كلمة المحرر
يعيش الفلسطينيون حالة تصعيد للاعتداءات الإسرائيلية المدمرة لبيوتهم ومساجدهم ومدارسهم ومستشفياتهم وبنيتهم التحتية دون أن تراعي إسرائيل إلّاً أو ذمةً، ولاتملك في الوقت ذاته صوتَ ضمير إنساني يقول لها: «قِفِي، وأمْسِكِيْ». ويرى المجتمع الدولي بعينيه ويسمع بأذنيه ما يعانيه الفلسطينيون من آلامٍ وحرمانٍ اليومَ ومنذ حوالي سبعين عامًا وأكثر، مما يدل على التعصب الأعمى المقيت والعنصرية الصيهونية ضد المسلمين، مع ادعاء إسرائيل أنها الدولة الوحيدة في المنطقة، التي تمارس الديموقراطية وحرية الرأي وتستمع للرأي الآخر. والغريب في الأمر أن أمريكا ترى أن إسرائيل- ربيبتها- بقتلها الفلسطينيين بجميع أنواع الأسلحة التقليدية والمحرمة دولياً – لا تتعدى على الحقوق الإنسانية العامة والخاصة، وأنها- على ممارساتها الدموية المتتالية التي يقوم بها جيشها الذي تسميه «جيشَ الدفاع الإسرائيلي» – هي المظلومة، وليست الجانية والمتسلطة أوالدولة العسكرية التي لا تتقيد بالشرعية الدولية.
ألا ترى كيف علَّقت إحدى الصحف الأمريكية على الأحداث الحالية التي شهدها بيت المقدس المحتلة، والتي أسفرت عن مقتل بعض اليهود بقولها: إلامَ هذه الاعتداءات على إسرائيل؟ في تجاهلٍ سافرٍ عما يعيشه الفلسطينيون من الأوضاع الحرجة. فكم خُرِّبت ديارُهم واجتُثَّت أشجارُهم وسُفِكَت دماؤهم ويُتِّمت أبناؤهم ويُيِّمت نساؤهم. وهلا تساءلت: متى يتوقف نزيف الدم الفلسطيني هذا؟ ومتى ترعوي إسرائيل عن ممارساتها العدوانية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني العازل الذي أخرِجَ من دياره وأبنائه بدون ذنب إلا أن يقول ربي الله تعالى.
وفي الوقت ذاتــه وافق الكنيست الإسـرائيلي على مشروع قانون ينص على«تهويد الدولة» بعد أن صوتت حكومة «نيتن ياهو»- رئيس الوزراء الإسرائيلي- لصالح تقديمه. وقال «ياهو»: إن إسرائيل هي الدولة القومية لليهود فقط. ومما لاشك أنه يؤدي إلى أن تعود العنصرية الموجودة اليوم كأمر واقع في الشارع الإسرائيلي مقبولة على مستوى المؤسسات.
هذا، وأعلن العديد من الدول اعترافها بدولة فلسطينية حرة مستقلة في حدود 1967م منها: «البرازيل» و«الأرجنتين» و«بوليفيا» و«فنزويلا» و«تشيلي»، فيما أعربت «أورغواي» و«المكسيك» و«بيرو» و«نيكاراغوا» عن عزمها القيام بخطوةٍ مماثلة خلال العام الجاري بينما اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الخطوة سابقةً لأوانها، وأنها قد تضر بعملية السلام. وقالت إسرائيل من جانبها: إن الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة خطوةٌ لاتجدي ولاتعدل جناح بعوضٍ، وهدَّدت بأنها ستعطي مفعولاً عكسيًّا لعملية السلام في الشرق الأوسط. وفعلاً قامت – إسرائيل- منذ أن اعترفت بعض الدول بحرية الفلسطينيين واستقلالهم وحكمهم الذاتي- بتصعيد اعتداءاتها العدوانية تصعيدًا لم يسبق له مثيل على مدى القرون الطويلة. وذلك في إشارة منها إلى أنها- بما تتمتع به من التفوق العسكري والأسلحة الفتاكة- تستطيع كبت أي صوت ينادي بالحق والحرية للفسلطينيين، وأن المنطقة ستشهد تصعيداً أكثر وقتلاً وتدميراً أوسع فيما إذا أصرَّ المجمتع الدولي على الوقوف بجانب الفلسطينين. [التحرير]
(تحريراً في الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة:4/صفر1436هـ = 28/نوفمبر 2014م )
مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الثاني 1436 هـ = يناير-فبراير 2015م ، العدد : 4 ، السنة : 39