دراسات إسلامية
بقلم: الدكتور محمد فضل الله شريف (*)
إن الفكاهة والضحك أمر مهم في حياة الإنسان، إنما تنزع إليه النفس الإنسانية، وتنشرح به الصدور، وتطمئن به القلوب، وترتاحُ به النفوس. إنما فُطر الإنسان على الضحك والفكاهة، فترفع بها هموم حياته وتدفعها، وينفتح به النوافذ المضيئة في مسيرة حياته، ولذلك يعرّف البعض الإنسان بأنه «حيوان ضاحك» كما يتميز الإنسان عن الحيوانات الأخرى بنطقه، كذلك يمتاز عنها بابتساماته وفكاهته. والفكاهة وإن كانت توجد في بعض نواحيها اللواذع؛ ولكن لا تهدف دائما إلى الإضحاك؛ بل إنها تقوم بوظيفة النقد والدعوة إلى الإصلاح أيضا.
ما خلا الأدب في أي عصر من العصور من الفكاهة وإن كانت تندر الفكاهة في الأدب الجاهلي؛ لكن في صدر الإسلام عرف الأدب الفكاهي، وظهر أشخاص زرعوا الفكاهة حولهم، وفي العصر الأموي أيضا برز أناس في هذا الصنف؛ ولكن على أسلوب الهجاء، ومن الشخصيات البارزة في ذلك العصر «أشعب وأبو دلامة». وفي العصر العباسي نبغ أشخاص في فن الفكاهة والإضحاك كـ«ابن الرومي والجاحظ»، وانتشر الندماء والظرفاء، ونالوا مكانةً عظيمةً عند الخلفاء والوزراء. هناك رجال في فجر الإسلام ألفوا الكتب في هذا الباب، منهم «الخطيب البغدادي» في كتابه (التطفيل) و«الحصري القيرواني» صاحب (زهر الآداب) في كتاب (جمع الجواهر في الملح والنوادر) و«الثعالبي» صاحب (يتمية الدهر) في كتابه «نتف الظرف» و«الأشبيهي» (المستطرف) و«ابن الجوزي» في كتابه «أخبار الظراف والمتماجنين». وهذه الكتب وإن كانت تحتوي الفكاهة؛ ولكن لا تخلو من فوائد علمية، ونكات أدبية.
أهمية الفكاهة عند الأدباء:
إن أديبنا العربي أبو عثمان بن بحر الجاحظ يقول – وهو يبين أهمية الفكاهة في حياة الإنسان -: «من كانت فيه دعابة فقد برئ من الكبر». فلم يترك الجاحظ شيئا في زمانه إلا وسخر منه سخرية لاذعة، إلى حد أنه وجه سهام نقده الساخر إلى نفسه. ومن برع من الأدباء في الفكاهة لا يحصرهم العدد؛ لأن الخلفاء الأمراء القدامى كانوا يعيشون حياة البذخ والترف، فكانت طبيعتهم المسرفة تولد كثيرا من الأدباء الفكاهية من يضحكهم ويسرّي عنهم، فقد اجتمع عدد كثير من الأدباء والشعراء على أبوابهم لإضحاكهم بالفكاهات والنوادر.
ولكننا هنا بصدد ذكر أهمية الفكاهة في حياة الإنسان.
أهمية الفكاهة في حياة الإنسان:
إن الفكاهة تعتبر من المواضيع القريبة إلى النفس لا يخلو منها مجتمع، ولا تستغني عنها حضارة، إنما الغرض من الفكاهة أن يجعل الحياة ضاحكة وجديرة بأن تعاش، بعيدة عن الأحزان والأشجان، فالفكاهة انتشرت على وجه الأرض وعلى مر العصور لكل شعب يعيش على هذه البسيطة، ويقول بعض علماء النفس: إن الضحك يستخدم الأعصاب والعضلات فهو غزيرة مهمة، والضحك حسب ما توصل إليه العلم الحديث يعيد للإنسان أنسه وأمله وطبيعته، فهو غزيرة مهمة.
بل إنه يسهم في شفاء بعض الأمراض التي أصابت عالمنا المعاصر.
1- تُشحذ الهمم:
من فوائد الفكاهة والضحك في حياة الإنسان أن الضاحك يحس خلال فكاهاته أن المضحوك أقل منه شأنا، وأقل منه قيمة، وفي ذلك استعلاء وشعور بالتفوق، يبعد به الإنسان عن مشاعر النقص، إن هذه الطبيعة ليست مذمومة إلا إذا تعمدت بذلك إلى إيذاء الآخرين، وجرح مشاعرهم…. إن هذه الطبيعة مقبولة في إطار الضحك والإضحاك، وقد قال بتأثير ذلك في الإنسان أفلاطون، وأرسطو وغيرهم. على كل حال فإن الفكاهة تستطيع أن تخفف من حرقة الانهزام وخيبة الأمل، وبذلك تساعد الناس على التغلب على الصعوبات، وهي قوة نفسية تقي الناس عاطفيا من الأزمات وتمكّنهم من رؤية بريق أمل في خيبات الحياة الكبيرة، مثل نهاية زواج أو خسارة وظيفة وغيرها.
2- تقوي عضلات الإنسان وتشرحها:
ومن فوائد الفكاهة في حياة الإنسان: أنه يحس تارة في داخله التوتر والإحباط والعقد، والتي تنتج عن ضغوط الضمير والنفس؛ ولكن الضحك يعمل خارجيا لينفتح المجال لإزالة التوتر والشحنات المتنوعة بداخلنا، وقد يبين التحليل النفسي «أن الضحك يشبه الحلم من حيث تحلله من القيم والممنوعات، وأنه كلما زادت الضغوط احتاجت تركيبتنا النفسية إلى التخفيف منها بعدة وسائل ومنها الأحلام والضحك، وفي ذلك نكوص مؤقت إلى مرحلة طفلية بما فيها من أحلام براقة وخيالات سعيدة جملية، ويمكن أن يكون هروبا من الواقع، كما يمكن أن يكون نضجا وقوة ونوعا من السمو الأخلاقي والذي يجعل الإنسان يواجه مواقف الحياة الصعبة بروح الهزل والاستخفاف وعدم الاكتراث».
3- التخفيف من الآلام والأشجان:
الابتسام والمرح، والبشاشة، والمزاح، والدعابة والهزل والكوميديا كلها تصدر عن طبيعة واحدة في نفس الإنسان حيث يسري عن النفس الكآبة والعبوس، ويبعد آلامها ولو مؤقتا مما يعيد التوازن النفسي، وتدل الدراسات على أن الضحك والابتسام والنكتة والكاريكاتير يمكن أن يعدل بها المزاج وأن يُخفف من التوتر والقلق، كما أن مشاهدة البرامج المضحكة مفيدة للصحة النفسية والجسدية، ويعتبر ذلك من الأساليب العامة العلاجية؛ فإن الأفراد الذين يتذوقون الفكاهة ربما يكونون أيضا قادرين على إبعاد أنفسهم عن إنذار الآلام، وفي عام 1996م بيّنت الدراسة أن المرضى الذين شاهدوا البرامج المضحكة كانوا أقل احتياجا إلى مسكنات الألم الخفيفة بعد عملية جراحية من أولئك المرضى الذين شاهدوا أفلاما جدية أو لا شيء على الإطلاق.
4- تشفي الأمراض الجسدية:
و اكتشف العلماء والباحثون أهمية الفكاهة والضحك في صحة القلوب وشفاء الأمراض، فمنذ عصر النهضة الأوربية كان الجرّاح «هنري دي موندفيل» يروي النكات للمرضى عند خروجهم من العلمية الجراحيّة، وكان الأطباء يصفون الضحك علاجا للرشح، كما اكتشفوا فوائده ودوره في التفريغ النفسي وفي جلب النوم وإبعاد القلق والاكتئاب.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الإنسان في بداية القرن العشرين كان يضحك في المتوسط ما يقرب من عشرين دقيقة يومياً… أما في أواخر ذلك القرن فقد تضاءل هذا المعدل ليصل إلى ست دقائق فقط ما أدى إلى زيادة الكآبة والقلق و التوتر، ويذكر أن في أمريكا وحدها 180 مليون شخص يعانون من الاكتئاب. وتقول دراسة حديثة: إن دقيقة واحدة من الضحك تعادل 45 دقيقة من الاسترخاء، وينصح الخبراء بمشاهدة فيلم هزلي قبل النوم وأن يجبر الإنسان نفسه على الضحك أمام المرآة. ونظراً لأهمية الضحك فقد اهتمت الدول المتقدمة به؛ ففي عام 2000م عقد المؤتمر الدولي الرابع للفكاهة، وفي هذا المؤتمر قال الطبيب الأمريكي «ويليام فراي»: لقد تذكرت كيف كان الناس ينظرون لمهنتي مهنة العلاج بالضحك بشكل يفتقر للجدية في ستينيات القرن الماضي عندما كان هذا الأسلوب العلاجي في مراحله الأولى، وقال: إن الشعور الذي انتابه في تلك الأيام هو أن يمر بظروف تشبه ما شهده العالم «جاليلو» عندما خرج بنظريته عن دوران الأرض، وقال: كل ما فعلته أنني تابعت أمراً حدث على مر السنين ولا يزال يحدث، ثم وصفت للآخرين التأثيرات والتغييرات التي يحدثها الضحك في الجسم، وقد شق هذا الطبيب الأمريكي وغيره من الأطباء الأوروبيين الطريق أمام العلاج بالضحك، وبدأ هذا العلاج ينتشر في مستشفيات أوروبا وأمريكا والهند واليابان وغيرها.. ففي أوروبا تم تخصيص غرف خاصة للضحك أطلق عليها اسم «غرفة المرح» لاستضافة المرضى كجزء من برامج علاجهم، وتضم هذه الغرف كل ما يثير الضحك، ويؤكد الأطباء اليوم أن الضحك يعالج الربو والصداع النصفي ومعاناة القولون العصبي، ويساعد في تنظيم الدورة الدموية وتقوية عضلة القلب وخفض ضغط الدم المرتفع ومقاومة الأرق وحتى الأمراض الجلدية ثبت أن لها علاقة بالحالة النفسية وأن الضحك يساعد في الشفاء منها؛ لأن الضحك يحسن الحالة النفسية للمريض. وأكد العلماء أن الضحك يحسن الحالة النفسية للمريض. وأكد العلماء أن الضحك موهبة طبيعية لإنعاش الأعضاء الداخلية وخلق احتكاك أو تدليك عفوي لها. إن التدليك الميكانيكي للحجاب الحاجز لقفص الصدر مهم جداً لجميع الأعضاء أهمها الرئة؛ إذ يدخل فيها الهواء ويخرج على دفعات سريعة وقوية أثناء الضحك محدثاً تهوية كاملة لها، وكذلك فإن الأشخاص الذين يضحكون أثناء تناول الطعام يهضمون أكلهم بسرعة أكبر من الأشخاص المكتئبين(1).
ومن شأن الضحك والفكاهة أن ينعش الأعضاء والغدد الهضمية في الأمعاء والمعدة، ويساعد على تدليك الغدد الصم، وينعش الغدة النخامية الموجودة في قاع الدماغ والمسؤولة عن هرمونات النمو. وللضحك مكانة في الجراحة، وقيل: إن الضحك يؤثر على الجسم تأثيراً شبيهاً بعملية نقل الدم، وهذا ما يسمى بالتأثير النفسي الجسدي. وأظهرت الدراسات أن الفكاهة رياضة حقيقية في تخفيض الكولسترول في الدم، وأن الفكاهة والضحك رياضة حقيقية يساعد الإنسان على التنفس بشكل أفضل، ويحمي من الجلطة الدماغية التي أحد أسبابها ارتفاع ضغط الدم الذي يزيله الضحك، ومؤخراً أكد أطباء الصين أن الضحك يساعد على رعاية الصحة حيث يوسع القفص الصدري، ويربط بين الرئتين والكليتين، ويفتح الشهية، وأشارت دراسة يابانية حديثة إلى أن الضحك أثناء تناول الطعام يمنع من ارتفاع مستوى السكر في الدم، وبالتالي يحمي من الإصابة بمرض السكري، حيث أن تقلص العضلات الجوفية الناتجة عن الضحك يزيد من استهلاك الجسم للطاقة، ويساعد إفراز الهرمونات في الدماغ والغدد الصم التي تشارك في تنظيم مستوى السكر في الدم. أما الدراسات الهندية فقد أكدت فوائد عديدة للضحك… فهو يزيل الوجع من القدمين ومن العنق، ويعالج نزلة البرد، ويبعث الدفء في الجسم، ويقاوم أعراض البرد دون أية أدوية.
فالضحك أفضل وسيلة للاحتفاظ بالصحة والاستمتاع بطول العمر؛ لأنه له تأثير على جهاز المناعة ومن ثم يزيد من مقدرة الجسم على مقاومة الأمراض والتغلب على الأحزان والشعور بالارتياح، ولهذه الأسباب يقبل الملايين من سكان العالم على نوادٍ خاصة لممارسة الضحك ففي الهند هناك 150 نادياً لتعليم الأعضاء الضحك وممارسته. وفي أمريكا أكثر من 180 نادياً لممارسة الضحك أما في أوروبا فيزيد عدد النوادي على 500 نادٍ، ولا يقتصر الأمر على تأسيس النوادي بل تقيم الدول المتقدمة مهرجانات تحت عنوان «من أجل الضحك فقط» والهدف من هذه المهرجانات هو التفريج عن الهموم بعد أن اتضح أن الضحك ترياق سريع المفعول ومجاني، وهو من طبيعة الإنسان.
ولكن للضحك مضار في حالة الإفراط أو الاسترسال فيه، فقد يسبب مشكلات للمصابين بضغط الدم ومرضى القلب والمخ، وكذلك المصابين بالفتق سواء في الحجاب الحاجز أو في جزء من أجزاء الجسم والمرضى الذين يمرون في فترة نقاهة بعد العمليات الجراحية…
ومن ناحية شرعية فقد كان الرسول الأعظم يضحك ويبتسم، وقد أخذ الإمام «سفيان بن عينية» من ذلك حكماً شرعياً حيث قال له أحدهم: «المزاح سبة»، فقال سفيان: «بل سنة؛ ولكن من يحسنه»؟ ويشير إلى أن الإكثار من الضحك والمزاح والإفراط في ذلك هو المكروه؛ لأنه يذهب الوقار. وجاء في الحديث الشريف: «لا تكثر من الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب»(2). وهذا ما أكده علم الحديث.
5- الفكاهة تمهد الطريق لإقامة الروابط:
الفكاهة ذات وظيفة اجتماعية للتواصل مع الناس ولتحقيق التفاعل بين الأفراد والجماعات، وللتحكم في سلوك الآخرين بالسخرية أو إزالة الخوف.
تبين الدراسات أن الشخص المرح أقدر على إقامة الروابط والصلات، والصداقات، فالناس المرحون يتمتعون بأسلوب تفاعل مع الآخرين خال من الهموم، يسهل لهم إقامة الروابط وثيقة مع الآخرين، ويوفر لهم سندا اجتماعيا، وقد يكونون أيضا أكثر حظا مع الجنس الآخر، ففي عام 2006م، ذكر أستاذ علم النفس في جامعة ماك ماستر بكندا {R.E بلاسلار} و {s. بلشاين}أن النساء يملن أكثر إلى مصاحبة رجل يرينه في صورة إذا كانت هذه الصورة مرفقة بمقتطف هزلي له، وفي الواقع، تفضل النساء الرجال المسلين(الهزلين). فإن بحثا آخر يدل على أن كلا من الرجال والنساء يفضلون من لديهم «حس الدعابة» عند اختيارهم شريكا لهم، وكما تشير دراسة أجريت عام 1990م إلى أنه عندما يتحدث رجل إلى امرأة من غير كلفة، فإن مقدار ضحك هذه المرأة يدل على رغبتها في مصاحبة هذا الرجل وعلى انجذابها إليه(3).
6- اليوم العالمي للضحك:
نظرًا إلى أهمية الفكاهة والضحك ومنافعها في حياة الإنسان يحتفلون سنويا بيوم الضحك، بإيحاء من الطبيب {M.كتاريا} [مؤسس حركة اليوگا للضحك]، خصص يوم ضحك في مومباي بالهند بتاريخ 11/1/1998م. ومنذ هذا التاريخ، نظمت سنويا في جميع أنحاء العالم مناسبات عديدة لتشجيع الضحك والمرح، الآن تعقد حفلات الضحك في ذلك اليوم، ويدل بذلك على أهمية الضحك في حياة الإنسان(4).
7- نظرة الإسلام إلى الفكاهة والضحك:
النكتة أو الفكاهة شيء من قول أو فعل يقصد به غالبا الضحك وإدخال السرور على النفس، وينظر في حكمها إلى القصد منها وإلى أسلوبها، فإن كان المقصود بها استهزاء أو تحقير مثلا، أو كان في أسلوبها كذب مثلا كانت ممنوعة، وإلا فلا، وقد كان النبي -ﷺ- يمزح ولا يقول إلا حقا كما رواه أحمد(5). وجاء في سنن الترمذي: قالوا: إنك تداعبنا، قال: «إي، ولا أقول إلا حقا»(6). يدعو الهدي النبوي إلى الابتسام والمزاح الصادق والتودد للناس، وفي الحديث النبوي «تبسمك في وجه أخيك صدقة»(7).، وقال علي بن أبي طالب: «روحوا القلوب؛ فإنها تمل كما تمل الأبدان»(8). وقال أيضا: «من كانت فيه دعابة فقد برئ من الكبر»(9).
ولكن الإسلام يحب الوسطية والاعتدال في المزاح وممارسة الضحك والفكاهة، وقال عمر – رضى الله عنه-: «من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استُخف به»(10).. وقال عمر بن عبد العزيز: «اتقوا اللّه وإياكم والمزاح؛ فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح»(11).. يقول النووي في كتابه المذكور: قال العلماء: إن المزاح المنهي عنه هو الذى فيه إفراط ويداوم عليه؛ لأنه يورث قسوة القلب، ويشغل عن ذكر اللّه، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، وما سلم من ذلك فلا مانع منه؛ فقد كان الرسول يفعله نادرا للمصلحة وتطييب النفس والمؤانسة، وهذا لا مانع منه قطعا؛ بل هو سنة مستحبة إذا كان بهذه الصفة(12). فاعتمد ما نقلناه عن العلماء وحققناه في هذه الأحاديث وبيان أحكامها، فإنه مما يعظم الاحتياج إليه.
ومن أمثال مزاح النبي – صلى الله عليه وسلم – أن رجلا قال له: احملني على بعير، فقال: «بل نحملك على ابن البعير». فقال: ما أصنع به؟ إنه لا يحملني، فقال صلى الله عليه وسلم: «هل تلد الإبل إلا النوق» أي ابن البعير(13).
والأسوة الأخرى في المزاح للنبي – صلى الله عليه وسلم –
«عن الحسن قال أتت عجوز إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال: (يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز) قال فولت وهي تبكي. فقال: (أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله يقول: «إنا أنشأناهن إنشاء»(14).
خلاصة القول أنا أثبتنا في هذه العجالة أهمية الفكاهة والضحك والمزاح في حياة الإنسان، وما كانت لها من تأثير وتفاعل من حيث شحذ الهمم، وتقوية العضلات و إصلاح نظام الجسد، وفي دفع الأمراض الجسمانية والنفسية، وفي توثيق العلاقات والروابط الاجتماعية، وكيف ينظر إليها الإسلام إذا كانت في حد الاعتدال والوسطية بنظرة تحسين وقبول.
* * *
الهوامش:
(1) مدى أهمية الضحك والفكاهة: ejabat.google.com
(2) الترمذي: باب الصحة والفراغ نعمتان، حديث:5032.
(3) مجلة العلوم، الكويت نوفمبر، 2009ء، المجلد: 5
www.oloommagazine.com/articles/ArticleDetails.aspx?
(4) المرجع السابق.
(5) مسند أحمد: مسند أبي هريرة، حديث:8078.
(6) الترمذي: المزاح، حديث:0991
(7) الترمذي: صنائع المعروف، حديث:6591.
(8) كنز العمال: الاقتصاد في الأعمال، حديث:1148.
(9) المرجع السابق.
(10) شعب الإيمان: فضل السكوت عن كل ما لا يعنيه، حديث: 44994. دار الكتب العلمية بيروت.
(11) الزهد لابن المبارك، من ترك شيئا لله، حديث:1/10، دار الكتب العلمية بيروت، بتحقيق مولانا حبيب الرحمن الأعظمي.إحياء علوم الدين، عظيم خطر اللسان وفضيلة الصمت:3/821، دار الكتب العلمية، بيروت.
(12) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لملا على القاري، باب المزاح:7/1603، دار الفكر، بيروت، لبنان.
(13) أبوداود: باب ماجاء في المزاح، حديث:5000.
(14) الشمائل المحمدية، باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله، حديث: 142.
* * *
المراجع:
1- مسند أحمد، للإمام أحمد بن حنبل.
2- الترمذي لأبي عيسي الترمذي.
3- كنز العمال لعلاء الدين على المتقي الهندي.
4- شعب الإيمان للبيهقي.
5- الزهد لابن المبارك،دار الكتب العلمية بيروت، بتحقيق مولانا حبيب الرحمن الأعظمي.
6- إحياء علوم الدين للغزالي، دار الكتب العلمية، بيروت.
7- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لملا على القاري،، دار الفكر، بيروت، لبنان.
8- السنن لأبي داود سليمان بن أشعث.
9- الشمائل المحمدية لأبي عيسى الترمذي.
10- مدى أهمية الضحك والفكاهة: ejabat.google.com
11- مجلة العلوم، الكويت نوفمبر، 2009ء، المجلد: 5
www.oloommagazine.com/articles/ArticleDetails.aspx?
12- الفكاهة في الشعر العربي، سراج الدين محمد، دار الراتب الجامعية، بيروت.
13- الأدب الفكاهي، الدكتور عبد العزيز الشرف، الشركة المصرية العالمية للنشر.
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، جمادى الأولى 1436 هـ = فبراير – مارس 2015م ، العدد : 5 ، السنة : 39
(*) رئيس القسم العربي بكلية أونتى، بركت بوره، حيدر آباد.