق .
هذا جهدٌ محمود وخطوة مباركة يجب الاحتذاء بها من قبل جميع الدول الإسلامية في مختلف أنحاء العالم . فالحكمة والمعرفة – حسب قول الرسول صلى الله عليه وسلم – ضالة المسلمين الذين يجب عليهم أن يَسْعَوْا لأخذها حيثما وجدوها “فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلُ أَنْ يُقْضىٰ إِلَيكَ وَحْيُه، وَقُلْ رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (سورة طه:114).
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادى الثانية 1429هـ = يونيو 2008م ، العـدد : 6 ، السنـة : 32.