دراسات إسلامية
بقلم: الشيخ/ صالح أبو عرَّاد الشهري
إن الإسلام دين الفطرة التي قال فيها الحق سبحانه: ﴿فِطْرَةَ اللهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ وتتمثل هذه الفطرة في طهارة المسلم ظاهرًا وباطنًا، فأما طهارة الباطن فهي متعلقة بالقلب وتعني تطهير النفس الإنسانية من الشرك بالله، و تتطلب إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، والقيام بالأعمال الصالحة والأفعال الخيرة.
وأما طهارة الظاهر فهي الفطرة العملية التي تشتمل على كل ما كان متعلقًا بجمال المظهر عند الإنسان المسلم و حسن سمته؛ لما في ذلك من ملاءمة للفطرة السوية التي خلق الله الإنسان عليها، والتزام بهدي النبوة المبارك. فعن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة) رواه أبو داوود. ولأن الإسلام هو دين الفطرة الذي عرف أسرارها، وكشف خباياها، وسبر أغوارها، فقد قدم لها ما يُصلحها وما يصلح لها من تعاليم وسنن وتوجيهات جاءت كالثوب المناسب لمختلف الأعضاء، والملائم لشتى الأبعاد، لذلك كله جاءت سنن الفطرة لتشكل رافدًا من روافد التربية الجمالية في حياة المسلم، ولتعرض نموذجًا مثاليًا لحياة المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، كما أنها تحقق معنى التوازن الذي تفتقده جميع الفلسفات البشرية التي عرفها الإنسان قديمًا وحاضرًا حيث إنها ترتكز مرة على الجانب الجسدي، وتارة على الجانب العقلي، وأخرى على الجانب النفسي وهكذا.
كل هذا يعني أن سنن الفطرة تضع الشخصية المسلمة في وضع متوازن عادل يمثل الوسطية المطلوبة فلا إفراط ولا تفريط. وليس هذا فحسب؛ بل إن هذه السنن في مجموعها تمنح الإنسان تكريمًا إلهيًا يأتي كأبدع ما يكون التكريم.
وهذا البحث يقدم من خلال سنن الفطرة نموذجًا للتربية الإسلامية يتحقق في كرامة الإنسان المسلم الذي أراد الله -جلّ وعلا- أن يكون خليفة في الأرض، ويتمثل في توازن شخصيته في جوانبها المختلفة، كما يتحقق فيه أيضًا هدف التربية الغائي في استقامة الإنسان واستقامة الحياة، وذلك أسمى ما تصبو إليه التربية، عند بنائها لشخصية الإنسان المسلم.
سنن الفطرة نموذج تربوي نبوي:
تحتاج كل تربية إلى نموذج واضح يجسد معالم هذه التربية ويوضح تعاليمها بصورة واقعية تنقل المجرد إلى محسوس، والقول إلى عمل، والنظرية إلى تطبيق. وفي التربية الإسلامية لا يوجد أعظم ولا أكمل ولا أفضل من شخصية محمد –صلى الله عليه وسلم- لتكون نموذجًا حيًا، وقدوة حسنة للإنسان المسلم في كل زمان ومكان. ولا ريب فهو من اصطفاه ربه -جلّ وعلا- وقال فيه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب:21]. وهو الذي بعثه الله لأمته معلمًا ومزكيًا ومربيًا. قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ﴾ [آل عمران:164]. وهوالذي مدحه ربه سبحانه بما منحه فقال له سبحانه في كلمات موجزات: ﴿وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم:4]. فكان كل خلق فاضل وسلوك سليم متمثل في حياة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وشخصيته المتكاملة التي استوعبت كل جوانب الحياة.
وبذلك جسَّد الرسول –صلى الله عليه وسلم- منهج التربية الإسلامية السامية في الواقع العملي لحياته متمثلًا في سنن الفطرة. من هنا كان للمحافظة على هذه السنن أثر تربوي عظيم يتمثل في أن التزام المسلم بها و تطبيقه لها في واقع حياته يدل على أمرين، هما:
* التصديق بما ورد في سيرة الرسول والتقليد والاتباع لهدي التربية النبوية في كافة الأعمال وجميع التصرفات. وهذا بدوره كفيل بتعود المجتمع المسلم بمن فيه من أفراد على السمع والطاعة والامتثال لأوامر الله والرسول –صلى الله عليه وسلم-، لا سيما وأن في الناس نزعة فطرية لتقليد ومحاكاة من يحبون، وليس هناك أحب عند المسلم من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
* اتخاذ القدوة الحسنة من المعلم الأول والمربي الأعظم –صلى الله عليه وسلم- كشخصية فذة متكاملة متوازنة، وتتضح هذه القدوة في اهتمامه بالجوانب المتعلقة بالجانب الجسمي والنظافة العامة حينما يتفقد المسلم أظافره فيقصها، وفمه فينظفه، وأسنانه فيسوكها، وشاربه فيقصه، وإبطيه فينتفهما… إلخ. وهذا بدوره ينفي الزعم الباطل القائل بأن الإسلام لا يهتم بالناحية الجسمية؛ بل ويؤكد قضية التوازن في اهتمام التربية الإسلامية ورعايتها لمختلف الجوانب الجسمية والروحية والعقلية، فلا يستغرب بعد ذلك أن يعرف المسلم لأول وهلة حين يرى سمته ووقاره، وهيئته الخارجية وشكله العام الذي يميزه عن غيره من الناس؛ لأن هذه السنن في مجموعها جعلت له شخصية مميزة، ومظهرًا خاصًا، ونموذجًا فريدًا يقتدي فيه بإمام الطاهرين وقدوة الناس أجمعين –صلى الله عليه وسلم-.
سنن الفطرة والتربية الجمالية:
تدعو التربية الإسلامية دائمًا، وتحث على الاهتمام بالمظهر الشخصي… والناحية الجمالية، ليكون المسلم جميلًا في مظهره، متناسقًا في هندامه، بعيدًا عن الدروشة والقذارة والإهمال. قال تعالى: ﴿يٰبَنِي اٰدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف:31]. فالله سبحانه كما جاء في الحديث: (جميل يحب الجمال) وليس هذا فحسب؛ بل إن في ذلك إشباع لحاسة الجمال في نفس المسلم، فيتولد في أعماقه إيمان شديد بعظمة الخالق سبحانه الذي أحسن كل شيء خلقه، والذي صورنا فأحسن صورنا، وخلقنا في أحسن تقويم.
ومن عناية الإسلام بالمظهر الحسن والهيئة الجميلة أمره للمسلم وحثه إياه للالتزام بسنن الفطرة التي تربي المسلم تربية جمالية تتمثل في:
* الطهارة الحسية الجسدية، وهي مما يحبه الله سبحانه، قال تعالى: ﴿واللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108]. ولما روي عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (تنظفوا؛ فإن الإسلام نظيف) رواه ابن حبان. ويتمثل ذلك في تطهير البدن بالوضوء والغسل فينعكس ذلك بدوره على المظهر الخارجي.
* الطهارة المعنوية التي تغرس في النفوس تطهير الضمير كعبادة وطاعة وامتثال لأوامر الله –سبحانه- ورسوله –صلى الله عليه وسلم-.
وهذه التربية الجمالية تؤدي بدورها إلى تطهير النية والعمل والسلوك، فنظافة المظهر مدعاة لنظافة الجوهر، ونظافة الشكل مدعاة لنظافة الضمير، ونظافة الفرد مدعاة لنظافة المجتمع، وبذلك يتحقق بعد تربوي إسلامي عظيم متمثل في طهارة المجتمع المسلم طهارة معنوية من الفواحش والمعاصي والذنوب و الآثام، فترتفع النفس المسلمة من رجس الفوضى وأوحال الوحشية إلى نظافة الأخلاق وتهذيب السلوك. ومن ثم يتم تطهير الحياة الاجتماعية عامة حتى تصبح التربية شاملة للنفس والعقل والجسم.
وليس هذا فحسب؛ بل إن في هذه السنن مدعاة لتأليف القلوب ومد جسور المحبة والمودة، و توطيد الصلة بين الإنسان المسلم وزوجه، فتكون حياتهما مبنية على الرحمة والمودة، وقائمة على السكن و الراحة والقبول، وليس أجمل من أن يكون – كلا الزوجين مناسبًا للآخر، وملائمًا له، مقبولًا عنده في شكله وهيئته؛ لأن ذلك مدعاة للائتلاف والرضى، وسبب مباشر لقناعة كل منهما بالآخر، وهذا بدوره سيؤدي إلى استمرارية سعادتهما الزوجية. ولقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- قدوة تحتذى في هذا الشأن. يقول ابن الجوزي: (كان النبي-صلى الله عليه وسلم- أنظف الناس وأطيب الناس). وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله، ومن طال ظفره قصرت يده. ثم إن المسلم بالتزام سنن الفطرة يقرب من قلوب الخلق، وتحبه النفوس لنظافته وطيبه. كما أن سنن الفطرة تنمي لدى الإنسان الإحساس بالجمال، وتنمي طاقاته وملكاته المستشعرة لمعنى الجمال في خلق الله سبحانه.
وأحسب أن قول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إن الله جميل يحب الجمال) إنما هو دعوة إلى التخلق والتحلي بالجمال الذي هو البهاء والحسن وجمال الصورة وجمال المعنى على حد سواء.
سنن الفطرة والتوازن في شخصية المسلم:
مما لا شك فيه أن الكيان البشري يشتمل على عدة وحدات هي: الجسم، والعقل، والروح. ولذلك فإن التربية الإسلامية حرصت على الربط بين هذه الوحدات لتجعل منها كيانًا واحدًا مترابطًا، واختطت لذلك منهجًا فريدًا في إحاطته بجميع الجوانب الإنسانية، فجاء هذا المنهج متوازنًا مهتمًا بالذات الإنسانية في كل حالاتها. ولا ريب فهي تربية للإنسان كله جسمه وعقله، روحه ووجدانه، خُلقه وسلوكه، سرائه وضرائه، شدته ورخائه، أي أنها تشمل كل الجوانب الشخصية دون قهر أو كبت أو فوضى أو تسيب أو إفراط أو تفريط.
ولذلك جاءت شخصية الإنسان المسلم متوازنة سوية متكاملة، لا يطغى فيها جانب أو يهمل على حساب الجانب الآخر. وهذا هو ما نلمسه في هذه السنة هي التي إلى جانب كونها من المظاهر الدنيوية فهي عبادة يثاب عليها المرء، وتكسبه الأجر والثواب متى قصد بها وجه الله سبحانه والاقتداء بهدي النبوة. وهذا بدوره يربط بين الهدفين الديني والدنيوي للتربية الإسلامية، وبذلك يتحقق التوازن في شخصية الإنسان المسلم حينما نرى أن التزامه بهذه السنة يجعل الجسم يحظى بحق من العناية والرعاية والاهتمام فيما يخص المظهر الخارجي والشكل العام اللائق المقبول. فيدل ذلك على أن الإنسان ينعم بعقل راجح وتفكير سديد، ومدارك واسعة وفهم عميق لحقائق الأشياء وجوهرها، الأمر الذي يدفعه من ثم إلى السمو الروحي والرفعة الإنسانية والتعالي عن سفاسف الأمور وصغائرها وحطامها المادي الحقير.
كما أن اتباع المسلم لما يسمى بسنن الفطرة يؤدي إلى ما يسمى بالقبول الاجتماعي للفرد حين يقترب منه الناس ويطمئنون إليه و يعاملونه بكل حب وتقدير واحترام لأنه يفرض ذلك عليهم بحسن مظهره وحسن تدبيره، لذلك كله نقول ونؤكد أن دين الإسلام هو الدين الوحيد القادر على ربط الإنسان بخالقه وإصلاح حاله في كل زمان ومكان حينما يمشي على الأرض بجسم، ويتوجه بروحه إلى السماء ليستمد منها أنوار الهداية والمعرفة فيحكم عقله فيها ويختار منها ما يناسب حاله، ويوافق قدراته، ويلبي حاجاته، فتسير حياته وفق منهج مستقيم وهدي قويم.
سنن الفطرة دليل تكريم الله للإنسان المسلم:
لما كان الدين الإسلامي هو المنهج الرباني المتكامل والمناسب للفطرة الإنسانية، لأنه جاء من عند الخالق -عزّ وجلّ- لصياغة شخصية الإنسان صياغة متوازنة متكاملة، لا ترفعه إلى مقام الألوهية، ولا تهبط به إلى درك الحيوانية أو البهيمية، وإنما لتجعل منه خير نموذج على الأرض؛ فقد خصه -جلّ وعلا- بتكريم يليق به لكونه جُعل في الأرض خليفة ليعمرها وينشر منهج الله بين ربوعها ويقيم شريعته فيها. ثم لأنه – جلّ وعلا – خلقه في أحسن تقويم فكرمه بالصورة الحسنة والمظهر الجميل، فكانت سنن الفطرة عاملًا مهمًا في إبراز هذا الجمال والمحافظة عليه. وليس هذا فحسب؛ بل إن الله كرم الإنسان بأن نفخ فيه من روحه، قال تعالى: ﴿إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلٰئِكَةِ إنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ فَإذَا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰجِدِينَ﴾ [سورة ص:71-72] .
فكان ذلك تكريمًا للكائن البشري وتمييزًا له عن سائر المخلوقات، إضافة إلى ما خصه الله به من نعمة العقل. فكان للجانب العقلي انعكاس على سلوكه وتصرفاته تجعله يحكم ذلك العقل كثيرًا، لا سيما وأن ذلك العقل يعد مناط التكريم الإلهي للإنسان.
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إن في هذه الخصال والسنن النبوية نمطًا تربويًا إسلاميًا يتناسب مع مسؤوليات هذه الخلافة ووظائف تعمير الكون، إلى جانب كونها تحقق مبدأ التكريم الإلهي للإنسان في هذه الحياة الدنيا، وهو أمر يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات الحية الأخرى لقوله تعالى: ﴿ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وحَمَلْنٰهُمْ فِي البَرِّ والْبَحْرِ ورَزَقْنٰهُم مِّنَ الطَّيِّبٰتِ وفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء:70]. ففي قص الأظافر مثلًا تمييز للإنسان المسلم عن غيره من الكائنات ذات المخالب من كواسر وقوارض ونحوها، وفي حلق الشعر وقصه ونتفه تمييز للإنسان المسلم عن غيره من المخلوقات ذات الشعور المرسلة، والمسدلة على أجسادها بلا ترتيب ولا انتظام، وفي السواك والمضمضة تمييز للإنسان المسلم عن غيره من الكائنات التي لا تنظف أفواهها ولا تعتني بنظافة أسنانها.. وهكذا.
وهذا فيه رفع لمستوى الإنسان المسلم وتكريم له على غيره من الكائنات والمخلوقات الأخرى لذا كان على الإنسان المسلم أن يحترم هذه المكانة التي أنزله الله إياها، وألا يهبط بها عن مستواها الإنساني الرفيع الذي خصه الله به عمن سواه. … ومن هنا نرى أن سنن الفطرة دليل على تكريم الخالق سبحانه للإنسان المسلم لأمرين، هما:
* إن تكريم الله سبحانه للإنسان نابع في الأصل من كون هذا الإنسان يحمل منهج الله في الأرض، وأن هذا المنهج يعتمد على مصدرين رئيسيين: أحدهما: متمثل في اتباع الهدي النبوي والسنة المطهرة.
* أن من السنة الاقتداء برسول الله، وهذا يحصل للمسلم عن طريق محافظته على سنة الفطرة.
سنن الفطرة والاستقامة الإيمانية:
من المسلمات أن التربية الإسلامية تسعى إلى تحقيق غاية عظمى، وهدف أسمى يتمثل في استقامة النفس البشرية على نهج الإيمان الواضح الصحيح الذي لا تشوبه شائبة، وذلك أمر لا يمكن تحقيقه إلا بممارسة شرائع الإسلام واتباع تعاليمه، والانقياد لأوامره والابتعاد عن نواهيه. فالاستقامة إذًا مرحلة ثانية تأتي بعد الإيمان لأنها أثر من آثاره ونتيجة من نتائجه، قال تعالى: ﴿ومَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وجْهَهُ لِلهِ وهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النساء:125]. وقال –صلى الله عليه وسلم-: (قل: آمنت بالله، ثم استقم) رواه مسلم. فهذه الاستقامة الإيمانية لا تتحقق إلا بالفقه الشرعي ومعرفة أمور الدين، والإحاطة بتعاليمه، ورعاية الأخلاق وتطبيقها في واقع الحياة ليصبح الإنسان المسلم بذلك كله قدوة صالحة وأسوة حسنة. ثم لأنه متى استقام قلب المسلم على معرفة الله سبحانه وعلى خشيته وتقواه في كل لحظة وفي كل صغيرة وكبيرة؛ استقامت جوارحه كلها على الطاعة والامتثال.
وهذا يؤهل من قام به والتزمه ليكون من حملة الرسالة الخالدة الذين قال الله سبحانه فيهم: ﴿إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الـمَلٰئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا ولا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت:30] .
ومن هنا يمكن القول بأن من ثمرات التزام المسلم بسنن الفطرة ما تحققه من ملامح الاستقامة الإيمانية عنده حينما يطبقها بشكل مناسب ومقبول يعتمد في المقام الأول على الاعتدال والاتزان والاتباع لهدي النبي-صلى الله عليه وسلم- دونما إفراط أو تفريط إضافة إلى تربية المسلم على الاستمرارية والمواصلة والمحافظة على هذه السنن المباركة والخصال الحميدة لما فيها من خير للفرد وصلاح المجتمع.
* * *
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، المحرم – صفر 1438 هـ = أكتوبر – نو فمبر 2016م ، العدد : 1-2 ، السنة : 41