العالم الإسلامي
في الفترة من 3-5/ ربيع الأول 1427هـ الموافق 1-3/ أبريل 2006م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فبعون من الله، اختتم الملتقى العالمي الأول للعلماء المسلمين مؤتمر: (وحدة الأمة الإسلامية) الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي برعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية – حفظه الله – وذلك في الفترة من اليوم الثالث إلى اليوم الخامس من شهر ربيع الأول من عام 1427هـ .
وقد خاطب خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – أعضاء الملتقى في حفل الافتتاح، بكلمة ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز، محافظ جدة، أشارت إلى التحديات التي تواجه الأمة المسلمة، وأشاد فيها بتكوين الرابطة ملتقى عالمي للعلماء المسلمين، ونبه فيها – نصره الله – إلى أهمية وحدة المسلمين وأثرها في مواجهة التحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين، وعرض عددًا من الرؤى، التي ينبغي أن تتبوأ مكان الصدارة في مهام العلماء والدعاة والمفكرين مما يحقق وحدة المواقف من القضايا التي تعانيها الأمة ، وفي مقدمة ذلك التفرق بين شعوبها.
وتقديرًا من المشاركين في الملتقى لما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين، من معاني سامية فقد اعتبروها من وثائقه.
وتحدث في جلسة الافتتاح، سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس المجلس التأسيسي للرابطة، ومعالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام للرابطة، وفضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر.
وقد عقد أصحاب السماحة والفضيلة المشاركون في الملتقى عدة جلسات تدارسوا خلالها البيان الختامي، وبلاغ مكة المكرمة اللذين أصدرهما قادة الأمة في مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الثالث بمكة المكرمة، وأثنوا على ما توصل إليه القادة، وخاصة الخطة العشرية، وناقشوا موضوع: (وحدة الأمة الإسلامية) من خلال خمسة محاور:
- المحور الأول: وحدة الأمة الإسلامية في القرآن والسنة.
- المحور الثاني: نماذج مضيئة للوحدة في التاريخ الإسلامي.
- المحور الثالث: دواعي الوحدة ومسؤولية تحقيقها.
- المحور الرابع: معوقات الوحدة وسبل علاجها.
- المحور الخامس: برامج عملية لتحقيق الوحدة.
وذلك من خلال عدد من البحوث وأوراق العمل منطلقين من قول الله سبحانه وتعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَّلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلِّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103).
ومن قول رسول الله ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
وأصدروا في ختام ملتقاهم ما يلي:
أولاً: إن الملتقى العالمي الأول للعلماء المسلمين، إدراكاً منه للأوضاع العامة في العالم الإسلامي، ومافيها من نقص وخلل، وحرصًا منه على مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه أمة الإسلام.. فإنه يتوجه إلى قادة الأمة الإسلامية وعلمائها وشعوبها، مهيبًا بهم النظر بعين المصلحة العليا للأمة المسلمة وتطلعها للتضامن والوحدة.
إن المسلمين يواجهون تحديات عديدة، من أهمها جهل فئات منهم لحقيقة الإسلام وما فيه من أحكام تنظم العلاقة فيما بينهم من جانب، وفيما بينهم وبين حكامهم من جانب آخر، مما أوجد شرخًا في حياتهم يحتاج إلى الإصلاح، ويواجهون تحديات أخرى فيما يتعرضون له من اتهامات، ومن أحكام مسبقة وظالمة تصم الإسلام بما هو منه براء، وتتهمه تهمًا باطلة، كإشاعة الكراهية بين الناس، بينما يؤكد الإسلام على التعارف والتواصل والتعاون والخير والبر بين البشر: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَّأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَّقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13).
وثقة من الملتقى بقدرة المسلمين على أن يتعاونوا حكومات وشعوبًا لمعالجة أي مشكلة في حياتهم، وأن يغيّروا حالهم إلى الأفضل، وذلك بالتزامهم بالأسس الثابتة لعقيدتهم الحقة، وإدراكاً منه لما تتوفر عليه المجتمعات الإسلامية من إمكانات وقدرات وتطلعات إلى نهضة تعيد للعالم الإسلامي حضوره القوي وإسهامه البناء في خدمة قضاياه وفي خدمة القضايا الإنسانية العادلة.
فإنه يدعو المسلمين جميعًا، قادة وحكومات وشعوبًا، ومؤسسات ومنظمات، كما يدعو علماء الأمة ودعاتها ورجال التربية والتعليم والإعلام والمثقفين والكتاب، إلى التأكيد على مبدأ الوحدة الذي يجمع بين المسلمين، وإلى العمل على تقوية تعاونهم السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتربوي والإعلامي وتعميقه بما يحقق مصالحهم، وإلى التأكيد على أن وحدة المسلمين وتعاونهم وتواصلهم وتركهم للنزاع والفرقة أمر إلهي إلى جانب كونه مصلحة مشتركة.
إن الملتقى يدرك أن من جملة أسباب الشعور بالألم في العالم الإسلامي عدم تنفيذ العديد من القرارات التي تتخذ في إطار التعاون المشترك، لمواجهة المشكلات والتحديات التي تواجه الدول الإسلامية وقضاياها منفردة ومجتمعة، ولذلك فإنه حريص على ألا تكون دعوته إلى الوحدة الإسلامية مجرد صرخة في واد.
وتجاوباً مع دعوات الإصلاح في العالم الإسلامي، وخاصة ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي في مكة المكرمة من السعي إلى توحيد صفوف المسلمين، والعمل الجاد لإصلاح أحوالهم. فإن الملتقى يؤكد على ما يلي:
- إن من مقتضيات المصلحة الإسلامية العامة والشاملة إقامة تجمع بين الدول الإسلامية على غرار التجمعات الدولية القائمة، صيانة لحقوقها وذودًا عن هويتها، وحفاظاً على حقوقها المشتركة.
- إن مقومات الوحدة بين دول العالم الإسلامي متأصلة في وجدان الشعوب الإسلامية، وهي ليست استجابة لمصالح آنية فحسب، ولكنها من الثوابت الإيمانية في ثقافة المسلمين.
- إن الدعوة إلى التنسيق والتكامل والوحدة في العالم الإسلامي لا تتعارض مع الارتباطات الإقليمية والعالمية، ولا تعارض التعاون مع التجمعات الاقتصادية والسياسية الأخرى بما يحقق السلام والاستقرار في العالم كله، بل إنها تعاضد ذلك وتتكامل معه، وفي هذا المجال، يثني الملتقى على تجربة مجلس التعاون الخليجي ويدعو الدول الإسلامية المتجاورة إلى تكوين كيانات اتحادية، يراعى فيها أسس التكامل ومتطلباته الاقتصادية والثقافية والأمنية وغيرها، وهذا يقتضي البدء بإنجاز مشروعات مشتركة في التقنية والصناعات الثقيلة والإعداد الدفاعي وتنظيم التجارة البينية وتقوية العمل الإسلامي المشترك في كل مجال يسهم في التعاون الإسلامي.
- إن الملتقى يدعو المسلمين في البلاد الإسلامية إلى التواصل ودعم الأقليات المسلمة التي تمثل اليوم ثلث المسلمين في العالم، في الحفاظ على هويتها الإسلامية والتعريف بمبادئ دينها الحنيف، ويدعو تلك الأقليات إلى الإسهام في مجتمعاتها في جوانب الحياة المختلفة، والقيام بواجبات المواطنة كاملة، والحفاظ على الأمن والتعايش، مع المطالبة بحقوقها الدينية الخاصة.
ثانيًا: متابعة من المشاركين في الملتقى للهجمة الشرسة على الإسلام، وعلى خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد ﷺ.
فإنهم يؤكدون للعالم أن مقصد رسالات الله كلها للبشر عبادته وحده وإقامة العدل بين الناس، وقد اجتمعت مقاصدها في رسالة الإسلام التي بعث بها محمد ﷺ لهداية الناس إلى الحق الذي كان عليه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَّمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام : 161).
وأن المسلمين لا يفرقون بين رسل الله وما أنزل الله عليهم من كتب: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ لانُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (البقرة:285)
ويدعو العلماء المشاركون في هذا الملتقى أمم العالم وشعوبه إلى احترام الإسلام وكتابه ونبيه، ويستنكرون بشدة الهجوم على دين الله الخاتم، من خلال حملات إعلامية تتصاعد يومًا بعد يوم، تكيل له التهم الباطلة، وتشوه مبادئه العظيمة، ولاسيما ما تعرض له القرآن الكريم دستور المسلمين من امتحان وتدنيس في أكثر من مكان ومناسبة، (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلُوْ كَرِهَ الْكَافِرُوْن) (التوبة:32)
وقد تطاول بعض الحاقدين على محمد ﷺ خاتم الرسل، بتأليف كتب تشوه دعوته، ونشر رسوم تسخر من شخصه الكريم، وقد تكفل الله – سبحانه وتعالى – بالدفاع عن أنبيائه ورسله، فقال: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِيْنَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (الأنعام:10).
وقال – عز وجل – مخاطبًا نبيه عليه السلام: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ) (الحجر:95).
وإذ يستنكر علماء الأمة الإسلامية بشدة هذه الإساءات التي انطلقت من نفوس مشبعة بالكراهية للإسلام وأهله والتي تثير مشاعر المسلمين في العالم، وتعيق التواصل والتعاون والتعايش بين المجتمعات الإنسانية، فإنهم يذكّرون بأن الإسلام وضع للحوار مع الآخرين قيماً سامية تنبذ أساليب الامتهان والازدراء، وينبهون إلى أن عالمية الإسلام، وما فيه من خير ورحمة، إنما هو للناس كافة، وأن القرآن الكريم هداية للبشر: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِيْ هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء:9) وأن محمدًا ﷺ أرسله الله رحمة وهداية للناس أجمعين: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).
ويؤكد المشاركون أن مقاصد الإسلام مقاصد عالمية سامية، تسعى إلى تحرير البشر من عبادة غير الله إلى عبادة الله وحده، وتحقيق الرحمة والعدل والإحسان، والتسامح والأمن والسلام بين الناس .
ويطالب الملتقى المسلمين بالذود عن دين الله وعن كتابه الكريم، ونبيه ﷺ، بعلم وبصيرة وحكمة، ويدعوهم إلى بيان محاسن الإسلام لغير المسلمين والتعريف بمبادئه العظيمة، والاعتزاز بالقرآن الكريم في كل مناسبة، وفي كل مكان: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِيْنَ) (الأعراف:2).
كما يطالب رابطة العالم الإسلامي أن تتابع المنظمات الدولية وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان لإصدار قرار دولي يمنع المس برسالات الله خاتمتها رسالة الإسلام، ويمنع التطاول على رسل الله وخاتمهم محمد ﷺ، ويجرم كل من يسيء إلى الرسالات والرسل، حماية للمجتمعات البشرية من الصراع الذي يهدد الأمن والسلام في العالم، كما يطالب الملتقى للرابطة بتنسيق الجهود الإسلامية في هذا المجال، وإجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات الإسلامية وغير الإسلامية.
ويدعو الرابطة إلى تكوين فريق عمل متخصص من رجال القانون والمحاماة المسلمين لمتابعة ما يحدث من إساءة إلى الإسلام ونبيه لدى المحاكم والمنظمات الدولية المعنية بحماية الحقوق الإنسانية والدينية.
كما يدعو قادة الدول الغربية، إلى النظر في مقاصد الحق والخير والعدل والسلام التي يدعو إليها الإسلام، ويطالبهم بدعم الحوار بين شعوبهم والشعوب الإسلامية من خلال المؤسسات الثقافية والدينية والأكاديمية، كما يطالبهم بالنظر في خطورة دعوات الصراع بين الحضارات وآثارها السلبية على الحوار، وعلى العلاقات بين الأمم والشعوب المختلفة.
ويطالب الملتقى في هذا المجال بالتقيد بما أصدرته هيئة الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها بشأن منع إثارة الكراهية بين الناس، ويأمل أن يلمس المسلمون في أنحاء العالم استجابة قادة البلدان الغربية لهذا المطلب الذي تجمع عليه الشعوب والمنظمات الإسلامية .
ثالثـًا: وقناعة من المشاركين في الملتقى بما يمكن أن يقوم به المثقفون في مشارق الأرض ومغاربها فإنهم يذكرونهم بأن الوجدان الإنساني يستصرخهم ويدعوهم لتحمل مسؤوليتهم تجاه الإنسانية جمعاء؛ فها هو العالم يعيش أوضاعًا حرجة، نتيجة المشكلات الدولية المتراكمة، والتي تأتي في مقدمتها الحروب المفروضة على بعض الشعوب بلا مبرر مشروع، والإرهاب الذي أصبح من أبرز مشكلات العصر، والسلام العالمي الهش، الذي لم يتمكن من منع الحروب، التي نتج عنها آلاف القتلى والمعاقين والجرحى والمشردين من الأطفال والشيوخ والنساء مما يخلف المزيد من المآسي والعداوات بين البشر.
وإن واجب المثقفين والحكماء أينما كانوا أن يهبوا من أجل التخفيف عن البشرية المعذبة، وأن ينشروا ثقافة التسامح والسلام في ربوع العالم، ويقووا الحوار بين الثقافات والحضارات، من أجل التعاون بين الأمم والشعوب.
إن كلمة الحق والعدل التي ينطق بها المثقف المنصف نصرة للقضايا العادلة لها سلطان نافذ، وبمقدورها أن تؤثر في الرأي العام العالمي الذي يسهم في تحقيق خير الإنسانية وتقدمها.
رابعًا: إن الملتقى يعرب عن بالغ القلق للنزاعات بين بعض الجماعات والأحزاب المختلفة في بعض البلدان الإسلامية، وقد تابع ما يحدث في العراق من إراقة للدماء وقتل للأبرياء، واعتداء على المساجد والأماكن المقدسة، وإذ آلمه ما يحدث من قتل وإثارة للأحقاد بين فئات الشعب العراقي وطوائفه وأحزابه، فإنه يهيب بأهل العراق جميعًا أن يحرصوا على المصلحة العليا لبلادهم، وأن يجعلوا الحوار بديلاً عن أي نزاع تراق فيه الدماء، وأن يحذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يدركوا أن سفك الدماء المسلمة محرم تحريمًا قطعيًا في الإسلام، قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزْاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (النساء:93).
ويطالب الملتقى كلاً من منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية بمتابعة ما يحدث في العراق والعمل على معالجته بما يحقق للعراق وشعبه الوحدة والأمن والاستقرار.
خامسًا: إن الملتقى إذ تابع أوضاع الشعب الفلسطيني، وما توصل إليه من اختيار لممثليه ولحكومته، فإنه يدعو إلى مساعدته، والقبول بما نتج عن الانتخابات من خلال الممارسة الديمقراطية، ويطالب المنظمات الفلسطينية بالتعاون مع الحكومة والمجلس التشريعي الذي اختير من قبل شعب فلسطين، ويحثها على التمسك بالوحدة الوطنية والعمل المشترك لتحقيق مصالح أهل فلسطين، الذين يعانون الظلم والحصار والعدوان المستمر من قبل إسرائيل، ويهيب بسائر الفصائل الفلسطينية أن تبتعد عن الخلافات، التي لا يستفيد منها إلا أعداء فلسطين.
ويطالب الملتقى الدول الإسلامية بتقديم العون والمساعدة للشعب الفلسطيني ودعم وحدته، ويدعوها إلى الاستمرار في تقديم المساعدات المالية التي يحتاج إليها لبناء المؤسسات وإيجاد بنى التنمية، التي تعين على تحقيق الحياة الكريمة له، ويدعو المجتمع الدولي ومنظماته إلى دعم حرية الشعب الفلسطيني، وتأييد ما توصل إليه بالوسائل الديمقراطية التي تعارفت عليها الأمم والشعوب في هذا العصر، ويطالب بعدم الاستجابة لسعي إسرائيل إلى قطع المعونات الدولية عن شعب فلسطين وعدم التعاون مع حكومته.
وفيما يتعلق بمدينة القدس والمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في فلسطين، فإن الملتقى يناشد الدول الإسلامية بالعمل على تنفيذ القرارات التي أصدرها قادة الأمة في مؤتمرات القمة الإسلامية، ولاسيما مؤتمر القمة الإسلامية الثالث، الذي عقد في مكة المكرمة. وقرر أن مدينة القدس مدينة إسلامية والعمل على إعادتها إلى الحوزة الإسلامية عاصمة لدولة فلسطين.
سادسًا: وإذ تابع الملتقى النزاع المسلح القائم بين عدد من الفصائل والأحزاب في الصومال، فإنه يعرب عن ألم المسلمين من الصراع الدامي الذي راح ضحيته كثيرًا من أهل هذا البلد المسلم، ويطالب قادة الفصائل الصومالية المتنازعة بالكف عن النزاع، وإيقاف الحرب، والعودة إلى الحوار لحل المشكلات وتحقيق الوحدة الوطنية لشعب الصومال، كما يطالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالعمل على تسوية النزاع بين الفصائل الصومالية، ومساعدة شعب الصومال على تحقيق الوئام والأمن والسلام، ويدعو الدول والمؤسسات الحكومية والشعبية لمدّ يد العون للصوماليين في مجالات الإغاثة وتأمين الاحتياجات الضرورية.
ويطالب الملتقى حكومات الدول الإسلامية بالإسهام في معالجة قضية دارفور في السودان عن طريق الحوار، ويدعوها إلى التعاون في ذلك مع جامعة الدول العربية، ويعلن أن دارفور جزء من السودان، وهو أحد بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي، وهذا يوجب على البلدان الإسلامية الوقوف إلى جانبه ومساندته، ومشاركته في حل مشكلة دارفور حلاً إسلاميًا يكون بديلاً عن الحلول والتدخلات الأجنبية.
وإذ يثني الملتقى على متابعة رابطة العالم الإسلامي لمشكلة دارفور، وعلى الجهود التي بذلها وفدها خلال زيارته للإقليم من أجل حل المشكلة حلاً إسلاميًا، فإنه يدعو إلى تكوين وفد يمثل الملتقى لزيارة السودان وإقليم دارفور، للوقوف على حقيقة النزاع وبذل الجهود الممكنة في إطار تسوية إسلامية للمشكلة.
وفق الله الجميع للعمل المخلص لدينه، وأداء الأمانة بما يجب ويرضى.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
(صدر في مكة المكرمة الاثنين الخامس من ربيع الأول 1427هـ الموافق الثالث من أبريل 2006م)
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية – رجب 1427هـ = يوليو – أغسطس 2006م ، العـدد : 6-7 ، السنـة : 30.