كلمــة المحــرر
ما قاله «توم تانكريدو» المُرَشِّحُ نَفْسَه للدورة القادمة لمنصب الرئيس الأمريكي القادم من قِبَل «الحزب الجمهوري» من «أن الطريقَ الوحيد لمنع الإرهابيين الإسلاميين من تنفيذ الهجوم النوويّ على «أمريكا» هو تهديدُهم بأن إقدامَهم على ذلك إن تَمَّ فإنّه سيَتِمُّ تدمير كلّ من مكة (المكرمة) والمدينة (المنورة) بهجوم من جانبنا لاقِبَلَ لهم به»!!.
قال ذلك يوم 31/يوليو 2007م (الثلاثاء: 15/رجب 1428هـ) على مرأى من مجموعة من النخب الأمريكيين بولاية «لووا» (Iowapolitics.com) .
ما قاله ليس هذيانًا منه صَدَرَ من غير إرادة وتفكير؛ حيث قال ناطقٌ باسمه: إن رأيَه هذا مُتَعَمَّد؛ فقد سَبَقَ أن أبداه في عام 2005م خلال حديث إذاعيّ. مما يُؤَكِّد أنّه يرى هذا الرأيَ كخُطَّة جَادَّة لأخذ الثأر من المسلمين الذين نَفَّذُوا – كما يزعمون – تفجيرات 9/11/2001م في أمريكا ولمنعهم عن تكرار أمثالها مستقبلاً ؛ حتى يعلم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها أن أمريكا تقدر قدرةً وافيةً على كيل الصاع صاعين لكل من تُحَدِّثـُه نفسه بالقيام بأي خطوة بإلحاق ضرر بها.
وهم يعلمون أن تفجيرات 9/11 لم يُنَفِّذها المسلمون ، وإنّما نَفَّذَها الصهاينةُ والمسيحيون المُتَصَهْيِنُونَ لتحقيق ما هم الآن في سبيل تحقيقه مَاضُونَ في كل من أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وفي أقطار كثيرة من العالمين العربي والإسلاميّ اللذين تَسْخِيرُهما هو الهدفُ الأسمى لديهم، الذي إذا تَحقَّقَ، تَحَقَّقَ كثيرٌ من الأهداف الأخرى الكثيرة التي يَحْلُمُون بتحقيقها.
ولاغَرْوَ إذا كان هذا الرجلُ الأمريكيُّ هو الآخر ضمنَ العناصر المُخَطِّطَة لتفجيرات 9/11، ولا غَرَوَ إذا كان ضرب الأماكن الإسلامية المُقَدَّسة بما فيها الحرمان الشريفان ضمن الأهداف التي يكونون قد بَيَّتُوا إنجازَها. وينبغي للقراء أن يتذكّروا بهذه المناسبة ما صَرَّح به الرئيس الأمريكي الحاليّ «جورج بوش» الابن بعد التفجيرات المشار إليها أعلاه بأيّام فقط، من أنه مُقْدِمٌ الآن على خوض «حرب صليبية» ضدّ الإسلام والمسلمين بوسائل وآليّات حربية تقليدية وغير تقليدية . والحربُ سنخوضُها في كل مكان من العالم لمدة غير معلومة. والجديرُ بالاعتبار أنّ «بوش» لحدّ اليوم لم يَسْحَبْ بدوره – بلسانه وبفمه – هذه الكلمات : الفقرةَ الخطيرةَ ، ولم يعتذر عنها إلى العالمين الإسلامي والعربي أو إلى المجتمع الدوليّ ، وإنما الذي حَدَثَ أنّ رجالَ زمرته هم الذين أَوَّلُوها وشَرَحُوها بمعانٍ لاتَقْبَلُها هي لامتصاص غضب واستياء المجتمع الإسلامي العربي الذي على غرارته – أو على بلاهته وهذا هو الأصحّ – لم يَرْتَحْ إلى هذا «التأويل» أو «الشرح» غير المباشر الذي جَاءَ على خلاف نَصِّ المُتَكَلِّم .
إنّ الهجومَ العسكريّ على العالمين العربي والإسلامي صَاحَبَتْه الهجماتُ المُتَنَوِّعَة – ولاتزال – على كل من الإسلام ، ونبيه عليه الصلاة والسلام ، وكتابه ، وشريعته ، ومنهاجه التعليمي ، ومدارسه وجامعاته ، وشعاراته وشاراته ، وكل شيء يتّصل به . إن «الحرب على الإرهاب» عنوانٌ ذَكِيٌّ شاملٌ دقيقٌ ابْتُكِرَ لضرب عَصَافِيرَ كثيرةٍ بحجر واحد .
وهذه «الأنباءُ المُفَاجِئَةُ» التي تَقْرَعُ أسماعَنا من حين لآخر ليسَت الأولى أو الأخيرة ؛ ولكنّها وأمثالَها ستظلّ تُفَاجِئُنا وتُحَيِّر ألبابَنا . ومنذُ أيام تَرَدَّدَتْ عبر وسائط الإعلام نبأٌ يقول: إنّ اللوبي الصهيوني في أمريكا المُمَدِّ من قبل اللوبي المسيحيّ المُتَصَهْيِن يُخَطِّط لمنع انتشار الإسلام في أمريكا عن طريق استصدار القرار القضائي . وأكّدت «رويترز» من «برلين» أن السكرتير الخاص للبابا السادس عشر «بنديكت» – واسمه «جورج جاينز فاين» – حَذَّرَ في مقابلة مع مجلة «سودويتشه تسا ينتوج» الألمانية مما وَصَفَه بـ«أَسْلَمَة الغرب» مُشَدِّدًا على أنه يتعيّن على أوربّا ألاَّ تتجاهل جهودَ إدخال القيم الإسلامية الغربَ . وهو ما يمكن أن يُهَدِّد هُوِيَّة القارة !.
لوأنّ مُرَشَّحًا للرئاسة في بلد عربيّ إسلاميّ – أقوى كمثل أمريكا بشكل افتراضيّ – أَطْلَقَ مثلَ هذه الشرارة النارية ، لما وَسِعَ «بوش» وزمرتَه في إدارته أن يَتَحَمَّلَها، ولاَحْتَمى بها للتخطيط لتنفيذ عملية عسكريّة تقليدية أو غير تقليدية طويلة المدى ضدّ ذلك البلد العربي الإسلامي الذي مُرَشَّحُه لرئاسته يكون قد تَفَوَّهَ بهذه الكلمة: النار بل القنبلة المُدَمِّرَة!. لماذا يكون لم يسعه أن يحتملها، لأنه قويٌّ ولأن بلده أَقْوَى البلاد! و«الجاموسُ لمن بيده العصا». أما نحن فنعيش أسوأَ حالة من الضعف والتفكّك ، و«جريمةُ الضعف» من يرتكبها يُعَاقَب بموت مُفَاجِىءٍ، كما صَرَّح الشاعر الإسلامي الأرديّ الأكبر الذي يُعْرَفُ بحكيم الشرق: الدكتور محمد إقبال (1290-1357هـ = 1873-1938م) رحمه الله . [التحرير]
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . رمضان – شوال 1428هـ = سبتمبر – نوفمبر 2007م ، العـدد : 9–10 ، السنـة : 31.