أنباء الجامعة
إعداد : إمداد الله بن أمير الدين المئوي
طالب قسم الأدب العربي بالجامعة ومعتمد النادي الأدبي
النادي الأدبي جمعية تربوية ، لطلاب الجامعة الإسلامية دارالعلوم ديوبند ، تتبنّى نشر اللغة العربية ، بين الشباب والطلاب في الوسط المدرسي . قام بإنشائها المربي الجليل ، ومعلم العربية العبقري صاحب «القاموس الوحيد» ، سماحة الشيخ وحيد الزمان القاسمي الكيرانوي – رحمه الله رحمة واسعة – (المتوفى: 1415هـ = 1995م) سنة 1964م ، بهدف إيقاظ الوعي الأدبي في نفوسهم، وقد أثمرت مساعيه المخلصة في وقت قليل وخرّج الناديّ عددًا من خطباء العربية ، والكتاب الذين يُشَار إليه بالبنان ويقومون بخدمات جليلة مشكورة في مجال الدعوة الإسلامية على أوسع نطاق في العالَم كله .
وإنّ النادي لايزال يواصل مسيرته تحت رعاية نخبة من أساتذة الجامعة الأفذاذ ، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ المقرئ السيد محمد عثمان المنصورفوري نائب رئيس الجامعة ، الشيخ عبد الخالق المدراسي نائب رئيس الجامعة ، والكاتب الإسلامي المعروف الأستاذ الشيخ نورعالم خليل الأميني ، أستاذ الأدب العربي بالجامعة ورئيس تحرير مجلة «الداعي» الغراء ، وفضيلة الشيخ عبد الخالق السنبهلي، والمشرف العام للنادي الأدبي فضيلة الشيخ شوكت علي القاسمي البستوي، والشيخ محمد نسيم الباره بنكوي، والشيخ محمد سلمان البجنوري، والشيخ خضر محمد الكشميري، والشيخ محمد ساجد البهانوي، حفظهم الله . فهم يهتمّون بشؤون النـادي ويفعّلون نشاطه ، وينعكس بعض نشاطاته جليًّا في الحفلات الثلاث الابتدائي ، النصف السنوي والسنوي، التي تُعْقَد على المستوى الجامعي، ويسعدني أن نضع بين يدي القراء موجزًا عن مداولات حفلته البدائية، لعام 1427هـ .
عقد النادي الأدبي احتفاله الافتتاحي في 24/1/1427هـ المصادف 23/2/2006م ، ليلة الجمعة إثر صلاة العشاء في قاعة الحديث الشريف ، برئاسة صاحب الفضيلة، الشيخ المقرئ محمد عثمان المنصورفوري – حفظه الله – نائب رئيس الجامعة ومدير «مجلس صيانة ختم النبوة لعموم الهند ، حضره عدد كبير من الأساتذة بالجامعة ، بالإضافة إلى الطلاب الذين سارعوا إلى حضوره على وحي من قلوبهم الممتلئة حيًّا عميقًا ، تجاه اللغة العربية .
استهل الحفل بتلاوة آي من القرآن الكريم ، تشرَّف بها الشيخُ المقرئ عبد الرؤوف البرني – حفظه الله – أستاذ قسم التجويد والقراءات بالجامعة . وتبعه الأخ محمد شاهر الكيرالوي بأنشودة زكيّة عطرة ، في مديح النبي ﷺ .
وبعد ذلك قدّم الأخ عباد الرحمن السهارنفوري اقتراحًا برئاسة الحفل، وقام بتاييده الأخ محمد شاهنواز الهريدواري، وقد تحمّل مسؤولية الإدارة للحفل كاتب هذه السطور، معتمد النادي الأدبي الحالي. ثم بدأت سلسلة البرنامج بما فيه ثلاث خُطَب علمية، ومحادثتان ممتعتان للغاية وما إلى ذلك .
فأولاً طلع الأخ مستقيم بالله البنجلاديشي ، وألقى خطبة حول «مكانة المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة» ، وقال: «إن الإسلام دين قيم ، قد وضع كل شيء في موضعه المطلوب ، وما خان أحدًا مثل حبة من خردل ، فأنزل الرجال منازلهم وأعطى المرأة حقها ، فالإسلام قد قرر أن الإنسان رجالاً ونساءً متعاون فيما بينه فإن الرجل يؤدي العمل خارج البيت والمرأة داخله» .
والخطبة الثانية كانت حول «أهمية اللغة العربية وخدمات الجامعة دارالعلوم/ ديوبند في نشرها» ، قدمها الأخ السيد أمان الله الحيدر آبادي، وكان مما قال : «منذ اكتشاف النفط الذي فاضت به الأرض العربية، والذي سُمِّي بالذهب الأسود، ومنذ قيام صناعته الهائلة، في الدول العربية؛ أصبحت اللغة العربية محط أنظار العالَم بأسره، وأمسى العالم مضطرًا إلى تعلمها وتعليمها؛ لكونها ذلك العماد الوحيد للتواصل مع العالم العربي، مع أنها لغة الدين الإسلامي ووعاء لآخر الكتب السماوية».
والخطبة الثالثة، ألقاها الأخ عبد الجليل البيدري الذي تحدث حول حياة الشيخ العبقري، والقائد الباسل، والفقيد الغالي السيد محمد أسعد المدني، رئيس جمعية علماء الهند وعضو مجلس الشورى بالجامعة – تغمده الله برحمته الواسعة – فقال : «إن فضيلته – رحمه الله – قام بخدمات لاتُنسىٰ ، وبطولات تستحق بأن يخلِّدها التاريخُ في طياته إلى ما يرث الله الأرض ومن عليها، فلم يترك مجالاً سياسيًا أو دينيًا إلا وأثبت فيه جراءته النادرة وشجاعته الفائقة» .
ولم يزل الحضور يتمتعون بالبرنامج إذ زادهم إعجابًا وسرورًا ما بشرّهم به مدير الحفل من المحادثة، فقُدِّمتْ محادثة علمية، حول «إرهابية أمريكا الطاغية وحليفاتها ضد الدول الإسلامية»، قام بإعدادها الأخوان: محمد جاويد إقبال الكشن غنجي وعباد الرحمن السهارنفوري، وقدمها الإخوة: محمد مصطفى الهريانوي ودبير عالم الدربنجوي، ومحمد قاسم الفورنوي، ومستقيم بالله البنجلاديشي، ومحمد ياسين الغُدَّاوي، ومحمد خالد الفيض آبادي.
والمحادثة الثانية تناولت موضوع «كفاح علماء ديوبند لتحرير الهند»، قدمها الإخوان: غلام مصطفى الأررياوي، ومحب الله السوفولوي، وشاهنواز الهريدواري، وأبوعبيدة الراتشي، ومشتاق أحمد الكيرالوي، ومحمد أكرم الأعظمي، وأعدّها إمداد الله بن أمير الدين المَئُوي، والإخوة : محمد حبيب الله محمود البنجلاديشي، ومسعود عالم الباجلفوري.
فينما قدّم الأخوان: محمد نوفل الكيرالوي ومحمد شاهر الكيرالوي، أنشودة مطربة، بألحان مشجية، ولما استكمل البرنامج حظه، ألقى الأخ حبيب الله محمود البنجلاديشي كلمة، رحّب بها المستمعين وخاصة المشرفين والضيوف من الأساتذة وغيرهم.
ومما لايخلو ذكره عن الطَرافة، أن الأحتفال البدائي هذا قد حظي بكلمات غالية من كل من الشيخ الأستاذ عبد الخالق السنبهلي، أستاذ الفقه والأدب العربي بالجامعة، والمشرف العام الحالي للنادي الأدبي الشيخ شوكت على القاسمي البستوي أستاذ التفسير والأدب العربي بالجامعة، فضيلة الشيخ الرئيس المقرئ السيد محمد عثمان المنصورفوري نائب رئيس الجامعة وأستاذ الحديث الشريف بها – حفظهم الله – جاءت كلماتهم مُشيدة بجهود الطلاب المساهمين في تقديم البرامج والإعداد ومشجعة لهم .
فقال الشيخ السنبهلي – حفظه الله –: «إني أصغيت آذاني إلى جميع البرامج، من البداية إلى النهاية، فلا تسألوا عن فرحي وسروري، وكيف أعبّر عما في ضميري من غاية الغبطة والسرور؟ فحقًا، إنكم قدمتم هذا البرنامج على أحسن مايرام، ودعا فضيلته الحضور إلى أن يستنبطوا التعبيرات وينظروا في الأساليب من الخطب والمحادثات ما إلى ذلك من البرنامج. وأشار إلى : «أن هذا النادي، علينا أن نظُنَّه كالحديقة التي نحن من أطيارها، نصدح عليها بالدوام، وأنشد :
إن نادينــــا حـــديقتنا الجميـــلة لاكلام
نحن من أطيارها نصدح عليها بالدوام
كما أن المشرف العام للنادي الأدبي شوكت علي القاسمي البستوي، أثنى على جهود الطلاب الذين قاموا بتقديم البرامج، وحثهم وشجّعهم وأكدلهم بالفوز والنجاح، فقال فضيلته: «قد سرّنا هذا البرنامج وما قُدِّم فيه من الخطب والمحادثات والأناشيد وغير ذلك . وأكّد على التعلّم والتدرّب وتركيز العناية، تجاه اللغة العربية، وأضاف قائلاً: «إن كثيرًا من إخوتنا الطلبة يقضون سنوات عديدة في المدارس الإسلامية، ويتلقون الدراسة الإسلامية والعربية؛ ولكنهم لايبذلون جهودهم ولايُعْنَون عناية مطلوبة بالتمرن على العربية والكتابة فيها، فلا يتمكنون، من أن يلقوا كلمتهم بالعربية، أو يكتبوا بها، فعلينا الجهد والمثابرة واغتنام هذه الفرصة الذهبية المُتاحة».
وأضاف فضيلته : «أن اليهود والنصارىٰ وأعداء الإسلام جميعًا، إذا وجدوا فرصة لم يضيّعوها واستخدموها للإساءة إلى الإسلام المسلمين، والنيل من رسولهم الكريم – ﷺ – ويحالون أن يشوهو صورة الدين الإسلامي، فالرسوم الهزلية التي نشروها في صحفهم أولاً في الدنمارك وأخيرًا في الصحف الأوربية كانت من أهداف مؤامراتهم القديمة، تلمّسوا لها في هذا العصر صورة جديدة، فإنهم حاولوا أولاً أن يُطفئوا نورالله بأفواههم وبالحروب الصليبية، ثم وجّهوا إلى الإسلام تُهَما فارغة لارصيد لها من الواقع، بأنّه انتشر بالسيف وأنه اعتدىٰ على المرأة وسالب حقوقها المشروعة، وأن الإسلام يشجّع على الإرهاب والعنف والتطرف وما إلى ذلك . فعلينا أن نوجه عنايتنا الخاصة إلى تحصيل العلوم، وإلى أن نسيغ تعاليم الإسلام السمحة الرشيدة ونعرف حقيقة الإسلام كل المعرفة.
وفي الختام نوّه سماحة الرئيس المبجّل بجهود الطلاب الذين قدموا البرامج على أحسن منوال، معربًا عن فرحه بتركيز المسؤولين عناياتهم على القيام بعمليات النادي خير قيام، فقال فضيلته في كلمته الغالية: «حضرنا حفلتكم، واستمعنا إلى برامجكم المتنوعة، كما يسمع الأساتذة الدروس من التلاميذ، فسرّني أن الإخوة الذين قامو بتقديم برامجهم، قد بالغوا الجهود في تحضير المواد فلم أجد أحدًا منهم قد نسي في أثناء التقديم شيئًا من الخطب والمحادثات وذلك يعكس مدى حبهم للغة العربية وتكثيف جهودهم حول إعداد البرنامج وتقديمه؛ ولكن ههنا أمرًا يحلو لي أن أنبّه عليه، وهو أنه لايجوز الاكتفاء بالحفظ والإعداد بل لابد من الأسلوب البديع الخلاب الجدير بالخطب ولابد من الآداب التي يجب أن تضعوها في الاعتبار. فعلى الطلبة ان يقدموا البرنامج بجدّية وهدوء.
وانتهى الحفل في الواحدة إلا الربع ليلاً ، بدعاء الرئيس الكريم، وقد ترك أثرًا جميلاً في نفوس المستمعين .
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ربيع الأول – ربيع الثاني 1427هـ = أبريل – مايو 2006م ، العـدد : 3–4 ، السنـة : 30.