كلمة المحرر
في مساء يوم الأحد: 20/ رمضان 1432هـ (بالتقويم الهندي) الموافق 21/ أغسطس 2011م أعلن ثُوَّار «ليبيا» أنهم يكادون يُسْقِطُون نظامَ العقيد «معمر القذافي» نهائيًّا بعد ما حَكَمَها واحدًا وأربعين عاماً؛ لأنهم على وشك فتح «طرابلس» عاصمة البلاد التي كان قد سَمَّاها «الجماهيريّة العربية الليبية الشعبية الاشتراكية». وبذلك فقد سَقَطَ ثالثُ دكتاتور في البلاد العربية بعد كلّ من «زين العابدين بن علي» دكتاتور «تونس» و«حسني مبارك» دكتاتور «مصر». وسقوطُ هؤلاء الدكاترة العرب درسٌ لكل الطغاة الآخرين الذين يَسْتَبِدُّون بالبلاد والعباد في الدول العربية والذين يحكمون الشعوبَ بالحديد والنار والكرباج والعصا الغليظة، ويكادون لا يَتَّغِطُون بإخوانهم: الطغاةِ الساقطين الذين كانوا يعتقدون أنهم قادرون على كبت شعوبهم بالقوة وعصا الحكم وما يتحكّمون فيه من الجيش والشرطة.
السلطةُ والحكمُ والقوةُ والثروةُ كانت قد أسكرت «القذافي» لحدّ أنّه كان يؤمن بأنّها الدرعُ الواقيةُ دونَ كلّ بليَّة قد تأتيه من الفوق أو التحت، ولم يَدْرِ أن الله العزيزَ القويَّ قادرٌ في كلِّ وقت إذا شاء على إفشالها وتحطيمها وجعلها هباءً منثورًا؛ لأن كلّ ما في الأرض والسماء جنودُه الأوفياءُ الذين لايَعْصُون له أمرًا: «وَلِـلّٰهِ جُنُودُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (الفتح/4) «وَلِـلّٰهِ جُنُودُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا» (الفتح/7) «وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ» (المدثر/31).
لقد حَكَمَ «القذافي» «ليبيا» الدولةَ العربيّة المسلمة أكثر من أربعين عاماً بالبطش والإرهاب، والاعتقال العشوائي، والاغتيالات والمشانق والسجون، يعبث بثروات الدولة ومقدراتها وخيراتها، ويُسَخِّرها لإرضاء شهواته بالأنانيّة المُفْرِطَة، والجنون الاستبداديّ، في تحدٍّ لشريعة الله، وتنفيذٍ لشريعته هو، يفترى على الله، ويستخفّ بدينه، ويتطاول على العبادات، ويسبّ الصحابة، وينكر تعدُّدَ الزوجات في الإسلام، ويُكَذِّب المعراجَ والإسراءَ، ويصف الحجَّ بأنه عبادةٌ ساذجةٌ وأنّ الكعبةَ آخرُ صنم ما زال باقيًا من الأصنام، حتى سَئِمَ مِن بطشه وعبثه، وجنونه ودمويته، وشراسته وهمجيته اللا محدودة، وانسياقه المثير وراء الهوى، الشعبُ الليبيُّ الذي تَلَقَّى درسَ الحرية من إخوانه الجيران في كل من «تونس» و«مصر» فثار عليه ثورة عارمة؛ لأن العصر عصر حقوق الإنسان، وعصر الشعوب، وعصر الحريات، وعصر الثورة على المُسْتَبِدَّين الدكتاتوريين، وعندما تثور الشعوبُ لا يقف في وجهها شيء طويلاً من قوة الحكم والسلطة، والجنود والبنود، والحديد والنار، والبطش والإرهاب.
* * *
وكم كنّا نودُّ أن تكون الثورةُ الشعبيّةُ في «ليبيا» هي الأخرى ثورةً وطنيةً داخليّةً نزيهةً تنطلق من داخلها، وتمشي على قدميها، وتدفع براحتيها، مستقلةً عن الاستعانة بأيِّ أجنبيّ ولاسيّما الأجنبيّ الغربيّ الأمريكيّ ذي التوجّه الاستعماريّ الصليبيّ الدائم، الطامع في الخيرات والثروات العربيّة النفطيّة. ولم يكن بيانُ الخارجيّة الروسيّة نابعًا من فراغ، وإنما كان صادرًا عن الواقع الذي ظلّ يُحَرِّبُه العالمُ العربيُّ الموبوء بالاحتلال الغربيّ الأمريكيّ الصليبيّ الموالي لآخر الحدود للصهيونية العالمية ودولةِ الصهاينة المزروعة عن غير شرعيّة في قلب العالم العربي: أرض فلسطين.. البيانُ الذي دَعَتْ فيه جميعَ الدول إلى الالتزام الصارم بالقرارين: 1970 و 1973 الصادرين عن مجلس الأمن الدوليّ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبيّة، والعمل على حماية المدنيين، وإقامة نظام شرعيّ بالبلاد. وكان انتقادُ الرئيس الفنزويلي «هوجو شافيز» حادًّا مُدْرِكاً لنفسيّة الدول الغربيّة وسياستها الشيطانية، إذ قال: إن هدفَ حكومات أوربّا والولايات المتحدة التي تُدَمِّر «طرابلس» العاصمة الليبية بالقنابل، هو بسطُ السيطرة على النفط الليبيّ.
وحقًّا إن الدول الغربيّة التي تُسَارِع إلى التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول العربيّة، لا تُسَارِعُ إليه عن نيّةِ «الاحتساب» و«ابتغاء وجه الله» وعاطفة خدمة الإنسانية أو الحريّة، أو دفع الظلم والعدوان عن الإنسان العربيّ أوالمسلم، وإنما تُسَارِعُ إليه لمطامع خبيثة واسعة، وعلى رأسها الإضرارُ بالإسلام والمسلمين، وتدميرُ البنية التحتيّة، والسيطرةُ على ثروات البلاد العربيّة، واستعمارُها البعيدُ المدى، وخدمةُ مصالحها الصليبيّة الصهيونيّة.
فكنا نودّ أن تبقى الثورةُ الليبيّةُ ضدَّ «القذافي» وطنيّةً صرفةً نابعةً من داخلها، و دائرة بذاتها، و واصلةً إلى هدفها بنفسها، وإن طال الزمنُ، وكَلَّفَ ذلك تضحياتٍ أكثرَ ممّا قَدَّمَه الثُوَّارُ الليبيُّون. وإن كان لابدَّ من الاستعانة بالخارج، فإنه كان لهم غنى في الاستعانة بالدول العربيّة الإسلاميّة والإخوة الأشقّاء في الدين والهدف والمصير. ولذلك كَرِهْنَا جدًّا اقتحامَ الأمريكيين وحلفِ الأطلسي والدول الغربيّة ذاتِ النوايا الخبيثة في «ليبيا»؛ وتدميرَها لها بالصواريخ والآليّات الحربيّة المُدَمِّرة؛ وتقتيلها للشعب الليبيّ بقسوة لا يولد عليها إلاّ الغربيّون الصليبيّون الموالون للصهيونيّة ودولة الصهاينة، الذين يَتَرَبَّصُون دائمًا بالإسلام والمسلمين الدوائر.
ولا شكّ أن الغرب والأمريكان لن يَدَعُوا الثُّوَّارَ الليبيين فيما بعد «القذافي» أن يقيموا الحكمَ المستقلَّ عن التدخّل الغربيّ الأمريكيّ، ولاسيّما الحكم ذا التوجّه «الإسلامي الخفيف» فضلاً عن «الشديد» وإنّما يحاولون – ويكونون قد خَطَّطُوا لذلك مسبقًا – أن يقيموا في «ليبيا»حكماً علمانيًّا ذا توجّه مُعادٍ للإسلام، مُوَالٍ للغرب والأمريكان، عميلاً للصهاينة والصليبيين، وهوالغرضُ الذي من أجله اقتحموا في «ليبيا» بعدما يكونون قد أدركوا أن «القذافي» عاد غيرَ مُجْدٍ لهم على المستوى الذي تَوَقَّعُوه منه، بعدما اعتذر إليهم عن «سابق ذنوبه» إثر البطش بـ«صدام حسين» وإسقاط حكومته في العراق، حيث أعلن صارخًا إلغاءَ جميع برامجه النووية، وانصرافها عن جميع الخطوات التي اتخذها بشأنها.
علماً بأن دول الغرب وأمريكا بالذات إنما تنصب عملاءَها في الدول العربية الإسلامية مُتَمَثِّلِين في أمثال هؤلاء الطغاة المُسْتَبِدِّين الدكتاتوريين، لكي يخدموا مصالحَها للنصاب الذي تفرضه عليهم، فعندما ترى أنّهم عادوا لسبب من الأسباب لايخدمون مصالحها على المستوى الذي تَوَخَّتْه منهم، لاتلبث أن تنقضّ عليهم وتجعلهم نكالاً لمن بين أيديهم من القادة والحكام العملاء.
فمهما كانت الثورةُ ضدَّ «القذافي» شعبيّةً وطنيّةً، فإنها في رأينا لم تكن شفَّافة؛ لأنها شابتها شوائبُ التدخّل الأجنبيّ الغربي الذي لم ينجح في التسّرب إلى الثورة الشعبيّة في كل من «تونس» و «مصر»، رغم محاولته المكثفة الماكرة لذلك؛ ولذلك فإن الرأي الإسلامي العامّ يخاف مخافةً شديدةً أن الثُّوَّارَ اللِّيبِيِّين لئن نجحوا في التخلّص من «القذافي» فإنهم لن ينجحوا من التخلّص من إملاءات الغرب وأمريكا، إلاّ بعد ثورة أخرى حكيمة مُسْتَمِرَّة ضدّ الهيمنة الأمريكية الغربيّة الصليبية الصهيونيّة، التي سيكون نصرُ الله حليفهم بشأنها، إذا قويت العزيمة، وصدقت النية، وصحّ الإخلاص، وكان التفاعل الصحيح مع روح الجهاد.
على كل فإنّ الثورةَ الشعبيةَ التي التهمت الطغاةَ في كلّ من «تونس» و«مصر» و«ليبيا» لقادرةٌ بإذن الله أن تلتهم الطغاةَ في كل من «سوريا» و«اليمن» والبلاد الأخرى التي يحكمونها بالبطش والإرهاب سُكَارَىٰ بالقوة والسلطة والثروة المُطْغِيَة الطائلة التي جمعوها بإفقار البلاد والعباد. ويجب أن يَتَلَقَّى الطغاةُ الدرسَ الواعيَ الرادعَ عن مزيد من الطغيان، حتى لا يُفَاجَأُوا بمصير مشؤوم فَاجَأَ إخوانَهم في البلاد الثلاثة التي انتصرت فيها الثورةُ.
* * *
في البلد العربي «سوريا» لايزال «بشار الأسد» النُصَيْريّ الشيعيّ البعثيّ الشيوعيّ يُهْدِرُ دماءَ الشعب السوريّ المسلم ويحاصره بطائراته ودباباته وقواته المسلحة، متجاهلاً نداءات الأمم المتحدة وإدانات العالم الإنساني كلّه، موغلاً في الإبادة الجماعية للإنسان السوري، دون أن يتعظ بمصير عمّه «القذافي»، فقد سقط أكثرُ من ألفي شهيد على يد قواته، وهناك أكثر من ثلاثة آلاف مفقود من المتظاهرين، وأكثر من عشرين ألف معتقل، وأكثر من خمسين ألف مُهَجَّر إلى البلدان المجاورة، وهناك مدن وقرى وبلدات لا تُحْصٰى حوصرت ودُمِّرَت، ومساجد وبيوت وأعراضٌ غير معدودة قد اسْتُبِيحَتْ، وقُطِعَ عن أطفال «سوريا» الحليبُ وعن مرضاها الدواءُ، وعن أهلها الماءُ والغذاءُ والدواءُ والكساءُ والكهرباءُ و وسائل الاتصالات والمواصلات، ودُمِّر من المحلات التجارية والدكاكين ما لا يُحْصَىٰ، ونُهِبَتْ محتوياته على يد رجال النظام السوري الأسديّ العلمانيّ البعثيّ الشيعيّ النُّصَيْرِيّ الذي يَعْبَثُ بالإسلام وبشريعته. «وقد سَمِعَ العالم عبر وسائل الإعلام ما قاله «ماهر الأسد» شقيق «بشار الأسد» منذ أيام أن أباه «حافظ الأسد» استولى على السلطة بالقوة، فهم لن يسلموا هذه السلطة التي ورثوها، ولو احتاجوا إلى إفناء الشعب السوري كله في سبيل الحفاظ على هذه السلطة، وتحدّى الذات الإلهيّة في أن يتمكن من إسقاطهم!!» (العبارة بين القوسين المزدوجين منقولة عن «المجتمع» الأسبوعية الكويتية العدد 1997).
لقد تَذَرَّعَ الأسدُ إلى كلّ وسيلة للإبقاء على سلطته إلى جانب إبادة شعبه وتعذيبه واعتقاله العشوائي، فقد أثار عصبيات مذهبية بين السنة والشيعة، و أوهم الشعبَ والعالمَ أن السنة – وهم في الأغلبية الكاسحة في «سوريا» التي يحكمها الأسد البعثي النصيري العلماني الشيوعيّ – يحاولون من خلال الثورة على القيادة السورية، انتزاع السلطة من الشيعة.
وليس غريبًا أن يتعاون نظام «إيران» الشيعيّ مع النظام السوريّ الشيعيّ على الأصعدة كافة، وذلك أمرٌ لم يعد خافياً على العالم، فإن وسائل الإعلام أكدت مرات كثيرة في ضوء شواهد مؤكدة أن النظام الإيراني قَدَّمَ للنظام السوريّ كلَّ نوع من الدعم المادي والعسكري والمعنوي لكبت الثورة الشعبية والتغلّب عليها، وأَمَدَّهُ بالخبرات والأساليب العملية ليوهم العالمَ بأنها ليست ثورةً شعبيةً وإنما هي حركةُ عصبيةٍ مذهبيةٌ ضدَّ الشيعة. وعندما أدرك النظامُ الإيرانيُّ مؤخرًا أن نظامَ الأسد ربما لايصمد أمام الثورة الشعبيّة السوريّة العارمة حاول أن يمسك العصا من الوسط، وأن يكون في التعامل مع الوضع متأرجحاً، حتى إذا سقط النظام الحالي الأسدي البعثي، كان له موطئُ قدمٍ في سوريا، وكان له مُبَرِّرٌ للتعامل وإقامة العلاقة مع النظام الجديد الحالّ محلَّ النظام الأسدي البعثي. وذلك ديدنُ الشيعة عبر التاريخ الإسلامي؛ لأنهم يؤمنون بـ«التقية» والعمل بإخفاء ما يُضْمِرُونه، والتعامل بالنفاق، والتظاهر بغيرما يُضْمِرُونه، حتى يتمكنوا من إلحاق ما يسعهم من الإضرار بالسنة والمسلمين الصادقين.
وإن النظام الإيرانيّ يحاول جاهدًا بسطَ سيطرته فيما بين «لبنان» و«سوريا» و«البحرين» وبعض مناطق دولة «الإمارات العربية المتحدة» و«الكويت» من خلال منظمة «حزب الله» الشيعي في «لبنان» الذي يُعْتَبر جناحاً مُسَلَّحاً للنظام الإيراني في داخل العالم العربي. والشيعةُ ليس لهم أيُّ نية صادقة في التعامل مع السنة، ولكنهم دائماً – ولاسيّما من خلال «حزب الله» اللبناني – يتظاهرون بالتعاون مع حركة المقاومة الفلسطينية ضدَّ الصهاينة، حتى يُؤَكِّدوا للعالم أن الشيعة مثلُ السنة صادقو النية في مجابهة الدولة الصهيونية. وغرضُ الشيعة الأصلي هو التغلب على السنة، والاستيلاء على البلاد العربية وإقامة الحكم فيها، وانتزاعُ قبور جميع الصحابة رضي الله عنهم من المدينة المنورة ولاسيّما قبري «صنمي قريش» – كما يزعمون – في جنب قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما. وكلّ ذلك مذكور صراحة في كتبهم الدينية وهو جزء من مُخَطَّطَاتهم الهادفة إلى إقامة حكومتهم في البلاد العربيّة ودحر السنة منها. وتركيزُهم على تطوير القوة النوويّة، وإنتاج الأسلحة النووية، إنما هو بهدف التغلب على السنة في البلاد العربية كلّها. وأمريكا والدولُ الغربيّةُ والصهيونيةُ العالميّة والصليبية الحاقدةُ تعلم ذلك كلَّه، وتتعاون مع النظام الإيراني من وراء الستار؛ من ثم لا تتخذ ضدَّه أي إجراء عمليّ، وإنما تُمْهِل وتتوعّده لسانيًّا، ولو أنّ بلدًا سنيًّا صنع فعلاً ما يصنع النظامُ الإيرانيُّ، لكانت أمريكا والدول الغربيّة انقضت عليه وسَوَّتْه بالأرض. ولسنا ههنا بصدد تحريض أمريكا والدول الغربية على النظام الإيراني؛ لأن الإسلام لا يُعَلِّمنا إثارة العداوة والبغضاء بين المجتمعات البشريّة.
إنّ أمريكا والدول الغربية كلُّها إنّما تنطلق دائمًا من مصالحها ولا تخاف إلاّ القوة المماثلة لها أو المتفوقة عليها، فهي لم تصنع شيئا ضدّ «كوريا الشماليّة» لأنها تعلم أنها هي «الصين» أصلاً، لأنّ الصين تقف بجانبها وقوفاً جادًّا بكل ما لديها من قوة عسكريّة وأسلحة متطورة، وهي لم و لن تصنع مع النظام الإيراني شيئًا؛ لأنها ههنا تعلم أنه خادمٌ خدمةً بعيدةَ المدى لمصالحها الصهيونية الصليبية؛ لأنها تدرك عن دراسةٍ أنّه يؤمن بإسلام صناعيّ غير أصلي يتصادم مع الإسلام الأصلي المحمديّ الذي يؤمن به السنة في العالم كله ويتضمنه الكتاب الإلهي والسنة المحمدية، فالإسلام الذي يتبناه النظام الإيراني الشيعيّ، هو في الأصل شرخ واسع عميق في جدار الإسلام الأصلي، والشيعة أصلاً غرسٌ زرعه اليهودُ لإحداث الثلمة الواسعة الدائمة في الإسلام، ولم يتضرر الإسلامُ في تاريخه الطويل من قِبَلِ الأعداء الصليبيين والوثنيين واليهود إلاّ عن طريقهم.
والحاضر ليس مختلفاً عن الماضي، فاليوم أيضًا لايزال الإسلام والمسلمون يصابون بالويلات تلو الويلات من قِبَلِهم، والشيعةُ صنوُ اليهود في الدسيسة والمكر، ونسج المؤامرة، وتبييت الخديعة ضدّ الإسلام والمسلمين. وكيف يصحّ أن نعتقد أنّ الإسلام يكسب أيَّ خير من قبل الشيعة الذين يعتقدون بكفر جميع الصحابة رضي الله عنهم ما سوى الستة الذين من بينهم عليّ والحسن والحسين وأبوذر وعمار بن ياسر رضي الله عنهم، ويؤمنون بأن شتم الصحابة والمسلمين كلهم أكبرُ ذريعة للثواب والنجاة الأخرويّة وارتفاع الدرجات عند الله!!.
وليس بخافٍ أن النظام الإيرانيّ دائمًا يُضْمِر الحقدَ الأسودَ والعصبيةَ العمياءَ والكراهيةَ المتناهيةَ ضدَّ الملكة العربية السعودية؛ لأنها قادتُها من أهل السنة، وشعبُها أغلبيتُه الساحقةُ من أهل السنة، وإن قادتها لخدمتهم للحرمين الشريفين، والحجاج والمعتمرين، المنقطعة النظير حازوا ثناءَ العالم أجمع، وتقدير وشكر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وجزاءَ الله تعالى، وحسنَ الذكر في الدنيا، وسينالون إن شاء الله حسنَ الذكر عند الله تعالى في الآخرة.
النظامُ الإيرانيُّ سبق أن ارتكب عن طريق حرسه الثوري جرائمَ فظيعةً في الحرمين الشريفين في موسم الحج، ولايزال من حين لآخر تقوم بأفاعيل مزعجة ضدّ المملكة وضدّ البلاد العربية التي أهلُها أهل السنّة، ويدعم الشيعةَ ضدَّ السنة في كل مكان، وداخلَ إيران يزرع عقباتٍ في طريق أهل السنّة وعملهم بمذهبهم، وليس لهم حرية مذهبية، وهم يعيشون مخاوف سياسيّة شديدة بشكل دائم، ولا يسمح لهم ببناء مسجد في «طهران» العاصمة الإيرانيّة وغيرها من المدن المقدسة لدى الشيعة.
على كل فـ«سوريا» هي البلد العربي الوحيد الذي أغلبيةُ سكانه مسلمون سنة، ويحكمه أسرة شيعية نصيرية بعثية علمانية شيوعيّة اعتادت ارتكابَ البطش والإرهاب واستخدام الحديد والنار ضدّ الشعب السوريّ السنّيّ الذي ذاق الويلات على مدى عهد نظامها البعثي الشيعيّ الحالي، وكم من العلماء والمثقفين وعامة الشعب قد نزحوا منها فارّين بدينهم وعقيدتهم وغيرتهم وأنفسهم إلى المملكة العربية السعودية وإلى البلاد العربية المجاورة والبلاد الغربيّة.
* * *
ولقد حان سقوط النظام الأسدي البعثي كما تؤكد المؤشرات كلّها، مهما لاذ باستخدام القوة العسكريّة و وسائل البطش والإرهاب والترويع والتعذيب. إن الظلمَ ظلماتٌ، ومرتعَها وخيمٌ لا مَحَالَةَ، وإنّ الله يُمْهِل ولكنه لايُهْمِل، ويستدرج الظالمين من حيث لايعلمون. إن الظَّلَمَة الدكتاتوريين في البلاد العربية الثلاثة أيضًا كانوا قد لاذوا بكل ما لديهم من إمكانيات و وسائلِ ظلم و وحشية؛ ولكن أيًّا منها لم تنفعهم عندما آن سقوطهم المعلوم عند الله تعالى.
إن في سقوط الظالمين بعد القوة التي كانوا يملكونها، وهبوطهم بعد العلو الذي كان يتمتعون به، وذلهم بعد العز الذي كانو يفترشونه، وفقرهم بعد الغنى المطغى الذي كانوا ينعمون به، لدرساً كبيرًا حاضرًا صارخاً فاتحاً زاهياً لكل من إخوانهم المماثلين لهم في إرتكاب الظلم والنكال ببني الإنسان وتعذيب الشعوب التي يحكمونهم ويُقَتِّلونهم عندما ثاروا ضدّهم، بعدما سئموا الليل الطويلَ من الظلم والقمع والبطش الذي فاق صبرَهم وطال احتمالَهم؛ فإن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظّٰلِمُونَ» (إبراهيم/42)
[التحرير]
(تحريرًا في الساعة 12من ضحى يوم الإثنين : 26/شوال1432هـ = 25/سبتمبر 2011م)
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، ذوالقعدة – ذوالحجة 1432 هـ = أكتوبر – نوفمبر 2011 م ، العدد : 12-11 ، السنة : 35