الملك فهد إلي رحمة الله
بقلم : معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
إن المتابع للتاريخ وأحداثه وقادته وإنجازاتهم ويجز بدون أي تردد أن الأعمال والإنجازات هي الفيصل في تقييم القادة، وأهم هذه الأعمال الثبات على المبدأ الحق ، وإنصاف المظلوم، وإغاثة الملهوف والوقوف بجانب ذي الحاجة، وإقامة صروح العلم والمعرفة، وما يخدم الأجيال المتلاحقة .
أشير إلى ذلك والمملكة العربية السعودية تفتقد قائدًا عظيمًا، ورجلاً فذًا، حلقة قوية في حلقات قادة آل سعود الغر الميامين، الذين نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ووطنهم وشعبهم وأمتهم.
إنه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود؛ بل إن الأمة العربية والإسلامية أجمع تفتقد زعامته القائمة على أسس ثابتة لقادة المملكة، وهي خدمتهم للحرمين الشريفين وللمسلمين أينما كانوا، وحرصهم على جمع كلمة المسلمين، وتعاونهم على خدمة القضايا الإنسانية العادلة.
إن أعمالاً جبارة ستظل شاهدة على إنجازات فقيدنا الغالي في مختلف المجالات، يأتي في مقدمتها النقلة الحضارية العظيمة لمملكتنا الغالية، في مجالات التعليم والعمران، والطرقات والزراعة، والصناعة والاقتصاد والعلاقات الإقليمية والعالمية والوزن الدولي المؤثر.
وفي المجال الإسلامي تشهد بيوت الله في المملكة وحيثما يوجد مسلمون على إنجازات الملك فهد العظيمة، ففي معظم مدن المملكة الرئيسة توجد المساجد الضخمة التي أنشأها على نفقته الخاصة، والمراكز الإسلامية العملاقة في مختلف مدن العالم التي تضم المساجد والمكتبات وقاعات المحاضرات كذلك أقيمت إما على نفقته الخاصة كلها، أو معظمها.
والإنجاز العملاق في عهده رحمه الله هو عمارة وتوسعة الحرمين الشريفين وطرق الحجاج والعمار، والمشاعر المقدسة، وإنجاز تاريخي عظيم لم يسبقه إليه أحد، ألا وهو مجمع الملك فهد للقرآن الكريم في مدينة رسول الله ﷺ . حيث نشر القرآن وترجمات معانيه وما يتعلق بالدراسات القرآنية بمئات الملايين على المسلمين في مختلف أنحاء الدنيا.
إن الملك فهد – رحمه الله – زعيم وطني سعودي ، وزعيم عربي عملاق، خدم قضايا العرب في مختلف المجالات وزعيم إسلامي متميز، أعطى مصالح المسلمين أهمية بالغة.
إن جامعاتنا في المملكة العملاقة شاهدة على تلك الإنجازات، وإن مئات الآلاف من أبناء المملكة الذين يحملون أعلى الدرجات وفي مختلف التخصصات شاهد على الجهد العظيم الذي أعطاه خادم الحرمين الشريفين أولوية خاصة، وهو تأهيل أبناء المملكة ليقوموا بأداء الرسالة العظيمة تجاه بلادهم وتجاه أمتهم الإسلامية كلها.
إن الحديث عن إنجازات القائد فهد العظيمة التي يصعب حصرها حديث طويل ومتشعب، ولاشك أنها اتمت – بعد توفيق الله – بتعاون كريم من إخوانه وأسرته الكريمة، ووجهاء المملكة من علماء ومفكرين وأخصائيين، وهو السمة الظاهرة على السياسة السعودية، وتعاون الجميع في خدمتها، أسرة واحدة متآلفة يهمها المصلحة العليا للوطن وأبنائه وقضاياه.
وقد كان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود دور ريادي في شد أزر أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وكذلك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء، وأفراد الأسرة المالكة الكريمة. إن هذه السمة وهذا الطابع هي التي ميزت السياسة السعودية، وكانت من أبرز الأسباب في نجاحها، وإن أمل أبناء المملكة وأمل أبناء المسلمين في مختلف العالم في قيادة الملك عبد الله وسمو ولي عهده الأمير سلطان وثقتهم في الله ثم في هذه القيادة لكبيرة وعظيمة يدركها الصغير والكبير.
وإن الألسن والأكف لتتجه لله سبحانه بأن يفغر لخادم الحرمين الشريفين ويجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ويجبر مصابه في أبنائه وأسرته المالكة، والشعب السعودي والعربي والمسلمين، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وسمو ولي عهده الأمير سلطان إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن يكون عونًا له في أداء الأمانة العظيمة، وأن يحفظ المملكة ورجالها من كل سوء وأن يعز الإسلام والمسلمين.
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان – شوال 1426هـ = سبتمبر – نوفمبر 2005م ، العـدد : 8–10 ، السنـة : 29.