أنباء الجامعة
على دعوة كريمة من قبل رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، شارك فضيلة رئيس الجامعة الشيخ مرغوب الرحمن / حفظه الله في جلسات الملتقى العالمي الأول للعلماء المسلمين بمكة المكرمة، الذي تم عقده في الفترة ما بين السبت – الاثنين: 3-5/ ربيع الأول 1427هـ 1-3/ أبريل 2006م كما شارك في اجتماع الجمعية العمومية لهيئة التنسيق العليا للمنظمات الإسلامية الذي عقد يوم الثلاثاء : 6/3/1427هـ الموافق 4/4/2006م .
وقد رافقه في سفره هذا نجله الأستاذ أنوار الرحمن القاسمي الذي دُعِيَ من قبل الرابطة كمرافق رسميّ لفضيلته، نظرًا لشيخوخته والتداعيات الناجمة عنها. وقَدَّمَ فضيلته إلى الملتقى ورقةً قيمةً بعنوان «وحدة الأمة الإسلامية في القرآن والسنة». تنشرها «الداعي» في هذا العدد في زاوية «الفكر الإسلامي» تعميمًا للفائدة .
مكث فضيلته في رحاب مكة المكرمة والمدينة المنورة نحو عشرين يومًا، سعد خلالها بأداء العمرة والطواف والصلاة في المسجد الحرام، كما اعتزّ بزيارة المسجد النبوي الشريف وأداء الصلاة فيه وزيارة روضة النبي الكريم ﷺ والسلام عليه وعلى وزيريه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فقضى وقتًا ثمينًا في الحرمين واستغل هذه الفرصة المتاحة من قبل ربه الكريم، وتمتّع بروحانيتها وقدسيّتهما، وشكر الله تعالى كثيرًا على أنه قدّر له هذه المناسبة الغالية .
وانتهز المناسبة فلقي كثيرًا من العلماء والمثقفين، والدعاة والمفكرين، ورجال الصحافة والإعلام، والعاملين في شتى القطاعات الإسلامية. كما أقام على شرفه عدد من المحبين والخلان مآدب غداء أو عشاء أو حفلات شأي، وتمنّوا زيارته لبيوتهم وقدومه إلى رحالهم، فلبّى حفظه الله دعوتهم المخلصة، مما مكّنه من التعارف على كثير من الإخوة العرب والعجم الذين ضمّتهم الحفلات الشخصية والمناسبات الفردية هذه، والذين كان لايعرفهم من قبل .
وفي مدينة جدة احتفى بفضيلته كثيرًا أحد أبناء الجامعة الإسلامية دارالعلوم / ديوبند، الأخ الكريم الأستاذ شمشاد القاسمي الذي ينتمي إلى مديرية «مظفرنجر» المجاورة لديوبند، والذي يتّجر هناك في العطور والعود، وأصبح رجل أعمال يذكر، وهو رجل مفطور على حبّ العلماء الهنود ولاسيّما علماء ديوبند الذين هو من أعضاء أسرتهم العلمية والمذهبية.
كما احتفى بفضيلته وفرش في طريقه عينيه بمدينة «الرياض» الأخُ الكريم الأستاذ جميل الرحمن حافظ من سكان مديرية «بجنور» إحدى المديرات الغربية بولاية «يوبي» وهو أيضًا ابنٌ بارٌّ من أبناء الجامعة ويتّجر كذلك في العود والعطور متخذًا «الرياض» مقرًّا له ومنطلقاً لنشاطاته التجارية.
وقد كان جميعُ المتخرجين من جامعة ديوبند مسرورين جدًّا برحلة فضيلته هذه إلى السعودية ولاسيّما إلى الحرمين الشريفين، في هذه السن الطاعنة في الشيخوخة الزائدة؛ حيث هو الآن في العقد العاشر من عمره الكريم / حفظه الله ورعاه مع الصحة وطول العمر.
وقد كان لقاؤه خلال هذه الرحلة الأمينَ العامَّ المساعد فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي الموقر/ حفظه الله، معجونًا بالحبّ الغامر والإخلاص الثر والحفاوة البالغة، وجديرًا بالذكر والتسجيل، حفرت في ذاكراته انطباعات لاتمحّي؛ حيث كان ضافيًا معطرًا بأريج الأخوة الإسلامية والعواطف الدينية التي يكنها الشيخ محمد العبودي نحو الجامعة الإسلامية دارالعلوم/ ديوبند بصفتها أعرق جامعة إسلامية، سبقت شقيقاتها، وبذّتها في خدمة الكتاب والسنة ونشر علومهما والإبقاء على الكيان الإسلامي في هذه البلاد ذات الوثنية العريقة التي ابتلعت كثيرًا من الأديان والثقافات، تلك البلاد التي رزحت طويلاً تحت نيرالاستعمار الإنجليزي الذي استهدف خصيصًا تنصير المسلمين في هذه الديار؛ ولكنه باء بالفشل الذريع بفضل المقاومة العنيفة التي قام بها العلماء الغياري على دينهم في هذه البلاد كلها.
وأبدى الشيخ ناصر العبودي غاية حبه وتقديره لإنجازات دارالعلوم / ديوبند نحو الإسلام والمسلمين، وأعرب عن إعجابه البالغ خصيصًا بصمتها وهدوئها وانقطاعها إلى خدمة الدين والعلم والدعوة دونما دعاية وتطبيل اعتمدتهما معظمُ المؤسسات الإسلامية المعاصرة التي تتكلم كثيرًا وتعمل قليلاً. ووصف دارَالعلوم/ ديوبند بأنها قلبٌ خفّاقٌ في الجسم الإسلامي في هذه الديار، وأبدى أسفَه على أنه لم يُتَحْ له مساهمة تذكر في تدعيم أي مشروع لدى هذا القلب، بينما أتيح له أن يكثف المساهمة في تدعيم المؤسسات التي تشكّل هيكلاً جسمانيًّا له.
ومن جانبه دعا الشيخ مرغوب الرحمن الشيخَ ناصر العبودي لزيارة دارالعلوم/ ديوبند، ليشاهده عن كثب ويطّلع على قفزاتها الواسعة على عهد الإدارة الجديد التي حلّت محل الإدارة القديمة في بداية التسعينيات من القرن العشرين الميلادي، ويختار لعنايته بالتدعيم مايشاء من المشاريع العملاقة الطموحة العديدة التي تتبنّاها الجامعة حالاً وهي تتطلب تنفيذًا عاجلاً.
وقد كان فضيلة الشيخ مرغوب الرحمن مسرورًا جدًّا لدى عودته من رحلته الميمونة إلى الحرمين الشريفين؛ لأنه من أجل شيخوخته كان يتمنى أن يتيح الله له زيارة الربوع المقدسة والإقامة بها لوقت لابأس به يطّرح فيه على عتبة ربّه، ويتشرّب روحانيتها، ويعبّ بركاتها وخيراتها، ويصلّي في الحرم، ويشرب من زمزم، ويتخذ من مقام إبراهيم مصلّى، ويروي ظمأ روحه، ويتشرف بالصلاة والسلام على نبيه محمد والصلاة في مسجده، والتجوال في مهاجره وداره وقراره: المدينة التي تنورت بوجوده حيًّا وميتًا. حقًّا إن روح المسلم تصير في نهاية مطافها تواقةً إلى وكرها الأصليّ أرض الحرمين، ومهد الإسلام، ومهبط الوحي، ومنزل الملك الموكل بالوحي جبرئيل الأمين عليه السلام، وإنه ليتمنّى أن تكون هذه الأرض هي مقر روحه الأخير، ومثواها النهائي، قدّر الله هذه السعادة لكل مسلم صادق.
وعاد حفظه الله إلى وطنه الطيني، فوجد الأعمال قد تراكمت، والأشغال قد تزاحمت، فقضى أيامًا عديدة في بيته بمدينة «بجنور» ثم قصد جامعته دارالعلوم/ ديوبند، وبدأ يباشر العمل ويقوم بأداء المسؤوليات حسب السابق. أطال الله عمره، ووفقه لما يحبه ويرضاه.
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية – رجب 1427هـ = يوليو – أغسطس 2006م ، العـدد : 6-7 ، السنـة : 30.