بقلم: الأستاذ عبد الكريم الخطيب

         1- من الحقائق المسلمة التي تقع موقع البديهيات في العقول، هي أن الأديان تعاني في هذا العصر أزمات حادة وأنها تقف موقفًا حرجًا في الحياة بعد أن غلبت المادية على منازع التفكير الإنساني، وبعد أن أصبحت المحسوسات هي أساس التعامل في مجال الفكر، كما هي أساس الأخذ والعطاء في مناحي النشاط الإنساني العصري كله.

         إن إنسان العصر الحديث، لا يقبل التعامل مع الغيبيات، ولا يدخل إلى عقله شيئا لا تلمسه حواسه، وتختبره، وتطمئن إليه تماما كما لا يدخل إلى جيبه شيئا من المال إلا إذا نظر فيه بعينيه، وتحرى سلامته، واطمأن إلى خلوه من الزيف.

         فلا عجب – والأمر كذلك – أن تقف مقررات الأديان التي تتحدث عما وراء المحسوس، من إيمان بالله واليوم الآخر، والبعث، والحساب، والجزاء والجنة والنار – لاعجب أن تقف هذه المقررات موقفًا قلقًا مضطربًا، في مجال العقل المادي، الذي يطلب لكل مقولة من تلك المقولات الدينية شاهدًا شاخصًا بين يديه، يمسك به، حتى يأذن المرء لعقله بالتعامل مع هذه المقولات وإلا أعرض عنها، وصك أذنيه دونها..

         إن الدين الغالب اليوم، وخاصة في العالم الغربي، هو دين المادة، التي تغل ثمرًا حاضرًا معجلًا.. ومن أجل هذا فقد زهد الناس في الأديان التي لا تعامل الإنسان على هذا الأساس، ولا تضع في يديه نقدا معجلا لكل حركة من حركات عقله، أو جسده!!

         2- والذي نريد أن نقوله هنا، هو أنه ينبغي على الذين ينتصرون للدين والذين لا يزالون في جماعة المتدينين أن يعرفوا هذه الحقيقة جيدا. وأن يواجهوا هذا الواقع، مواجهة صريحة..

         وإن أول ما ينبغي أن يفعله أصحاب الدين في صراعهم مع الماديين والملحدين. أن ينظروا في دينهم. وأن يكشفوا عن معطياته للحياة الدنيا، إلى جانب معطياته للحياة الآخرة – فإن كان في الدين الذي يدينون به شيء ينفع الناس في ديناهم، ويسد حاجات الجانب المادي منهم – كان لهم أن يقفوا من الماديين والملحدين موقف المنكرين عليهم عداوتهم للدين، ومجانبتهم له، إذ كان الدين ملبيًا حاجتهم المادية، حفيظا عليهم أن يغرقوا في تيارها المتدافع، أو أن يحترقوا في نارها المتضرمة.. أما إذا لم يكن في الدين ما  يستجيب – في غير حرج أو ضيق – لحاجة الإنسان المادية، فليمض أصحاب هذا الدين بدينهم، ليعيشوا فيه وحدهم، وليتركوا الحياة تمضي في مسيرتها بالناس إلى حيث يشاؤون!!

         3- وبعيدا عن الأديان، والمذاهب، والمعتقدات، ننظر إلى الإنسان من حيث طبيعته وفطرته، نجد أنه كائن جمع كيانه النور والظلام، والهدى والضلال، والخير والشر، والروح والجسد، والإنسان والحيوان، حيث التقت فيه نفخة الحق بتراب الأرض.. فهو سماوي أرضي، يعلو، ويصفو حتى يطاول السماء، ويصاف الملائكة، ويتدلى حتى يكون في قطيع البهائم، أو مسارب الديدان.. وهو في علوه وتدليه، هو هذا الكائن الذي التقى فيه النقيضان، فإذا علا إلى أقصى غاياته من العلو، فإنه لا يزال مشدودا إلى الأرض، أشبه بالطائر المحلق في السماء، وعينه ناظرة دائما إلى الأرض. وإذا تدلى الإنسان إلى أسفل سافلين، فإن فيه بقية من أشواق إلى العالم العلوي الذي تكمن أسراره في أعماقه.. فأحسن الناس حالا، وأعلاهم منزلة من سمت روحه على جسده، فكانت إليها قيادة الإنسان، روحًا وجسدًا فأخذت الروح حقها، ولم تحرم الجسد حظه.. وأسوأ الناس حالا، وأضلهم سبيلا من كان جسده غالبا على روحه، مستوليا عليها، حيث تنقلب حقيقته، وتنتكس خلقته، ويصبح قياده إلى الحيوان الكامن فيه..

         هذه حقيقة مسلمة من مسلمات العلم لا يمكن أن يماري فيها حتى أشد الماديين إغراقا في المادية، وإيمانا مطلقا بها.. وإن أيا من هؤلاء الماديين، مهما تكن المادة قد غطت على الجانب الإنساني منه، وما في هذا الجانب من مشاعر العطف، والرحمة، والمودة، والإخاء الإنساني – فإنه لا يعدم أبدا حالا من الأحوال، تهتز فيها مشاعره، ويخفق لها قلبه، ويتوهج منها ضميره، وإذا هو خارج من عالمه المادي، فيبكي كما يبكي الناس، ويحب كما يحب الناس، ويعطف ويرق كما يعطف الناس ويرقون.. إن ذلك هو بعض الدين الذي ينكره الماديون، ويفرون منه وهو ساكن في أعماقهم!!

         4- ولكن أي دين هذا الذي يقيم الإنسان هذا المقام الكريم المكين في هذه الحياة الدنيا، وفي الآخرة؟

         لاشك أن الأديان السماوية، المنزلة من عند الله إلى عباد الله، هي وحدها الكفيلة بشريعتها، وأحكامها وآدابها – أن تضمن للإنسان حياة طيبة في الدنيا، وخلودا في جنات النعيم في الآخرة.. ذلك أن الذي شرع هذا الدين، هو أحكم الحاكمين رب العالمين، قدره بعلمه، وأحكمه بحكمته، مقدورا بقدر الإنسان، وما أودعه الخالق جل وعلا، من غرائز وملكات فمن أخذ بدين الله، أخذ بكل خير، ومن استمسك به استمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وهُدي إلى الحق، وإلى صراط مستقيم.. ومن عدل عن دين الله، واتبع هواه، غوى وضل، وكان من الهالكين.

         5- والديانات السماوية التي يعيش فيها المتدينون الآن، هي اليهودية، والمسيحية، والإسلام.. ولو جرت الأمور على طبيعتها لكان أهل هذه الديانات الثلاث على دين واحد، هو دين الله، الذي جاء به رسل الله، والذي أخذ الله به الميثاق على أنبيائه، أن يصدق بعضهم بعضا، وأن ينصر بعضهم بعضا، وفي هذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَإِذۡ ‌أَخَذَ ‌ٱللَّهُ ‌مِيثَٰقَ ‌ٱلنَّبِيِّـۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ٨١﴾ (آل عمران:81).. ويقول تبارك اسمه لنبيه الكريم: ﴿‌قُلۡ ‌ءَامَنَّا ‌بِٱللَّهِ ‌وَمَآ ‌أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ٨٤﴾ (آل عمران:84) ويقول سبحانه لأتباع محمد – صلوات الله وسلامه عليه –: ﴿قُولُوٓاْ ‌ءَامَنَّا ‌بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِـۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ١٣٦﴾ (البقرة:136).

         هذا هو موقف المسلمين من رسالات السماء، ويؤمنون بها جميعها، ويصدقون برسل الله الذين جاؤوا بها، إذ كانت دعوتهم قائمة على أصول عامة من الإيمان بالله، واليوم الآخر، والحساب، والجزاء، والجنة والنار، تلك الأصول التي هي الدعامات الأولى لدعوة كل نبي – أما الفروع الخاصة بتنظيم أوضاع المجتمع، فقد كان من الطبيعي أن تختلف صورها وأشكالها حسب اختلاف الزمان والمكان، والحال التي عليها كل مجتمع، وذلك مراعاة لسنة التطور في الحياة، وانتقال الإنسان من طور إلى طور، كانتقاله من البداوة إلى سكنى المدن، وما ينشأ في المدن من حضارة وعمران، وما يجد في الحياة من وجوه مختلفة في الزراعة، والصناعة، والتجارة، وما يقتضيه ذلك من تشريعات وأحكام، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿لِكُلّٖ ‌جَعَلۡنَا ‌مِنكُمۡ ‌شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ﴾ (المائدة:48).

         ولو أن أهل اليهودية والنصرانية استقاموا على دين الله، لكان الإسلام وجهتهم، ولكانوا أول الداخلين فيه، المؤيدين له؛ لأنه دين الله المصدق لما معهم من كتاب الله؛ ولكنهم أبوا إلا عنادا وضلالا، لا يرون الدين الحق إلا دينهم وأنهم قد اختصوا به دون الناس جميعًا..

         أما اليهود، فقد زين لهم الغرور أن الله تعالى خلقهم خلقًا متميزًا عن أبناء آدم جميعًا، وأنهم الشعب المختار عند الله، وإليهم وحدهم تنزل كتب الله، وفيهم وحدهم تبعث رسله، وأن الناس جميعا إنما خلقوا ليسخروا لهم كما تسخر الحيوانات للناس.. ولهذا فإنهم قد احتفظوا بالدين الذي أنزله الله عليهم – احتفظوا به في محيطهم، دون أن تكون لهم دعوة في الناس به، لأنهم يرون الناس – دون بني إسرائيل – غير أهل للاتصال بالله، وتلقي رسالاته، تماما كما نرى نحن ذلك الرأي في عالم الحيوان..!!

         ثم إنهم لكي يرضوا هذا الغرور الذي استبد بهم، عبثوا بالتوراة، وغيروا كثيرا من نصوصها، وحرفوا الكلم فيها عن مواضعه، حتى يتطابق منطوق التوراة ومفهومها مع مدعياتهم الباطلة التي يدعونها من أنهم شعب الله المختار، حتى لقد أصبح هذا الادعاء دينا ومعتقدا، يدينون به ويعتقدونه.

         فالتوراة التي في أيدي اليهود، والتي في أيدي المسيحيين أيضا، لأنها كتاب الشريعة للنصارى، كما أنها كتاب الشريعة لليهود، إذ إن المسيح عليه السلام، لم يأت بشريعة، وإنما كانت شريعته، وشريعة أتباعه هي شريعة موسى، ولهذا يقول في الأناجيل التي في أيدي المسيحيين: «ما جئت لأنقض الناموس – أي شريعة موسى – وإنما جئت لأكمل».. فليس في الإنجيل الذي بشربه المسيح أحكام تشريعية، وإنما كل ما فيه آداب وأخلاقيات هي تطبيق عملي لشريعة موسى، وتفسير مشرق لمضمونها – نقول: إن التوراة التي في أيدي اليهود والمسيحيين ليست على الصورة الكريمة التي جاء بها موسى من عند الله، إذ قد اختلطت بأهواء اليهود ومفترياتهم، التي طمست معالم الحق والخير فيها..

         وإذا كان الناس في عماية الجهل، وتحت نشوة الحماس الديني – قد قبلوا ما في التوراة من متناقضات لا يقبلها عقل، وسوغ لهم رجال الدين – بصورة أو بأخرى – أن يقرؤوا في التوراة أن أنبياء الله يزنون ببناتهم، ويخونون أبناءهم في زوجاتهم، كما تقول التوراة المحرفة إن لوطا قد شرب الخمر حتى سكر ثم زنا بابنتيه وحملتا منه، وأن يعقوب زنا مع زوجة أحد أبنائه – ثم لا ينكرون نسبة هذا الفسق إلى أنبياء الله وحملة رسالاته إلى الناس – نقول: إذا كان الناس قد دخل عليهم هذا الزور وهم في عماية من الجهل، فإن العقول اليوم في عصر العلم والتنوير لتصاب بصدمة مذهلة حين تقرأ في كتاب سماوي مقدس مثل هذا الاستخفاف بالقيم الأخلاقية تكون من عامة الناس فضلا عن أنبياء الله، وحَمَلَة مشاعل الهداية للناس.

         وليس هذا كل ما في التوراة من مفتريات على الله، ينكرها العقلاء من الناس؛ بل إن في التوراة ما لا يحصى من أمثال هذه المقولات بحيث لا يكاد يخلو سفر من أسفارها من عشرات المتناقضات، التي تخف بها موازين الحق، والعدل والإحسان، حيث تستباح الدماء، والأموال، والأعراض، وحيث تضيع معاني المثل الفاضلة: والأخلاق الكريمة، إذا كان ذلك لحساب بني إسرائيل، الذين يرون الناس حمى مستباحا لهم، دون تحرج أو تأثم: ﴿ذَٰلِكَ ‌بِأَنَّهُمۡ ‌قَالُواْ لَيۡسَ عَلَيۡنَا فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ سَبِيلٞ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ٧٥﴾ (آل عمران:75).. والأميون هم الناس جميعا غير اليهود، أهل الكتاب، لأن الناس عند اليهود، إما يهود، أو أميون.. أما المسيحيون، وهم أصحاب التوراة والإنجيل، فإن فيما معهم من التوراة من متناقضات هو ما مع اليهود، فضلا عن الإنجيل وما فيه من حلول الله في رحم مريم، وولادته منها في صورة المسيح.. ثم صلب هذا الإله في شخص المسيح، ودفنه، ثم قيامته من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من دفنه، وظهوره لبعض حوارييه وأتباعه ثم اختفاؤه بعد هذا..!!

         كل هذه المعتقدات التي يعتقدها المسيحيون في المسيح – عليه السلام – قد أنكرها العقل في هذا العصر، بعد أن استنار بنور العلوم والمعارف.. وكان من هذا أن انتشرت في أوربا وأمريكا – حيث يدين الناس بالمسيحية انتشرت مذاهب الإلحاد، وخفت موازين الدين في هذه المواطن، وقام هذا الصراع الحاد بين مقولات العلماء ومقررات الدين، واستمر هذا الصراع سنين طويلة، انتهى بفصل العلم عن الدين، بمعنى أن تكون مقولات العلم لحساب العلم، ليس للدين شيء منها، وأن تكون مقررات الدين لحساب الدين ليس للعلم شأن بها..

         6- وفصل الدين عن العلم. هو في الواقع هروب بالدين عن منطقة النور، التي تتجلى فيها حقائقه، وتتكشف فيها جواهر تلك الحقائق.. ثم إن هذا الفصل للدين عن العلم في كيان الإنسان أمر غير ممكن، إذ الإنسان كل لا يتجزأ في مداركه، ومشاعره، ونوازعه، وعواطفه.. وكل حقائق العلم التي تبلغها مدركات إنسان ما لايمكن أن تعيش بمعزل عن أية حقيقة ترد عليه من حقائق الدين، أو الفن، وغيرها.. فالعلم إما أن يقبل حقائق الدين، وبهذا تدخل تلك الحقائق في دائرة العلم، وإما أن يرفض حقائق الدين. وبذلك يخرجها من محيط العلم.. وهذا ما حدث فعلا في العالم المسيحي، في أوربا وأمريكا، بعد أن رفض العلم ما تحدثت به الديانة المسيحية من مقولات عن ميلاد الله ميلادا بشريا في المسيح، وعن صلب الله في المسيح ليكفر خطايا البشر التي ورثوها عن خطيئة أبيهم آدم. ثم عن قيامة المسيح أو الإله بعد دفنه بثلاثة أيام.. إلى غير ذلك من المقولات التي رفضها العقل الحديث، وأبى أن يدخلها في محيط العلم الذي يطمئن إلى معايشته والحياة معه.

         إن أوربا وأمريكا تعيشان اليوم بغير دين.. وهذا أمر غير طبيعي، لا يمكن أن يعيش الناس فيه طويلا، لأن الدين والتدين غريزة فطرية في الإنسان فإذا لم يجد الإنسان الدين الصحيح الذي يقبله العقل ويطمئن إليه القلب، استبد به القلق، واستولت عليه الحيرة.. ومن هنا كان هذا الذي نشهده في أوربا وأمريكا من إغراق في المادية والإلحاد، ومن تهالك في الجري اللاهث وراء حاجات الجسد وإشباع غرائزه، وليس ذلك إلا تعويضا للجوع الروحي الذي يعانيه القوم هناك، ولا يجدون سبيلا إلى سد حاجتهم من هذا الجوع إلا بالذهول عنه، وإلقاء أنفسهم في هذا التيه الصاخب بموائد القمار والخمر، وحانات الموسيقى والرقص والعربدة.

         وإنه لمن الخطأ أن نحسب أن هذا العقل العصري الذي بعد عن الدين هذا البعد البعيد قد اطمأن إلى تلك الحياة التي يحياها بلا دين.. فالإنسان – كما أشرنا من قبل – متدين بطبعه، والدين مطلب قوي من مطالب الإنسان، على أي مستوى يكون عليه من مستويات الإنسانية، وأيا كان عقله، وأيا كان مبلغه من العلم..

         فالإنسان البدائي، وسقراط، وأفلاطون، وأرسطو، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد – هم جميعا سواء في الحاجة إلى الدين، وإلى تصور المعتقد الديني الذي يدينون به، والذي يغذي عاطفتهم، ويروي الجدب الروحي الذي يجده الإنسان – أي إنسان – إذا هو بات ليلة أو بعض ليلة على غير دين..!!

         وإن هؤلاء الملحدين الذين تعج بهم دنيا الناس في الغرب وفي الشرق، هم أكثر الناس ظمأ إلى الدين، وتطلعًا إليه، ووسواسًا به، وطلبًا له، وبحثًا عنه، فإذا وجد أحدهم الدين الصحيح الذي يطمئن إليه قلبه، ويستريح إليه ضميره، أقبل عليه إقبال الظمآن على الماء، وفرح به فرح الغريق بالنجاة.. أما من لم يصادفه التوفيق إلى الدين الصحيح فسيظل في هذا الاضطراب المحموم إلى أن يموت..!!

         7- وهنا يجد الإسلام فرصته في إنقاذ المجتمع الإنساني الملحد من هذا الضياع، حيث هو الدين الذي يحترم العقل، ويعطيه حقه كاملا من البحث والنظر، ومن تقليب الحقائق الدينية على جميع وجوهها، وهو الدين الذي يؤاخي العلم، ويزكي جهاد العلماء، وما يكشفون من حقائق الوجود وأسرار الكون.. وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿يَرۡفَعِ ‌ٱللَّهُ ‌ٱلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ﴾ (المجادلة:11) ويقول سبحانه: ﴿وَتِلۡكَ ‌ٱلۡأَمۡثَٰلُ ‌نَضۡرِبُهَا ‌لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ٤٣﴾ (العنكبوت:43) ويقول جل شأنه: ﴿قُلۡ ‌هَلۡ ‌يَسۡتَوِي ‌ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ٩﴾ (الزمر:9) ويقول تبارك اسمه: ﴿وَتِلۡكَ ‌حُدُودُ ‌ٱللَّهِ ‌يُبَيِّنُهَا لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ﴾ (البقرة:230).

         هذا، وقد ورد ذكر العلم، ومشتقاته في نحو تسع مئة موضع من القرآن الكريم، الأمر الذي لم يكن لغيره من الحقائق التي ورد لها ذكر في كتاب الله.. ويكفي تنويها بالعلم، ورفعا لقدره وقدر أهله أن كان صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، فهو جل شأنه: عالم، وعليم، وعلام.

         والقرآن الكريم هو جامعة العلم، ومورد العلماء، وإنه بحسب المرء من العلم أن يقبس قبسة من أضوائه، فتكون له زادا عتيدا لكل علم، ومنهلا طيبا إلى كل معرفة.. ولهذا كثر الداخلون في الإسلام من علماء أوربا وأمريكا ممن أتيح لهم الاتصال بالشريعة الإسلامية، وبكتابها الكريم، من غير دعوة لهم من أحد.. ففي كل يوم يدخل في الإسلام أعلام من علماء الغرب وحكمائه، لما ظهر لهم من الحق المنزل من عند الله.. ولو جرت الأمور على ظاهرها لما امتد بصر أحد من هؤلاء الداخلين في الإسلام إلى الإسلام، لما صارت إليه حال المسلمين من التخلف، والفقر والجهل، الأمر الذي يشوش على الدين نفسه، ويسيء الظن به، إذ كان المسلمون – وتلك حالهم – هم الوجه الذي ينظر الناظرون فيه إلى الإسلام من خلاله.. ولكنه الحق أكبر من أن تحجب أنواره سحب عارضة، أو أن تطفئ سراجه أنفاس محمومة!!

         8- إن هذا العصر، عصر العلم والشك، عصر الامتحان لكل شيء، عصر غربلة الأديان والمعتقدات، وعرضها على محك العقل – هو عصر الإسلام، وهو اللسان المجدد لدعوته، حيث يجلي حقائق هذا الدين، ويكشف عن الخير الكثير المخبوء للناس فيه..

         ولا يريد الإسلام من الناس أن يتلقوا دعوته قضية مسلمة، دون بحث واختبار وتحقيق، فإن ذلك مما تأباه طبيعة هذا الدين، الذي أراده الله تعالى ليكون خاتمة الرسالات السماوية، وليكون من كتابه الكريم رسولا يلتقي مع العقل الإنساني على امتداد الزمان والمكان، حيث يجد فيه العقل في أعلى مستوياته الحجة القاطعة، والبرهان المبين على كل مقولة يقولها، وعلى كل قضية يقضي فيها..

         فالذي يريده الإسلام، ونريده له، هو أن يضع العلماء، والفلاسفة والمفكرون – في الغرب والشرق – قضايا الإسلام كلها، موضع الشك أو الإنكار – إن شاؤوا – ثم ليعاملوها معاملة القضايا العلمية التي ينكرونها، أو يتشككون فيها، وليسلطوا عليها نظراتهم باحثة فاحصة، ثم ليقلبوها في أيديهم على جميع الوجوه الممكنة لهم، وليمتحنوها بكل ما فتح به العلم عليهم من أساليب الامتحان، ثم ليحكموا بعد هذا على الإسلام بما يظهر لهم منه على محك الفحص والاختبار.. وأن الإسلام ليتقبل هذا الحكم في اطمئنان ورضى، لأنه لن يكون إلاشهادة بينة الحجة، ساطعة البرهان، على أن هذا الدين، هو دين الله، دين الحق الذي أراده الله تعالى لخير الإنسانية وإسعادها.

         إن العلم الحديث – كما قلنا – هو فرصة الإسلام التي تتجلى فيها معجزاته من جميع جوانبها، العلمية، والسياسية، والاجتماعية والاقتصادية حيث يشهد العقل الحديث من النظر في حقائق الإسلام أنه أمام معجزات قاهرة، ينقاد لها العقل، انقياده لما ينكشف له من أسرار الكون ومعجزاته على ضوء العلم، ومكتشفات العلماء.

         وهذا هو كتاب الإسلام، وتلك هي حجته القائمة، ودستوره المسطور في القرآن الكريم.. إنه يقدم نفسه لكل من يريد النظر فيه، والتعرف إليه، غير مستند إلى تأويل المؤولين، أو تفسير المفسرين، فلسانه أفصح من كل لسان، وبيانه أوضح من كل بيان..

         فالذين يعرفون العربية، يعرفون طريقهم إليه في غير عناء، ويضعون أيديهم على حقائقه في يسر، وفي غير معاناة.. والذين لا يعرفون العربية، يمكن أن تترجم لهم حقائقه إلى اللغات التي يحسنونها، كما تترجم الحقائق العلمية، والقضايا الاجتماعية، والأحكام القانونية.. ثم لا عليهم إن فاتهم إعجاز الكلمة، ومعجزة البيان في اللسان العربي الذي نزل به القرآن الكريم، فإن في الحقائق التي تصل إليهم عن طريق الترجمة ما يكفي للكشف عن وجوه أخرى من الإعجاز القرآني، ممثلة في محكم أحكامه وروعة حقائقه، وخلود مقرراته، وضبطها على أحكم ميزان وأعدله.

         والإسلام – في يسره، وسماحته، ومواءمته للفطرة الإنسانية – قريب من كل نفس، متجاوب مع كل عقل، واقع في فهم كل ذي فهم.. تلتقي عنده عقول المتعلمين والعلماء، وتجتمع عليه أنظار العامة والفلاسفة، بحيث يجد فيه كل ذي عقل ما يرضيه ويغنيه، ويأخذ منه كل ذي نظر ما يرشده ويهديه.. هكذا دائما تكون آيات الله المبثوثة في هذا الوجود، مما يمسك على الناس حياتهم، ويحفظ وجودهم، لا تقصر عنها يد، ولا يستأثر بها إنسان دون إنسان أو تختص بها جماعة دون جماعة، أو أمة دون أمة.. إنها من الله، ولعباد الله، كما نرى ذلك في الماء، والهواء، والشمس والقمر، والنجوم.. فإن كان لأحد، أو لجماعة، أو لأمة، نصيب أوفر، أو حظ أعظم، من هذه النعم العامة، فهو مما زاد عن الحاجة التي لا تتطلبها ضرورات الحياة، وإن كان فيها متعة فوق متعة، ورضى فوق رضى: فصاحب النظر الكليل أو القلب السقيم.

         ومثل هذا تماما موقف الناس جميعًا بين يدي القرآن الكريم.. كلهم بين يديه مائدة طيبة، طعامها هنيء لكل عقل، وشرابها مريء سائغ لكل ذي قلب.. ثم هم مع ذلك على حظوظهم من تلك المائدة، بقدر ما تتسع العقول وتنشرح الصدور..

         وتلك هي معجزة القرآن القائمة على الناس أبد الدهر، وتلك حجة الله على من أخلى عقله وقلبه من الدين، أو دان بغير دين الحق، دين الله الذي ارتضاه لعباده، كما يقول سبحانه: ﴿وَمَن ‌يَبۡتَغِ ‌غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ (آل عمران:85).

         9- والأمر الذي ينبغي أن ننتبه إليه في هذا المقام، هو أن رجال الدين المسيحي يدركون تماما هذه الحقيقة من أمر الإسلام، ويعلمون أن الذين يتركون المسيحية لا يجدون دينا غير الإسلام يدينون به، متى أتيحت لهم فرصة للتعرف عليه.. ولهذا اشتدت حملات المسيحية على الإسلام، بالطعن فيه، ومحاولة تشويه حقائقه، حتى ينصرف الذين خرجوا من المسيحية عن الاتجاه إلى الإسلام، الذي إن اتجهوا إليه لم يولوا وجوههم عنه أبدًا.. ومن هنا تحولت حركات التبشير بالدين المسيحي إلى حملات حرب مسعورة على الإسلام، فيما يكتبه المستشرقون من رجال الدين المسيحي، يظاهرهم في ذلك المستشرقون من اليهود، لا لشيء إلا لإزالة أي معلم من معالم الحق تفيء إليها الإنسانية، وتستعصم بها.. ولا يسع المسلم في هذا المقام، وهو يتلو كتاب الله، إلا أن يذكر قول الله تعالى في سورة التوبة: ﴿‌يُرِيدُونَ ‌أَن ‌يُطۡفِـُٔواْ ‌نُورَ ‌ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ٣٢﴾ (الآية:32) ثم يذكر بعدها قوله تعالى: ﴿هُوَ ‌ٱلَّذِيٓ ‌أَرۡسَلَ ‌رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ٣٣﴾ (الآية:33).

         ففي هاتين الآيتين الكريمتين نبأ من أنباء الغيب، قد أخذت دلائله تظهر في هذا العصر، وتحدث بأن تلك الأفواه التي تقذف بحمم الضلال، وترمي بها في حمى الإسلام، لن تنال من دين الله شيئا، لأن الله سبحانه وتعالى يأبى إلا أن يتم نور هذا الدين، على كره ومضاضة من الكافرين، وإن تمام هذا النور إنما يكون بتمام دورته في فلك الكوكب الأرضي، فيطلع نهاره على الغرب، كما طلع نهاره على الشرق، فيمحو بنوره ما ران على القلوب من ضلال، وما استولى على العقول من زيغ وبهتان، فلا يبقى على وجه الأرض دين غير دين الله، وبذلك تبلغ رسالة رسول الله كل دان وقاص، وتنال الرحمة التي حملها بين يديه كل قريب وبعيد، حتى تشمل العالمين جميعًا، كما يقول سبحانه: ﴿وَمَآ ‌أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ (الأنبياء:107).

         وقد جاءت هذه البشارة بظهور الإسلام على الأديان كلها – جاءت في سورة الصف، وهي من القرآن المدني أيضا مؤكدة لما جاء في سورة التوبة وهي من أواخر ما نزل من القرآن المدني أيضا مؤكدة لما جاء في سورة التوبة وهي من أواخر ما نزل من القرآن، وذلك في قوله تعالى: ﴿‌وَمَنۡ ‌أَظۡلَمُ ‌مِمَّنِ ‌ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ ٧ يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٨ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ٩﴾ (الآيات: 7-9).

         ونحب هنا أن نشير إلى حديث رسول الله  ﷺ ، وقد رواه البخاري عن أبي هريرة، قال، قال رسول الله  ﷺ : « والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها». ومعنى هذا أن دولة الصليب ستنتهي، وأن ما يؤمن به أتباع المسيح من صلب المسيح سينكشف الغطاء عن بهتانه، وقد بدأ أتباع المسيح أنفسهم يكسرون الصليب بأيديهم، ويخرجون من المسيحية قبل أن يظهر المسيح، وليس وراء هذا الإلحاد الذي شاع في أوربا وأمريكا المسيحيتين إلا الإيمان الحق بالله، والدخول في الإسلام دين الله، ﴿لِيُظۡهِرَهُۥ ‌عَلَى ‌ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ٣٣﴾.

         10- هذا، وقد استظهر بعض المشتغلين بالدراسات الإسلامية من علماء الإسلام(1) – استظهر من مسيرة الإسلام في فلك النبوة، والذي كانت دورته فيها ثلاثا وعشرين سنة، في مكة، والمدينة – أن للإسلام دورة في فلك خارج فلك النبوة، أشبه بهذه الدورة التي دارها في فلك النبوة، وأن مدة هذه الدورة ثلاثة وعشرون قرنا، أي أن كل سنة من عصر النبوة تمثل قرنا كاملا من تلك الدورة الواقعة بعد عصر النبوة.

         كما استظهر أيضا، أن الثلاثة عشر عاما الأولى من بعثة الرسول – صلوات الله وسلامه عليه – والتي عاشتها الدعوة الإسلامية في دائرتها الضيقة في مكة، تواجه الكيد لها، والمكر بها، والتضييق على أتباعها – هذه المدة تمثل الثلاثة عشر قرنا التي انسلخت بعد عصر النبوة من حياة الإسلام وأن الإسلام بعد هذه القرون الثلاثة عشر سينطلق من دائرته الضيقة، كما انطلق بعد الثلاثة عشر عاما التي عاشها في المدينة، والتي انتقل بعدها بالهجرة إلى المدينة، فكان النصر، وكان الفتح، وكان دخول الناس في دين الله أفواجا، وكما دانت الجزيرة العربية كلها خلال عشر السنوات التي بعد الهجرة، ستدين الإنسانية كلها بالإسلام، خلال عشرة القرون التالية للثلاثة عشر قرنا التي انسلخت من مسيرة الإسلام. حيث يتحقق قوله تعالى: ﴿هُوَ ‌ٱلَّذِيٓ ‌أَرۡسَلَ ‌رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ٣٣﴾ – كما تحقق قوله تعالى خلال عشر السنوات الأخيرة من مبعث النبي – صلوات الله وسلامه عليه – إذ يقول سبحانه: ﴿‌إِذَا ‌جَآءَ ‌نَصۡرُ ‌ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا٣﴾.

————

(1)    هو المرحوم الأستاذ محمد فريد وجدي، في كتابه: «الإسلام في عصر العلم».

مجلة الداعي، المحرم-صفر 1444هـ = أغسطس-سبتمبر2022م، العدد: 1-2، السنة: 47

Related Posts