الأدب الإسلامي
شعر : الشاعر الإسلامي الكبير الأستاذ عبد الرحمن صالح العشماوي
كَتَبْتُهَا قِطْعَـــــةً مِـــنْ عُمُـقِ أَعْمَاقِــــي
مَمْــزُوْجَـــةً بِبَقَايَــا دَمْـــعِ أَحْـــــدَاقِي
أَنْشَـــدْتُهَا فِي عُكَاظِ الْهَمِّ مِـــنْ زَمَــــنٍ
قَبْــــلَ احْتِـــرَاقِ أَضَابـِيـــرِي وَأَوْرَاقِـي
وفِـــي كُنَاسَــــةِ أَحْـــزَانِـي وَمِــــرْبَدِهَا
قَبْـــلَ اخْتِطَافِ أَحَاسِيسِي وَأَشْـــــوَاقِي
وفِـــي رُصَافَـــــةِ مَأْسَاتِـــي وَدِجْلَتِـــهَا
قَبْـــلَ احْتِــــلاَلِ مُــرُوءَاتِــي وَأَخْــلاَقِي
وَفِي فِنَـــــاءِ رَشِيــــدِ الْمَجْـــدِ يَمْنَحُنِي
إِصْغَـــاءَ شَهْمٍ أَريبٍ ، ذَوْقُـــه رَاقِــــي
وعِنْــــدَ مَغْـــرِبِ بَغْــدَادِي وَمَشْــــرِقِهَا
عَلَىٰ غُـــــرُوبٍ مِنَ الـــــذّكْـرَىٰ وَإِشْرَاقِ
أَنْشِدْتُ قَافِيَتِي عِنْـــــد الفُـــــرَاتِ عَلَىٰ
مَرَافِئِ الْحُـــزْنِ فِي إِحْسَـاسِ مُشْتَـــــاقِ
أَنْشَدْتُهَا عِنْـــــدَ جـِـذْعِ النَّخْلَـةِ اِحْتَرَقَتْ
أحلامُ فلاَّحِــهَا مِـــــنْ قَبْل إِعْـــــــذَاقِ
أَنْشِدْتُهَا عِنْدَ بَابِ الْجُـــــــرْحِ فَاخْتَلَطَتْ
أَلْحَانُهَا ، بِدَمٍ فِي الأَرْضِ مُهْــــــــــرَاقِ
وَكَادَ نَهْـــــرُ الــــدَّمِ المَـــوَّارِ يَجْــــرِفُهَا
لولاَ يــــدٌ رَحِمَتْ خَـــــوْفِي وإِشْفَـاقِــي
صَافَحْتُـــهَا فتَمَـــاهَىٰ لَمسُ رَاحَتِـــــــهَا
كَأَنَّهَا غُمِسَتْ فِــــي زَيْتِ حَــــــــــلاَّقِ
قالت: يَدِي فَوْقَ جُرحِي ، دَعْ مُصَافَحَتِي
فَقَــــدْ تَـرَىٰ نَــزْفَ نهرٍ مِنْــــهُ دَفَّــــاقِ
مَنْ أَنتِ ؟ مَالِـي أَرَىٰ وَجْهًا بِلاَ أَمَـــــلٍ
يَلُـوح فيـــــــه ولا جَفْـــنٍ وأَحْــــــداقِ
قــالت : سُــؤَالُك هـــذا زَادَنِي أَلَمًا
أَغــريتَ فيـــه لَظَىٰ حُزْنِي بِإِحْرَاقِي
أنا مُــرُوءَتُكم ، نَفْسِــي مُحَطَّمَــــــةٌ
مَسْمُولــةٌ مُقْلَتِــي ، مَبْتُــورَةٌ سَــاقِي
نَسِيْتني ، آهِ مـن نِسْيَــانِ مَـنْ شَرِبُوا
كَأْسَ الخُضُــــوعَ لِمُحْتَـــــلٍّ وأَفَّــاقِ
تَلاَعَبَــتْ بــي على أرضـي مُجَنَّـــدةٌ
في وَجْهِهَا أَثـَـــرٌ مــن عَضَّــةِ السَّاقِي
تَـــرَكْتُمُــــونِي لِمُحْتَـــلٍّ يُـوَاثِقُنِـــي
ضُحىً ، ويَنْقُــضُ عِنْـدَ الليلِ مِيْثَاقِي
حَاصَرْتُمُونِي بِصَمْت ، حِيْنَ حَاصَرَنِي
مُحْتَلُّـــكُمْ بـِــدِعَــايَــاتٍ وَأَبْــــــوَاقِ
تَـرَكْتُـمُ الْفِتْنَـــةَ الْهَــوْجَــاءَ تَنْهَشُنِي
نَهْشَ الـــذِّئَابِ رَأَتْ ذُلِّــي وإَطْـرَاقِي
أَنَا المُـــــــرُوءَةُ كَسَّـــــرْتُمْ أَنَـــامِلَهَا
وَسُقَتُمُــهَا إِلَـــىٰ ظَلْمَـــــاءِ أَنْفَــــاقِ
أَشْكُـــو إِلَى اللهِ مُحْتَــــلاًّ يُمَــزِّقُنِي
تَمْــزِيقَ مُحْتَـــرِفٍ لِلْقَتْــلِ بَـــــوَّاقِ
أَمَّا الأَحِبَّــــةُ مِــنْ عُـرْبٍ ومِنْ عَجمٍ
فهــم يـزيدون مِــنْ ضَعْفَي وإِخْفَاقِي
مِنْ دُونِهِـمْ غَفْلَـةٌ كُبْــرَىٰ تُحَاصِرُهُمْ
وَدُوْنَهُــمْ صَــــوْتُ أَوْبـــاشٍ وفُسَّاقِ
غــــدًا ، سَيُـــدْرِكُ مُنْساقٌ لِغَاصِبـِه
مَـــاذَا يُخَبِّـــئُ مُحْتَــــلٌ لِمُنْسَـــاقِ
* * *
* *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية – رجب 1427هـ = يوليو – أغسطس 2006م ، العـدد : 6-7 ، السنـة : 30.