الفكر الإسلامي
بقلم : أ. د. / محمد السيد الجليند
يُعْتَبَرُ أبو حامد الغزالي من كبار المفكرين الذين اهتمّوا بالأخلاق ودراستها على نحو منهجي وصوفي يمزج فيه بين العلم والعمل، وقد اختلط عنده الدرس الأخلاقي بالدرس التَّربوي العلمي بدراسة النفس وأحوالها وجاء كتابه العظيم “إحياء علوم الدين” موسوعةً في الدراسات الأخلاقية والتربوية على سواء، حيث جمع فيه آراءه التي أفرد لها مُصنَّفات صغيرة في شكل رسائل أو أجوبة على أسئلة وجَّهها إليه بعضُ مريديه أو اتخذها منهجًا له ليطرح آراءَه إجابةً على سؤال يتّصل بموضوعها التربوي.
وإذا أضفنا إلى كتاب “إحياء علوم الدين” مصدرًا مهمًّا اعتمد عليه الغزالي وأفاد منه كثيرًا في كتابه الإحياء وهو كتاب “قوت القلوب” لأبي طالب المكي من كبار أئمة التصوف، نكون بذلك قد وضعنا أمام أعيننا أهمَّ كتابين في الدرس الأخلاقي عند الصوفية، ولعلّ العنوان الذي اختاره كلّ من الغزالي والمكي لكتابه يحمل دلالةً قويةً في بيان المعنى المقصود لكل منها من تأليف كتابه؛ فالغزالي وسم كتابَه بـ”إحياء علوم الدين” وصرّح في أول الكتاب أنه يشكو من انصراف الخلق عن الاهتمام بالجوهر والمضمون إلى الاهتمام بالشكل والمظهر، خاصةً في السلوك وممارسة الشعائر الدينية والطقوس وأن البحث عن المعنى والمضمون قد ضاعت معالم الاهتمام به حيث لم ينشغل به أحد، وتحوّلت عبادات الناس وممارساتهم للطقوس الدنية أعمالاً مظهريةً تخلو من الإحساس القلبي والشعور الوجداني، وبالتالي لم يظهر أثرها في حياة الناس محبةً وتراحمًا وتواضعًا ومودةً بين الناس، فوضع هذا الكتاب ليُحيي به هذه المعاني الدينية في قلوب الناس، وليلفت نظر الناس إلى أن أهمية تطهير الباطن أكبر وأهم من الاهتمام بتطهير الظاهر، وأن صحة القلب من أمراض النفاق والرياء و.. و .. أهم من صحة البدن ولذلك وسم كتابه بـ”إحياء علوم الدين” ليربط بين النظر والعمل، بين الدين والأخلاق.
إن هذا السفر العظيم يُعْتَبر ثورة روحية في وجه أصحاب الطقوس والشعائر الجوفاء التي لا تعبِّر عن حياة القلب وامتلائه بمعاني الإيمان، بقدر ما تعبّر عن سلوك مظهري لا يتجاوز أثره موقعَ أقدام صاحبه، ولذلك نجد الغزالي يصرخ بصوت عال في وجوه المريدين أن يقترن السلوك المظهري وعمل الجوارح بحياة القلب ويقين الاعتقاد؛ ليكون القلب المؤمن والعقيدة الحيّة، هي التي تحرك الجوارح حبًا في الالتزام بالأوامر والنواهي وليس نفاقًا للمجتمع أو كسبًا للشهرة، ولذلك كان اختيار هذا الاسم المعبِّر عن أهداف الغزالي ومقاصده (إحياء علوم الدين).
وكذلك فعل أبوطالب المكي، حيث وسم كتابه العظيم “قوت القلوب” ونبّه فيه أن قوت القلوب أهم وأولى بالاهتمام من قوت البدن وأن عاقبة القلب وصلاحه سوف تتضح على الجوارح سلوكاً أخلاقيًا؛ لأن صلاح الجسد مرتبط بصلاح القلب، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “إن في الجسد مُضْغَة إذا صلُحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”، وقوت القلوب التي أشار إليها المكي في كتابه، هي المحامد الأخلاقية التي نبه إليها الشرع وجعلها إمارةً للسيرة الحسنة، من الإخلاص، التوكل، الصبر، المراقبة، المحاسبة، الذكر.. الخ.
وفي هذين السفرين العظيمين، نجد المنهج التربوي والأخلاقي معًا، وفي هذين الكتابين، نجد الدراسة الأخلاقية ممزوجةً بالروح الدينية وإن شئتَ فقل، نجد الأوامر الدينية ممزوجة بالفضائل الأخلاقية إعلانًا لقوة الترابط بين المعنى الديني والمعنى الأخلاقي الذي عبَّر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ”.
لقد ظهرت الدراسات الأخلاقية عند الغزالي تحت أسماء متعددة ، تنزع في معظمها منزعًا صوفيًا؛ لأنه قد اهتدى في نهاية رحلته العلمية إلى أن الطريق الصوفي هو أقوم الطرق وأنفعها لمن أراد الوصول إلى الحقيقة من غير مَجْمَجَة ولا مداهنة ولا مراعاة لجوانب الخلق؛ ولذلك جاءت آراؤه الأخلاقية تحت أسماء ومصطلحات أقرب إلى التصوف منها إلى علم الأخلاق مثل: طريق الآخرة، علم المكاشفة، علم صفات الخلق، أخلاق الأبرار، أسرار المعاملات الدينية، علم المراقبة، المحاسبة. كل هذه المصطلحات أو غيرها كثير عند الغزالي. وإن كانت هذه المصطلحات تنتمي إلى حقل الدراسات الصوفية، إلا أنها في حقيقتها لها دلالتها الأخلاقية عند أبي حامد الغزالي؛ ولذلك نجده يتحدث كثيرًا عن النفس والخلق وأحوال النفس وعجائب القلب وعلاقته بالجوارح وجنود النفس، والحواس وعلاقتها بالقلب وأثر ذلك كله في قيمة السلوك الإنساني وتحقيق المعنى الأخلاقي في السلوك.
يرى الغزالي أنّ علم الأخلاق، علم معياري عملي وأن أيّ علم لا يُنتج عملاً، يُعْتَبر مُضيعة للوقت والجهد معًا؛ ولذلك وجب أن يقترن النظر الأخلاقي بالسلوك العلمي ولا ينفصل عنه، وقد عرّف الغزالي علم الأخلاق في كتابه “إحياء علوم الدين” بأنه “هيئة في النفس راسخة، عنها تصدُر الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعًا، سُمِّيت الهيئةُ خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة، سُمِّيت الهيئة التي هي المصدر خلقًا سيّئًا” عرّف الأخلاق في مواضع أخرى من كتبه، فقال في كتابه ميزان العمل: إن الأخلاق إصلاح القوى الثلاث، قوة التفكير، وقوة الشهوة، وقوة الغضب.
كما عرّف الأخلاق في مكان آخر من الكتاب نفسه، بأنها: إزالة جميع العادات التي نبّه الشرع إلى تجنبها وبغضها والتعوّد على العادات التي حسّنها الشرع ورغّب فيها، وهنا نجد الغزالي يوّحد بين الأمر الديني والمعنى الأخلاقي، فتكون المعاني الأخلاقية هي التي حسّنها الشرع فقط، اتساقًا مع موقفه الأشعري.
ولا تعارض عندي بين كل هذه التعريفات؛ لأن القصد والغاية منها واحدة، وهي الحرص على تقويم السلوك ووضع ضوابطه، سواء كانت هذه الضوابط مصدرها الشرع والعقل معًا أو الشرع فقط، حيث لاتعارض بينهما عند الغزالي.
ومن اللافت للنظر هنا أن الغزالي، ينبه إلى أن الخلق الذي يتصف به الإنسانُ ليس هو الفعل الصادر عنه، وإنما هو الهيئة النفسية والحالة القلبية التي يصدر عنها الفعل؛ فإن صفة الخلق لا تُطْلق على السلوك، وإنما تطلق على الحالة النفسية التي يقع السلوك تبعًا لها. فربّ إنسان غير كريم ولا معطاء لكنه يبذل المال؛ ليقال إنه كريم أو يبذله رشوةً، فهذا السلوك وإن كان يدل على الكرم في مظهره إلا أن الهيئة النفسية التي صدر عنها الفعلُ ليست محبّة الكرم، بل هي الرشوة حبًا في قضاء المصلحة مثلاً؛ ولذلك لا يُسمَّى هذا الفعل كرمًا. وكم من شخص خلقه البذل والعطاء؛ ولكنه لا يملك ما يبذله، فهذا لا يصح أن يسمّى بخيلاً.
الاعتدال بين القوى الثلاث
ويستعير الغزالي من الفلسفة الأفلاطونية فكرةَ الاعتدال بين قوى النفس الثلاثة: قوى النفس الغضبية، قوى النفس الشهوانية وقوى النفس العاقلة، والاعتدال في استعمال هذه القوى الثلاث، يكون بحسن توظيفها فيما خلقت لأجله، فالقوى الغضبية يتحقق الاعتدال في توظيفها، بحيث لا يكون صاحبها متهورًا ولا جبانًا؛ لأن وظيفتها تحقيق ملكة الشجاعة، والشجاعة وسط بين التهور والجبن، فإذا أُفرط في استعمال القوى الغضبية صار متهورًا، وإذا فرّط في استعمالها واهملها، صار جبانًا، وكلاهما مذموم (الجبن والتهور).
وكذلك الإفراط أو التفريط في استعمال القوى الشهوانية، كلاهما مذموم والمحمود هو توظيفها لتحقيق ما خُلِقت لأجله وهو حفظ النسل ومن هنا شرع الزواج لإشباع حاجة النفس بمنهج شرعي، يحفظ العفة ويصون المروءة .
وفضيلة القوى العاقلة تتحقق بالحكمة التي ينبغي أن يكون عليها العقلاء، وأخيرًا لابدّ أن تسيطر القوى العاقلة على القوتين الأخيرتين (الغضبية والشهوانية) حتى يكون الإنسان معتدلاً في سلوكه؛ لأنه إذا سيطرت القوى الغضبية، صار الإنسان إلى السباع والوحوش أقرب، وإذا سيطرت القوى الشهوانية صار إلى الحيوان أقرب، أما إذا سيطرت القوى العاقلة كان حكيمًا وإلى الأنبياء أقرب .
يقول الغزالي: فمن استوت فيه هذه الخصال واعتدلت، فهو حسن الخلق مطلقًا، ومن اعتدل فيه بعضها دون بعضها، فهو حسن الخلق بالإضافة إلى ذلك المعنى خاصةً، وحسن القوة الغضبية واعتدالها يعبَّر عنه بالشجاعة، وحسن القوة الشهوانية واعتدالها يعبَّر عنه بالعفة، فإن مالت قوة الغضب إلى طرف النقصان، تُسمَّى جبنًا وخوارًا، وإن مالت قوة الشهوة إلى الزيادة، تُسمّى شرهًا، وإن مالت إلى النقصان، تُسَمّى جمودًا، والمحمود هو التوسط والطرفان رذيلتان مذمومتان، والعدل إذا فات، فليس له طرف زيادة ونقصان؛ بل له ضد واحد يقابله، هوالجور. وأما الحكمة، فيُسمَّى إفراطها في الاستعمال في الأغراض الفاسدة خبثًا ، ويُسمّى تفريطها بلهًا، والوسط هو الذي يختص باسم الحكمة، ويخلص الغزالي من ذلك إلى القول بأن أمهات الفضائل أربعة: الحكمة، الشجاعة، العفة، والعدل، وعرّف الحكمة بأنها حالة للنفس بها تُدرك الصواب من الخطأ في جميع الأفعال الاختيارية.
أما العدل فهو حالة نفسية أو هو قوة في النفس بها يسوس الإنسان القوى الشهوانية والقوى الغضبية ويضبطهما بضوابط الحكمة حتى يصونهما من الإفراط والتفريط.
أما الشجاعة فقد عرّفها بأنها ملكة في النفس تجعل القوة الغضبية منقادةً لمنطق الحكمة في إقدامها على الفعل أو إحجامها عنه.
ويعني بالعفة تأدب القوة الشهوانية بآداب الشرع والعقل معًا، ومن اعتدلت عنده هذه الملكات الأربع، صدرت عنه الأفعال كلها على هيئة أخلاقية محمودة في العقل، مرضية في الشرع.
وقد سبق إلى القول بهذه الفضائل الأربع كل من الفارابي والكندي وابن سينا؛ لكن على أساس أنها ملكات عقلية وقوى نفسية معيار الاعتدال فيها هو العقل فقط، والوسطية التي تكون بين طرفيها هي وسطية عقلية؛ لكن الغزالي أضاف إلى ذلك شرطاً مهمًا جدًا، جمع فيه بين وسطية العقل ونور الشرع حين جعل الشرع حاكمًا في القول بجواز الفعل أو عدم جوازه، فلابد من أن يكون الفعل مما أمر به الشرع حتى يكون محمودًا في العقل، ليجمع في ذلك بين نور الشرع ونور العقل معًا. تأكيدًا على أن الأوامر الشرعية، تحمل في مضمونها المعاني الأخلاقية .
تعديل السلوك عند الغزالي:
مزج الغزالي فكره الأخلاقي بنظريته في التربية، فجعل سلوك الإنسان قابلاً للتعديل والتغيير من سيء إلى حسن، ومن حسن إلى أحسن، ورفض القول بأن أخلاق الإنسان خاضعة للطبيعة والمزاج الذي لا يقبل التعديل، خاصةً الذين جعلوا الخُلق صورة الباطن كما أن الخَلق صورة الظاهر، وكما أن الخلق الظاهري لايتغير، فكذلك الخلق الباطن لايتغير وإن أيّ محاولة في تغيير خلق الإنسان، سوف يكون مصيرها الفشل.
وقد أشار الغزالي إلى هذه القضية في العديد من مؤلَّفاته لكن زادها شرحًا وتفصيلاً في كتابه “الإحياء” حيث صرّح بأن كل كائن حي، يمكن تعديل سلوكه وتقيوم خلقه، حتى الحيوان نفسه؛ فإنه قابل للتعديل والتغيير في سلوكه، فكم من حيوان قد أصبح مستأنسًا بعد أن كان متوحشًا وذلك بالترويض والتدريب وكثرة الممارسة، وليس المقصود من تعديل السلوك عنده استئصال شأفة الأخلاق الرديئة كلية أو اقتلاعها من النفس وإنما المقصود هو الترويض لها لتحصُل منها على فائدتها وتتّقي شرها، فإننا لو قضينا على القوى الشهوانية بالكلية، لفاتت شهوة الطعام وهلك الإنسان، وفاتت شهوة الجماع وهلك النسل، وقد ظن ذلك طائفة، حيث قالوا: إن المجاهدة تقضي على هذه الشهوات بالكلية.
يقول الغزالي: وهيهاتَ لهم ذلك، فإن الشهوة خُلقت لفائدة ضرورية، لا تستقيم الحياةُ بدونها، لأن الله خلقها لحكمة جليلة ولأداء وظيفة جليلة وبدونها لا تستقيم الحياة، والمطلوب ترويضها بحسن توظيفها .
خطوات تقويم السلوك عند الغزالي:
وأول خطوة يرشد إليها الغزالي في تقويم السلوك وتعديله، أن يتعرف الإنسان على عيوب نفسه ويعترف بها، وهذا أمر يصعب أن تتحقق منه أو تعترف به ولذلك أشار الغزالي إلى أمور، يسترشد بها الإنسان إذا أراد أن يُصلح نفسه.
الأول: أن يجلس المرء بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس، خبير بخباياها، عالم بأسرارها، يتعلم منه ويأخذ عنه ويسترشد بنصائحه وإشاراته في مجاهدة نفسه وكيفية ترويضها؛ لأن الأمر في ذلك يحتاج إلى معلم ثقة وشيخ قدوة، ومجالسة الصالحين عبادة، وخاصة مجالسة أهل ذكر الله، الذين خلصهم الله لنفسه واصطفاهم ونقاهم من شرور أنفسهم، فإن في مجالستهم إفاضة لعلومهم وخلقهم على مريديهم .
الثاني: ألا يصادق إلا صدوقًا متدينًا شجاعًا في قول الحق فيتخذ منه رقيبًا على نفسه، يرى منه عيوبه؛ لأن المؤمن مرآة أخيه، فيلاحظ أحواله وأقواله وينبّه إلى ما يراه من عيوب ومساوئ.
الثالث: أن يستفيد من ذكر عيوبه على ألسنة أعدائه، فإن العادة جرت على أن العدوّ مهتَمّ بالبحث عن العيوب والتحدث بها وربما التهويل من شأنها والمبالغة فيها، فعلى المرء أن يجعل ذلك مرآة ينظر فيها إلى ما يذكره العدو، فما كان صحيحًا، حاول أن يتخلص منه وما كان خطأ احتسبه عند الله.
رابعًا: أن يخالط الصالحين من الناس، فما رآه مذمومًا على ألسنتهم، اتهم نفسه به؛ لأن الطباع متقاربة ويحاول أن يحاسب نفسه للتخلص من هذه العيوب .
وإن صدق المرء في ذلك، فإنه يكون قد بدأ الطريق في إصلاح ذات البين، فيحظى بالجود الإلهي، فيأخذ الله بيده إلى شاطئ الأمان ويرقى في سلم الهداية، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِيْنَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.
وينبّه الغزالي إلى خطورة مخالطة الأشرار أو مصادقتهم، فإن عدوى السوء أسرع إلى النفس وأقوى في متابعة الهوى، كما قال الشاعر:
واحـذرْ معـاشرةَ الـدنيء فإنها
تعدى، كما يعدى السليم الأجريا
وأكثر ما يكون ذلك خطرًا في سن الصبا وعمر الطفولة، فإن العدوى السيئة تكون أسرع من النار في الهشيم، ولذلك يحذِّر الغزالي من ذلك وينبّههم إلى حسن تربية الطفل باختيار أصدقائه وجلسائه، وأفرد لذلك بابًا مستقلاًّ في رياضة الصبيان، في أول نشأتهم ووجه تأديبهم وتحسين أخلاقهم. وقد لخّص منهجه في تربية الطفل وتحسين خلقه، فبين ما يجب على الوالد نحو ولده من رعاية فيما يأتي:
- تأديبه وتعويده على محاسن الأخلاق وحفظه من مخالطة قرناء السوء .
- أن لايحبب إليه الزينة والرفاهية لئلاّ يتعوّد على مداخل هوى النفس، فيعسر تقويمه وهذا أسلوب وقائي للعلاج .
- أن يتعوّد في تناول الطعام أن يأكل بيمينه ومما يليه وأن يبدأ باسم الله .
- أن يتعود على اللباس المحتشم .
- أن يأخذه بأسلوب الثواب والعقاب والمدح أمام الناس، وألا يكون عقابه على كل زلة أو خطأ؛ بل الأفضل أن يتغافل عن بعض الأمور، خاصةً إذا خجل الطفل منها وتستر وأخفاها عنك، فلا تفاجئه بها، وألا يكون العقاب علنًا أمام قرنائه حتى لاتزيد جرأة الطفل وأن يكون العقاب قليلاً، مناسبًا للفعل .
- تعويده على الإعطاء لا الأخذ، ومنعه من الافتخار على قرنائه بما يملك .
- تعويده على الإقلال من الكلام إلا لحاجة؛ لأن كثرة الكلام تُوقع في الخطأ.
- تعويده على الصبر وتخويفه السرقة وأكل الحرام .
- إحياء حاسة الرقابة الذاتية، بحيث يكون هو رقيبًا بنفسه على نفسه حتى تبعث فيه الثقة وقوة الشخصية .
وهذه النصائح التربوية الرفيعة، قد جسدها الغزالي في رسالة عالية القدر، تكتب بحروف من ذهب، نلفت إليها نظر المربين ليشغلوا أنفسهم بها منهجًا وأسلوبًا راقيًا في تربية الأبناء، وهي رسالة “أيها الولد”.
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند ¯العـدد : 5-4 ، السنـة : 32 ¯ربيع الثاني – جمادى الأولى 1429هـ = أبـريل – مـايـــو 2008م