3 – الكاتبة الداعية زينب الغزالي / رحمها الله 1335 – 1426هـ = 1917 – 2005م

إلي رحمة الله 

       يومَ الأربعاء : 28/ جمادى الثانية (بالقياس إلى التقويم العربي) و 27/ جمادى الثانية 1426هـ بالقياس إلى التقويم الهندي ، الموافق 3/ أغسطس 2005م فارقت دنيانا بالقاهرة الكاتبةُ والداعية الإسلامية الشهيرة السيدة زينب الغزالي ، عن عمر يُنَاهِز 89 عامًا ؛ فقد عاشت 88 عامًا و 7 أشهر ويومين ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون .

       وشُيِّعَتِ جنازة الفقيدة – رحمها الله – ظهرَ يوم الخميس : 29/ جمادى الثانية 1426هـ الموافق 4/8/2005م من مسجد رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر بالقاهرة . وُلِدَت الحاجّة المجاهدة الكاتبة الداعية زينب الغزالي في 2/ يناير 1917م (6/ربيع الآخر 1335هـ) ونشأت بين والدين ملتزمين بالإسلام . وكان والدها من قرية «ميت يعيش» بالدقهلية مصر، وغلب على الأسرة العملُ بالتجارة.

       كانت – رحمها الله – داعيةً فارعة القدمين ، إلى جانب كونها كاتبة كبيرة وأديبة إسلاميّة ، تركت تراثـًا ضخمًا في الدعوة والكتابة والخطابة . عاشت الحياةَ منذ أن كانت فتاةً يافعةً محتكّة بالمجتمع النسوي ، مخالطةً الأخوات والأمّهات والجدّات في بيوتهن وأمكنة أعمالهنّ ومعاهد تعليمهنّ وفي الشوارع والطرقات وعبر وسائل التنقّل والمواصلات ، إلى جانب الرجال الذين تواصلت معهم من خلال كتاباتها وتأليفاتها وخطاباتها ورسائلها ؛ فأصبحت امرأة من عائلات الرجال والنساء ممن يحبون الدين ، وينتمون إلى العمل الدعوي ، ويتحرَّكون في مجال الخدمة الإسلامية والاجتماعية . جزاها الله خيرًا ، وأدخلها فسيح جنّاته ، وكثّر أمثالها .

       عاشت الحياة كلّها متعلّمةً معلِّمةً صالحةً مصلحـةً داعيـةً إلى الله على بصيرة وهدى ، ووقفت حياتَها كلّها على ما ينفعها في دينها ودنياهـا ، وجنَّبَتْ نفسَها مـا لا يعنيها ؛ فكانت امرأة مثاليــة ، وكانت نموذجًا فريدًا لامرأة مسلمة حقًّا ، حَجَّت أكثر من 40 مرة ، واعتمرت أكثر من 100 مــرة . و كمعظم الدعاة والمربين تعرَّضت من قبل السلطات المصرية للاعتقال والسجــن والإيقــاف والاستجــــواب ؛ ولـــكن ذلك وغيره لم يمنعها من المضيّ قدمًا في سبيل الدعوة والجهاد والتربية ، وصبرت وصابرت ورابطت على الثغر الإسلامي بتوفيق من الله وتأييد من حظّها السعيد .

       من مآثرها الغرَّى أنّها أنشأت في عمرها المبكر، أي عندما كانت في أقل من 20 من عمرها بالنسبة إلى التقويم الميلادي ، المركز العامّ للأخوات المسلمات . وذلك عام 1356هـ / 1936م ، وتشعّب وتوسّع ، فكان له أكثر من 119 فرعًا على مستوى عموم مصر ؛ حيث تجاوبت مع أسلوبها في الدعوة ، وطريقتها في العمل ، ونهجها في الخدمة الاجتماعية والدينية ، النساءُ المسلماتُ من أنحاء مصر كلها . ولم تنحصر نشاطات هذه المراكز في الدعوة إلى الله ، وإنما تعدّتها إلى تقديم كل خدمة تمسّ الإسلام والمسلمين ، من مواساة المحتاجين ، وتدعيم الفقراء ، والتوصية لذوي الحاجات ، وعلاج المرضى ، والانتصار للمظلومين. وكانت لهذه المراكز فروع في كل من جدة ، ومكة المكرمة ، وعرفة ، ومنى ، والمدينة المنورة ، وكانت تقوم بإرسال بعثات الحجّ من خلال المراكز في كل موسم .

       التقت الإمامَ حسن البنّا – رحمه الله – مؤسسَ جماعة «الإخوان المسلمون» (المتوفى شهيدًا 1368هـ / 1949م) عام 1360هـ / 1941م فبايعته على ما كان يبايعه كل من يعاهد الله على صدق العمل في سبيل الله ؛ فعادت أكثر عزمًا وأقوى نشاطاً في سبيل الدعوة إلى الدين .

       كتبت آلافًا من المقالات ، وأَلْقَتْ آلافًا من الخطابات ، وألّفت من الكتب ما هو مادّة دسمة للدعاة والكتاب الإسلاميين ، وستظلّ مقالاتها وكتبها وخطاباتها منارةَ نور يستهدي بها كلُّ من يحالفه التوفيق .

من أهم مؤلفاتها :

       1- أيامٌ من حياتي . تحدّثت فيه عن محنتها في سجون صنم القومية العربية ورئيس جمهورية مصر الأسبق جمال عبد الناصر (المتوفى 1390هـ / 1970م) وقد انتشر هذا الكتاب انتشارًا واسعًا، ونُقِلَ إلى أكثر من لغة .

       2- نحو بعث جديد . تحدّثت فيه عن دور الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ، في نفخ الروح في دين الله وإحياء البعث الإسلامي .

       3- نظرات في كتاب الله . أودعه تفسيرًا لكتاب الله إلى سورة إبراهيم ، في ضوء ما كانت تلقيه لدى تدريسها القرآنَ الكريمَ في المساجد عبر ستين عامًا من حياتها .

       4- كتاب أسماء الله الحسنى ، شرحت فيه أسماء الله شرحًا دعويًّا ، وبينت عظمتَها وبركاتِها وتأثيرَها ودلالاتِها ؛ فهوكتاب لطيف جدًّا .

       5- كتاب المرأة العزيزة . وهو كتاب قيّم ، دعت فيه المرأة إلى ما فيه صلاحها في دينها ودنياها وفلاحها في الأولى والآخرة .

       6- مشكلات الشباب والفتيات .

       7- إلى ابنتي .

       ولو جُمِــعَ جميــــعُ ما دبجتــــه من المقالات وألقتــــه من المحاضــــرات ، لكان مكتبةً قيمةً تُسْعِف الدعاةَ والدارسين ، والخطباءَ والكاتبين ، وهو كثير جدًّا كثرةَ ما عملت وتحرّكت ، وحلّت وارتحلت .

       جزاها الله تعالى خيرَ ما يجزي عبادَه الصالحين المنقطعين إلى خدمة الدين ، وإصلاح المسلمين .

*  *  *

*  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان – شوال 1426هـ = سبتمبر – نوفمبر 2005م ، العـدد : 8–10 ، السنـة : 29.

Related Posts