الأدب الإسلامي
شعر: الشاعر الإسلامي الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي / الرياض
قُلْ سلاماً به تودِّع عاما
وبأشذائه تعطِّر عاما
قل سلامًا لمن يحبُّ سلاماً
قبل أن يُفْلِتَ اليراعُ الزِّماما
قبل أنْ تُصبح القصيدة سيفًا
والقوافي أَسِنَّةً وسِهاما
قبل أنْ تُصبح الحروفُ سَبايا
يتباكَيْنَ حَسْرةً، وأَيَامَى
قُلْ سلاماً لمن يوحِّد رَبّاً
ويؤدِّي صلاتَه والصِّياما
قبل أن تُشْعِلَ القصائد حُزْناً
وأَنيناً يُؤَجِّج الآلاما
قل سلاماً لكلِّ شَهْمٍ أَبي
لايُحِبُّ التَّدليس والإبهاما
قل سلاماً لكلِّ ذات وشاحٍ
علَّمتها الأخلاقُ أنْ تتسامى
قُلْ سلاماً وعطِّر الكونَ حتى
يُصبحَ الوردُ تابعاً والخُزَامَى
قُلْ سلاماً واسكُبْ عليه إباءً
وشموخاً، به تَصُدُّ اللِّئاما
أنتَ من أمَّة كَسَتْها المعالي
طَيْلَسَانًا وقلَّدَتْها وساما
خاتم الأنبياءِ منها، وفيها
نُوْرُ وحيٍ يبدِّد الأَوهاما
أنتَ من أمة بها المجد غَنَّى
وتغنَّى بها الإباءُ وهَاما
فَجْرُ قرآنها أَضاءَ الدياجي
فانثَنى العزُّ عنده وأَقاما
وغدتْ أرضُها اليَبابُ رياضاً
وغدا أُفْقُها الفسيحُ غَمَامَا
أنتَ منها، فكيف تَنْكُصُ عَنْها
حين صارَ الدِّفاعُ عنها لِزاما
أوَ ما تُبْصِرُ الفريسةَ تبكي
وعليها صَقْرُ التآمُر حاما؟؟
آهٍ من أمتي، فإني أَرَاهَا
في زماني تَراجُعاً وانهزاما
أنا لا أبصر الحبيبةَ إلا
وهي في عصرنا أَقَلّ مَقاما
تَعِبَتْ مقلتي الغريقةُ حتى
ما ترى في النَهار إلا قَتَاما
مهرجاناتُ أمتي لا تُبَارى
واللقاءاتُ تَمْلأُ الإعلاما
في مجال السياساة القومُ شتّىٰ
لايُطيقون أُلْفَةً وانسجاما
وعلى ساحة الثقافةِ حَرْبٌ
كل حَزْبٍ فيها يعيش انفصاما
والجدالُ العقيم صار شعارًا
والفَتاوَى تُبَلْبلُ الأَفهاما
أصبحتْ أمتي الحبيبةُ عرْضاً
مستباحاً وفُرْقةً وخصاما
في العراق الجريح نارٌ تَلَظَّى
لم تَدَعْ فَرْحَةً له وابتسامَا
طائفيُّون والتعقُّبُ أعمى
والضَّحايا تحطِّم الأَرقاما
ثار حقد التاريخ فيهم فكسرى
يتباهى بهم ويرجو انتقاما
حالفوا الرُّومَ وهو حِلْفٌ خبيثٌ
زاد أَحقَادَهم علينا ضِرَاما
لكأني بِحِلْفِهم يتهاوى
وتصير الأَبراجُ منه حُطاما
وفلسطين ما تزال تعاني
من رجالٍ يُحَالِفُونَ الظَّلاما
نصبوا للشِّقاقِ تمْئَالَ وَهْم
حطَّموا عند رجله الأَحلاما
شعبُهم قال ما يُريد، فمالوا
واستمالوا وأثخنوه انقساما
وبلاد الأفغان سَلْها وسَلْني
عن أساها، وسَلْ خطوباً جساما
وسجينُ الأَقفاص في غونتنامو
لم يَجِدْ جُرْحُه العميقُ التئاما
وعيونُ الصُّومال نَهْرُ دموعٍ
والثَّكالَى يَرْفِدْنَه واليتامى
قام فيها من أهلها مَنْ رأوها
تتلوَّى أسىً وتشكو الصِّدَاما
رفعوا رايةَ الشريعةِ فيها
وبَنَوا من ضيائها الأَحكاما
أهلُها حرَّكوا المراكبَ حتى
يُنْقِذُوها ويرفعوا الأَعلاما
أيُّ شأنٍ هنا لأهلِ صليبٍ
ولماذا يحطِّمون النِّظاما؟؟!
ولماذا أَثيوبيا تتمادَى
وتُبيح الحِمَى، يُحلُّ الحراما؟!
ولماذا ذاتُ القُرونِ تُرينا
كيف يَرْعَى المكابرُ الإجراما؟!
حُرُماتُ الإسلام تشكو انتهاكاً
ليت شعري، مَنْ ينصرُ الإسلاما؟
أينَ مما نَراه مجلس أَمْنٍ
ما له عن جراحنا يتعامى؟!
أين مما نراه هَيْئةُ ضَعْفٍ
مَلَكَ الأَقوياءُ منها الخِطَاما؟
أين، واستكثَر السؤالُ انفعالي
وعلى مقْعَد السكوتِ تَرَامَى
كان يَجري الكلامُ منَّا ولكنْ
قد ضَعُفْنَا حتى نسينا الكَلاما
يا قِلاعَ الأمجاد لا تسأليني
عَنْ بَنِى الْعُرْبِ فالشُّجاعُ استناما
داهمتْهم في أرضهم ذاتُ بَطْشٍ
سرَّحتْ في المَراتعِ الأَنعاما
لُقَطَاءُ الآفاق لمَّا أتوهم
أبصروا أَيْقَظَ الرِّجالِ نياما
هجموا هَجْمةَ التَّتار عليهم
لايُراعونَ حُرْمَةً أو ذِمَاما
أثخنوا الأرضَ بالجراح ولولا
فِتْيَةٌ قاوموا، لَنالوا المَراما
سَلَّمَ الله فِتْيةً علَّمونا
كيف يبقى أَهْلُ الصمود كِرَاما
سلَّمَ الله مَنْ يُقاوم بَغْياً
ويلاقي الأعداءَ شَهْماً هُمَاما
قوةُ الباطل العظيمةُ تَهوي
حين تَلْقى مُقاوماً مِقْداما
يا قِلاَعَ الأَمجادِ ما زلت أَقوى
فأميطي عن الصُّمودِ اللثاما
يا قِلاعَ الأمجاد ليس بعيدًا
أنْ تَرَيْ عندَ أمتي الإقداما
هي كالغيثِ يملأُ الأرضَ خيرًا
وَيهزُّ الجبالَ والآكاما
كفكفي دمعَكِ الغزيرَ وهبي
في وجوه العِدا وشُدِّي الحِزَاما
واستعيني بمالكِ المُلْكِ إنِّي
لأرى نَصْرَكِ القَريب أَماما
* * *
* *
*
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محـرم – صفـر 1429هـ = ينايـر- فـبراير 2008م ، العـدد : 1-2 ، السنـة : 32.