دراسات إسلامية

بقلم:     الدكتورة مسرت جمال(*)

نکهت رخسانه (**)

علم البديع فرع من علوم البلاغة، يختص بتحسين أوجه الكلام اللفظية والمعنوية. وهو علمٌ يُعْرفُ به الوجوه والمزايا التي تزيد الكلام حسْناً وطلاوةً، وتكسوه بهاءً ورونقاً، بعدَ مُطابقته لمقتضى الحال. مع وُضوح دلالته على المراد لفظاً ومعنى: المحسنات البديعية اللفظية، والمحسنات البديعية المعنوية.

       علم البديع -كما هو معروف- واحدٌ من علوم البلاغة الثلاثة «المعاني والبيان والبديع»، وتحتل هذه العلوم الثلاثة مكانة سامية ومرتبة رفيعة بين العلوم الإسلامية والعربية على السواء، فموضع هذه العلوم من علوم العربية أو العلوم الإسلامية موضع الرأس من الإنسان، أو اليتيمة من قلائد العقيان فهو مستودع سرها ومظهر جمالها وجلالها، فلا فضيلة لكلام على كلام إلا بما يحويه من لطائفها ويُودع من مزاياها وخصائصها، ولا تبريز لمتكلم على آخر إلا بما يحوق من وشيها، ويلفظه من دررها، وينفثه من سحرها، ويجنيه من يانع ثمرها، فعلوم البلاغة تعد وسيلة لمعرفة إعجاز القرآن الكريم، فإذا أغفل الإنسان علم البلاغة وأخل بمعرفة قواعدها، لم يستطع أن يدرك سر إعجاز القرآن الكريم، ولم يعرف من أي جهة أعجز الله العرب عن أن يأتوا بسورة واحدة من مثله، وكما أن علوم البلاغة تعد وسيلةً لمعرفة الإعجاز القرآني؛ فإنه لا غنىً عنها لمن أراد أن يفهم كتاب الله ويعرف أحكامه، ويتبين حلاله وحرامه وغير ذلك من علوم القرآن ومعارف الذكر الحكيم.

       وأبو حيان  الأندلسي هو المفسر العظيم الذي استدل بالشواهد الشعرية البلاغية فى تفسيره «البحر المحيط» على مواضع كثيرة لآيات القرآنية. و فى البحث الآتي نريد أن نقدم بعض أمثلة من استشهاداته الرائقة فى البديع. والموضوع الذي أردنا الكلام عليه في بحثنا هذا هو المحسنات البديعية اللفظية سجعاً و جناساً. نقدم بعض نماذج من تفسيره.

       فالجناس: – عند أكثر علماء البلاغة- تشابه اللفظين في النطق واختلافهما في المعنى.

       و أمّا السجع: فهو أن تتفق الفقرتان في الحرف الأخير. والآن ستلاحظ بهجة بعض الأمثلة البلاغية  القرآنية من الاستشهادات الرائعة فى تفسير أبي حيان الأندلسي.

       1-﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾(1).

       تفسير كلمة «حصوراً»: الحصور: فعول من الحصر وهو المبالغة من حاصر وقيل: فعول بمعنى مفعول أي محصور وهو في الآية بمعنى الذي لا يأتي النساء مع القدرة على ذلك، قال ابن عباس وابن جبير وقتادة. وقيل: الحصور الهيوب، وإيراد الحصور وصفا في معرض الثناء الجميل إنما يكون عن الفعل المكتسب دون الجبلة في الغالب، وقيل: رجل حصور إذا حُصِرَ عن النساء فلا يستطيعهُنَّ(2).

       واستشهد المفسر أبو حيان – رحمه الله تعالى – بقول الشاعر:

وَحَصُـــوراً لا يُـرِيـدُ نِكَاحاً

لا ولا يَبْتَغِي النِّسَاءَ الصُّبَاحَا(3)

       شرح كلمات الشعر:  الحصور: من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك(4). الصُّباحا: الصباح يقال لرجل يُنبَّه من سنة الغفلة أصبح أي أبصر رشدك وما يُصْلحك(5).

       الدراسة البلاغية:  في هذا البيت من المحسنات اللفظية السجع لتوافق الفاصلتين في الحرف الأخير أي: نكاحا – الصباحا.

       2-  ﴿وَأُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ﴾(6).

       تفسير كلمة «الخيرات»: الخيرات جمع خيرة وهو المستحسن من كل شيء فيتناول محاسن الدنيا والآخرة لعموم اللفظ وكثرة استعماله في النساء. وقيل: المراد بالخيرات هنا الحور العين، وقيل: المراد بها الغنائم من الأموال والذراري. وقيل: أعد الله لهم جنات(7). وقال الشاعر:

وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجَامَعَ الرَّبَلاتِ

رَبَلاتِ هنْدٍ خَيْرَة الْـمَلَكَاتِ(8)

       شرح كلمات الشعر:  الربلات: جمع ربلة كل لحمة غليظة أو هي باطن الفخذ(9).

       مجامع: أصوله(10).

       الدراسة البلاغية: في هذا الشعر: لقد طعنت… الجملة الخبرية لأنه يصح أن يقال لقائله: إنه صادق أو كاذب فيه، ألقي هذا الخبر لإفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة و يسمى هذا الحكم فائدة الخبر.

       وأيضا فيه السجع لتوافق الفاصلة في الحرف الأخير – الربلات –  الملكات.

       3- ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾(11).

       تفسير كلمة «المتكأ»: المتكأ: الوسادة والنمرقة. المتك: الأترج. والواحدة مُتكة، وقيل: اسم يعم.

       وقيل: موضع الاتكاء. وفسره الأخفش في الآية بالمجلس وتوكأ على العصا وأوكأه إيكاء أي نصب له متكأ(12). وقال بشر بن حازم:

يَشْرَبُ الإثْمَ بِالصُّوَاعِ جِهَاراً

وَتَرَى الْـمُتْكَ بَيْنَنَا مُسْتَعَارا(13)

       شرح كلمات الشعر: الإثم: الذنب والعمل الذي لا يحل(14). المتك: ما يُجلس عليه للاتكاء. كرسي منجد له ذراعان وظهر(15).

       الدراسة البلاغية: في هذا الشاهد من المحسنات اللفظية السجع لتوافق الفاصلين في الحرف الأخير. جهاراً – مستعاراً.

       4-﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ﴾(16).

       تفسير كلمة «العير»: العير الحمار الوحشي والأهلي أيضا والأنثى عيرة، والجمع أعيار ومعيوراْ وعيورة.

       وقيل: العير ما جلب عليه الطعام من قوافل الإبل والحمير. وأيضا العير: الإبل التي عليها الأحمال سميت بذلك؛ لأنها تعير أي تذهب وتجيء وقيل: هي قافلة الحمير ثم كثر حتى قيل لكل قافلة عير كأنها جمع عير وأصلها فعل كسقف وسقف فعل به ما فعل ببيض وعيد والعير مؤنث وقالوا في الجمع: عيرات فشذوا في جمعه بالألف والتاء وفتح يائه، والعير بالكسر الإبل التي تحمل الميرة(17).

       وقال امرؤ القيس:

غَشِيتُ دِيَارَ الْحَيِّ بِالْبَكَرَاتِ

فَعَارِمَةٍ فَبَرْقَةِ الْعِيَرَاتِ(18)

       شرح كلمات الشعر: بالبكرات: الجماعة والفتية من الإبل(19). فعارمة: عرام الجيش حدُّهم وشدتهم وكثرتهم(20). فبرقة: لمع واجتماع لونان من سواد وبياض(21).

       الدراسة البلاغية: من المحسنات اللفظية السجع لتوافق الفاصلتين البكرات والعيرات في الحرف الأخير.

       5-﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾(22).

       تفسير كلمة «عسعس»: عسعس الليل وعس إذا لم يبق منه إلا القليل. وقال الخليل: عسعس الليل: أقبل وأدبر. قال المبرد: هو من الأضداد، والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس قيل: هو إقباله وقيل: هو إدباره، اجتمع المفسرون على أن معنى عسعس أدبر، وكان بعض أصحابنا يزعم أن عسعس معناه دنا من أوله وأظلم(23). وقال الشاعر:

حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ لَـهَا تَنَفَّسَا

وَانْجَابَ عَنْهَا لَيْلُهَا وَعَسْعَسَا(24)

       شرح كلمات الشعر: انجاب: انخرق وانشق، وانقطع والسحاب انكشف والظلام انقشع وزال(25).

       عسعس: والليل أقبل ظلامه وأدبر(26).

       الدراسة البلاغية: في هذا الشاهد من المحسنات اللفظية السجع لتوافق الفاصلتين في الحرف الأخير تنفسا – وعسعسا، وشبه الصبح بالإنسان الذي يتنفس وفيه استعارة مكنية.

       6-﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾(27).

       تفسير كلمة «حمالة»: حمل به وعنه حمالةً كفلهَ وضمنه فهوحامل وحميل. والحمالة هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان. والظاهر أنها كانت تحمل الحطب أي ما فيه شوك لتؤذي بإلقائه في طريق الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. قيل: وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل في طريق رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. وقال ابن عباس وغيرهم: تمشي بالنميمة، ويقال: للمشاء بها يحمل الحطب بين الناس أي يوقد بينهم النائرة ويورث الشر. وقيل: حمالة الخطايا والذنوب. وقيل: الحطب جمع حاطب كحارس وحرس أي يحمل الجناة على الجنايات(28). وقال الشاعر:

إِنَّ بَنِي الأَرزمِ حَـمّـَالُو الْحَطَبْ

هُمُ الْوُشَاة فِي الرِّضَا وَفِي الْغَضَبْ(29)

       شرح كلمات الشعر:  الوشاة: الذين في كلامهم كذب(30).

       الدراسة البلاغية: إن بني الأزرم حمالو الحطب: الجملة خبرية مؤكدة بإن، والمعنى أن الشاعر لا يريد الإخبار عن بني الأزرم بحملهم الحطب؛ بل خرج هذا الخبر عن معناه الأصلي إلى السخرة والاستهزاء، وأيضا بين الكلمتين الحطب والغضب السجع لتوافق الفاصلتين في الحرف الأخير.

       7- ﴿وَكَأْسًا دِهَاقًا﴾(31). تفسير كلمة  «دهاق»: يقال: كأس دهاق مترعة ممتلئة ومتابعة على شاربيها وصافية، وماء دهاق: كثير. الدهاق: الملأى مأخوذة من الدهق وهو ضغط الشيء وشده باليد كأنه لامتلائه انضغط.

       وقيل: الدهاق المتتابعة(32). قال خداش بن زهير(33):

أَتَانـاَ عَامِـرٌ يَبْغِي قِرَانَا   *   فأَتْرَعْنَا لَهُ كَأْسًا دِهَاقَا(34)

       شرح كلمات الشعر:  قرى: الضيافة(35). دهق: الكأس المليء(36).

       الدراسة البلاغية:  في هذا الشاهد من المحسنات اللفظية السجع؛ لأن الفاصلتين اتفقتا في الحرف الأخير. بين قرانا و دهاقا – السجع – أن قراناً في أخره ألف وأيضا دهاقاً في أخره ألف مثل هذا الترتيب في كلام العرب يسمى عند علماء البلاغة بالسجع.

       8-﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ﴾(37).

       تفسير كلمة «استوى»: استوى: استقام واعتدل والشيئان تساويان، وفلان تمَّ شبابه، والطعام نحوه نضج، والأرض صارت جدبا، وبه الأرض هلك فيها، وعلى كذا أو فوقه علا وصعد واستقر وثبت وعليه استوى وملك ويقال: استوى على سريرالملك أو على العرش: تولى الملك، وإليه: قصد وتوجه، لا يلوي على شيء واستوى الشيء: اعتدل(38). قال الشاعر:

فَلَمَّا عَلَـوْنَـا وَاسْتَوَيْنَا عَلَيْهِمُ

تَرَكْنَاهُمُ صَرْعَى لِنسْرٍ وَكَاسِرٍ(39)

       شرح كلمات الشعر: استوى: استقام لا يميل عن القصد(40). صرعى: يدل على سقوط شيء إلى الأرض عن مراس اثنين ثم يحمل على ذلك ويشتق منه(41). نسر: الباز(42).

       الدراسة البلاغية: في هذا الشاهد من المحسنات اللفظية جناس غير تام، عدداً ونوعا من الحروف في كلمة  («نسرا» و «كاسر»).

       9- ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾(43).

       شرح كلمة: «النشط»: نشط البعير والإنسان ربطه وأنشطه حله ومنه: وكأنما أنشط من عقال ونشط: ذهب من قطر إلى قطر ولذلك قيل لبقر الوحش، النواشط؛ لأنهن يذهبن بسرعة من مكان إلى مكان(44). ومنه قول هميان بن قحافة السعدي:(45)

أَرَى هُمُـومِـيْ تَنْشِطُ الْـمَنَاشِطَا

الشَّامَ بِي طَوْراً و طَوْراً وَاسِطاً(46)

       شرح كلمات الشعر: كأن هذه اللفظة مأخوذة من النشاط: وهو ممارسة صادفة لعمل من الأعمال يقال: لفلان نشاط فردي أو تجاري مثلا، جمعه الأنشوطة: عقدة يسهل انحلا لها(47). الشام: الإقليم الشمالي من شبه جزيرة العرب.

       الدراسة البلاغية: في هذا الشاهد من المحسنات اللفظية فيه السجع لتوافق الفاصلتين في الحرف الأخير مناشطا – واسطا.

       10-﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾(48).

       تفسير كلمة «شطن»: الشيطان: فيعال عند البصريين فنونه أصلية من شطن أي بعد، واسم الفاعل شاطن، عند الكوفين وزنه فعلان ونونه زائدة من شاط يشيط إذا هلك. والشيطان كل متمرد من الجن والإنس والدواب قاله ابن عباس، وأنثاه شيطانة و جمعه شياطين نحو غراثين في جمع غرثان، قال الخليل: هو الحبل الطويل وجمعه أشطان والشيطان معروف وكل عاصٍ متمرد من الإنس والجن والدواب شيطان والعرب تسمى الحية شيطانا(49). قال أمية(50):

أَيُّمـَا شَاطِـن عَصَـاهُ عَـكَاهُ

ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالأَكْبَالِ

       شرح  كلمات الشعر: شاطن: الشيطان: كل عاد متمرد من الأنس والجن(51).

       عكاه: غلظه يقال: عكت الناقة، غلظت(52). الأكبال: مفرده كبل قيد وحبس(53).

       الدراسة البلاغية: في هذا الشاهد من المحسنّات اللفظية جناس غير تام بين كلمتين (عصاه) و (عكاه) – اتفق اللفظان في العدد والترتيب واختلفا في نوع الحروف.

       11- ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ﴾(54).

       تفسير كلمة «الولد»: أي رؤساءهم وكبراءهم وهم الذين كان ما تأثلوه من المال وما تكثروا به من الولد سببا في خسارتهم في الآخرة وكان سبب هلاكهم في الدنيا. وقال أبو حاتم(55): يمكن أن يكون الولد بالضم جمع الولد كخشب وخشب(56). قال حسان بن ثابت(57):

يَابَكْرَ آمِنَـــةَ الْـمُبَارَكَ بِكْـرُهَا

مِنْ وُلْدِ مُحْصَنَةٍ بِسَعْدِ الأسْعَدِ(58)

       شرح كلمات الشعر: محصنة: حصن المكان حصانة، منع  فهو حصين والمرأة حصنا وحصانة: عفت وتزوجت فهي حصان: أحصن الرجل: تزوج و عف فهو محصن وهي محصنة(59). كل امرأة متزوجة فهي محصنة، كل امرأة عفيفة فهي محصنة.

       الدراسة البلاغية: فيه المحسنّات اللفظية بين الكلمتين (سعد) و (الأسعد) وبين كلمتين (يابكر) (بكرها) جناس تام في عدد الحروف.

       12-﴿وَأَقِمِ الصَّلوٰةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ﴾(60).

       تفسير كلمة «زلف»:  زلف أزلفه: قربه والزلفة والزلفى: القربة والمنـزلة، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَموَالُكُمْ وَلَا أولَادُكُمْ بالَّتِي تُقَرِّبكُمْ عِنْدَنَا زُلْفٰى﴾ وهو اسم مصدر كأنه قال بالتي تقربكم عندنا إزلافا. والزلفة أيضا الطائفة من أول الليل، والجمع: زلف وزلفات، ومزدلفة موضع بمكة. طائفة من أول الليل والجمع الزلف. وقال ثعلب: الزلف أول ساعات الليل واحدها زلفة. وقيل: الزلف ساعات الليل وآناؤه، وكل ساعة زلفة: وأصل الكلمة من الزلفى وهي القربة ويقال: أزلفه فازدلف أي قربه فاقترب. وأزلف أدناه(61). وقال العجاج(62):

نَاجٍ طَوَاهُ الإِيْنُ مِمَّا وَجَفَا

طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا(63)

       شرح كلمات الشعر: ناج: أي خلص(64). طواه: انقبض عليه(65). الإين: الحين(66).

       وجف: الخوف(67).

       الدراسة البلاغية: في هذا الشاهد من المحسنّات اللفظية الجناس التام بين الكلمتين «زلف» فـ«زلف»، اتفق اللفظان في الشكل واختلفا في عدد الحروف.

       13-﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾(68).

       تفسير كلمة «عضين»: عَضَهَ: العضةُ والعِضَهُ والعضيهة البهيتة وهي الإفك والبهتان والنميمة. وجمع العضة عضاهٌ وعضات وعضون وعضه يعضه عضها وعضيهةً. والعضه السحر والكهانة والعاضه الساحر والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر قال:

أَعُـوذُ بِربِّي مِنَ النافِثَاتِ   *   في عضه العاضه المعضه

       قيل: العضة في قريش: السحر يقولون للساحر: عاضه وللساحِرة عاضهة. وفي الحديث لعن الله العاضهة والمستعضهة وفسر بالساحر والمستسحرة فأصله الهاء. وقيل: العضه الكذب والبهتان. ومن العرب من يلزم الياء يجعل الإعراب في النون(69). استشهد المفسر بقول الشاعر:

أَعْوُذُ بِرَبِّي مِنَ النَّافِثَاتِ  *  فِي عُقَدِ الْعَاضِهِ المُعْضِهِ(70)

       شرح كلمات الشعر: العاضة: الساحرة الكاذبة(71).

       الدراسة البلاغية:  في هذا الشاهد من المحسنّات اللفظية: أعوذ بربي من النافثات في العقد. الاقتباس، هو تغميض النثر أو الشعر شيئا من القران الكريم أو الحديث الشريف من غير دلالة على أنه منهما: ويجوز أن يغير في الأثر المقتبس قليلا، وأيضا فيه جناس غير تام بين كلمتين (العاضه) و(المعضه) لأن الكلمتين لم تتفقا في نوع وعدد الحروف.

       وقصارى القول أن جمهور البلاغيين جعلوا منزلة هذا العلم بعد منزلة علمي المعاني والبيان، واقتدى به المتأخرون من علماء البلاغة، فعدوا ألوان البديع وفنونه ذيلًا من ذيول البلاغة وتابعًا من توابعها، فعلم البلاغة عندهم مقصورٌ على علمَي المعاني والبيان، والذي جعلهم يضعون علم البديع هذا الموضع ويُوقعون عليه هذا أن البديع كان اسمًا لكل فنون البلاغة من عناصر الجمال التي تميز الأدب من غيره، سائلًا المولى – عز وجل- أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ولا يجعل لأحد فيه شيئًا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

*  *  *

الهوامش:

(1)       سورة آل عمران: الآية 39.

(2)       تفسير البحر المحيط: 2/467، لسان العرب: 4/193 (حصر).ذ

(3)       البيت من الكامل لجرير. شرح ديوانه: 438.

(4)       القاموس المحيط: 401.

(5)       لسان العرب: 2/502.

(6)       سورة التوبة: الآية 88.

(7)       تفسير البحر المحيط: 5/86، و لسان العرب: 4/264 (خير).

(8)       البيت من الكامل لرجل جاهلي من بني عدي، عدي تميم، انظر مجاز القرآن: 1/267، التهذيب: 7/546، المحرر الوجيز: 3/561، اللسان: 2/1298، الربلات جمع ربلة لحم باطن الفخذ.

(9)       القاموس المحيط: 1016(ربل).

(10)     المعجم الوسيط: 135.

(11)     سورة يوسف: الآية 31.

(12)     البحر المحيط: 5/ 298، مختار الصحاح: 1/740.

(13)     بشر بن أبي خازم: (000 – نحو 22 ق هـ = 000 – نحو 598 م) بشر بن ( أبي خازم) عمرو بن عوف الأسدي، أبو نوفل: شاعر جاهلي فحل. من الشجعان. من أهل نجد، من بني أسد ابن خزيمةوله قصائد في الفخر والحماسة جيدة. توفي قتيلا في غزوة أغار بها على بني صعصعة بن معاوية: .انظر الشعر و الشعراء88

(14)     البيت من الخفيف ، انظر: التهذيب: 15/161، واللسان: 1/29، روح المعاني: 12/228،  القاموس المحيط: 1086.

(15)     المعجم الوسيط: 1052.

(16)     سورة يوسف: الآية 70.

(17)     1البحر المحيط: 5/300، المعجم الوسيط: 2/188، ومختار الصحاح: 1/467 (عير).

(18)     امرؤ القيس ( 130 ق هـ -80ق هـ): هو جندح بن حجر اليمن، عاش في القرن السادس الميلادي وكان امرؤ القيس من العشاق الذين يميلون إلى العبث ويقال: إن امرأ القيس هو أول من قصد القصائد ووضع قواعد للشعر العربي. وكان امرؤ القيس حر الفكر، وامرؤ القيس معناها رجل من بني قيس ولو أننا لا نعرف على التحقيق أكانت قيس رفيقة للألهة مناة أو أنها اسم لمعبدها، ويقال: إن أباه حجر طرده لتشبيبه بفاطمة بنت العبيد من قبيلة بني عذرة، ويروى أيضا أن أباه أمر مولى له يدعى ربيعة أن يقتله؛ ولكن ربيعة ذبح جوذرا صغيرا و أتاه بعينيه، وهلك حجر في الواقعة التي حدثت بينه وبين قبيلة بني أسد الثائرة، ففقد امرؤالقيس بذلك ملكه، وهام على وجهه ومن ثم لقب بالملك الضليل. دائرة المعارف الإسلامية:  2/  622 – 623.

(18)     البيت من الطويل لامرئ القيس، انظر ديوانه: 78، الهمع: 1/145، الدرر الكامنة: 1/125.

(19)     القاموس المحيط: 379.

(20)     المنجد: 502، ولسان العرب: 12/394 (عرم).

(21)     مقايس اللغة: 1/221 (برق).

(22)     سورة التكوير: الآية 17.

(23)     تفسير البحر المحيط: 8/ 413، لسان العرب: 6/139، تهذيب اللغة: 1/9 (عسّ).

(24)     الخليل (100 – 170 هـ) هو خليل بن أحمد بن عمرو بن نميم الفراهيدي، الأزدي، أبو عبدالرحمن من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، أخذه من الموسيقي وكان عارف بها وهو أستاذ سيبويه النحوي ولد في البصرة وعاش فقيراً صابراً، له كتاب «العين». انظر: الأعلام: 2/314.25        المبرد: محمد بن يزيد بن عبدالأكبر الشمالي الأزدي أبو العباس، المعروف بالمبرد: إمام العربية ببغداد في زمنه، وأحد أئمة الأدب والأخبار، مولده بالبصرة سنة 210 هـ و وفاته ببغداد سنة 286 هـ، من كتبه: الكامل، والمقتضب وغيره. انظر نزهة الألباب: 274، وطبقات النحوين: 108 – 126)، والبلاغة: صـ 210.

           مختار الصحاح: 1/167، البحر المحيط: 8/252، لسان العرب: 12/134 (حسم)

           المعجم المفصل في الأدب: دار الكتب العلمية، بيروت تاريخ الطبعة 1414هـ صـ 254،            تفسير البحر المحيط: 8/ 413، لسان العرب: 6/139، تهذيب اللغة: 1/9 (عسّ).

(24)     هذا الشعر لعلقمة بن قرط، انظر ديوانه: 28، المحتسب: 1/157قد ذكرت هذا الشعر في الصفحة 109 في فصل الاستعارة.

(25)     المعجم الوسيط: 1/302 (نجب).

(26)     مختار الصحاح: 183.

(27)     سورة المسد: الآية 4.

(28)     تفسير البحر المحيط: 8/567 – 568، المعجم الوسيط: 1/414.

(29)     البيت من الراجز، انظر اللسان: درع.

(30)     القاموس المحيط: 1348.

(31)     سورة النبأ: الآية 34.

(32)     البحر المحيط: 8/401.

(33)     خداش بن زهير العامري، من بني عامر بن صعصعة: شاعر جاهلي، من أشراف بني عامر وشجعانهم. كان يلقب (فارس الضحياء)  يغلب على شعره الفخر والحماسة. يقال إن قريش قتلت أباه في حرب الفجار، فكان خداش يكثر من هجوها. وقيل: ادرك حنينا، وشهد مع المشركين وزاد بعض مترجميه أنه أسلم بعد ذلك، انظر: الإصابة، الترجمة 2323، وطبقات فحول الشعراء 119.

(34)     البيت من الوافر لخداش بن زهير، انظر: اللسان:10/106 «دهق» .

(35)     المعجم الوسيط: 732.

(36)     نفس المصدر: 300.

(37)     سورة البقرة: الآية 29.

(38)     البحر المحيط: 1/280 – 281، المعجم الوسيط: 1/967، مختار الصحاح: 1/236 (سوا).

(39)     انظر: روح المعاني: 1/210 ، ذكر الواحدي في سورة الأعراف. في تفسيره، الوسيط والبسيط: 213.

(40)     المعجم الوسيط: 1/865.

(41)     مقايس اللغة: 3/342.

(42)     مختار الصحاح: 269.

(43)     سورة النازعات: الآية 2.

(44)     تفسير البحر المحيط لأبي حيان: 10/393.

(45)     الشاعر: هو هميان بن قحافة السعدي، من بني عوافة بن سعد، من تميم: شاعر راجز، كان في العصر الأموي، أورد له الآمدي رجزا في وصف الإبل. انظر: الأعلام: 8/95.

(46)     البيت من الرجز، انظر اللسان: (نشط).

(47)     المعجم الوسيط، باب ن، صـ 922و المعجم الوسيط : صـ 69.

(48)     سورة البقرة: الآية 14.

(49)     تفسير البحر المحيط: 1/193، معجم مقايس اللغة: 3/183، ومختار الصحاح: 1/345 (شطن).

(50)     أميه ابن أبي الصلت: (… 5هـ = … 626م) أمية بن عبدالله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، شاعر جاهلي حكيم، من أهل الطائف، قدم دمشق قبل الإسلام، وكان مطلعا على الكتب القديمة، يلبس المسوح تعبدا، وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية، ورحل إلى البحرين فأقام ثماني سنين ظهر في أثنائها الإسلام. انظر الأعلام: 3/221.

(51)     البيت من الكامل أمية ابن أبي الصلت، انظر ديوانه58 واللسان 3\2265 مادة (شطن).

           مختار الصحاح: 146.

(52)     المعجم الوسيط: 620، ومقايس اللغة: 4/103 (عكو).

(53)     المنجد: 67(كبل).

(54)     سورة نوح: الآية 21.

(55)     أبو حاتم: سهل بن محمد بن عثمان الجشمي السجستاني، من كبار العلماء باللغة والشعر من أهل البصرة، له نيف وثلاثون كتابا، منها: كتاب المعمرين، والنخلة، والوحوش، والطير، وغيرها، وله شعر جيد، توفي 248هـ. انظر: بغية الوعاة: 256، وآداب اللغة: 2/150.

(56)     البحر المحيط: 8/334.

(57)     حسان بن ثابت رضي الله عنه (000 – 54هـ= 000 – 673م) حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد شاعر النبي (صلى الله عليه وسلم) وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام وكان من سكان المدينة. الأعلام: 6/188، معجم المؤلفين: 3/191، ومخولة الشعراء: صـ 20.

(58)     البيت من الكامل، انظر ديوانه: 154.

(59)     المعجم الوسيط: 1/180، مختار الصحاح: 1/167 (حصن).

(60)     سورة هود: الآية 114.

(61)      البحر المحيط: 6/214 – 215، ومختار الصحاح: 1/280 (زلف).

(62)     العجاج: (… نحو90 هـ = … نحو 708م) عبدالله بن رؤبة بن لبيد بن صخر السعدي التميمي، أبو الشعثاء، العجاج: راجز مجيد، من الشعراء. ولد في الجاهلية وقال الشعر فيها. ثم أسلم وعاش إلى أيام الوليد بن عبدالملك ففلج.

(63)     البيت من رجز، انظر:ديوانه: 495 – 496، الكتاب: 1/352، مجاز القرآن: 1/30، 2/87. التهذيب: 40/68، الطبري: 12/72.

(64)     القاموس المحيط: 1343، المعجم الوسيط: 905.

(65)     المنجد: 476.

(66)     نفس المصدر: 23.

(67)     المعجم الوسيط: 1014.

(68)     سورة الحجر: الآية 91.

(69)     البحر المحيط: 5/444، لسان العرب: 13/515(عضا).

(70)     البيت من المتقارب ينسب لبعض قريش، تهذيب اللغة: 1/130، لسان العرب: 4/229، تفسير القرطبي: 10/59.

(71)     مختار الصحاح: 185.

*  *  *


(*)    المحاضرة الزائرة بقسم اللغة العربية، جامعة بشاور، باكستان

(**) أستاذة بجامعة بشاور، باكستان

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الأخرى 1436 هـ = مارس – أبريل 2015م ، العدد : 6 ، السنة : 39

Related Posts